‏ترامب ليس مجرد شخص يهذي...وراؤه مشروع أكبر وأخطر... - صوت الضفتين

‏ترامب ليس مجرد شخص يهذي…وراؤه مشروع أكبر وأخطر…

بقلم:نزار الجليدي

من يستمع للرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتحدّث و يوزّع التهديدات هنا وهناك و يخلق عالما من الفوضى يعتقد أنّ الرجل يغرّد خارج السرب الأمريكي بشقيه الجمهوري و الديمقراطي و الجنس الأمريكي النقي.فما يطرحه من أفكار و ما يطلبه من خصومه و أعداءه يدخل في خانة اللامعقول اليوم لكنه يخطط لأن يكون واقعا غدا وهو يدرك أنّ لديه آليات لتحقيق ذلك (ثروات أوكرانيا الباطنية و استثمارات السعودية و تهجير الغزاويين)
ما يفعله ترامب ونتنياهو ليس مجرد هراء سياسي، بل هو تلاعب استراتيجي محسوب يعتمد على خلق واقع مستحيل بحيث تصبح الأفكار المستحيلة قابلة للنقاش و التنفيذ، والمشاريع غير القابلة للتنفيذ تبدو وكأنها سيناريوهات مطروحة.
‏هذه ليست سياسة مرتجلة، بل أسلوب مدروس مستوحى من نظريات سياسية وإعلامية قائمة ومحيَّنة تستهدف إعادة تشكيل الوعي العام ودفع الخصوم إلى مواقع دفاعية بدلًا من إبقائهم في موقع الهجوم.
ترامب و تحويل الوهم الى حقيقة
دونالد ترامب مثال مثير للاهتمام في تحويل “الوهم” إلى حقيقة، سواء من خلال مسيرته في عالم الأعمال أو وصوله إلى الرئاسة الأمريكية.
. في عالم الأعمال:
ترامب بدأ بميراث من والده لكنه لم يكتفِ به، بل استثمر في العقارات بجرأة، رغم تعثره في بعض المشاريع. استطاع أن يصنع علامة تجارية ضخمة باسمه، حتى لو كان ذلك في بعض الأحيان يعتمد على التسويق أكثر من القيمة الحقيقية.
. في عالم السياسة:
عندما أعلن ترشحه للرئاسة في 2015، لم يأخذه الكثيرون على محمل الجد، واعتبروه “وهماً سياسياً”. لكنه استطاع استغلال الإعلام، ومخاطبة المشاعر الشعبية، وتقديم نفسه كرجل أعمال ناجح قادر على “إعادة العظمة لأميركا”. في النهاية، فاز بالرئاسة في 2016 رغم التوقعات المعاكسة.
3. أسلوبه في تحويل الوهم إلى حقيقة:
• التسويق الذكي: سواء في العقارات أو السياسة، ركّز على بناء صورة قوية لنفسه.
• الثقة بالنفس: حتى عندما كان يُنتقد أو يُستخف به، لم يتراجع بل ضاعف من هجومه.
• استغلال الإعلام: كان يعرف كيف يجعل الإعلام يتحدث عنه، سواء سلباً أو إيجاباً، مما منحه حضوراً دائماً.
• التركيز على المشاعر الجماهيرية: خاطب الفئات الغاضبة من الوضع السياسي والاقتصادي، واستغل هذه المشاعر لكسب الشعبية.
سواء كنت مؤيداً له أو معارضاً، لا يمكن إنكار أنه استطاع تحويل ما بدا مستحيلاً إلى واقع.
كيفية إستخدامها ؟
‏ تكرار الحديث عن تهجير الفلسطينيين رغم استحالة تنفيذه، ليس لأن أحدًا يعتقد بإمكانية حدوثه، بل لجعل الناس يتعاملون معه كأمر مطروح للنقاش بدلًا من رفضه فورًا وعدم التفكير فيه لأنه غير ممكن واقعا وقانونا طبيعيا ودوليا .
‏ تحويل قضية فشل إسرائيل عسكريًا في غزة إلى نقاش حول ( أين سيذهب الفلسطينيون وما هو مصير الغزاويين؟) وكأن رحيلهم أمر محتوم والخلاف يتعلق فقط بالوجهة!
‏ جعل الدول المستهدفة (مصر، الأردن، دول الخليج) تبدو وكأنها في موقف المفاوض على صفقة ما، بدلًا من كونها ترفض الفكرة من أساسها وهو واقع لا يمكن إنكاره عن الإخوة الخليجيين مهما بلغت نظرية المؤامرة والخيانة من مغالات.
النتيجة ؟
‏ الجمهور يبدأ في التعامل مع التهجير كفكرة (مطروحة) بينما هي جريمة حرب مستحيلة التنفيذ.
‏ الأطراف العربية والدولية تُجبَر على إصدار تصريحات نفي وتوضيح، مما يجعلها في موقف دفاعي، ويمنح القصة مصداقية زائفة.
‏ يتحول النقاش من فرضية، (هل يجب وقف العدوان الإسرائيلي؟) إلى فرض سؤال (ما البدائل المطروحة أمام الفلسطينيين؟) وهو بالضبط الهدف الحقيقي من هذا التضليل..

‏ ثانيًا نظرية إغراق الساحة هدفها السيطرة عبر الفوضى..
هذه ‏الإستراتيجية تعتمد على إغراق الإعلام والرأي العام بوابل من التصريحات والقرارات، بغض النظر عن واقعيتها، بهدف السيطرة على الفضاء الإعلامي وفرض السردية السياسية.
كيف يستخدمها ترامب ونتنياهو؟
‏ ترامب يصدر تصريحات متكررة عن (خطط كبرى) كالتهجير، بناء الجدران، فرض عقوبات، حظر دول، رغم أنه يعلم أنها غير قابلة للتطبيق في الظرف الوجيز نسبيا لعهدته ووجود عوائق ما تفتأ أن تتعقد كلما زاد في مغالاته سواء كان على مستوى الداخل الأمريكي على الأقل المؤسساتي أو على المستوى الدولي.
‏ الهدف: إرباك الإعلام والمعارضين، بحيث يصبح من المستحيل الرد على كل تصريحاته أو كشف تناقضاته.
‏ نتنياهو، المحاصر سياسيًا بسبب فشل الحرب، يعتمد على إطلاق تهديدات ضخمة ومتكررة، ليس لأنه قادر على تنفيذها، بل لإبقاء الجميع في حالة (رد فعل) بدلًا من التركيز على جرائمه وإخفاقاته.
النتيجة ؟
‏ يتحول الإعلام والجمهور الى حالة المضطرين لملاحقة التصريحات الجديدة، بدلًا من التركيز على الحقائق الأساسية وهي أن إسرائيل فشلت عسكريًا، وترامب يناور إعلاميًا للتغطية على الفشل وفرض السردية السياسية التي تجعل منه القائد المخيف.
‏ كلما زاد الضجيج، كلما أصبح من الأسهل تمرير القرارات الخطيرة وسط الفوضى.

‏ ثالثا: نظرية السردية بالقوة هدفها ؟
التكرار يصنع القبول.
كيف يحدث هذا ؟
‏ قبل أشهر لم يتواتر الحديث عن تهجير الفلسطينيين بهذا الزخم لكن الآن وبسبب تكرار التصريحات، أصبح الأمر يناقش في وسائل الإعلام كأنه خيار ضمن عدة خيارات.
‏ الأمر لا يتعلق فقط بالتكرار، بل بإغراق الساحة بنفس الفكرة من زوايا متعددة: تصريحات أمريكية، تهديدات إسرائيلية، تسريبات إعلامية، تحليلات استراتيجية، حتى يبدو وكأنه واقع لا مفر منه.
‏ هذه الطريقة استُخدمت سابقًا في الحرب على العراق.. حيث تحولت أسلحة الدمار الشامل من كذبة إلى ذريعة للحرب، بسبب التكرار المكثف.
النتيجة ؟
‏ يصبح (التهجير) فكرة مطروحة على الطاولة، حتى لو كان الرفض العربي والدولي لها قويًا.
‏ ثم يتحول النقاش من هل هذا ممكن؟ إلى ماهي الطريقة الأفضل لتنفيذه؟.. وهو بالضبط ما يسعى إليه ترامب ونتنياهو.

شارك المقال

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *