وداعًا ياسر الجرادي: الفنان الملتزم يترجّل باكرا
رحل الفنان التونسي الملتزم ياسر الجرادي، تاركًا خلفه إرثًا غنيًا من المحبة والفن والتأمل. كان ياسر أكثر من مجرد فنان، كان رمزًا للحب الذي ينساب في قلوب الناس كالنهر الهادئ، ويترك أثره العميق في نظرات الأطفال وابتسامات الكبار. لم يكن ياسر مجرد عابر في هذه الحياة؛ بل كان مسافرًا بأحلامه وآماله، يسعى لنشر رسائل الحب والفرح أينما ذهب.
ياسر، الذي كان يخطط لإطلاق أغنية جديدة قبل أن يختطفه الموت، عاش حياته مفعمًا بالأمل رغم الأوجاع التي حملها. كان دائمًا ينقل هواجسه وأحلامه عبر نوتات غيتاره التي كانت تلتصق بصدره، كأنها جزء من روحه. كلمات أغانيه كانت تلامس القلوب، محملة بالآمال والأوجاع في آن واحد، تُخرج من النفوس مشاعرًا مختلطة من الحزن والفرح.
من أغانيه الخالدة “شبيكي نسيتيني” و”ديما ديما” و”ما تخافيش”، التي صدحت بها حنجرته، تركت بصمة لا تُنسى في ذاكرة الناس ووجدانهم، مُجسدةً صورة جديدة للواقع، تتجاوز الحدود الضيقة لتصل إلى عمق التجربة الإنسانية.
كان ياسر الجرادي حكاية تُروى، محاطة بالأمل رغم الكم الكبير من الألم الذي كان يظهر بين سطور حياته. تلك الحكايات التي رواها قبل أن يرحل، تعكس حبه للحياة ولتونس التي عشقها بكل حالاتها، حتى في أصعب أوقاتها. كان ياسر ينبذ اليأس في بلد أرادوا له السواد، لكنه أصرّ على أن يُضيء بنور القلوب المحبة.
ترك ياسر الجرادي رسائل كثيرة قبل أن يسافر، رسائل محفورة في كلماته وألحانه، وفي خطاطاته العربية، وفي التزامه بالقضايا المختلفة. حفظتها الأركاح والساحات وزوايا تونس المنسية والمهمشة، لتبقى ذكراه خالدة في قلوب من عرفوه وأحبوه.
ياسر، سيظل محبة كالوشم في قلوبنا، محبة لا تفنى، ولا تنتهي عند حدود الموت. وكما قالوا، “المحبة لا تموت”، لأن أرواح الفنانين الملتزمين مثل ياسر الجرادي تظل تشع بالأمل والحب حتى بعد الرحيل.