غزت العالم وأصبحت هوس المشاهير.. ما قصّة 'لابوبو' الدمية العابسة ؟ - صوت الضفتين

غزت العالم وأصبحت هوس المشاهير.. ما قصّة ‘لابوبو’ الدمية العابسة ؟

في عالم تسيطر عليه معايير الجمال التقليدية، وتنتشر فيه ثقافة “الكمال” المبالغ فيها على وسائل التواصل الاجتماعي، برزت دمية ذات ملامح غريبة بل كان البعض يصفها بالقبيحة، لتكسر هذه القواعد وتتربع على عرش الشهرة العالمية.

دمية “لابوبو” (Labubu) الصغيرة التي تحولت من شخصية كارتونية مغمورة إلى ظاهرة عالمية، يتسابق المشاهير والمؤثرون على اقتنائها وتجميعها بأسعار خيالية لتصبح قطعة لا تفارق أشهر الحقائب.

ونجحت “لابوبو” في كسر قاعدة أن الموضة مقتصرة على الملابس والأحذية التقليدية بل يمكن أن تمتد لتشمل أي عنصر يكسر القواعد ويحدث تأثيرًا.

*ما هي “لابوبو” ؟

“لابوبو” هي دمية صغيرة ذات ملامح غريبة، تتميز بآذان مدببة وأسنان عشوائية ووجه عابس. نشأت كشخصية في كتب مصورة ضمن سلسلة “الوحوش The Monsters” سنة 2015، من إبداع الفنان الصيني المقيم في هولندا كاسينغ لونغ.

مظهر الدمية الغريب كان يُنظر إليه على أنه “قبيح” وأحيانا “مخيف” في سياق الدمى التقليدية، وكان مصدرًا لبعض السخرية أو التجاهل، استوحاها صاحبها من الأساطير الإسكندنافية.

لكن صانعها أكّد مرارا أن “لابوبو” ليست مصممة لتكون جميلة بالمعنى المتعارف عليه، بل كانت تجسيدًا لفكرة الجمال في الغرابة، أو ربما التعاطف مع الآخر الذي لا يتناسب مع القوالب النمطية.

وتضمّ المجموعة عدّة دمى تتشارك نفس الملامح بألوان وأسماء مختلفة على غرار: “زيمومو” و”موكوكو” و”تيكوكو” و”سبوكي” و”باتو”..

*سبب انتشار “لابوبو”

تحوّلت “لابوبو” من شخصية رسوم متحركة إلى دمى، بعد توقيع عقد شراكة بين كاسينغ لونغ وشركة الألعاب الصينية “بوب مارت Pop Mart” سنة 2019.

واتبعت شركة الألعاب نمطا مختلفا للتسويق للدمية من خلال بيعها في عبوات مغلقة (blind boxes) حيث لا يتمّ التعرّف على التصميم واسم الدمية إلّا بعد فتحها.. عنصر التشويق والمفاجأة دفع المشترين إلى التهافت للحصول على كامل المجموعة مهما ارتفع سعرها.

وتعمّدت شركة “بوب مارت” إصدار تصاميم خاصّة من “لابوبو” بنسخ محدودة سرعان ما تنفد من الأسواق عندما يشتدّ الطلب عليها، مما يساهم في ارتفاع قيمتها ويدفع الراغبين في الحصول عليها بأضعاف سعرها الحقيقي من سوق المقتنيات.

لكن كيف تحوّلت هذه اللعبة من مجرّد دمية إلى أكسسوار لا يفارق الحقائب خاصة ذات الماركات العالمية والشهيرة ؟

حدث “الإنفجار” سنة 2024 عندما التقطت عدسات المصوّرين نجمة “الكيبوب” الكورية الجنوبية ‘ليسا’ من فرقة بلاكبينك وهي تحمل دمية “لابوبو” وتعلّق أخرى في حقيبتها.

ثم شاركت متابعيها الذين يعدّون مئات الملايين حول العالم على مواقع التواصل الاجتماعي هوايتها الجديدة في تجميع تشكيلة الدمى، ونسجت على منوالها النجمة ريهانا ودوا ليبا وأوليفيا أتوود.. ثم أصبح مشاهير ونجوم العالم يتسابقون على اقتناء الإصدارات النادرة.

*أسعار بيع “لوبوبو”

تتراوح أسعار دمى “لابوبو” بين 13 و16 دولارا في الدول الآسيوية خاصة تايلاند وكوريا الجنوبية والصين، وعلى المتاجر الالكترونية فيبلغ سعرها 20 دولارا وتتجاوز الـ100 دولار للنسخ المحدودة والمميزة.

نموذج “Secret” على سبيل المثال الذي نادراً ما يظهر في الأسواق تمّ بيعه بأسعار تتراوح بين 2600 يوان صيني (حوالي 360 دولارا) إلى 29000 يوان (حوالي 4000 دولار). وهناك تقارير عن دمى بيعت بأكثر من 26 ضعف سعرها الأصلي في السوق السوداء الصينية.

في الولايات المتحدة، يبلغ سعر الصندوق الواحد بين 13 و28 دولارا حسب الإصدار وحجم الدمية، والمجموعة الكاملة (Full Sets) التي تتكوّن من صناديق عمياء (عادة 6 أو 12 صندوقًا)، ويمكن أن تتراوح الأسعار من 130 إلى 250 دولارا حسب السلسلة.

وترتفع الأسعار بشكل جنونيّ في السوق السوداء ويمكن أن تُباع بعض الإصدارات الشائعة أو المطلوبة بين 90 و300 دولار أمريكي للدمية الواحدة.

*%900 نسبة نموّ مبيعات “لابوبو” في السوق الأمريكية

حسب تقارير أمريكية تجاوزت إيرادات الشركة الصينية للألعاب 1.8 مليار دولار في عام 2024، منها 410 ملايين دولار من مبيعات الدمية “لابوبو” بنمو بلغ 900% في السوق المحليّة السنة الماضية.

وساهمت شعبية “لابوبو” في ارتفاع كبير في قيمة شركة “Pop Mart” الصينية حيث قفزت قيمتها السوقية إلى 37 مليار دولار.

كما حققت مبيعات الدمية أرباحا بقيمة 87 مليون دلار في الدول الأسيوية في النصف الأوّل من سنة 2024.

*منع دمى “لابوبو” في بريطانيا وسنغافورة

أعلنت شركة “Pop Mart UK” في بريطانيا المتخصصة في بيع الألعاب الوقف المؤقّت لبيع دُمى “The Monsters” وعلى رأسها “Labubu” في متاجرها وآلات البيع الذاتي بسبب الازدحام الكبير والطوابير التي شهدتها نقاط البيع في الفترة الأخيرة.

ونشرت صحيفة “ميرور” البريطانية أنّ بعض البريطانيين قاموا بأخذ إجازات من العمل حتى يتمكنوا من قضاء ساعات في الطوابير لاقتناء الدمية.

وبسبب الفوضى التي عمّت عدّة نقاط بيع، قرّرت الشركة وقف عملية البيع إلى حين إشعار آخر والإكتفاء بالبيع عبر الأنترنت.

أمّا في سنغافورة، تدخلت قوات الأمن يوم افتتاح معرض “Pop Toy Show” بسبب حالة الفوضى والتدافع بين محبّي الدمية، وتمّ إلغاء البيع لعدّة أيام بسبب سوؤ التنظيم والإقبال الكبير الذي لم يكن متوقّعا.

الأكيد أنّ “طفرة لابوبو” لن تدوم طويلا على غرار بقيّة “التريندات” خاصة في مجال الموضة والاكسسوارات.. وقد لا تختفي هذه الدمية تمامًا ولكنها ستتوارى عن الأضواء تدريجيًا لتتحول من أيقونة إلى مجرد ذكرى أو ربما قطعة تراثية في رفوف البعض.

وغروب شمس “لابوبو” ليس نهاية المطاف، بل هو إيذانًا بشروق ظاهرة جديدة فالعالم الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي التي لا تتوقف عن تقديم التقليعات الغريبة للمهووسين بها

شارك المقال

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *