بين " حميميم" الروسية و"العديد" الأمريكية العرب يكتوون بنار القواعد العسكرية المقامة على أرض العرب. - صوت الضفتين

بين ” حميميم” الروسية و”العديد” الأمريكية العرب يكتوون بنار القواعد العسكرية المقامة على أرض العرب.

بقلم:نزار الجليدي

 

يصنفان علي أنهما أكثر المشاهد إذلالا في العالم في الفكر السياسي و العلاقات الدولية .
المشهد الاول: جندي يمنع رئيس دولة من السير بحرية في أرضه في قاعدة عسكرية أجنبية
المشهد الثاني : رئيس يشكر رئيس علي توسعة قاعدة عسكرية أجنبية علي ارضه
لا تستغربوا كثيرا فالحديث هنا عن أكبر القواعد العسكرية الجوية في العالم وتحديدا على أرض العرب و كلاهما تتبعان أكبر جيشين علي وجه الأرض و هاتان القاعدتان رمز للمنافسة و التنافس منهما تدار بلاد العرب و إليكم التفاصيل و لمن الزعامة و التفوق.
عين أمريكا دوما علي العرب هذه حقيقة تاريخية مؤكدة و لا نعلمً ان كنتمً تتذكرون تلك الليالي التي عاشها العراق سنة 2003 حينما دكت الطائرات الأمريكية حصون بلاد الرافدين و دمرت العراق والتي أقلعت من قواعد على أراضي عربية كانت توصف بأنها مركز إدارة الشؤون العربية و الإسلامية و كثيرا ماتسمعون عن مفاوضات وعن لقاءات من الوزن الثقيل بين قادة طالبان و مفاوضون أمريكان او لقاءات بين الحرس الثوري الإيراني و مندوبون أمريكان او حتي المفاوضات الأخير بين الجناح السياسي لحماس ووكلاء الكيان الغاصب .كل ذلك كان يحدث في قاعدة أمريكية تعدّ اليوم الأكبر و الأهم في العالم .
وليس صحيحا أن المفاوضات الدولية تتم برعاية قطر فدورها لا يتجاوز دور حسن الضيافة و الاستقبال و الواقع انها تجري في حضن أمريكا في قاعدة “العديد” التي تعد ارضا أمريكية داخل دولة عربية تقول عنها قطر انها اهم قاعدة في الخليج فضلا على ان أهميتها أكثر بكثير في حسابات السياسة و السيطرة علي المنطقة و ادارة التحكم .
تقع القاعدة علي بعد 30 كم جنوب غربي العاصمة القطرية الدوحة و تعرف ايضا باسم مطار ابو نخلة .تم انشاؤها سنة 1996 بتكلفة وصلت الي مليار دولار وهي كانت حلم بالنسبة للأمير السابق حمد بن خليفة الذي قال سنة 1998 انه يحلم بأنّ يرى 10 آلاف جندي أمريكي يقيمون علي ارضه بشكل دائم .بحسب ما نشرته السفارة القطرية بواشنطن حينها. و لكن الي حدود ذلك التاريخ لم تكن أمريكا تعتقد انها بحاجة الي ذلك الحضور الضخم في قطر فقد كان الجنود الأمريكان في الخليج قد انتشروا بعد حرب الخليج الثانية بعد غزو صدام حسين الكويت و لكن العرض القطري كان مغريا جدا للأمريكان خاصة بعد أن تكفلت قطر بدفع المصاريف الضخمة لهذا التواجد العسكري الأجنبي.
وقد قبل الأمريكيون العرض بعد وصول جورج بوش الابن الي السلطةً و كان يحمل في جعبته خططا لاجتياح العراق فبدء التوافد العسكري علي قاعدة “العديد” عام 2000 و تعاظم في 2001 حين قررت امريكا غزو أفغانستان حيث أرادت امريكا قاعدة متقدمة لإدارة المعركة ثم زادت أهمية القاعدة في 2002 عندما بدء التدبير الحقيقي لغزو العراق و الذي جري سنه 2003 مما اضطر قطر للاعتراف بالقاعدة بشكل رسمي و علني خاصة بعد رؤية الطائرات الأمريكية محلقة منها و اليها فهذه المعلومات عن أكبر قاعدة عسكرية أمريكية بالخارج طيّ الكتمان.
تجديد دون سقف زمني
لبيت الأبيض في مارس 2024 شكر الإمارة التي أمضت عقد تجديد وجود القاعدة علي أراضيها دون اجل مسمي بمبادرة من قطر نفسها فالدوحة لا غني لها عن هاته القاعدة التي رسمت لها كل هاته الأهمية. فهي أكثر من قاعدة أمريكية حيث تحط بها طائرات سلاح الجو الملكي البريطاني و الأسترالي. كما تضم القاعدة مكاتب للاستخبارات الأمريكية Cia و الاستخبارات الإسرائيلية الموساد و مكاتب و فروع الاستخبارات الخارجية البريطانية .
هذا التحالف بين البريطانيين بصفتهم المستعمرين القدامى و الأمريكان بصفتهم المستعمرين الجديد و حلقة الوصل بينهما إسرائيل و جد حاضنة مريحة في بلاد العرب لإدارة شؤنهم و تنفيذ مخططاتهم . والحصيلة تواجد دائم لـحوالي 20 الف جندي غربي وسط تقديرات بان العدد يفوق ذلك بكثير مدججين بأرفع الأسلحة و أحدثها التي تنتجها مصانع السلاح الأمريكي . كما تحتوي القاعدة بخلاف مكاتب الاستخبارات مقر للمجموعة 319 الجوية الاستكشافية التي تضم قاذفات و مقاتلات و طائرات استطلاعية اضافة لعدد من الدبابات ووحدات الدعم العسكري و كميات كبيرة من العتاد ماجعل اهل الاختصاص يصفونها بأهم خزان سلاح أمريكي في العالم .كما تضم قاعدة “العديد” أطول ممر للهبوط الجوي في المنطقة فضلا على أنها تعدّ مركزا لمركز التحكم في الفضاء .
“حميميم”حلم روسيا في بلاد العرب
كانت في مامضي مجرد مطار قبل أن تتحول الي أكبر قاعدة روسية في بلا د العرب والأهم أنها تقع في بلدة حميميم علي بعد 4 كيلومترات من مدينة جبلة و 19 كم من مدينك اللاذقية و علي مقربة من مطار باسل الاسد الدولي. وقد ظلت لسنوات عنوان التعاون الروسي السوري و لكنها أصبحت منذ 2015 ترجمة للتواجد الدائم الروسي في سوريا .
وبات واضحا أن الروس وجدوا الفرصة سانحة ليمضوا عقدا في 2015 مع الرئيس بشار الاسد بلا حدود و لا ضوابط و مكنت القيصر من الاقتراب الي المياه الدافئة وهي تعدّ اليوم قوّة متقدمة روسية في منطقة الشرق الأوسط تحمي مصالح الروس الاقتصادية .و لا يحق للسوريين الاقتراب منها حتي الرئيس بشار نفسه اثبتت الصور انه لا يملك هامش الحربة علي ارضه الممنوحة للروس.
فحميمم لمن لا يعلم كانت هي حضن فاغنر الاول و مكان و لادتها و منها انطلقوا للتوسع في افريقيا و حسموا المعركة في سوريا التي طال رحاها . و منها قرروا منافسة الامريكان علي النفوذ في المنطقة وحققوا انتصارات عليهم و تمكنوا من خلال القاعدة المذكورة من استقطاب حلفاء جدد في المنطقة كالمصريين و الأتراك وتم تشكيل الحسابات الجيوسياسية من جديد.وإعادة ادارة العلاقات الدولية.
“حميمم” اذن ليست مجرد قاعدة عسكرية لكنها ارض روسية داخل بلاد الشام فهي تحولت الي مدينة متكاملة فيها جميع وسائل الرفاه وتمارس فيها الثقافة الروسية.بل أبعد من ذلك أنشأوا فريق كرة قدم باسم القاعدة سيلعب قريبا في الدوري السوري .
و تشير أغلب المعلومات ان عدد الجنود يتجاوز 10 الاف جندي بالإضافة الي 5000 من المقيمين و اغلبهم من الديبلوماسيين و المستشارين و الأعوان المهمين.
وفي وقت وجيز تحولت “حميم” الي مركز التوسع الروسي و حلم الدب الروسي في بسط نفوذه علي ارض العرب و منافسة الحضور الأمريكي وتحجيمه.
“العديد” القطرية و “الحميميم” السورية تبعد بينهما الاف من الكيلومترات لكن وجه التقارب بينهما هو وحدة الهدف وهو الاستحواذ على أرض العرب وخيراتها.كذلك فالصراع الروسي الأمريكي يدار من هناك ومن سيكب الشرق الأوسط سيحكم العالم.
القواعد العسكرية تحوّلت الى أكثر مّما هو معدّ لها سلفا حيث أصبحت مراكز متقدّمة للدول الكبرى لتنفيذ مخططاتها و بسط نفوذها و تأديب أعدائها.
والمفارقة أن العرب يكتوون بنار هذه القواعد العسكرية المقامة على أرض العرب.

شارك المقال

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *