اسمه يرعب حيّا و ميتا: من هو عز الدين القسّام الذي سمّيت باسمه أقوى الفصائل الفلسطينية المقاومة؟
شكَّلت “كتائب عز الدين القسام” الجناح العسكري لحركة حماس، وهي التي قادت وتصدرت الحرب الأخيرة. تأسست في ثمانينات القرن الماضي على يد صلاح شحادة. وتتبنى الحركة وهيكلها الأيديولوجيا اليمينية السنية، وهي أقرب للجيش المنظَّم لمَا تملكه من قدرات عسكرية وقتالية.
من هو عز الدين القسّام
محمد عز الدين بن عبد القادر القسام، الملقَّب بعز الدين القسام، أحد أبرز المقاتلين ضد الاستعمار البريطاني في الأراضي الفلسطينية.
ولد القسّام في مدينة اللاذقية في سوريا عام 1882، وتلقّى تعليمه على يد والده الّذي كان معلّمًا للقرآن في كتّاب كان يملكه. وفي عمر الـ14، انتقل ليتلّقى تعليمه في جامع الأزهر في القاهرة. وبعد إنهائه لمسيرته التعليمية عام 1903، عادَ ليكمل مسيرة والده في الكتّاب ليعلِّم أصول الكتابة والقراءة وحفظ القرآن وبعض العلوم الحديثة.
وبدأ القسام بتدريس الأطفال في الصباح وتعليم الكبار في المساء، وأسّس مدرسة في عام 1912 لتعليم الأطفال والكبار على حد سواء. كما درَّس الحديث والتفسير في جامع إبراهيم بن أدهم، وبعد ذلك عُيّن موظفاً في شعبة التجنيد في جبلة. وعند انتهاء عمله، كان يعقد حلقات تعليمية في المساجد قدر الإمكان. ثم عُيِّن عز الدين القسام خطيباً في جامع المنصوري، الذي كان واحداً من أبرز المساجد في سوريا.
كان لظروف نشأة القسّام من عائلته وتعليمه دورًا كبيرًا في توجيه أفكاره السياسية، واتخذ من القتال المسلَّح نهجًا للدفاع عن أفكاره ضد الانتداب البريطاني والإيطالي والفرنسي في عدة دول عربية آنذاك.
قاد القسام أول مظاهرة تأييدا لليبيين في مقاومتهم للانتداب الإيطالي، وكوَّن سرية من 250 متطوعًا، وقام بحملة لجمع التبرعات لهم ولكن السلطات العثمانية لم تسمح له ولرفاقه بالسفر لنقل التبرعات.
القسّام في فلسطين
انتقل القسّام مع أسرته وبعض إخوانه إلى مدينة حيفا في أواخر سنة 1920، حيث عمل مدرّساً في مدرسة “البرج” الثانوية، ثم صار يعطي دروساً دينية في جامع “الاستقلال”. بعد سنوات قليلة، أصبح إماماً وخطيباً في الجامع ذاته، وأنشأ مدرسة ليلية لمكافحة الأمية.
شارك القسّام في تأسيس فرع “جمعية الشبان المسلمين” في مدينة حيفا، وانتخب في جويلية 1928 رئيساً له. عيّن القسّام سنة 1930 مأذوناً شرعياً من قبل المحكمة الشرعية في حيفا، فصار يخرج إلى قرى الجليل ويتصل بالناس ويتعرّف إليهم، الأمر الذي زاد من شيوع صيته.
وتمكن عز الدين القسام من تشكيل خلايا سرية مكونة من مجموعات صغيرة لا تتجاوز خمسة أفراد. في عام 1931، بدأت العصبة القسامية في تنفيذ عمليات مثل الهجمات على المستوطنات الإسرائيلية وإعداد كمائن للمستوطنين. كان الهدف الرئيسي هو وقف الهجرة اليهودية، وكذلك مطاردة العملاء الذين يتجسسون لصالح المخابرات البريطانية للانتقام منهم.
وفي عام 1935، اضطر القسام لإعلان القتال، على الرغم من عدم استكمال استعداداته العسكرية بشكل كامل بسبب زيادة الهجرة اليهودية إلى الأراضي الفلسطينية في ذلك الوقت، وتوسعهم في الأراضي التي استولوا عليها.
مقتل عز الدين القسام
في 15 نوفمبر 1935، اكتشفت القوات البريطانية مكان اختباء عز الدين القسام في قرية البارد الريفية. ومع ذلك، تمكّن القسام و15 من أتباعه من الهروب إلى قرية الشيخ زايد. وفي 19 نوفمبر، لاحقتهم القوات البريطانية، وحاصرتهم وقطعت الاتصال بينهم وبين القرى المجاورة. وطالبت القوات القسام ورفاقه بالاستسلام، لكنهم رفضوا ودخلوا في مواجهة معها.
خلال المواجهة، قتل القسام أكثر من 15 جندياً بريطانياً، ودارت معركة متواصلة لمدة ست ساعات بين الجانبين. في نهاية المعركة في 20 نوفمبر، قتل الشيخ عز الدين القسام وبعض رفاقه، وجُرح واعتُقل الباقون.
وكان لمقتل عز الدين القسام تأثيرا كبيرا في اندلاع الثورة الفلسطينية الكبرى في عام 1936، التي تحولت إلى نقطة تحول مهمة في مسيرة الحركة الوطنية الفلسطينية فيما بعد.