انتخابات تشريعية مفصلية في فرنسا وسيناريوهات حلوها بطعم العلقم لماكرون
ورقة رئيس التحرير
رأى عدد كبير من الخبراء الفرنسيين أو الأوروبيين أن قرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يوم9جوان بحل الجمعية الوطنية (البرلمان) و الدعوة إلى انتخابات تشريعية مغامرة سياسية غير محسوبة ستعود بالوبال عليه وعاى حزبه و على المعتدلين في فرنسا.ويبدو انّ مراهقة ماكرون السياسية ستعود بالبلاد الى عقدين مضيا من الزمن تميزت تلك الفترة بارتباك سياسي في ظل حالة التعايش السياسي أو الارتباط بالإكراه بين الرئاسة و البرلمان .
وفي كل الحالات سينتج عن هذه الانتخابا سينريوهات معلومة مسبقا سيكون على ماكرون التعامل مع احدها لكنها كلها بطعم العلقم ولن تمنحه الراحة المطلوبة ليكمل عهدته الرئاسية في افضل الظروف.
التعايش او الارتباط بالاكراه
نتائج الانتخابات هذه ووفق استطلاعات الراي لن تجري كما تشتهي سفن ماكرون حيث تؤكد استطلاعات الراي بأن حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف بزعامة مارين لوبان المرشحة الرئاسية لثلاث مرات ورئيسه الحالي جوردان بارديلا، سيحصل على أكبر عدد من الأصوات بعد الجولة الثانية في 7جويلية المقبل. وإذا ضمن التجمع الوطني وحلفاؤه الأغلبية في الجمعية الوطنية، سيجد ماكرون نفسه في “تعايش” بين رئيس وحكومة من معسكرين على طرفي نقيض.
لكن هذه الوضعية لت تكون كسايقاتها(شهدت ثلاث حكومات مماثلة في فترة ما بعد الحرب. وجميعها كانت حكومة تعايش بين اليسار ويمين الوسط، وآخرها دامت من 1997 إلى 2002 بين الرئيس جاك شيراك ورئيس الوزراء الاشتراكي ليونيل جوسبان) نظرا للمتغيرات المحلية و الدولية و الصعود الصاروخي للتيار الشعبوي في أوروبا.وسيكون اليمين المتطرف قادرا على تنفيذ برنامجه الداخلي،المثير للجدل مثل الحد من الهجرة،وإلغاء عدد من قرارات الحكومة الحالية فيما يحتفظ ماكرون بسلاحه الأقوى فهو وحدههو من يستطيع الدعوة إلى استفتاء أو تصويت على تعديلات دستورية.لكن سيجد الرئيس الذي عادة ما يرسم السياسة الخارجية والدفاعية، يديه مكبلتين اذا ما عيّن التجمع الوطني وزيري دفاع وخارجية متطرفين يعارضان نظرته للعالم.
ائتلاف مع المعتدلين
منذ خسارته الأغلبية البرلمانية في 2022، سعى ماكرون إلى تشكيل تحالفات في البرلمان على أساس تبادل الأصوات، أو فرض التشريعات بدون تصويت بدلا من عقد حلف مع حزب آخر..وقد يحاول حزب التجمع الوطني أو اليسار القيام بالشيء نفسه في حال عدم حصوله على الأغلبية، لكن حكومة أقلية من اليمين المتطرف أو اليسار، قد تخسر عندال تصويت على طرح الثقة.وقد استبق رئيس التجمع الوطني بارديلا هذا السيناريو بالقول إنه سيرفض أن يكون رئيسا للحكومة ما لم يحصل على أغلبية مطلقة.
من جهته، يأمل ماكرون وشركاؤه أن يتمكنوا من تشكيل ائتلاف مع المعتدلين من اليسار واليمين.في حال أفضت الانتخابات إلى برلمان من دون أغلبية،
وفي إطار تواصله مع حلفاء محتملين لم يقدم حزب ماكرون مرشحين في 67 دائرة انتخابية يتنافس فيها مرشحو يمين الوسط أو يسار الوسط.
لكن قام ماكرون بتقليص خياراته بوضع حزب فرنسا الأبية اليساري -القوة المهيمنة في تكتل الجبهة الشعبية الجديد- على قدم المساواة مع اليمين المتطرف في ما يسميه “التطرف” في البلاد. كما يتهم ماكرون حزب فرنسا الأبية بمعاداة السامية وهو ما يرفضه.
حكومة تصريف أعمال
يشير خبير العلوم السياسية في مركز إميل دوركهايم في بوردو كامي بيدوك إلى إيطاليا كمثال حيث شكل رئيس البنك المركزي الأوروبي السابق ماريو دراغي في العام 2021 حكومة وحدة وطنية عندما كانت إيطاليا تشهد حالة اضطراب. ودامت الحكومة سنة ونصف.
وقال بيدوك إن ماكرون قد يقرر أيضا ترك الحكومة الحالية برئاسة غابرييل أتال المنتمي لحزبه بصفة حكومة تصريف أعمال لعام. ويمكنه بعد ذلك الدعوة لانتخابات جديدة.
وسيكون لهذا القرار فائدة ضمان الاستمرارية خلال الألعاب الأولمبية والتي تعوّل عليها فرنسا كثيرا في استعادة صورتها الناصعة.
ومن غير المؤكد بتاتا ما إذا كان اليمين المتطرف أم اليسار سيدعم مثل هذه الخطوة التي من شأنها أن تسمح لماكرون بربح الوقت لإدخال تغييرات على طريقته في الحكم.
استقالة الرئيس
بالتأكيد سيكون السيناريو الأكثر دراماتيكية إذا واجه احتمال إزاحته من اليمين المتطرف أو اليسار. ففي الوقت الحالي يشير المعسكران إلى أنه بدلا من العمل مع الرئيس على إخراج فرنسا من الشلل السياسي، فإنهما سيضغطان عليه للتنحي.رغم تأكيد الأخير على انه لن يستقيل من منصبه مهما كانت نتائج الانتخابات التشريعية.
وقد صرّحت لوبان المتوقع أن تسعى لخلافة ماكرون في الانتخابات الرئاسية العام 2027، من أنه “لن يكون أمامه خيار سوى الاستقالة” في حال حدوث “أزمة سياسية.” ولكن تعهد ماكرون البقاء في منصبه إلى غاية نهاية ولايته الثانية في 2027 وذلك مهما كانت نتيجة الانتخابات.