كيف تحوّلت غزة المحطّمة الى غنيمة لبوتين-نتياهو- خامنئي هدايا متبادلة أم قنابل موقوتة
بقلم :نزار الجليدي
الحرب الشرسة على غزة الفلسطينية ليست محدودة لا في الجغرافيا ودخل يوم 07أكتوبر تاريخ العلاقات الدولية ليرسم مستقبل دولي يبدو مفتوحا على كل الاحتمالات .وهي حرب بصدد تغيير الكثير في المنطقة و ظهر فيها لاعبون جدد ينافسون الولايات المتحدة الأمريكية على نفوذها هناك أبرزهم روسيا و ايران وبينهما تحاول إسرائيل الجريحة إعادة ترتيب البيت المهدّم من جديد ولعب دور الضحية و الجلاّد في نفس الوقت.
المستفيدون من حرب غزة حتى قبل نهايتها ثلاثة زعماء يرون فيها طوق نجاة لهم من أوضاعهم الداخلية المنذرة بنهاية مستقبلهم السياسي أولهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وثانيهما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتياهو و ثالثهما علي خامنئي مرشد الثورة الإيرانية و الحاكم الفعلي .وهم دون أن يشعروا تبادلوا هدايا قيّمة بينهم وتحولت معهم غزة الى غنيمة سياسية .
بوتين يتقيصر على أوكرانيا
أكبر الهدايا التي تلقّاها الرئيس بوتين في عيد ميلاده 52 يوم 7أكتوبر 2023 هو بداية الحرب على غزة بعد زلزال طوفان الأقصى وحيث هبّ العالم الغربي خاصة في الأسابيع الأولى الى نجدة إسرائيل بالسلاح و بالمال و بالمواقف السياسية تاركين غريمته أوكرانيا تواجه مصيرها حيث تؤكّد الأرقام أن أكثر من 80بالمائة من المساعدات التي كان يخصصها الغرب لها وجهت لإسرائيل خاصة من الولايات المتحدة الأمريكية.
وهذا ما جعل موزاين القوى تتحول بسرعة الى الجانب الروسي الذي اقترب من اعلان النصر في أوكرانيا .
وبالإضافة الى الشأن الداخلي برز بوتين كلاعب أساسي في الشرق الأوسط من خلال ضغط موسكو على إسرائيل لانهاء العدوان ونقدها المتواصل لما ترتكبه من مجازر .وقد كافأت حركة حماس بوتين بإطلاق رهائن روس دون شروط ودون مقايضة .
كما أن حرب غزة قاربت أكثر بين روسيا وايران في تحدّ للنفوذ الأمريكي المتزايد في المنطقة .
خامنئي الحاكم بأمره
بعد العزلة الكبيرة التي فرضت على ايران بسبب برنامجها النووي ودعمها للحوثيين في اليمن وتدخلها المتواصل في العراق و التحرّش بجيرانها من الخليجيين جاءت حرب غزة لتفك الحصار على مرشد الثورة علي خامنئي ومن ورائه ايران حيث ظهرت كلاعب أساسي في الحرب منذ الأيام الأولى عبر المواقف السياسية الواضحة و الأهم من خلال تحريك أذرعها في المنطقة جماعة أنصار الله في اليمن و حزب الله في لبنان و اللذين خلا في مواجهة مسلحة مع إسرائيل ظاهرها نصرة لغزة و باطنها مزيد فك الحصار على طهران .
ضربات أنصار الله و حزب الله و اغلاق مياه البحر الأحمر أمام السفن المتوجهة لإسرائيل طان لها اصدى الطيب في نفوس العرب و المسلمين السنة وهو ما استغلته ايران خير استغلال وبدأ التفاوض معها سرّا على كيفية انهاء الحرب على غزة و حفظ ماء وجه نتنياهو.حتّى أن عشاق المؤامرة و المسرحيات اعتبروا الضربات المتبادلة بين إسرائيل و ايران انما هي مسرحية من اخراج أمريكي للحفاظ على التوازن الاستراتيجي في المنطقة و تجنّب حرب مدمّرة قد تحدث في كل لحظة .
نتيياهو العائد من الموت
رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتياهو كان قبل تاريخ 14أفريل شخص ميت سياسي يستعد حزبه الليكود الى دفنه بسبب فشله الذريع في إدارة الحرب على غزة عسكريا و سياسيا .لكن الضربات الإيرانية في التاريخ الذي ذكرنا أعادته من عالم الأموات لينتفض من جديد و يتلقى التضامن الغربي مع بلاده ووعودا بعدم تركه وحيدا في مواجهة ايران .وهو ما شجّعه على الردّ على على ضربات طهران بضربات محتشمة مماثلة لأن غايته الأولى من هذا التضامن هو استغلاله في انهاء الحرب منتصرا في غزة و غزو رفح دون احراج دولي فهو يسوق اليوم خطابا مفاده أن القضاء على المقاومة في رفح انتصار إسرائيلي على طهران.
نتياهو قدّم هديته لإيران يوم 19أـفريل تاريخ ميلاد الخامنئي بالضربات العسكرية المحدودة التي ذكرنا لكنه كان المستفيد الأكبر من هدية الأخير اليه .
هدايا أم قنابل موقوتة
ظاهريا وكما أشرنا الى ذلك فالدول الثلاث استفادت مباشرة من الحرب على غزة و لاتزال .وبوتين و نتياهو و خامنئي بصدد تبادل الهدايا ولكنها هدايا مسمومة أشبه بالقنابل الموقوتة التي ستنفجر في وجه أحدهم أو كليها أو ثلاثتهم.