صفقة القرن الجديدة في الشرق الأوسط … العرب خارج الخارطة وحضور إيراني و تركي
طبيعة كل حرب هو أن يكون لها بداية و نهاية وهو حال الحرب على غزة التي بقي منها زمنها أقلّ بكثير مما مضى حيث أنهكت إسرائيل بما فيها الكفاية لدرجة تدخل الأم الحنون الولايات المتحدة الامريكية لإنقاذ ابنتها والتستر على فضيحتها .و التدخّل هذه المرّة سيكون مكلفا لواشنطن عبر صفقة قرن جديدة في الشرق الأوسط بات واضحا انّ العرب سيكونون خارجها عدا تنفيذ أوامر التطبيع التي ستفرضها.
ايران و تركيا فضلا على إسرائيل سيكونون اللاعبين الأساسيين في منطقة الشرق الأوسط كقوى فاعلة تتعايش بسلام ابدي وفق ما تخطط له الإدارة الامريكية و فلسطين ستكون دويلة منزوعة السلاح على مساحة قليلة تضم جزءا من الضفة الغربية و غزة.
كيف ذلك ؟
تشير التقارير الى ان بوادر الصفقة الجديدة المتحدث عنها بدأت الولايات المتحدة الامريكية في تنفيذها عندما تدخلّت في طبيعة الضربات المتبادلة بين إسرائيل و طهران فهي من توسطت كي تكون تلك الضربات محدودة وهي التي أمرت بانهاء لعبة الردود وذلك من خلال إعطاء ضمانات حقيقية لإيران بعدم تكرار استهداف إسرائيل لوجودها في سوريا او في العراق وبعدم شن هجوم شامل عليها .
كما انتزعت وعدا صريحا من ايران عبر وسطاء بكف طهران عن مضايقة إسرائيل و تهديدها مقابل اغراءات أهمها العودة الى برنامج خطة العمل الشاملة المشتركة و التي أوقف العمل بها في عهد الرئيس الأمريكي دونلند ترامب .
وخطة العمل الشاملة هي اتفاقية المراحل الأخيرة للنقاشات بين إيران حول برنامجها النووي ودول الـ5+1 وهي الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا. والاتفاقية مبنية على اتفاق جنيف الابتدائي الخاص بالبرنامج النووي الإيراني، الذي كان اتفاقًا مؤقتًا أمضي في 24 نوفمبر 2013، حيث وافقت إيران على التخلي عن أجزاء من خطتها النووية مقابل رفع العقوبات المفروضة عليها. الاتفاقية المؤقتة فُعلت على أرض الواقع في 20 جانفي 2014. لاحقًا، تم تمديد مدة المفاوضات وتحديد موعد نهائي لها في 24 نوفمبر 2014، وعندما وصلت الأطراف لهذا الموعد مع استمرار النقاشات، تم تمديد الموعد لغاية 1 يوليو 2015. في 2 أفريل 2015، وافقت إيران على تنفيذ القيود المفروضة على برنامجها النووي على الأقل لعقد من الزمن، وعلى الموافقة على التفتيشات الدولية لمراقبة تنفيذ الاتفاقية. بالمقابل، ستُرفع العقوبات الدولية في حال تقييد إيران بالشروط. هذا الاتفاق النووي يُعد إنجازًا هامًا للدبلوماسية الإيرانية ومن المهم جدا لطهران إعادة العمل به وهو ما تعد به الإدارة الامريكية بشروط أهمها رفع طهران يدها عن المقاومة الفلسطينية و حزب الله ووقف تمويلها للميليشيات في اليمن و في العراق .
وهذه شروط من الوارد موافقة الإيرانيين عليها مدفوعين ببرغماتية فارسية معروفة تاريخيا .
تركيا للاعب الجديد
الطرف الثاني في الصفقة الأمريكية هي تركيا العضو في حلف الناتو و التي لديها مقبولية عند الفلسطينيين في غزة و في الضفة حيث من المنتظر أن تكون اللاعب الرئيسي و المعوض لدور ايران في غزّة فهي ستفتح الباب في مرحلة لاحتضان المقاومة الإسلامية حماس مقابل تقليم أظافرها ثم هي ستمنح مقابل ذلك أولوية اعمار غزة من خلال شركاتها أما التمويل فسيكون كالعادة عربيّا ولن يتعداه بعد تحييدهم عن المفاوضات و انتهاء الدور القطري على ما يبدو .
كما سيمنح التواجد التركي في غزة استنساخ تواجدهم في ادلب السورية أو المدن الليبية الجنوبية و بالتالي فهم لن يكتفوا بمجرد الاعمار وانما سيستخرجون الغاز من حقول غزة المعطلة بضوء أخضر إسرائيلي أمريكي .
هذا العرض السخي لن تدفع مقابله تركيا شيئا يذكر سوى عقلنة المقاومة الفلسطينية التي ستستضيفها بدل قطر مع الضغط في اتجاه إحلال السلام الدائم مع دويلة فلسطينية منزوعة السلاح ربما بإشراف تركي .والهدف هو ضمان أمن إسرائيل و التعايش معها في سلام .
المحصلة أن الولايات المتحدة الأمريكية ستمنح غاز غزة لتركيا و ولا مانع لديها من امتلاك ايران برنامج نووي محدود تحت اشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية وليس صعبا عليها اجبار إسرائيل على الموافقة على دويلة فلسطينية بضمانات تركية و بعدم تدخل إيراني .
فالهدف هو تعبيد الطريق للحكام الجدد للشرق الأوسط إسرائيل و ايران و تركيا .
فهل تنجح الولايات المتحدة فيما تسعى اليه و ماهو رأي روسيا و الصين اللاعبان الكبيران المنافسان لواشنطن في الشرق الأوسط و اللذين تجمعهما علاقات قوية و تحالفات مع ايران.