محكمة العدل الأوروبية تسقط بروتوكول إيطاليا – ألبانيا: صفعة جديدة لحكومة ميلوني

شكل قرار محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي بإسقاط البروتوكول الموقع بين روما وتيرانا بشأن مراكز احتجاز المهاجرين نقطة تحول مهمة في ملف الهجرة الأوروبي، وصفعة سياسية قوية لحكومة جورجيا ميلوني التي راهنت على هذا الاتفاق كأحد أعمدة استراتيجيتها للهجرة.
وقعت الحكومة الإيطالية بقيادة ميلوني في نوفمبر 2023 بروتوكولاً مع ألبانيا يقضي بإنشاء مراكز لاحتجاز المهاجرين على الأراضي الألبانية، بهدف معالجة طلبات اللجوء بعيداً عن الأراضي الإيطالية. وقدمت روما هذا الاتفاق باعتباره نموذجاً جديداً لإدارة تدفق المهاجرين، إلا أنه واجه منذ البداية انتقادات حادة من خبراء القانون والمنظمات الحقوقية.
أسباب إسقاط البروتوكول
قرار محكمة العدل الأوروبية استند إلى مبادئ قانونية راسخة، أبرزها:
1. حصرية دور القضاء في تحديد الدول الآمنة: أكدت المحكمة أن الحكومات لا تملك صلاحية التصنيف الأحادي للدول الآمنة، لأن هذا التوصيف يجب أن يخضع لرقابة قضائية تضمن حماية حقوق الأفراد.
2. شمولية الأمان: لا يُمكن اعتبار دولة ما “آمنة” إلا إذا توفرت الحماية لجميع مواطنيها ومقيميها، وليس لفئات محددة فقط.
3. هذه الحجج القانونية أعادت تسليط الضوء على المخاوف التي أثارها متخصصون منذ توقيع البروتوكول، واعتبرتها المحكمة مسوغات كافية لإبطاله.
يمثل هذا الحكم إحراجاً كبيراً لحكومة ميلوني على أكثر من مستوى:
1- داخلياً: يعمّق الانتقادات الموجهة للائتلاف الحاكم بشأن ضعف إلمامه بالأطر القانونية الأوروبية.
خارجياً: يظهر إيطاليا وكأنها تتجاهل المعايير القانونية الدولية، ما يضعف موقفها التفاوضي مع شركاء الاتحاد الأوروبي.
2-رمزياً: يهدد ركناً أساسياً في خطاب ميلوني السياسي القائم على تشديد سياسات الهجرة.
إلى جانب الأثر السياسي، يكشف الحكم عن هدر مالي كبير، إذ خصصت الحكومة مئات ملايين اليوروهات لمشروع بات الآن خارج الشرعية القانونية. إغلاق هذه المراكز سيصبح أمراً شبه حتمي في ضوء القرار الأوروبي.
أمام حكومة ميلوني ثلاثة خيارات أساسية:
1. الاستئناف السياسي: محاولة إعادة التفاوض مع الاتحاد الأوروبي على صيغة جديدة تتوافق مع القانون.
2. التراجع التكتيكي: سحب البروتوكول وإعادة توجيه الموارد نحو سياسات بديلة للهجرة.
3. التصعيد السياسي: استغلال الحكم لتغذية خطاب المواجهة مع بروكسل، وهو خيار محفوف بالمخاطر.
قرار محكمة العدل الأوروبية لا يقتصر على إسقاط بروتوكول ثنائي فحسب، بل يكشف خللاً هيكلياً في طريقة إدارة ملف الهجرة من قبل الحكومة الإيطالية. فبينما تحاول روما البحث عن حلول خارج الحدود، تؤكد مؤسسات الاتحاد الأوروبي أن الحل لا يمكن أن يتجاهل القوانين الدولية ولا المبادئ الإنسانية.