كل التونسيين سواسية و لابدّ من رفع جميع الامتيازات القطاعية..
بقلم:ريم بالخذيري
تعدّ تونس من أكثر الدول التي لديها موظفين و عملة في القطاع العمومي بالنظر لعدد السكان فيها. و لاتزال من أكثر الدول التي لم تفهم أنّ دورها ليس تسيير القطاع العمومي و انّما الاشراف عليه و أنّ هذا الكمّ الهائل من الشركات العمومية انّما هو عبء كبير وجب التخلّص منه لفائدة الخواص لحسن تسييره و انقاذه.
في تونس لدينا حوالي 700ألف مواطن يشتغلون في القطاع العمومي و يتقاضون أكثر من 40بالمائة من الموازنة العامة للدولة.و الأمر لايتوقّف هنا حيث أنّ الامتيازات الممنوحة لهؤلاء ربما تستهلك بين 20و30 بالمائة من الموازنة ما يعني أن حوالي 70بالمائة من أموال المجموعة الوطنية من دافعي الضرائب و القروض و الهبات.
كل الدول في العالم تقريبا رشّدت هاته الامتيازات و ألغت أغلبها الاّ في تونس فمن يشتغل في الشركة التونسية للكهرباء و الغاز معفي من دفع الفواتير هو وعائلته و العامل في الشركة الوطنية لتوزيع المياه معفي من دفع معاليم الماء .وكذلك المشتغلون في قطاع النقل لايدفعون معاليم النقل هم وكل أفراد أسرهم.وهو نفس الحال في المستشفيات وكل الشركات و الادارات فالعاملون فيها لايدفعون ثمن ما يستهلكون حتّى العاملين في معمل التبغ الذي يهدده شبح الافلاس يتمتعون بامتيازات خيالية و بمجانية ما ينتجونه.عكس دول أخرى أكثر منّا ثراء كسويسرا و النمسا و الدنمارك و ألمانيا و التي لاتعتمد هذا النظام التفاضلي و الاقطاعي بل تحمّل العاملون في القطاع العام مسؤولية و شرف خدمة الناس لانّهم يعتبرون النجاح عقلية و قاطرته الموظفون العموميون الذين ينظر اليهم على أنهم صفوة المجتمع وهم من يعطون المثل في الانفاق و العمل و نكران الذات لصالح المجموعة.
و الامتيازات في تونس يتمتع بها أيضا كبار الموظفين و المديرين العاميّين و حتى السوّاق في الوزارات والادرات العمومية فهؤلاء يستغلون أكثر من 75ألف سيارة بمصاريف سنوية تناهز 550مليون دينار سنويا أغلبها يستنفع به هؤلاء و لا علاقة له بآدائهم لوظائفهم.
الاصلاح الأكبر الذي ينتظره التونسيون منذ أكثر من عشر سنوات يبدأ من رفع هاته الامتيازات و حصرها في الضروري منها و الذي هو في علاقة بآداء الوظيفة فاليوم كل الدول في العالم بدأت في تطبيق سياسة صارمة لترشيد الاستهلاك و النفقات ونحن في تونس لانزال نبحث عن وسائل للاقتراض الخارجي لسدّ هاته النفقات الضخمة .
والحل؟
لابد من أن تقدّم الحكومة على اطلاق خطّة للتحكم في النفقات و الغاء ما أمكن منها و الزائد عن الحاجة و تبعث بخطاب للشعب مفاده أنّ الوظيفة تشريف وواجب وطني و ليست غنيمة و امتيازات.
كما يجب التخلّي عن عقليّة “مسمار في حيط” و ما يتبعها من ترسيم آلي و امتيازات آليّة تضاهي المرتّب و أكثر.كما يجب أن يدار القطاع العمومي بعقلية الخواصّ و تطبيق سياسة المنح و الامتيازات مقابل الانتاج .
واذا كان لابدّ من الحفاظ على بعض الامتيازات فيجب أن تكون بمعايير علمية و موجّهة لصالح جودة العمل وليس لصالح الموظف في حدّ ذاته .وهذا يشعر التونسيون أنهم سواسية في العمل و سواسية في الامتيازات و في دفع الضرائب .
الغاء الامتيازات في القطاع العام يجب أن يكون بداية رحلة اصلاح طويلة وتضامن شعبي كبير