من سبع دول/كتّاب وباحثون ومترجمون ينالون جائزة الشيخ زايد للكتاب الـ19 - صوت الضفتين

من سبع دول/كتّاب وباحثون ومترجمون ينالون جائزة الشيخ زايد للكتاب الـ19

على امتداد دوراتها أصبحت جائزة الشيخ زايد للكتاب تتصدر عالم الثقافة العربية وحتى العالمية لما تمثله من تكريم لأهم الكتب والبحوث والدراسات، علاوة على تكريمها لشخصيات ثقافية بارزة عربية وغير عربية من مفكرين وأدباء وغيرهم ممن أثروا الثقافة البشرية، وها هي تختار المتوجين بمختلف فروعها أخيرا.

أعلنت جائزة الشيخ زايد للكتاب في مركز أبوظبي للغة العربية التابع لدائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، أسماء الفائزين والشخصية الثقافية في دورتها الـ19، بعد اجتماع مجلس أمناء الجائزة، الذي ناقش النتائج النهائية واستعرض مسوغات فوز كل مرشح، عقب عملية مراجعة أجرتها لجان التحكيم والهيئة العلمية وفقا لأعلى معايير التقييم الدقيقة الأدبية والثقافية التي تتبعها الجائزة التي يرعاها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة.

وفائزو هذا العام من 7 دول، هي المملكة المتحدة وإيطاليا واليابان ولبنان والعراق والمغرب ودولة الإمارات العربية المتحدة.

الإيمان بالمعرفة

ترأس اجتماع مجلس الأمناء الشيخ سلطان بن طحنون آل نهيان، رئيس مجلس الأمناء، وحضره الأعضاء الدكتور زكي أنور نسيبة، المستشار الثقافي لرئيس الدولة، ومحمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، وسعود عبدالعزيز الحوسني، وكيل دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، والدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية، الأمين العام لجائزة الشيخ زايد للكتاب، والدكتور عبدالله ماجد آل علي، مدير عام الأرشيف والمكتبة الوطنية، وعبدالرحمن النقبي، مدير إدارة الجوائز الأدبية في مركز أبوظبي للغة العربية.

وقال محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي “ترسخ جائزة الشيخ زايد للكتاب مكانة دولة الإمارات مركزا عالميا للإبداع والمعرفة، لما تُمثله من منصة داعمة للإنتاج المعرفي ومُحفزة للحراك الثقافي والبحث العلمي والتأليف،” مبينا أن الجائزة تؤكد إيمان الإمارات بأنّ الثقافة والمعرفة ركيزتان أساسيتان للتنمية المستدامة. وأضاف “الجائزة اليوم تواصل مسيرتها ليس فقط في تكريم المبدعين من حول العالم وإنما في توفير الدعم المستمر للابتكار والأفكار الجديدة، انعكاسا لالتزام دولة الإمارات بتعزيز الثقافة بين جميع أفراد المجتمع.”

وبدوره قال الدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية، الأمين العام للجائزة “نُبارك للفائزين بالدورة الـ19 من الجائزة، ونُثمن إنجازاتهم المتميزة التي أثرت المشهد الثقافي العربي والعالمي، وسيستلهم منها القراء لما تناولته من مواضيع وأفكار نوعية وجديدة، منها ما تعمّق في روح الإنسان ومنها ما سلّط الضوء على التاريخ والزمان، تألقت وكانت موضع تقدير القائمين على الجائزة.”

وأضاف “نُبارك أيضا للكاتب الياباني العالمي هاروكي موراكامي فوزه بشخصية العام الثقافية، والذي استحق فوزه باللقب عن مجمل أعماله الأدبية التي تتميز بطابع خاص، ولما لأدبه وكتاباته من تأثير واسع تجاوز حدود اليابان ووصل إلى العالمية بكل شغف، واختياره لهذا العام يؤكد حرص الجائزة على مد جسور الحوار والأدب والفكر بين الثقافات والحضارات المختلفة، والتزامها بتكريم المبدعين من جميع أنحاء العالم، ترسيخا لدورها الرائد في رفد المشهد الثقافي الدولي.”

متوجون بالجائزة

فازت بجائزة فرع الآداب الكاتبة اللبنانية – الفرنسية هدى بركات، عن روايتها “هند أو أجمل امرأة في العالم”، الصادرة عن دار الآداب عام 2024، وتطرح الرواية فكرة جديدة ومعاصرة، وتسلط الضوء على البطلة التي تعاني مرض تضخّم الأطراف (أكروميغالي)، وتعبر بأسلوب سردي تأملي عن معاناة الإنسان الذي يعيش على هامش المجتمع، وتقدم الكاتبة عملا إنسانيا عميقا يعكس التحديات النفسية والجسدية، كما تتناول معايير الجمال في المجتمعات المختلفة، من خلال شخصيات مركبة وسرد غني بالتحليل.

وفازت الكاتبة المغربية لطيفة لبصير بجائزة فرع أدب الطفل والناشئة عن كتابها “طيف سبيبة”، الصادر عن المركز الثقافي للكتاب عام 2024. وتقدم القصة معالجة أدبية مؤثرة لاضطراب طيف التوحد، بأسلوب سلس يحقق تقاليد القراءة للأطفال والناشئة، ويعتمد السرد في الكتاب على منظور الأخت الكبرى التي تروي قصة شقيقها، وتبرز أهمية الوعي المجتمعي والتعامل الإيجابي مع التوحد، بأسلوب فني راقٍ يجمع بين الجمالية السردية والرسالة التوعوية العميقة.

وفاز بجائزة فرع الترجمة المترجم الإيطالي ماركو دي برانكو عن كتاب “هروشيوش” لبولس هروشيوش، والذي نقله من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية، وهو صادر عن دار نشر جامعة بيزا عام 2024. ويُعد العمل إنجازا علميا بارزا يعيد إحياء نص أصيل نُقل من اللاتينية إلى العربية، قبل أن تتم ترجمته إلى الإنجليزية من العربية بأسلوب يجعل فهمه ميسرا للقارئ الغربي، ويجمع الكتاب بين النصين العربي والإنجليزي، ما يجعله مرجعا مهما في دراسة التفاعل الحضاري العربي مع الثقافات الأخرى.

أما الفائز بجائزة فرع الفنون والدراسات النقدية فهو الباحث المغربي الدكتور سعيد العوادي عن كتابه “الطعام والكلام: حفريات بلاغية ثقافية في التراث العربي”، الصادر عن دار أفريقيا الشرق عام 2023. يقدم الكتاب مقاربة نقدية رصينة للعلاقة بين الطعام والخطاب البلاغي في التراث العربي، محللا النصوص الأدبية من شعر وأمثال وحكايات من منظور ثقافي موسع، ويتميز العمل بعمق التحليل وسعة المادة البحثية، ويُثري الدراسات البلاغية بمقاربات تتجاوز الأطر التقليدية.

وفاز بجائزة فرع التنمية وبناء الدولة الدكتور الإماراتي محمد بشاري عن كتابه “حق الكد والسعاية: مقاربات تأصيلية لحقوق المرأة المسلمة”، الصادر عن دار نهضة مصر للنشر عام 2024. ويقدم بشاري في كتابه قراءة فقهية تأصيلية لمفهوم الكد والسعاية في الإسلام، موضحا جذوره في الاجتهاد الفقهي، وقدرته على مواكبة التغيرات الاجتماعية، ويعزز الكتاب دور المرأة شريكا فاعلا في المجتمع، بأسلوب علمي واضح مدعوم بمصادر متعددة، ما يجعله إضافة قيمة للمكتبتين العربية والعالمية.

وفاز بجائزة فرع الثقافة العربية في اللغات الأخرى الباحث البريطاني أندرو بيكوك عن كتابه “الثقافة الأدبية العربية في جنوب شرق آسيا في القرنين السابع عشر والثامن عشر”، الصادر عن دار نشر بريل باللغة الإنجليزية عام 2024. ويُعد الكتاب دراسة علمية رائدة تسلط الضوء على انتشار اللغة والثقافة العربيتين في جنوب شرق آسيا، وعلاقتهما بفلسفة التصوف والخطابات الرسمية لحكام تلك المنطقة، ويفتح العمل آفاقا بحثية جديدة حول تأثير الثقافة العربية خارج حدودها التقليدية، ما يجعله مرجعا مهما للدارسين في هذا المجال.

وفاز الباحث العراقي – البريطاني رشيد الخيون بجائزة فرع تحقيق المخطوطات عن تحقيقه كتاب “أخبار النساء”، الصادر عن مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية عام 2024، والذي يُعد من بين المصادر النادرة في موضوعه، ويتميز بتحقيق علمي رفيع المستوى، حيث أظهر المحقق فهما عميقا للنص وأصالته التاريخية، ويقدم الكتاب إضافة قيّمة للدراسات الأدبية والتاريخية، ويعد من أوائل المختارات النسائية عالميا.

الجائزة منصة تعتبر داعمة للإنتاج المعرفي وقد شهدت في هذه الدورة مشاركة أربعة آلاف ترشيح من 75 دولة

وشهدت الدورة التاسعة عشرة تتويج الأديب الياباني العالمي هاروكي موراكامي بجائزة شخصية العام الثقافية، تقديرا لمسيرته الإبداعية ومدى تأثره وتأثيره الأدبي العابر للحدود على الثقافة العربية والعالمية، إذ تعد أعماله من بين الأكثر قراءة وترجمة في العالم، ما يعكس قدرة الأدب على التقريب بين الثقافات المختلفة.

وموراكامي من أبرز الروائيين المعاصرين وأكثرهم شعبية؛ فرواياته تطبع ملايين النسخ سنويا، ويترجم العديد منها إلى لغات مختلفة بما فيها العربية. ويتميز أدبه بطابع عالمي، إذ يعبر عن هموم إنسانية تتجاوز الحدود الثقافية، مع مزج فريد بين الأدب الياباني والتأثيرات العالمية، وتُعرف كتاباته بقدرتها على استكشاف قضايا الهوية والانتماء والحرية الفردية بأسلوب سردي مميز يجمع بين الواقعية والخيال.

يذكر أنّ جائزة الشيخ زايد للكتاب ستكرم الفائزين بدورتها الحالية يوم الإثنين الموافق لـ28 أبريل 2025، خلال حفل ينظمه مركز أبوظبي للغة العربية، بالتزامن مع فعاليات معرض أبوظبي الدولي للكتاب الـ34 في مركز أدنيك أبوظبي.

ويحصل الفائز بجائزة “شخصية العام الثقافية” على ميدالية ذهبية وشهادة تقدير، بالإضافة إلى جائزة مالية بقيمة مليون درهم، في حين ينال الفائزون في الفروع الأخرى ميدالية ذهبية وشهادة تقدير وجائزة مالية بقيمة 750.000 درهم، تكريما لإسهاماتهم الفكرية والإبداعية المتميزة.

وتجاوزت نسبة المشاركات في هذه الدورة الأربعة آلاف ترشيح من 75 دولة، توزعت بين 20 دولة عربية و55 دولة أجنبية، مع تسجيل خمس دول مشاركة للمرة الأولى، وهي ألبانيا، وبوليفيا، وكولومبيا، وترينيداد وتوباغو، ومالي، ما يعكس المكانة المرموقة التي تحظى بها الجائزة على الساحة الثقافية الدولية.

وتعد جائزة الشيخ زايد للكتاب واحدة من أهم الجوائز الأدبية والعلمية المستقلة، التي تسهم في دعم المشهد الثقافي، وتعزيز حركة النشر والترجمة، وتكريم المبدعين والمثقفين والناشرين على إنجازاتهم في مجالات التأليف والبحث والكتابة والترجمة. كما تؤدي دورا محوريا في إبراز التنوع الثقافي ومد جسور التواصل بين الحضارات، انطلاقا من رؤيتها الهادفة إلى تعزيز الحوار والانفتاح المعرفي بين الشعوب.

شارك المقال

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *