إيطاليا : تراجع رهيب لحزب ميلوني وصعود مفاجئ لحركة “خمس نجوم”

تشهد الساحة السياسية الإيطالية تقلبات متسارعة، بحسب آخر استطلاعات الرأي التي نشرتها منصة YouTrend بالتعاون مع وكالة AGI، والتي تكشف عن تراجع واضح في شعبية الأحزاب الكبرى، مقابل تقدّم ملحوظ لحركة “خمس نجوم” (M5S)، ما يعكس تحولات في المزاج الشعبي تجاه القضايا المحلية والدولية، وعلى رأسها ملف التسلّح ودور إيطاليا في الناتو.
تراجع في شعبية “فراتيلي د إيطاليا ” و”الحزب الديمقراطي”:
تراجع حزب “فراتيلي د إيطاليا” الذي تتزعمه رئيسة الوزراء جورجا ميلوني إلى 29.1%، بانخفاض قدره 0.8 نقطة مئوية مقارنة بالأسابيع السابقة. ويبدو أن السبب الرئيسي وراء هذا التراجع هو تصاعد الجدل حول السياسات العسكرية، بعد تصويت الحكومة لصالح زيادة الإنفاق الدفاعي والتزامات إيطاليا في إطار حلف الناتو، وهو ما قوبل بانتقادات داخلية شديدة.
أما الحزب الديمقراطي (PD)، فقد سجّل تراجعًا أقل حدة، حيث وصل إلى 22.4% (ناقص 0.3%). ويُعزى هذا الانخفاض إلى غياب رؤية موحّدة داخل الحزب بشأن عدة ملفات، منها العلاقات الأوروبية والسياسة الاقتصادية، وسط تصاعد الضبابية السياسية مع اقتراب فترة الموازنة
انهيار إيطاليا فيفا وصعود حركة “خمس نجوم”
المفاجأة السلبية جاءت من طرف “إيطاليا فيفا” بزعامة ماثيو رينتسي، حيث تراجع الحزب إلى 1.9%، أي تحت عتبة 2% لأول مرة منذ تأسيسه، ما يشير إلى أزمة تمثيل حادة وشبه اختفاء من المشهد الوطني.
في المقابل، تسجّل حركة “خمس نجوم” (M5S) أداءً لافتًا بارتفاعها إلى 12.7%، مع نتائج من بعض المعاهد تفوق 13%. ويبدو أن موقف الحركة الرافض لسياسات التسلّح والانخراط العسكري الخارجي قد لعب دورًا مهمًا في استقطاب الناخبين الذين يشعرون بالإحباط من التوجهات الحالية للحكومة والبرلمان.
قراءة في الاتجاهات:
ما تكشفه الأرقام هو بداية تحوّل تدريجي في المزاج العام، حيث أن الناخب الإيطالي بدأ يُعبّر عن عدم رضاه تجاه التركيز على القضايا الدولية على حساب المشكلات الاجتماعية والاقتصادية الداخلية.
فيما يبدو أن التيارات “الوسطية” و”الإصلاحية” تعاني من ضياع الهوية السياسية وعدم القدرة على تقديم بدائل مقنعة. في المقابل، تعود الشعارات المناهضة للمؤسسات والتدخل العسكري لتلقى صدى لدى شرائح واسعة من الناخبين، وهو ما استفادت منه حركة “خمس نجوم”.
ختام تحليلي:
إن تراجع “فراتيلي د إيطاليا” والحزب “الديمقراطي”، وتدهور “إيطاليا فيفا”، يقابله نمو تدريجي لقوى غير تقليدية تُعيد تقديم خطاب أكثر انتقادية للنظام. وفي هذا السياق، يُطرح سؤال مهم: هل يكون صعود “خمس نجوم” مقدمة لعودة شعبوية جديدة كما كانت في بداية تأسيسها؟ أم هو مجرد احتجاج ظرفي على سياسة الحكومة الحالية؟
الأشهر القادمة، خصوصًا مع مناقشات الميزانية الخريفية، ستكون حاسمة في تحديد اتجاهات التصويت، وربما تعيد رسم خارطة التحالفات السياسية من جديد.