الكورونا في تونس ووهم العودة السريعة
صوت الضفتين-مقال رأي بقلم سمير باشا
تخطط حكومة الجمهورية التونسية لإنهاء ممنهج لعمليات الإغلاق الحاصلة في البلاد, وهذا يتطلب مجموعة معقدة ومتشابكة من القرارات المتخذة في ظل حالة عدم اليقين السائدة. وقبل كل شيء على الحكومة أن تدرك أن طريقة إدارتها لأزمة « كوفيد – 19 » حتى و ان كانت بالمستوى المطلوب ، عليها بذل المزيد من الجهد والاستجابة بفعالية أكثر للوباء. يعتقد عدد كبير من الناس أنه من أجل حماية الاقتصاد ، يجب فرض قليل من القيود والضوابط على السلوك الفردي للمستهلكين ، بدلاً من إلزام الناس بالبقاء في بيوتهم. وتبنت عدد من الدول تلك المنهجية مثل السويد وهولندا ورفضت القيام بعمليات إغلاق قصرية أو فرض ضوابط مشددة ، ومع ذلك فإن اقتصادها لم يصبح أفضل مقارنة بدول مجاورة مثل النمسا أو الدنمارك أو النرويج ، والتي هي الأخرى تعيش تخبطات اقتصادية وأفق نمو غير واضح. فمن يفترض حالة التوازن بين قمع الفيروس وصحة الاقتصاد ، هو شخص واهم.يتوقع البنك المركزي لتونس انكماشاً في إجمالي الناتج المحلي للبلاد بنسبة 14 % هذا العام ، يليه انتعاش بنسبة 15 % العام القادم ، مع افتراض بقاء تدابير التباعد الاجتماعي وخطط الدعم الحكومية كما هي حتى أوائل جوان المقبل. تبدو توقعات البنك متفائلة للغاية ، ولكن من المؤكد في حال حدوث موجة ارتفاع جديدة في أعداد الإصابات فإن هذه التوقعات ستتبخر. ولتجنب ذلك ، يجب تمديد العمل بالتدابير الاحترازية إلى ما بعد سبتمبر . ان عودة الناس إلى العمل في هذا الظرف ، بحسب معهد الدراسات المالية التونسية ، سيخلق العديد من العقبات التي لن تجعل تلك العودة طبيعية. فالشكوك لن تختفي وحالة عدم اليقين ستستمر مع كل حركة. وسيكون الأثر السلبي للعرض والطلب على السلع والخدمات كبيراً وغير متجانس أبداً ، فعلى صعيد العرض ، سيظل العمل الذي يتطلب تواصلاً أو تفاعلاً وجهاً لوجه أكثر تأثراً من العمل الذي يمكن القيام به عن بعد . وينطبق الشيء نفسه على نمط الطلب. وستتأثر العلاقة والتجانس بين طالبي العمل والقطاعات فالشباب سيظلون قادرين على العمل مثل السابق ، أما كبار السن وخصوصاً ممن يعانون ظروفاً صحية صعبة ستتضاءل فرصهم كثيراً. إن عودة الآباء إلى أعمالهم بشكل طبيعي يتطلب إعادة فتح المدارس ، وهذا يعني حث المعلمين على العودة للعمل أيضاً. وتتطلب عودة الشباب إلى العمل وجود مشرفين ومديرين مخضرمين من الفئة العمرية الأكبر. فهل يجب أن يخرج العمال غير الأساسيين من بيوتهم ويتحركوا بحرية إذا كان ذلك يعرض حياة شركائهم في المنزل وزملائهم في العمل للخطر ؟ الحمهورية التونسية في « نهاية البداية » فقط والتي لم تكن أساساً بداية جيدة ، ويبدو أن عودة البلاد إلى الحياة بسرعة كما كانت قبل « كورونا » سيكون ضرباً من الخيال.