سواحل صفاقس.. شهادة صادمة لبحار تونسي ينقذ مهاجرين غير شرعيين وينتشل جثثا
ارتدى بحار تونسي ثوب البطل المنقذ عندما نجح في نجدة 28 مهاجرا من دول أفريقيا جنوب الصحراء كانوا على مشارف الموت غرقا، وانتشال تسع جثث من بينهم رضع في مأساة جديدة تشهدها سواحل تونس هذا العام. المزيد عن عملية الإنقاذ في التقرير التالي.
هذه ليست المرة الأولى التي يفيق فيها سكان منطقة “بليانة العامرة” الساحلية بولاية صفاقس على مثل هذه الفواجع، ولكن هذه الليلة كانت المشاهد صادمة ومؤلمة إلى حد كبير.
يروي البحار فوزي حسني، الذي يقطن مع عائلته على الشاطئ لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ) “سمعنا صراخا متكررا يطلب النجدة قادما من جوف البحر وعلى مسافة قريبة من الشاطئ. انطلقنا على الفور”.
أمكن لعدد من المهاجرين في التقدم سباحة نحو الشاطئ بعد غرق المركب المنكوب الذي كان يقلهم قبل منتصف الليل، ولكن الأغلبية ما يزال يهددهم خطر الغرق. نجح حسني في إدراك 28 مهاجرا كانوا لا يزالون أحياء ويصارعون الأمواج، فنقلهم عبر قارب صيد إلى حافة الشاطئ. وكان يتعين عليه البحث عن ناجين آخرين من بين إجمالي 40 مهاجرا كانوا على متن القارب وجميعهم ينحدرون من دول أفريقيا جنوب الصحراء. ويتابع البحار في شهادته لـ(د. ب. أ):”عندما توغلنا في البحر شاهدنا الكثير من الجثث.. شاهدنا رضعا ونساء.. شعرنا بالصدمة إنها مأساة.. أنقذنا الأحياء أولا ثم عدنا لانتشال الجثث”.
انتشل حسني ومساعدوه، في بداية التمشيط، جثتي طفلة وطفل وعلى بعد أمتار أخرى كان جسد طفل آخر بحذاء رياضي يطفو بلا حراك .. بنهاية التمشيط في المنطقة انتشل حسني على القارب تسع جثث من بينهم ستة رضع وثلاثة نساء.
وجرى توثيق عملية الانتشال في مقطع فيديو مؤثر اطلعت عليه وكالة الأنباء الألمانية، قبل وصول قوات الشرطة الى المكان. ولاحقا تفطن السكان لجثتين لفظتهما أمواج البحر إلى الشاطئ أحدهما لكهل وأخرى لطفل، ليبلغ إجمالي الجثث إحدى عشرة جثة.
حتى نهاية حزيران/يونيو الماضي أحصى المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية الذي يهتم بقضايا الهجرة واللجوء 608 وفيات ومفقودين على سواحل البلاد، ولكن مع حصيلة شهر تموز/يوليو يتوقع أن يصل الرقم إلى 700.
وتعد الحصيلة قياسية إذ لم يتعد العدد في عام 2022 كاملا حوالي .600 وقال حسني بتأثر :”نشهد الكثير من حالات الغرق.. أصبح هناك ما يشبه التطبيع مع الموت اليومي في البحر.. هناك حالة الفوضى المتفشية”. وقال شهود من صفاقس لـ(د. ب. أ) إن سيارة تتبع السلطات البلدية كانت تقل جثث الغرقى، تعرضت إلى عملية سطو من قبل مهربين. وتتسبب القوارب الحديدية المتهالكة والمصنعة تقليديا من قبل مهربين في ورشات متوارية عن السلطات، في وفيات أعلى على السواحل هذا العام.
ويضغط الاتحاد الأوروبي من أجل تعاون أكبر مع تونس لمكافحة هذه العصابات مرهوبة الجانب ومنع المهاجرين من التدفق عبر السواحل ولا سيما سواحل صفاقس التي تبعد حوالي 160 كيلومترا عن الأراضي الإيطالية. وقبل أسبوعين شهدت المدينة، التي تستقطب العدد الأكبر من المهاجرين الحالمين بعبور البحر، قلاقل بين سكان محليين والوافدين أدت إلى وفاة تونسي طعنا بسكين.
وغادر المئات من المهاجرين المدينة مضطرين نحو العاصمة أو مدن أخرى فيما اتهمت منظمات حقوقية من بينها هيومن رايتس ووتش، السلطات بنقل أعداد منهم قسرا على متن حافلات نحو الحدود الليبية حيث تركوا لمصيرهم في العراء وسط درجات حرارة قياسية تشهدها تونس خلال هذه الفترة. لكن لاحقا بدأت السلطات بنقلهم عبر أفواج إلى المدن القريبة في الجنوب حيث جرى إيوائهم في مدارس في بن قردان وتطاوين وقبلي، وتقوم منظمة “الهلال الأحمر” للإغاثة بتوفير وجبات لهم. ولا يزال مصير ما يناهز الـ 200 من العالقين على الحدود غربا مع الجزائر غير معلوم.