أدلة جديدة تثبت علم إسرائيل المسبق بأحداث 7 أكتوبر وفريق المحامين الدولي يطالب بمحاكمة نتنياهو
فريق المحامين الدولي يقدم أدلة جديدة للجنائية الدولية
قدَّم فريق المحامين الدولي الممثل للشعب الفلسطيني لدى مكتب المدعي الدولي والمحكمة الجنائية الدولية، اليوم الأربعاء، ملحقاً قانونياً يحمل عنوان “أدلة تكميلية على المسؤولية الجنائية والعلم المسبق للقيادة الإسرائيلية وتقاعسها المتعمد قبل ٧ أكتوبر ٢٠٢٣”، حيث قدم الفريق المفوض من نقابة المحامين الفلسطينيين، نيابةً عن الشعب الفلسطيني، ملحقهم التاسع والعشرين للشكوى المرفوعة إلى مكتب المدعي الدولي في ٦ كانون الأول/ديسمبر ٢٠٢٣، بأدلة جديدة وحاسمة تُثبت المسؤولية الجنائية لأعلى مستويات القيادة الإسرائيلية، وتحديداً فيما يتعلق بعلم قيادة الاحتلال المسبق عن هجمات ٧ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠٢٣، وتقاعسهم المتعمد في الفترة التي سبقت الهجمات لاستغلال تلك الأحداث لشن هجومٍ واسع النطاق وممنهج ضد السكان الفلسطينيين في غزة.
تصريحات أكرم الزريبي حول الدليل الجديد
وقال أكرم الزريبي، المتحدث الرسمي باسم فريق المحامين الدولي، في تصريح خاص: “أحدثت أدلة جديدة، متمثلة في تسجيلات صوتية مسربة للواء (احتياط) أهارون حاليفا، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، تغييراً جذرياً في مشهد المساءلة عن الأحداث التي بدأت في ٧ أكتوبر/تشرين الأول ٢٠٢٣. حيث تؤكد هذه الأدلة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وحكومته لم يكونوا مُهملين فحسب، بل تلقوا تحذيرات استراتيجية من خطر وشيك باندلاع صراع قبل أحداث الهجمات، فاختاروا تجاهل هذه التحذيرات وتعمدوا التقاعس عن الأحداث اللاحقة، التي استُغلوها لاحقاً كذريعة لبدء الحملة العسكرية المستمرة في غزة، وهي جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.”
وصرَّح مصدر مسؤول في مكتب المدعي الدولي، طلب عدم الكشف عن هويته لأسباب تتعلق بالسلامة المهنية، بأن فريق المحامين الدولي حثَّ اليوم الأربعاء الموافق ٣ سبتمبر/أيلول الجاري المحكمة الجنائية الدولية على الإشارة رسمياً إلى هذا الملحق كدليلٍ إضافي يُثبت المسؤولية الجنائية للمتهمين، وخاصةً بنيامين نتنياهو، بموجب المادتين ٢٥ و٢٨ من نظام روما الأساسي، وتكثيف التحقيق في علم القيادة الإسرائيلية المسبق وتقاعسها المتعمد قبل ٧ أكتوبر ٢٠٢٣، باعتبارهما عنصراً بارزاً في السلوك الإجرامي العام، وإصدار أوامر اعتقال دون تأخير ضد جميع المسؤولين، لمسؤوليتهم المباشرة والعليا عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وأعمال الإبادة الجماعية المرتكبة على أرض فلسطين ١٩٦٧.
اعترافات الجنرال أهارون حاليفا وفضح تقاعس القيادة الإسرائيلية
تُقدم شهادة الجنرال حاليفا المسربة روايةً دامغة؛ فقد حُذِّرت القيادة الإسرائيلية صراحةً من خطرٍ وشيك قبل أحداث ٧ تشرين الأول/أكتوبر، فاختارت تجاهل تلك التحذيرات، ثم استغلت المأساة الناتجة لتبرير حملة عسكرية واسعة النطاق ووحشية غير مسبوقة ضد السكان المدنيين في غزة. وهذا النمط من السلوك، والمعرفة المسبقة، والتقاعس، والاستغلال، يُرسي خطاً واضحاً للمسؤولية الجنائية التي تقع مباشرةً على عاتق رئيس الوزراء وحكومته. وتؤكد شهادة الجنرال حاليفا أن الفظائع التي نشهدها اليوم ليست نتيجةً لمجرد سوء تقدير، بل هي نتاج سياسة مدروسة.
وأضاف أكرم الزريبي: “لا يُعد هذا الدليل مؤشراً على عدم الكفاءة فحسب، بل يكشف عن استراتيجية مدروسة بموجب نظام روما الأساسي، المادة ٢٥(٣)(ب) – الأمر بارتكاب جريمة أو التحريض عليها، فإن علم القيادة الإسرائيلية المسبق وتقاعسها اللاحق عن التصرف، وما تبعه من رد عسكري فوري ووحشي، يشير إلى أن أحداث ٧ أكتوبر/تشرين الأول ربما اعتُبرت فرصة استراتيجية، ويمكن تفسير تقاعسهم على أنه شكل من أشكال التحريض على هجمات ٧ تشرين الأول/أكتوبر لخلق ذريعة لشن هجوم واسع النطاق مُراد مسبقاً.
مسؤولية نتنياهو ووزرائه وفق نظام روما الأساسي
وبموجب المادة ٢٨(ب) – مسؤولية الرؤساء، في فشل نتنياهو ووزراءه، سواءً كانوا رؤساء عسكريين أو مدنيين، في ممارسة السيطرة المناسبة على قواتهم، وكان لديهم معلومات استخباراتية واضحة تُشير إلى الحاجة إلى اتخاذ تدابير وقائية، فإن تجاهلهم المتعمد لهذه المعلومات الاستخباراتية يُشكل إخفاقاً ذريعاً في الوفاء بواجبهم في منع القوات الخاضعة لسيطرتهم الفعلية من ارتكاب جرائم دولية، حيث تمتد هذه المسؤولية إلى الحملة العسكرية على غزة.
الجرائم المستمرة في غزة كجرائم حرب وإبادة جماعية
وأخيراً، تعزيز النية (النية الإجرامية) للجرائم المستمرة، تُثري هذه الأدلة بشكل حاسم مسألة النية وراء العمليات العسكرية اللاحقة في غزة. فإن استعداد القيادة الإسرائيلية الواضح للتضحية بأمن المدنيين الإسرائيليين من أجل أهداف سياسية يدعم بقوة الادعاء بأن الدمار الذي أعقب ذلك في غزة، والذي أسفر عن سقوط أكثر من ٦٣٬٦٣٣ شهيداً و١٦٠٬٩١٤ جريحاً، معظمهم من الأطفال والنساء، وأكثر من ٩٬٠٠٠ مفقود، ومئات الآلاف من النازحين، والمجاعة التي أودت بحياة ٣٦١ فلسطينياً، بينهم ١٣٠ طفلاً، ليس أضراراً جانبية بل نتيجة مرغوبة من قبل القيادة الإسرائيلية، ويدل هذا على سياسة انتقام وعقاب جماعي، وهي سياسة جوهرية في مزاعم الجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية.”
فريق المحامين الدولي يقدم أدلة جديدة للجنائية الدولية
يُذكر أن فريق المحامين الدولي يقدم أعمالاً جليلة لصالح القضية الفلسطينية منذ تكليفه رسمياً في أكتوبر ٢٠٢٣. وخلال هذه الفترة، خاض الفريق معارك قانونية وسياسية شديدة التعقيد برئاسة الكويتي الدكتور فيصل خزعل، وعضوية التونسيين شوقي الطبيب الأمين العام المساعد لاتحاد المحامين العرب، وأكرم الزريبي المتحدث الرسمي باسم الفريق، والفلسطيني سهيل عاشور نقيب المحامين الفلسطينيين السابق.
تتكون الأدلة، التي بثتها القناة ١٢ الإسرائيلية الإخبارية ونشرتها وسائل إعلام دولية رئيسية، اعترافات صريحة من الجنرال حاليفا، الذي استقال في أبريل/نيسان ٢٠٢٤ مُقراً بمسؤوليته عن إخفاقات استخباراتية، وتشمل أهم الإفصاحات ما يلي:
١. توجيه تحذيرات استراتيجية مباشرة: أكد الجنرال حاليفا أن مديريته أصدرت “تحذيرات استراتيجية” صريحة حول احتمالية نشوب صراع. وقال: “هناك رسائل تقييم بحثي واضحة، نُشرت بتفويض مني، تقول: ‘نُرسل إليكم تحذيراً استراتيجياً’. هذا يعني أن شيئاً ما سيحدث.” وقد عُممت هذه التقييمات مباشرة على مكتب رئيس الوزراء، ورئيس الموساد، ورئيس الشاباك.
٢. التهرب المتعمد من رئيس الوزراء نتنياهو: والأهم من ذلك، أن حاليفا فصّل نمطاً سلوكياً من جانب نتنياهو يهدف إلى تجنب المعلومات الاستخباراتية المعارضة، وكشف أن رئيس الوزراء قلّص بشكل منهجي، ثم كاد أن يُلغي، اجتماعاته الروتينية مع رئيس الاستخبارات العسكرية: “في الماضي، كان يجتمع برئيس الاستخبارات أسبوعياً، ثم أصبح مرة شهرياً، ثم مرة كل شهرين، لأنه لم يكن يريد سماع أي شيء يُناقضه”. ووصف حاليفا نتنياهو بأنه “عالم بكل شيء” ومُطلع بالكامل على الإحداث قبل وقوعها في ٧ أكتوبر ٢٠٢٣، ومع ذلك تعمّد التقاعس.
٣. الاعتراف بالفشل المنهجي دون محاسبة: أعرب حاليفا عن أسفه لغياب المحاسبة السياسية، قائلاً: “في أي دولة طبيعية، يستقيل المسؤولون بسبب أحداث أصغر بكثير من هذا. أما هنا، فكل شيء مسموح به”. وهذا يُؤكد على ثقافة الإفلات من العقاب السائدة في أعلى المستويات.