الخارجية الأمريكية فقدت بعده بوصلتها/ وفاة عميد الديبلوماسيين هنري كيسنجر ..ماخفي من حياته ومواقفه
بقلم نزار الجليدي
توفي اليوم الاربعاء عميد الدبلوماسية الأمريكية وزير الخارجية الأسبق هنري كيسنجر وصاحب المواقف التي غيرت شكل ونظام العالم عن عمر مائة عام الأربعاء.وهو الديبلوماسي الوحيد الذي شغل
وزيراً للخارجية في عهدي الرئيسين ريتشارد نيكسون وجيرالد فورد وأدّى دوراً دبلوماسياً محورياً خلال الحرب الباردة .ورسم ملامح السياسة الامريكيةفي الشرق الاوسط.وهو الوحيد الذي شغل منصب مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض ووزير الخارجية في نفس الوقت.
ولد باسم هينز ألفريد كيسنجر يوم 27 ماي 1923 في ألمانيا و هو لاجئ يهودي هرب مع عائلته من ألمانيا النازية عام 1938، و أصبح مستشار الأمن القومي في عام 1969 ووزير الخارجية الأمريكي في عام 1973. بسبب جهوده الكبيرة لوقف إطلاق النار في فيتنام، منح كيسنجر جائزة نوبل للسلام عام 1973 وأثار ذلك جدلا كبيرا ، استقال بسببه عضوان من اللجنة احتجاجًا على ذلك.ويحسب لكيسنجر أنه سعى لاعادة الجائزة بعد الفشل في وقف إطلاق النار.
كيسنجر منزّل نظريّة الواقعية السياسية على ارض الواقع و الممارسة ( هي مدرسة نظرية في العلاقات الدولية، والواقعية كما وصفها جوناثان هاسلام، أستاذ تاريخ العلاقات الدولية في جامعة كامبردج، «هي مجموعة من الأفكار التي تدور حول المقترحات المركزية الأربعة السياسة الجماعية، الأنانية، الفوضي والقوة السياسية») وقد اتت اكلها في انفتاح العلاقات الخارجية للولايات المتحدة بين عامي 1969 و 1977 خاصة مع الصين الشعبية، وانخرط في ما أصبح يُعرف باسم دبلوماسية الوسيط المتنقل في الشرق الأوسط لإنهاء حرب أكتوبر،بين نصر و اسرائيل والتفاوض على اتفاقيات باريس للسلام، وإنهاء التدخل الأمريكي في حرب فيتنام.
لكن اسم كيسنجر ارتبط أيضًا بسياسات مثيرة للجدل مثل تورط الولايات المتحدة عام 1973 في انقلاب تشيلي، وإعطاء «الضوء الأخضر» إلى المجلس العسكري في الأرجنتين لحربهم القذرة، ودعم الولايات المتحدة لباكستان خلال حرب بنغلاديش على الرغم من الإبادة الجماعية التي ارتكبتها باكستان بحق بنغلادش..
كما أُدين أتهم أنه مجرم حرب مزعوم من قبل العديد من الصحفيين والناشطين السياسيين والمحامين العاملين في مجال حقوق الإنسان،لكنها اتهامات لم تثبت.
كسينجر المفكر
بعد تركه الديبلوماسية ، أسس شركاء كيسنجر، وهي شركة استشارات جيوسياسية دولية. وكتب كيسنجر أكثر من اثني عشر كتابًا في التاريخ الدبلوماسي والعلاقات الدولية.
اقالة أم استقالة؟
فضيحة ووترغيت ( حدثت عام 1968 حينما فاز الرئيس ريتشارد نيكسون، بصعوبة شديدة على منافسه الديمقراطي هيوبرت همفري، بنسبة 43.5% إلى 42%، مما جعل موقف الرئيس ريتشارد نيكسون أثناء معركة التجديد للرئاسة عام 1972 صعباً جداً. قرر الرئيس نيكسون التجسس على مكاتب الحزب الديمقراطي المنافس في مبنى ووترغيت اذ كان المرشح الديمقراطي هو جورج ماكغفرن. وفي 17 جوان 1972 ألقي القبض على خمسة أشخاص في واشنطن بمقر الحزب الديمقراطي وهم ينصبون أجهزة تسجيل مموهة. كان البيت الأبيض قد سجل 64 مكالمة، فتفجرت أزمة سياسية هائلة وتوجهت أصابع الإتهام إلى الرئيس نيكسون. استقال على أثر ذلك الرئيس في أوت عام 1974. وتمت محاكمته بسبب الفضيحة، وفي 8 سبتمبر 1974 أصدر الرئيس الأمريكي جيرالد فورد عفواً بحق ريتشارد نيكسون بشأن الفضيحة.)التي أجبرت نيكسون على الاستقالة لم تؤثر على كيسنجر، الذي لم يكن على صلة بالتستر واستمر في منصب وزير الخارجية عندما تولى فورد منصبه في صيف عام 1974. لكن فورد استبدله كمستشار للأمن القومي في محاولة لإخفاء هويته.
الديبلوماسية الامريكية تفقد بوصلتها
الملاحظ انّه بعد حقبة كسينجر لم تعد السياسة الخارجية للولايات المتحدة سياسة بلد وانما أصبحت سياسة ادارات حيث كانت تتغير مع تغير كل ادارة أمريكية وهو ما أضرّ كثيرا بصورة واشنطن في الخارج و صعّد من موجة الكراهية لها في الخارج .وعدد من الاحداث يثبت ذلك أهمها الهجومات المتكررة على سفاراتها بالخارج دون أن ّ ننسى الزلزال الارهابي الذي حدث في 11سبتمبر 2001.
وتبقى الولايات المتحدة في حاجة لمثل كسينجر ليعيد للديبلوماسية الأمريكية شخصيتها التي عرفت بها و التي كانت سندا للشعوب الضعيفة قبل القوية.