اردوغان والحروب المفتوحة …
صوت الضفتين_مقال رأي
بقلم/ خالد ممدوح العزي صحافي وكاتب لبناني
وسّع اردوغان طموحاته فلم تعد محصورة في المناطق العربية المجاورة للحدود التركية بل حاول تخطي الحدود ، معتمدا على المرتزقة السورين الذين من خلالهم يستطيع ممارسة التخريب في هذه الدول لانها يد عاملة رخيصة ولا احد يسأل عنها فكانت المرتزقة ترسل الى ليبيا وبعدها الى اذربيجان ، فالمرتزقة هي يد عاملة رخيصة ومحتاجة للمال ومدربة تدريبا عسكريا جيدا وبامكانها ادارة حرب شوارع لا يمتلكها الجيش التركي ولا يمكن تحمل خسائرها البشرية والمعنوية .
لقد افتتح اردوغان جبهة جديدة في ناغورني كراباخ جمهورية الجبال المتنازع عليها بين ارمينيا واذربيجان شيعية المذهب وقومية الانتماء القومية التركمانية.
المشكلة تكمن بان روسيا باعت سلاحا متطورا لاذربيجان مما دفع ارمينيا بالاعتراض وتوجيه اللوم على روسيا حاولت اذربيجان استغلال الاختلاف الروسي الارمني لمصلحتها واحداث تغيير بسيط على الجبهة المتنازع عليها مما ساهم ذلك بدفع تركيا للتدخل في المعركة لصالح الحليف ضد ارمينيا بظل سكوت روسي واضح ، فكما يبدو بان روسيا تريد ان تتلقى يريفان صفعة صغيرة من باكو .
لكن الاخطر هو السكوت الامريكي على سير الاحداث الدموية التي تشهدها المنطقة وستشهدها لاحقا لان ارمينيا تلتف على العقوبات المفروضة على ايران وتؤمن لها مخرج عن طريقها في استخدام اموالها في البنوك ومنتوجاتها حيث باتت ارمينيا معقل كبير للايرانين السواح والتجار وزائري البنوك .
لعنة الجغرافيا التي فرضت على ارمينيا الحصار الطبيعي من قبل الدول المحيطة التي سيطرت عليها العدائية للارمن عدى روسيا التي لا تمتلك معها سوى خط جوي مما ساعد ذلك بان تكون ايران هي الحضن الحنون لارمينيا .
لم تكتفي تركيا باختراق اذربيجان بل ذهبت في الصراع الهندي الباكستاني في التقرب من متطرفي كشمير حيث فتحت عليهم خط امني وعسكري وتموين ، هذا ما اعلنه الرئيس الهندي في كلمته في الامم المتحدة بالذكرى 75 لتاسيسها حيث اعلن امام المجتمع الدولي في اعلى جلسة عالمية بان تركيا باتت تشكل خطرا كبير على المنطقة نتيجة تدخلها بصراعات المنطقة من خلال المجموعات المطرفة .
تعمل تركيا على التدخل في باكستان الى جانب ايران مستغلة البرودة في العلاقات السعودية الباكستانية ، ومع تغيير الظروف الجيوسياسية عززت دول الخليج العربي علاقاتها مع الهند. وهناك اتفاقات مع الهند لانشاء “مجلس تعاون استراتيجي”. حيث تسعى باكستان للحصول على التاييد الاسلامي بقضية كشمير من قبل تركيا وإيران وماليزيا؟ التي تريد تحويل قضية كشمير إلى قضية فلسطين في جنوب القارة الآسيوية بعيدا عن العرب .
وفي رد سريع وبطلب من من اردوغان سعى مهاتير محمد الى عقد قمة إسلامية في كوالالمبور في ديسمبر (كانون الأول 2019) ودعا إليها باكستان وتركيا وقطر وإيران وإندونيسيا، ووصف القمة بأنها “الخطوة الأولى نحو إعادة بناء القارة الإسلامية العظيمة”.
وكان اردوغان بات واضجا من خلال حروبه في المنطقة يحاول تخطي الدول العربية واعلان نفسه سلطان جديد للامارة الاسلامية الثمانية التي يحلم بها من خلال هذا التحالف الاسلامي الجديد الخارج عن الاطار العربي .
بالاضافة الى التدخلات الاخرى تحاول تركيا فرض نفسها في اليمن عن طريق المساعدة الاجتماعية التي ترسلها الى اليمنين وتحديدا عن طريق حزب الاصلاح الجناح الاخواني في اليمن وهي تعمل جاهدة لخلق نوع من الارباك في داخل الصفوف اليمنية وتحديدا في داخل قطاعات الجيش اليمني الذي يتولاها ضباط وقطاعات حب الاصلاح لفرض نوع من الالتفاف على سير المعارك وارباكها لجهة خلق نوع من الفوضى تؤدي هزائم من ناحية والى فتح ابواب التدخل للاستخبارات التركية والفنيين الاتراك بالتواجد في هذه القطاعات ومحاولة ارباك سير التواصل وفتح قنوات سيرية بين الاصلاح والحوثيين على حساب التحالف العربي.
يزعم اردوغان بتحقيق نصر تاريخي للاترك يخلد من خلال اسمه كبطل قومي يكتب الى جانب كمال اتتورك بظل الحالة الاقتصادية التي تعاني منها تركيا والخلافات الداخلية داخل صفوف حزب التنمية والعدالة التي ستؤدي هذه الانشقاقات الى نتائج سلبية سيدفع ثمنها اردوغان وحزبه وطموحه اضافة الى الورقة الكردية التي تبقى عالقة بظل غياب حلول منصفة للاكراد اضافة الى ازمة اللجؤ السوري والعلاقة الملتبسة مع روسيا وايران .
لكن لابد من القول بان الاسابيع القليلة القادمة هي مرحلة اختبار القوة امام القوى الاقليمية بما فيهم تركيا لتحقيق تقدم على المحاور المفتوحة لتعزيز النفوذ في الخواصر الرخوة لدول الجوار التي تعاني من ازمات سياسية واضطرابات داخلية ،لكن المهلة ستنتهي مع انتهاء الانتخابات الامريكية القادمة التي سيكون لها الكلمة الفاصلة في وضع حد لهذه الفوضى المفتعلة داخل الدول المشتعلة ، وكيف سيتم التعاطي الفلي مع طموحات اردوغان غير المحدودة وحروبه المفتوحة .