تقرير عبري يكشف: بشار الأسد لن يضحي بنفسه كي تنجو حماس!
منذ اندلاع الحرب في غزة، واجهت إسرائيل تحديات متعددة الساحات أنشأها وكلاء إيران في الشرق الأوسط، بقيادة حزب الله والحوثيين في اليمن والميليشيات الشيعية في العراق. وفي ضوء واجبها في مساعدة حماس كجزء من “محور المقاومة”، يبدو أن هدف التنظيمات هو ممارسة الضغط المباشر وغير المباشر على إسرائيل (من خلال الولايات المتحدة) لإنهاء الصراع. الحرب هي، قبل كل شيء، تحويل انتباه الجيش الإسرائيلي عن قطاع غزة إلى جبهات أخرى.
اعتبارات سياسية
واضح أن رئيس النظام السوري بشار الأسد ليس في عجلة من أمره للانضمام إلى هذه الحملة وتحويل سوريا إلى ساحة قتال كبيرة، لعدة اعتبارات أساسية، يفندها تقرير نشره موقع معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي.
أولًا، بقاء الأسد: في بداية الحرب، أرسلت إسرائيل رسائل تهديد للأسد مفادها أن الدخول في المعركة يعرض دمشق للخطر. الأسد نفسه، الذي نجا من حرب أهلية دموية دامت 12 عاماً ويعترف بالقدرة العسكرية الإسرائيلية، ليس مهتماً بتعريض حكمه للخطر مرة أخرى.
ثانيًا، العلاقات بين حماس وسوريا : لم تكتف حماس، التي تعود جذورها الأيديولوجية إلى حركة “الإخوان المسلمين”، بإدانة سياسة الأسد في الحرب الأهلية، إنما دعمت خصومه، ولا سيما تنظيمات المتمردين المرتبطة بـ “الإخوان”. مع ذلك، على مر السنين، كانت هناك عملية بطيئة وتدريجية من النظام السوري لإعادة الاقتراب من حماس نتيجة لضغوط إيران وحزب الله من أجل الاستيلاء على صفوف “محور المقاومة”. في أكتوبر 2022، اتفق الطرفان على تجديد العلاقات بينهما، لكن في أغسطس 2023، اتهم الأسد حماس بالنفاق والغدر، وأكد أن العلاقات لن تعود إلى ما كانت عليه قبل الحرب الأهلية.
ثالثًا، اعتبارات المحور: ربما يكمن عدم التدخل السوري في توجيه المحور وليس في قرار الأسد. فإيران غير مستعدة للتضحية “بممتلكاتها” السورية لصالح حماس، كونها مركزا إقليميا ولوجستيا مهما، بل ترغب في الحفاظ عليها في حال نشبت حرب بين حزب الله وإسرائيل. من وجهة نظرها، قد يكون من الملائم استخدام عملاء آخرين في هذه المرحلة، مثل الحوثيين في اليمن والميليشيات في العراق، فضلاً عن الاستخدام المحدود لحزب الله بسبب دوره كـ “زعيم” للمقاومة.
بحسب تقرير معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، رغم عدم فتح أي جبهة في سوريا، فإن المشهد ليس هادئا. منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة، وقعت عدة حوادث إطلاق صواريخ باتجاه الأراضي الإسرائيلية من الحدود، نفذتها عناصر فلسطينية، من دون موافقة النظام السوري. وتنسب هجمات أخرى، مثل الطائرة بدون طيار التي انطلقت من سوريا وانفجرت في مدرسة في إيلات، إلى “فرقة الإمام الحسين” الشيعية، التي يرأسها مسؤول كبير سابق في حزب الله يدعى ذو الفقار، وتقع تحت قيادة فيلق القدس الإيراني. رداً على ذلك، هاجم الجيش الإسرائيلي سوريا عدة مرات، وانتزع من السيادة السورية أثماناً، بل زعم وقوع خسائر في صفوف عناصر حزب الله، وهي خطوة تجنبت إسرائيل القيام بها بشكل روتيني، في ضوء “قواعد اللعبة” ضد حزب الله.
حرب غزة في سوريا
التصور السائد في سوريا تجاه الحرب يعكس إلى حد كبير الدعم للشعب الفلسطيني، مع التأكيد على التشابه بين “جرائم الحرب” وحجم الدمار في القطاع مع تلك التي لوحظت في سوريا خلال الحرب الأهلية. ويظهر الاختلاف في المواقف تجاه النظام و”محور المقاومة” و”حماس”.
وبينما يركز الخطاب الرسمي في سوريا، وكذلك خطاب مؤيدي النظام، على دعم الهجوم المفاجئ لحماس والشعب الفلسطيني مع التأكيد على العدوان الإسرائيلي تجاهها، فإن هناك انتقادات من بين معارضي النظام لمحدودية الموقف الإقليمي والدولي وللدعوات الدولية لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب في قطاع غزة، وهي تسمع بحدة لم تُسمع في الحالة السورية.
هناك معارضون للنظام السوري يعتبرون حماس جزءًا من “محور المقاومة” الذي يضم إيران وحزب الله وسوريا، والذين يدعون إلى دعم إسرائيل ويطالبون بالقضاء على حماس لإضعاف المحور، كما جاء في تقرير معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي. ومع خطاب الأسد في اجتماع الجامعة العربية والدول الإسلامية في المملكة العربية السعودية (في 11 نوفمبر الماضي)، والذي اتهم فيه إسرائيل بارتكاب جرائم حرب وأدان الغرب بسبب الحرب في غزة، أشار الكثيرون على إلى المفارقة في ذلك وذكروا بالمجازر التي ارتكبها الأسد نفسه ضد الفلسطينيين في بلاده، وضد مواطنيه الآخرين، خلال الحرب الأهلية.
الحملة داخل الحرب
يبدو أن الأسد وأنصاره غير مهتمين بتحويل سوريا إلى ساحة قتال ضد إسرائيل ضمن الحملة المتعددة الساحات التي تقودها إيران و”المحور”. مع ذلك، قدرة النظام على كبح النشاط الفلسطيني أو نشاط المحور من الأراضي السورية محدودة وتخضع لضغوط من إيران وحزب الله.
يوصي تقرير معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي بان تصوغ إسرائيل استراتيجية متميزة لكل من اللاعبين المعنيين على الساحة السورية، والتي يمكن أن تولد الفرص أيضاً. في مواجهة نظام الأسد، ملائم إيجاد التوازن بين تحصيل ثمن مباشر لتصرفات “المحور” من الأراضي السورية، بما يشجعه على كبح أنشطة المحور ويوضح له الخطر الذي يشكله عليه، وتجنب الضغوط المفرطة التي قد تدفعها إلى السماح بفرض قيود على عناصر المحور أو حتى التصرف من تلقاء نفسها رداً على الاعتداءات الإسرائيلية.
أما بالنسبة لوجود عناصر المحور في سوريا، فصحيح أن إسرائيل ستستفيد من زخم الحرب. وفي سوريا، تتمتع إسرائيل بحرية عمل واسعة نسبياً (مقارنة بلبنان)، وينبغي استغلال ذلك لتعميق النشاط ضد حزب الله والميليشيات من أجل تقليص قدراتها العسكرية وإبعادها عن الحدود مع إسرائيل.
المصدر: “معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي”