تونس على صفيح ساخن: رئيس الجمهورية وسياسة المرور بقوّة.. !!
بقلم/ نزار الجليدي
يتّفق كثير من الملاحظين في الداخل و الخارج أن تونس مقبلة على أشهر صعبة قد تحدّد مستقبل البلد لسنوات في الاقتصاد و السياسة و في المجتمع .فمنذ اجراءات 25جويلية بات واضحا أن تونس انقسمت لشقين واحد مناصر للرئيس واخر معارض لسياسته المتفرّدة بالقرارات المصيرية وبين هذين الشقين شق ثالث أحيانا يركب في ركب الرئيس و احيانا يركب موجة المعارضة .
ووسط كل هذا تعيش البلاد أزمة غير مسبوقة اقتصادية و سياسية و يعيش النسيج الاجتماعي تحولا رهيبا حيث برزت التنسيقيات التي تحسب نفسها على الرئيس كلاعب أساسي تأمر و تنهي و تمارس السياسة بطريقة فوضوية دون أن تعلن عن نفسها جسما سياسيا منظما يخضع لقانون الاحزاب السياسية في تونس.
رئيس الجمهورية و لئن لم يعلن صراحة تبنيه لهذه التنسيقيات الا أن علاقة الودّ معهم لم تنقطع و الدليل أن كل التعيينات التي يقوم بها في مختلف مفاصل الدولة هي وليدة هذه التنسيقيات التي ولدت من رحم حملته التفسيرية .هذا علاوة على اعلانه الشروع في القيام باستفتاء الكتروني على تغيير النظام السياسي للبلاد و النظام الانتخابي فيها رفضته كل مكونات المجتمع السياسي و رفضته المنظمات. حيث بات واضحا ان سعيّد بدأ في تنفيذ برامحه في الحكم القاعدي الذي لايعترف بالأحزاب و لا بالبرلمان و يكرّس لحكم الفرد الواحد وان أوحى أنه نظام سياسي شعبي .
رئيس الجمهورية في كلمته الاخيرة في المجلس الوزاري أكّد أنه يسير منفردا في برنامجه و يتبع سياسة المرور بقوة بلغة كرة اليد ويفرض سياسة الامر الواقع. حيث قرّر وحده أن يسلب يوم 14جانفي قدسيته الثورية و يمنحها ليوم 17ديسمبر و هذا ما سيعمّق التوترات الجهوية فالكل يعلم أن 14جانفي هو عيد التونسيين جميعا أما 17ديسمبر فهو يوم جهوي انطلقت فيه شرارة الثورة وماكانت لتؤتي أكلها لولا 14جانفي.
كما قرّر و أقر الرئيس الاستفتاء الالكتروني دون اعطاء ملامح واضحة عنه ليقرر به مصير البلد لسنوات مع ما يحف هذا الاستفتاء الغريب من مخاطر حيث سيشهد عزوفا غير مسبوق من عموم التونسيين مقابل مشاركة مكثفة منتظرة فيه من أنصار الرئيس و ربما يشارك الواحد عشرات المرات لينتهي في النهاية الى حيث مايريد الرئيس توجيهه .وهنا يتساءل التونسيون عن مدى شرعية مخرجات هذا الاستفتاء الذي لم يرد في الدستور ولانعتقد أنه سيتم القبول به داخليا أو خارجيا.
الملاحظ اليوم في تونس أن كل الطبقة السياسية و المنظمات الوطنية و جزء كبير من التونسيين باتوا يرفضون و يصدحون برأيهم المعارض لسياسة الرئيس في المضي بالبلد الى حيث يجهلون و يطالبون بتشريكهم في صياغة مستقبل بلدهم .
لكن الرئيس ماض لوحده فيما ينوي القيام به صحبة من يعتبرهم الصادقون و الوطنيون من أعضاء حملته التفسيرية أما الاخرون فخونة وفاسدين حتى يثبتوا عكس ذلك بالولاء الاعمى للرئيس ….