الجليدي في قراءات إسرائيلية: غموض استراتيجي وتخوّف من حرب استنزاف مع إيران - صوت الضفتين

الجليدي في قراءات إسرائيلية: غموض استراتيجي وتخوّف من حرب استنزاف مع إيران

بقلم: نزار الجليدي 

في خضم تصاعد التوترات بين إسرائيل وإيران، وبعد الضربات العسكرية التي استهدفت منشآت إيرانية، تتصاعد في الداخل الإسرائيلي أصوات النخب السياسية والعسكرية والإعلامية التي تحذر من الإفراط في الثقة، وتدعو إلى مراجعة الحسابات الاستراتيجية، وسط مخاوف متزايدة من التورط في حرب استنزاف طويلة الأمد مع طهران.

الخبير العسكري في صحيفة “هآرتس”، عاموس هرئيل، يكشف عن تنسيق أميركي-إسرائيلي سابق للهجوم على إيران، يفوق ما كان متخيّلاً، ما يعكس عمق الاستعداد، لكنه لا يلغي القلق من نتائج التصعيد. أما رئيس الحكومة الأسبق إيهود باراك، فقد دعا بوضوح إلى “إنهاء نشوة تدمير البرنامج النووي الإيراني”، واعتبر أن هذا الطموح غير واقعي ويتطلب التواضع في الأهداف والتوقعات.

وفي السياق ذاته، أكد المحلل في القناة 12 راز تسيمت أن إيران لن تتخلى عن برنامجها النووي، مشددًا على أن تدميره بالكامل غير ممكن. وذهب الصحفي ناحوم برنياع في “يديعوت أحرونوت” إلى توجيه نقد لاذع لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، واصفًا إياه بأنه بلا استراتيجية خروج، لا في غزة ولا مع إيران، متهكمًا بأنه “يطلب أغلى الوجبات وينتظر من يدفع عنه الفاتورة”.

تحذيرات مماثلة جاءت من ديمتري تشومسكي في “هآرتس”، الذي وصف التخلص من البرنامج النووي الإيراني بالوهم، معتبرًا أن طموحات طهران النووية ستتزايد، ومن المنطقي أن يعتقد قادتها أن امتلاك السلاح النووي سيمنع أي طرف من مهاجمتهم.

من جهته، أشار إيال زيسر في “إسرائيل هيوم” إلى أن الحرب مع إيران ستكون صعبة وطويلة. بينما حذّر يسرائيل زيف عبر القناة 12 من أن خطاب نتنياهو المتفاخر قد ينقلب عليه إذا تحولت المواجهة إلى حرب استنزاف. وأضاف أن قدرة إسرائيل على التحمل محدودة، وأن المكاسب الأولية قد تتلاشى مع طول أمد الحرب، فيما لا يزال نتنياهو ينتظر دونالد ترامب.

أما ميخائيل ميلشتاين في “يديعوت أحرونوت”، فاعتبر أن التمسك الأعمى بشعار “تدمير البرنامج النووي الإيراني” قد يؤدي إلى حرب استنزاف مع دولة تمتلك القدرة والخبرة، في إشارة إلى صمود إيران في حربها السابقة مع العراق. ورفض الكاتب “صناعة الأوهام” حول إمكانية إعادة تشكيل وعي العدو.

وفي هذا الإطار، شدد اماتسيا برعام في “معاريف” على ضرورة عدم انجرار إسرائيل إلى حرب استنزاف، فيما اختتم يوسي ميلمان من “هآرتس” التحليلات بالتأكيد على أن إسرائيل ربما حققت إنجازًا تكتيكيًا، لكنها دخلت في منطقة استراتيجية مجهولة المصير.

خاتمة:
تعكس هذه القراءات الإسرائيلية حالة من التوجس والقلق، بل والنقد الذاتي الحاد، إزاء الأهداف المعلنة للعملية العسكرية ضد إيران. فالتكلفة المحتملة لحرب مفتوحة، والغياب الواضح لاستراتيجية خروج، يدفعان العديد من المحللين إلى دق ناقوس الخطر. ما بين النشوة بالإنجازات الميدانية والتحذير من الاستنزاف الطويل، تقف إسرائيل أمام مفترق طرق استراتيجي بالغ التعقيد، في مواجهة خصم لا يبدو مستعدًا للتراجع أو التنازل.

شارك المقال

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *