الندوة الفكرية لمهرجان سوسة الدولي لأفلام الطفولة والشباب الصورة السينمائية في المناهج التربوية

تونس صوت الضفتين
افتتحت ندوة “نحو عقد اجتماعي جديد للتربية والتعليم – أهمية إدخال الفنون وقراءة الصورة السينمائية في المناهج التربوية” بإدارة الحقوقية والخبيرة يسرى دعلول فعاليات اليوم الثاني من مهرجان سوسة الدولي لفيلم الطفولة والشباب في دورته الرابعة عشرة (من 8 إلى 12 أفريل 2025).
وناقشت هذه الندوة، استنادًا إلى تقرير اليونسكو حول عقد اجتماعي جديد للتربية والتعليم، أهمية تدريس الفنون، وخاصة قراءة الصورة السينمائية، في المناهج التربوية تحفيزا للتفكير النقدي والإبداعي لدى الناشئة وتعزيز وعيهم الثقافي والمرئي كما تناولت الندوة سبل إدماج السينما في التعليم كأداة لفهم وتحليل المحتوى البصري، بما يواكب التغيرات الرقمية والتكنولوجية.
واستهل الأستاذ عبد الباسط بن حسن عضو اللجنة الدولية لمستقبل التربية والتعليم “اليونسكو” ورئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان الكلمة للحديث عن أهم النقاط الواردة في التقرير ومشروع إنجازه فأكد في البداية أن التعليم العمومي كان مشروع مجتمعي وسياسة دولة والفنون – ومنها السينما – هي جزء من هذه المنظومة وكانت الأفلام تعرض على الجدران ثم أًسست نوادي المسرح والسينما وغيرها من الفنون وتكون الفكر النقدي مشددا على أن هذا التوجه ليس بالجديد فعملية “تثوير” التعليم لم تكن بمعزل عن بقية العلوم والمعارف والثقافة وانما هي جوهر تطوير التعليم في معناه الحديث.
ونوه الأستاذ عبد الباسط بن حسن في كلمته بدور الصحافيين التونسيين في نهاية القرن 19 وبداية القرن 20 في دفع عملية إصلاح منظومة التعليم منهم محمد صالح المهيدي وتجربته سنة 1929 حول اصلاح التعليم الزيتوني.
وبالعودة لتقرير “نحو عقد اجتماعي جديد للتربية والتعليم” أٌقر الأستاذ عبد الباسط بن حسن عضو اللجنة الدولية لمستقبل التربية والتعليم “اليونسكو” ورئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان بأن التفكير في التعليم هو تفكير جماعي و”اليونسكو” التي تجمع مختلف دول العالم وأكثر من 500 منظمة عاملة في كل المجالات كان لها دائما وقفات كبرى تاريخية لأجل التفكير في اصلاح التعليم وكانت سنة 2019 فصلا جديدا نحو التفكير في تطوير هذا القطاع فأنشأت لجنة دولية رفيعة المستوى مستقلة حول مستقبل التعليم تتكون من 18 خبير وخبيرة من مختلف لأنحاء العالم ترأستها رئيسة جمهورية أُثيوبيا وأثمرت هذه اللجنة التقرير الموجود حاليا في موقع اليونسكو بـ 20 لغة وفي السياق أوضح الأستاذ عبد الباسط بن حسن أن الخيار كان منهجي وهو العمل على أساس الاستشارات وبلغ عدد من استشارتهم اليونسكو حول العالم أكثر من مليون و500 ألف مشارك ومشاركة من بنيهم النقابات التعليمية، الجمعيات، اتحادات الطلبة في مختلف دول العالم، الحاصلين على جوائز نوبل إضافة إلى استشارة إلكترونية شارك فيها مئات الالاف من مختلف القطاعات وعلى مستوى عربي نظم المعهد العربي لحقوق الإنسان 25 استشارة شارك فيها مسرحين وسينمائيين وفنانين وبعد تجميع كل الآراء ووجهات النظر انتج هذا التقرير القائم على ثلاث منطلقات وهي التخلي عن الأشياء التي أثبت فشلها، المحافظة على الأشياء الجيدة والسعي لتطوير الأشياء التي تحتاج للتحسين.
وختم الأستاذ عبد الباسط بن حسن عضو اللجنة الدولية لمستقبل التربية والتعليم “اليونسكو” ورئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان مداخلته بالتأكيد على أن التعليم حق من حقوق الانسان على مدى الحياة وهو منفعة مشتركة وبالتالي ضرورة الخروج من “سلعنة” التعليم والعودة للمجانية وهو مسألة تعاونية (في وضع السياسات ومراجعتها ومشاركة جميع الأطراف) وقائم على الحوكمة وهذه الأفكار الإصلاحية وردت في تصورات ومضامين تقرير “نحو عقد اجتماعي جديد للتربية والتعليم”.
من جهته، ركز الباحث والكاتب العراقي عبد الحسين شعبان وهو من مؤسسي حركة حقوق الانسان في العالم العربي في مداخلته على العلاقة بين السينما والتربية والتعليم وأشار إلى أن الخطة التنمية الدولية 2030 من أسسها التعليم باعتبارها القاطرة لتقدم وتنمية الشعوب والابتكار والإبداع موضحا أن المعرفة قوة وهذه المعرفة لا تتوفر إلا عبر معلومة التي يقدمها التعليم.
وأقر المفكر العراقي عبد الحسين شعبان بأن الحديث عن التعليم يجرنا للحديث عن قضايا كبرى منها المساواة مستعينا في ورقته بالتجربة العراقية في قطاع التعليم بعد سنة 1958 والتي كانت وراء زيادة نسب تعلم البنات وأبناء الريف كما لافت الانتباه لضرورة الاهتمام اليوم بالثورة التقنية والذكاء الاصطناعي في علاقة بالتعليم مشددا في السياق أن هذه العملية الدينامكية الحيوية كلما استطعت أن تكون على نحو صحيح كلما حققت تقدم اسرع على مستوى الابداع والابتكار.
بدوره اهتم الأستاذ مصطفى شيخ الزوالي وهو مستشار عام وخبير في الحياة المدرسية بوزارة التربية التونسية بالحديث في مداخلته عن مكانة الفنون في المناهج التعليمية التونسية ومن بينها مادة المسرح التي تعتبر تونس الدولة الوحيدة في العالم التي تعتمد المسرح كمادة أساسية في مناهجها التعليمية.
وأوضح خبير الحياة المدرسية الأستاذ مصطفى شيخ الزوالي وقد استهل ورقته بسؤال “أي مستقبل للتعليم في أفق 2050 ؟” أن تقرير “نحو عقد اجتماعي جديد للتربية والتعليم” استفاد من الإرث البيداغوجي وبحوث ودراسات علوم التربية التي نشأت سنة 1966 في فرنسا ومع استشارة لأكثر من مليون ونصف مشارك يظل وفقا لقوله هذا التقرير بفصوله التسعة متواضعا وواعيا فهو يؤسس لفكرة “الأنسنة” مقابل “السلعنة”.
ندوة “نحو عقد اجتماعي جديد للتربية والتعليم – أهمية إدخال الفنون وقراءة الصورة السينمائية في المناهج التربوية” وأدارتها الحقوقية والخبيرة يسرى دعلول ضمن فعاليات اليوم الثاني من مهرجان سوسة الدولي لفيلم الطفولة والشباب في دورته الرابعة عشرة (من 8 إلى 12 أفريل 2025) شهدت نقاشا مثمرا وتفاعلا كبيرا من قبل الحضور ومعظمهم من الفاعلين في المشهد الثقافي والإعلامي والتربوي وطلبة الفنون وفي السياق أكد أيمن الجليلي مدير مهرجان سوسة الدولي لفيلم الطفولة والشباب أن الهدف من الندوة تحقق وأن دور الفنان والمثقف والفاعل الثقافي هو فتح النقاش وطرح التصورات ووجهات النظر للتطوير والتغيير.
اما بالنسبة الى عروض الأفلام فقد سجل الفيلم الوثائقي “لون الفسفاط” للمخرج رضا التليلي وبحضور أبطاله انطلاقة عروض اليوم الثاني من مهرجان سوسة الدولي لفيلم الطفولة والشباب ويوثق هذا العمل السينمائي تأثير زحف غبار الفسفاط على المدینة، وصمود عامل منجمي أمام قسوة الحیاة المجزأة، متحدیا اللون الرمادي الذي یقتل الحیاة والفن كما شاهد جمور “الفيفاج” في هذه البرمجة بالمسرح البلدي بسوسة كذلك فيلم “الساقية” للمخرج الجزائري نوفل كلاش وهو عمل سينمائي حربي ثلاثي الأبعاد، والأول من نوعه في العالم العربي. ويروي “الساقية” مأساة اللاجئين الجزائريين خلال الثورة التحريرية في بلدة ساقية سيدي يوسف التونسية، قرب الحدود الجزائرية التونسية مسلطا الضوء على المجازر الوحشية التي أسفرت عن مقتل مدنيين جزائريين وتونسيين جراء القصف الهمجي، الذي استهدف الشيوخ والنساء والأطفال في المدرسة الابتدائية.
ويمنح مهرجان سوسة الدولي لفيلم الطفولة والشباب هواة السينما في اليوم الثاني من دورته الرابعة عشرة فرصة مشاهدة أحدث أعمال المخرج المغربي داوود أولا السيد “المرجا الزرقا” وتدور أحداثه فيلم حول يوسف، فتى يتيم وكفيف يبلغ من العمر اثني عشر عامًا، يعيش مع جده في قرية نائية وسط الصحراء. ذات يوم، يفاجئه جده بشراء كاميرا، مما يثير فضوله وحماسه. يبدأ يوسف في تصوير كل ما يحيط به، محاولًا استكشاف العالم من خلال عدسته الخاصة. وخلال رحلة إلى البحيرة الزرقاء في قلب الصحراء، يكتشف يوسف أبعادًا جديدة للحياة.
وضمن برمجة الأفلام القصيرة المقترحة لليوم الثاني من “الفيفاج” عرض فيلم “زيوان” للمخرج التونسي ممدوح بن عبد الغفار، “الساقية” للمخرج الجزائري مهدي سفيان و”يد أمي” للمخرجة العراقية كاردينا همّن.
النسخة الرابعة عشرة من مهرجان سوسة الدولي لفيلم الطفولة والشباب تقدم عروضها في المسرح البلدي بسوسة، دار الثقافة حمام سوسة ودار الثقافة القلعة الصغرى وذلك إلى جانب برمجة عروض المسابقة الرسمية للأفلام القصيرة للشباب تحت 30 سنة وعروض الأطفال بالتعاون مع مبادرة “سينما تدور” وهي سينما متنقلة حطت رحالها في “الفيفاج” وسط مدينة سوسة وتحديدا في منطقة باب بحر.
للتذكير فإن لجنة تحكيم المسابقة الرسمية لمهرجان سوسة الدولي لفيلم الطفولة والشباب تتكون من الناقد السينمائي والباحث العراقي عبد الحسين شعبان والمخرجة الرواندية ماري كليمنتين دوسابيجامبو ومنتجة أفلام الرسوم المتحركة والرسامة ومصممة الغرافيك الفرنسية جولي كاتي ورئيس الاتحاد الافريقي للمهرجانات السينمائية والسمعية البصرية الناشط السينمائي والأكاديمي المغربي عز الدين غوريران ومدير التصوير التونسي محمد المغراوي أمّا لجنة تحكيم مسابقة أفلام الشباب فتضم بين أعضاءها الخبيرة في قطاع الثقافة والاتصال بمنظمة الإيسيسكو مانويلا فيتر نيكوليتي، المخرج السوري المهند كلثوم والممثل التونسي خالد بوزيد.