السويداء واتفاق مبدئي لإلقاء السلاح يشمل العشائر
أحمد الحسين . كاتب وصحفي

أعلن المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توماس براك امس التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار بين سوريا وإسرائيل وأن تركيا والأردن تبنوا الاتفاق بالإضافة للرياض والدوحة ، داعياً الدروز والبدو العرب السنة إلى إلقاء أسلحتهم والعمل مع الأقليات الأخرى على بناء هوية سورية جديدة وموحدة في سلام وازدهار مع جيرانها.
وجاءت المفاوضات بعد اتصالات إقليمية ودولية قادها المبعوث الأمريكي الخاص عقب الأربعاء الدامي في سوريا وتصاعد الأزمة بين دمشق وتل أبيب وقصف الطيران الحربي الإسرائيلي مقر وزارة الدفاع السورية في ساحة الأمويين إضافة إلى قصف مهبط الطائرات في قصر الشعب
وحسب المصادر أن وزير الخارجية الأمريكية ماركو روبيو أجرى اتصالا بالقيادة السورية ليل الجمعة، بهدف «حثها على احتواء التوتر مع إسرائيل وخفض التصعيد «.
وفي تفاصيل عملية التفاوض، قال أحد المصادر إن «الجانب السوري لم يتواصل مع إسرائيل مباشرة، وكانت المفاوضات سورية ـ سورية، رغم الاتصالات الدولية والإقليمية، ولم يتدخل أي من الدول في نص الاتفاق»، وزاد أن العميد أحمد الدالاتي رئيس فرع الأمن الداخلي في محافظة السويداء هو من قاد الاتصالات المكثفة عبر الخط الساخن مع قائد حركة رجال الكرامة يحيى الحجار (ابو حسن) بمباركة شيوخ العقل الثلاثة.
رد المرجعية الدرزية
بيان الرئاسة أعلاه، ردت عليه المرجعية الدينية في السويداء من خلال نشر تفاصيل الاتفاق المبدئي، وهو أقرب لخطوات حسن النوايا خلال الـ 48 ساعة.
وينص على نشر حواجز تابعة للأمن الداخلي خارج الحدود الإدارية لمحافظة السويداء، بهدف ضبط الاشتباك ومنع تسلل أي مجموعات إلى داخل المحافظة، وعدم دخول أي جهة إلى القرى الحدودية (الغربية في محافظة السويداء) لمدة 48 ساعة من وقت الاتفاق، وذلك لإتاحة الفرصة لانتشار القوى الأمنية من الطرف الآخر، تجنبًا لأي هجمات مباغتة، والسماح للراغبين من بدو السويداء بالخروج الآمن والمضمون مع ترفيق مؤمن من الفصائل «الدرزية» دون أي اعتراض أو إساءة من أي طرف، واعتماد معبرين إنسانيين للحالات الطارئة والإنسانية في بصرى الحرير وبصرى الشام.
وحسب المصادر الدبلوماسية، فإن واشنطن تستشعر «نوايا إسرائيلية خطرة « تجاه القيادة السورية وأنها بعد القصف العنيف لدمشق ، تدرك ان الحكومة اليمينية بقيادة نتنياهو قد تجر المنطقة إلى تصعيد أكثر خطورة، ومن الواضح ان التدخل الدبلوماسي اليومي وتقديم المشورة هدفه منع الأمور من الانزلاق إلى نقطة لا عودة بعدها.
في المقابل، فإن «الدعم الأمريكي لسوريا مشروط بدوره في حال لم تدرك القيادة السورية كيفية إدارة شؤونها» في الملفات السياسية والتوصل إلى توافقات مع المكونات المتعددة وأهمها الدروز والعلويين والأكراد.
كذلك، يسود تخوّف كبير من استخدام العشائر السورية وتجييشها ضد الدروز وهو ما شكل صدمة في الأروقة ،
بالنهاية
في موضوع السويداء، أخطأت إسرائيل مرتين، الأولى حينما أضرت بشكل عميق بالتفاهمات غير المباشرة المحدودة مع الدولة السورية بعدما قصفت دمشق، وجعلت الرأي العام السوري المؤثر على حكومته، أبعد ما يمكن عن قبول استئناف هذه التفاهمات بوساطات خارجية.
أما الخطأ الثاني، فهو الاعتقاد بأن الضعف الموروث للدولة بدمشق، كاف للسيطرة على مصير جنوب سوريا، ولم تحسب حسابا للفزعة العشائرية التي أجهضت مخطط الانفصال وكشفت عن فاعلية مجتمع الأطراف في سوريا.
الآن أصبح لدى الحكومة السورية ورقة تفاوض قوية، عززها بالطبع قناعة الولايات المتحدة بالخلل الأمني الجسيم الذي يمكن أن يحصل في عموم المنطقة لو استمر القتال في السويداء. لا يعني ذلك أن الخطر قد انتهى، فموضوع التقسيم سيظل حاضرا في التخطيط الإسرائيلي، لأنه أصبح عقيدة استراتيجية، لكن الحكومة السورية كسبت اليوم وقتا ثمينا لاستعادة زمام المبادرة، بعدما اعترف الجميع بدورها المهم، وهو وقت نأمل أن تستثمره بطريقة مناسبة تجعل من تنفيذ الخطط الإسرائيلية مستقبلا مكلفة ومعقدة وغير واقعية، وأول الخطوات، هو عزل الانفصاليين عن مجتمعهم، وتنفيذ القانون قدر المستطاع على الجميع، وعدم الذهاب إلى أية تسويات ذات طابع مؤقت، تبقى جذوة النار تحت رماد الحوادث الأخيرة.