قراءة في رواية حذاء نورو للكاتب محمد دمق  شعرية اللغة ….واقعية اللغة

قراءة ياسين اليانقي تونس

حين قال نيتشه نحن الذين نهب اللغة السلطة لم يكن قوله جزافا لان العوالم تتشكل من خلال العلاقات الناظمة للنسيج اللغوي لحمة وسدى

وانا تأمل بتمعن مولود محمد دمق الجديد حذاء نورو حاولت ان اتقصى البنية العميقة التي تحرك قلم الكاتب فوجدتها تردادا بين قواعد الخطاب الروائي في لغته الشعرية المنكشفة في كثافة الدلالة ودقة العبارة ولغة واقعية تمتح من محيط اللغة ذاتها وعلى هذا النحو يمكن ان انزّّل هذه المقاربة ضمن هذا الترداد

*انظر في مقطع من الصفحة 86الى الصفحة 88مع نهاية الفقرة الاولى

اسامة طالب في اختصاص التصوير الفوتوغرافي

السارد متمرس في اختصاص التصوير النفسي .استبطان السارد للبطل هو جوهر الحركة الروائية منذ استهلال الرواية فهل ان ما نطالعه يختلف حقا عمّا تلتقطه العدسة

لا اعتقد ذلك “هي لم تغادره منذان التقاها في ذاك الصباح ….ويرتب نظام يومه”

فجأة يختل كل نظام يومه بتفاصيل وجهها الصغير .البطل ينعكس على العالم الخارجي ما يفكر ما يعتقد ما يأمل فيه كله يظهر امامه بعين الراصد الكامنة فيه

المصور يخلق الموضوع في الرواية لا يتتبع الموضوع وان اوهمنا بالتقاطه لكن الوعي يسبق الوجود اذا كنت احسن فهم هذه المعادلة حتى اسقطها على العمل

ملامح خاصة نظرة متفحصة وابتسامة صغيرة وجه عابر بين الكلمات لكنه علامة بين الصور جعل من البطل كما اراد له السارد شاخصايراقب تفاصيلها

قد يكون الحدث عاديا وذكر في عشرات الروايات ولكنه هنا يتحول الى مشروع كامل تتولد منه احداث اخرى تنفتح على عالم نظنه غريبا ولكنهامجاهل انفسنا ونحن نضعها على طاولة التشريح بين الامل في العثور على اللقيا والالم حين نعثر على هذه اللقيا

السؤال المبثوث في هذا المقطع يطوف بالشخصية /الموضوع بلغة المصورين ولكنه يدور ايضا في باطن البطل :هل هي حقا عصفوره النادر ؟

اين تمضي الاحداث حين يكثر السؤال هل يمكن ان تجري مجرى المادة ام ان مادتها من النفس كيف يتحول العالم الخارجي بموضوعيته الى مادة نفسية فروائية

هنا تكمن قدرة محمد دمق على تطويع الموضوع الى الذات بما خبره من تعامل مع العدسة على نحو افضل من اسامة فيما اعتقد انها حساسية التقاط الحالة وليس اللقطة هذا هو رهان السارد او الكاتب او البطل لان هذا الالتحام يستحق ان نطبق عليه الميثاق السير ذاتي الم تكن اسئلة اسامة هي اسئلة محمد دمق المفعمة بهواجس الانسانية اسئلة ترافق الراهن وتعيد تفكيكه ومن بينها كيف يمكن ان يتحول القبيح عند العامة جميلا عند الكاتب لانه يحوله من عالم كائن الى عالم سيكون. لذلك اقمت هذا الجسر الواصل بين شعرية اللغة وواقعية اللغة وعلى هذا الجسر نعبر الى مدارات اخرى من الرواية.

حذاء نورو رواية لمحمد دمق صادرة عن دار خريف للنشر بتونس 2025