الحوار الكبير : خالد زعلول مع مراد الحطاب، رئيس الحزب السياسي “التحالف من أجل فرنسا”
مقابلة الصحفي والمراسل الأول خالد سعد زغلول، مع مراد الحطاب، كاتب وعالم سياسي، رئيس الحزب السياسي “التحالف من أجل فرنسا” نشر أخيرا كتاب عنوانه “فلاديمير بوتين” دي قول الجديد، طبعة آفاق حرّة (//:https دائرة أرسطو. فر/منتوج/فلاديمير-بوتين-دي-قول-الجديد-مراد-الحطاب/).
بعد الحديث عن الوضع في أكرانيا وفي الشرق الأوسط أثناء مقابلتنا السابقة، نعود إلى تركيز الموضوع على فرنسا.
لقد شاهدنا إعادة انتخاب الرئيس ماكرون، ثم انتخابات تشريعية لم تسفر على حصول الرئيس الفرنسي على أغلبية وإنّما على برلمان صعب الانقياد، وامتناع عن التصويت بلغ مستوى قياسي، في ظروف أزمات عدة ووقوع حوادث ملحوظة مثل حادثة ملعب فرنسا أثناء مباراة نهائي دوري الأبطال بين ليفربول و ريال مدريد.
سؤال : دفعتم مؤخرا دعوى قضائية بسبب الغش، ضد نتائج الانتخابات الرئاسية2022 ، التي أفضت إلى إعادة انتخاب إمانوال ماكرون. وأنتم أيضا رئيس حزب سياسي جديد، التحالف من أجل فرنسا. ماذا يمكنكم القول عن ذلك؟
جواب : بعدما أشرنا إليه في الجزء الأول بخصوص الشرق الأوسط والولايات المتحدة الأمريكية، نقول بأنّ المشكلة هي نفسها في فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية. في الواقع الأمر أسوء بكثير، لأنّ فرنسا، استهدفت وعزّلت في آن واحد، ليقلب نظامها تدريجيا من طرف ثلاث دول أجنبية: إنجلترا، الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل.
فما هو السبب الرئيسي؟ كان لها قديما، سياسة عربية عادلة ومتوازنة بالرغم من الأكاذيب العديدة التي أطلقت ضدها فيما يخص علاقاتها السابقة مع العالم الإسلامي. في الواقع، هذه البلدان الثلاثة مسؤولة عن انحطاط الغرب لأنّها لم تفهم تاريخها الخاص ولأنّها تنشر الأكاذيب في جميع أنحاء العالم. هذه الفكرة الملخصة هنا، جديرة بمزيد من الإيضاح والتفصيل، لكن الموضوع الرئيسي هو هنا.
فقدّمت إذن طعنا ضد الانتخابات الرئاسية 2022، لأنّ ثمة اشتباهات قوية فعلية تحوم حول إعادة انتخاب إمانوال ماكرون، غير أنّ هذه الاشتباهات، كانت موجودة بالفعل في سنة 2017، أثناء انتخابه الأول، لكن الانتخابات الرئاسية التي أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية في سنة 2020، هي التي تعتبر كالكاشف المبين وكسابق واضح، لتثبيت الاشتباهات التي قد كانت ملحوظة، في سنة 2017، ضد إعادة الانتخاب هذه في 2022 والمثيرة للجدل والتي تتحدى أي منطق.
إنّ الاحتجاج على الرئيس ماكرون أصبح أمرا حتميا لفرنسا، كما أنّه ضرورة حتمية وسوف يثير اهتمام جمهورنا في العالم الإسلامي- لمسلمي فرنسا. لماذا؟ لأنّ الجمهورية الفرنسية المتميزة بالوحي الثوري منذ 1789، ظلّت دائما مستندة إلى محاربة المسيحيين الكاثوليك، واليوم محاربة المسلمين، وتعتقد الجمهورية الفرنسية بأنّها استطاعت “قتل الله” في فرنسا، بتدمير المسيحية، وهي تحاول الآن القيام بنفس الشيء. وهذا جلي على جميع المستويات في المجتمع الفرنسي، وكثيرا ما لا يدرك الفرنسيون ذلك الأمر.
إنّ فكرة قتل الله هذه، هو غرور غريب. ينبغي على وجه الخصوص، تفهّم أنّ الأمر يتعلق “بقتل” مبادئ روحية وأخلاقية، تحكم النظام الاجتماعي وتوجّهه نحو الخير ومن ثمّ، يمكننا أن نتساءل لماذا يجب قتل النظام الاجتماعي في فرنسا، ولأي غرض؟
فهنا يطرح موضوع كبير من أجل التخلص من تاريخ كل هذه المساوئ التي هو وريثها. يحتاج الرئيس ماكرون إلى خطة “فرّق تسد” فيحاول تفريق الفرنسيين قدر الإمكان، لاسيما، انطلاقا من هذا الانشقاق الديني، لأنّه جدّ فعّال.
انطلقت محاولة التفريق هذه، بشكل تدريجي في 2002، مع ظهور نيكولا ساركوزي (Nicolas Sarkozy) كوزير للداخلية، ثم كرئيس ابتداء من 2007. في2012 ، عند انتهاء مدة رئاسته، حدثت قضية إرهابية أولى دنيئة ومشبوهة حقا، عجّلت تنسيق عملية بغض وكراهة المسلمين في فرنسا. وتفاقم الوضع في 2015، في عهد الرئيس هولاند (Hollande)، مع وزيره الأول مانوال فالس(Manuel Valls) ، الذي نصّب من أجل تحقيق أقصى قدر من تأثير الاعتداءات الإرهابية، قصد التمكّن بالتالي، من تجريم مسلمي فرنسا. وعلمت المصادر بأنّ فرنسا لم تلتزم لبعض المعلومات التي قدّمت من طرف دامية ([1]).
(1): فليب كوهان – قريي Philippe Cohen-Grillet : سنوات الرصاص. نشر ” ضوء النهار”. 2016. ص 26. الشبكة الدولية، ” بتاكلان – مناطق محجوبة تشير إلى أنّ النظام القائم هو الذي نظم الهجوم ”، شبكة دولية، 8/9/2021. اتهامات لاذعة موجهة لمانوال فالس فيما يخص إدارة اعتداءات باريس: ” تصريحات بالغة الشدة ”، الحرّة، 16/9/2021. مستند ” ظلمات البتكلان ”، فرنسيس جيليري (2021) المنشور في 3/9/2021. ” ظلمات البتكلان ” على قناة أرتي (ARTI): التشكيك في ثغرات 13 نوفمبر*(العالم، 3/9/2021). ” بتكلان – مناطق محجوبة تشير إلى أنّ الحكم القائم هو الذي نظم الهجوم، شبكة دولية، 8/9/ 2021.
إلا أنّ مانوال فالس نشر آنذاك، أقوالا بعبارات طنّانة، كانت تتماشى بالضبط، مع المنطق الإيديولوجي ل “صراع الحضارات” كأنّ الإرهاب الإسلامي هو “قدر محتوم” ([2]). بمعنى أنّ الاعتداءات التي سمح بحصولها، أعدّت لتصعيد مناخ حرب أهلية في فرنسا: حرب أهلية تقوم على معيار ديني، يتفاقم بشكل اصطناعي، منذ سنوات.
(2): ” فالس يتحدث إلى المراهقين: ” تعودوا على العيش مع الإرهاب ” جريدة Le Figaro، 23/01/2015، ” فالس ” يجب التعود على العيش في ظل التهديد الإرهابي ” (جريدة LeFigaro. ف/ الوكالة الفرنسية للصحافة، 16/02/2015).
الوزير الأول إيمانوال فالس مهان، لكن ليّن العريكة أمام الوزير الأول الإسرائيلي بن يمين نتياهو، ماي 2016.
لكن ازدادت الحالة سوءا في عهد الرئيس ماكرون )ابتداء من2017) : يوجد هناك خطر حقيقي لاندلاع حرب أهلية في فرنسا، يكون فيها المسلمون الضحايا الأولين. لكن لا نستطيع إدراك ذلك، في حالة ما إذا اعتقدنا بأنّ ماكرون هو شخصية “شعبية” في فرنسا.
“إنّ الماكرونية هي قبل كل شيء عبادة الشخصية. ويتقن رئيس الدولة، ممارسة سياسة العرض، بقيامه لاسيما منذ أكثر من سنتين، بعملية اتصالات بصفته زعيم حرب في مواجهة فيروس كوفيد 19، ثم في النزاع الأكراني. ويتخيّله المجتمع الفرنسي، كزعيم مناسب. وهذا التعظيم الذاتي، نتيجته، التكتّم عن فشل ومعاناة أمة، وعن تراجع الصناعة، وعن العجز المالي الخارجي القياسي، وعن أعمال العنف اليومية المبتذلة، وعن فقد السيطرة على الحدود، وعن تدهور المستوى الدراسي((Pisa، وعن الفقر )10 ملايين شخص(. إنّ الواقع اليومي يميل إلى التلاشي في جوّ من الغموض. وهكذا، اضمحلت البطالة بفضل التلاعب في إحصائيات متناقضة (مليونين حسب INSEE، لكن 3,4إلى 6مليون حسب مركز التوظيف(. في الماكرونية، يتلاقى المنشقّ الليبرالي، إيريك فرثت (Eric Woerth) والمناهض لمستريتش الدولاني جان-بيير شوفنمان(Jean Pierre Chevénement)، الفوضوي الإيكولوجي، دانيال كون بانديت (Daniel Cohn-Bendit)، الأوروبي المسيحي الديمقراطي فرنسوا بايرو(François Bayrou) الإشتراكية (جناح اليسرى) ماري صول توران Touraine) …(Marisol ترى من الذي سيبيّن التناقض؟ من الذي يهتمّ بذلك؟ إنّ المداهنة، أصبحت الشكل الأكثر إكمالا، للعدمية” ([3]).
(3) ): ماكسيم طندوني @ ماكسيم طندوني 2:12PM، تاريخ 6 ماي 2022. تويتر ويب. تطبيق. ” ماكسيم طندوني: ” انتخاب بدون فائدة ” صادر عن ماكسيم طندوني – جريدة Le Figaro، 10/4/2022.
(4): ماكسيم طندوني. تسمم الديمقراطية الفرنسية. ماكسيم طندوني، منبر يهودي، 14 فيفري 2021.
إنّ ما يفيدنا به هذا الوصف المحاد والمؤثّر، هو أنّه يسلّط الضوء على وضع يعرض أمة بأسرها، للعدمية وبالتالي، يعرّضها لحرب أهلية. حرب أهلية تحتاج إلى ذريعة. ونحن نلاحظ بأنّه مع عودة تطرفية الدولة ضد المسلمين، هناك ما يدعو إلى القلق، لأنّه من الممكن تنشيط هذا التضليل، في الظروف الحالية.
(5): مقالة ماكسيم طندوني، التفكير في الماكرونية كظاهرة سياسية واجتماعية، ماكسيم طندوني، منبر يهودين 29 مارس 2022.
” لست متعجرف ” ” وأنا أقول وأفعل ما أريد ”…مقطعين من المقابلة الطويلة التي أجراها إمانوال ماكرون مع جريدة Der Spiegel في 14/10/2017.
سؤال : سيحاول الرئيس ماكرون إذن تشتيت الانتباه عن طريق تجريم المسلمين؟فما هو غرضه؟
جواب : الرئيس ماكرون هو قبل كل شيء، مخلوق دولاني، وعميل للفوضى الدولانية. يعتبر” كتلميذ” لكلوس شفاب (Klaus Schwab)، والشبكات الدولانية التي تعتبر فرنسا، دريئة أولية، ولنفس السبب، لأنّ فرنسا كانت منذ وقت قريب، إحدى الدول الأكثر استقلالية وسيادة، والتي لم تكن دبلوماسيتها، عدائية كما كان يرغب العولميون، وقد شاهدنا ذلك عند رفض حرب العراق في سنة2003 .
منذ ذلك الوقت، أصبحت فرنسا مستهدفة بشكل فظيع، وماكرون هو منذ الآن، أكبر خائن في التاريخ المعاصر، من وجهة نظر المصالح الإستراتيجية الفرنسية. لقد أرخص مصادر إستراتيجية أساسية للاستقلال الفرنسي (لاسيما قسم طاقة مجمع ألستوم)، وأقرّ بنفسه بأنّه يعمل لحساب عائلة روتشيلد (Rothschild)، مما يشكّل بوضوح، عملية سلب استراتيجي لفرنسا، وقد تحدّثت عن ذلك بشكل واسع في كتاب سيتم نشره قريبا.
إنّنا نرى أيضا، في قضية MSC/كوهلير (kohler)[1]) )، كيف المجمّعات الصناعية الكبيرة التي تعتبر مؤهلات إستراتيجية، وزعماء الصناعة الكبار (بيار سوارد (Pierre Suard) بالأمس وفنسانت بولوري (Vincent Bolloré)، اليوم)، تلوى ذراعيهم ويلزمون الاستقامة من طرف الحكومة الفرنسية، لحساب مصالح أجنبية. ألكسي كوهلير (Alexis Kohler)المسمّى ب”البارون الأسود” لقصر الإليزي، الوزير الأول الحقيقي إن لم يكن الرئيس نفسه، يعتبر العامل المخرّب في أحسن وضع يمكّنه من اختلاس الدولة وتحويل تمويلاته السخية، لحساب مجمع MSC، الذي تربطه به روابط عائلية واضحة ([2]).
فهل ستؤدي العدالة وظيفتها أخيرا، ضد تعارض المصالح هذا، الذي يتّخذ صورة تجاوز تام لحدود سلطة الدولة في جميع المجالات؟([3]). قضية كوهلير هذه، ذو دلالة عن حكم يعاني من صراع المصالح، وخاصة عن وجود خيانة مؤسسية في قمة الدولة. في الواقع، تستبدل الشبكات الفرنسية، عن طريق تصرّفات خونة هم جزء من الحكومة الفرنسية، بشبكات أجنبية : أنجلو-أمريكية بل أيضا بشبكات إسرائيلية وهذا معبّر جدّا، لأنّ الأمر يتعلق بأوضاع إستراتيجية فقدت في إفريقيا وفي جهات أخرى، لصالح جماعات دولانية… ([4]). وما له دلالة أيضا، هو أنّنا نشاهد زعيم كاثوليكي([5]) كبير للصناعة، يسلب منه رصيد إستراتيجي فرنسي عن طريق ألكسي كوهلير، من عائلة يهودية قديمة، ليمنحه لمجموعة متعددة الجنسيات، قريبة ومتلائمة مع المصالح الإسرائيلية. وأسوء من ذلك، قضية كوهلير هذه، تهدّد جماعات فرنسية أخرى مثل سويز-فيوليا (Suez-Veolia) ويعتقد أنّ ماكرون ينوي فيما بعد، التلاعب بفانسنت بولوري، قصد تهديد مصدر إستراتيجي فرنسي آخر، هو مجمّع داسولت (Dassault) ([6])، بينما كان يخونه علانية فيما يخص مصادره الإستراتيجية في ليبيا، لصالحMSC ، ومن ثمّ، لصالح “صديقه” كوهلر الذي هو في الواقع الوزير الأول الغير معترف به ([7]).
فهل ستؤدي العدالة وظيفتها أخيرا، ضد تعارض المصالح هذا، الذي يتّخذ صورة تجاوز تام لحدود سلطة الدولة في جميع المجالات؟([8]). قضية كوهلير هذه، ذو دلالة عن حكم يعاني من صراع المصالح، وخاصة عن وجود خيانة مؤسسية في قمة الدولة. في الواقع، تستبدل الشبكات الفرنسية، عن طريق تصرّفات خونة هم جزء من الحكومة الفرنسية، بشبكات أجنبية : أنجلو-أمريكية بل أيضا بشبكات إسرائيلية وهذا معبّر جدّا، لأنّ الأمر يتعلق بأوضاع إستراتيجية فقدت في إفريقيا وفي جهات أخرى، لصالح جماعات دولانية… ([9]). وما له دلالة أيضا، هو أنّنا نشاهد زعيم كاثوليكي([10]) كبير للصناعة، يسلب منه رصيد إستراتيجي فرنسي عن طريق ألكسي كوهلير، من عائلة يهودية قديمة، ليمنحه لمجموعة متعددة الجنسيات، قريبة ومتلائمة مع المصالح الإسرائيلية. وأسوء من ذلك، قضية كوهلير هذه، تهدّد جماعات فرنسية أخرى مثل سويز-فيوليا (Suez-Veolia) ويعتقد أنّ ماكرون ينوي فيما بعد، التلاعب بفانسنت بولوري، قصد تهديد مصدر إستراتيجي فرنسي آخر، هو مجمّع داسولت (Dassault) ([11])، بينما كان يخونه علانية فيما يخص مصادره الإستراتيجية في ليبيا، لصالحMSC ، ومن ثمّ، لصالح “صديقه” كوهلر الذي هو في الواقع الوزير الأول الغير معترف به ([12]).
الواقع أنّنا نشهد تنظيم تدمير ذاتي اقتصادي لفرنسا من طرف الحكم الماكروني.
وفي هذا السياق، إنّها تقنية عولمية نموذجية، لخلق اضطرابات جديدة باستمرار، ولإخفاء هدف إستراتيجي : تخلقون مجادلات جديدة، تنقلها وسائط الإعلام، بينما تراخص المكاسب الإستراتيجية الفرنسية، أو تسرق سرية.
(8): ” قضية ألكسي كوهلير: التنظيف الكبير ” مديا برت، 15/6/2022.
(9): بولوري مستعد لبيع منشآته الإفريقية إلى أسواء أعدائه ” (جريدة إفريقيا، 24/12/2021). ” الصناعيين القريبين من ماكرون ومن كوهلير يقتحمون إفريقيا ” (منذ إفريقيا، 27/12/2021). بولوري مستعد لبيع فرعه اللوجستي الشعاري في إفريقيا ” (مجلة Le Point، 22/12/2021 مجمع بولوري يشرع في بيع محطاته البحرية وامتيازات السكك الحديدية في افريقيا بسعر 5.7 مليار يورو ” (تشالنج، 21/12/2021). بولوري يتفاوض في بيع نشاطه اللوجستي في إفريقيا إلى MSC ” تشالنج/روترز، 20/12/2021. ” بولوري إفريقيا لوجستيك رائد الانشطة المرفئية في إفريقيا، معرضة للبيع بسعر يزيد عن 5 مليار يورو ” (فرنسا تلفزات، تحرير إفريقيا،27/12/2021. ” لماذا يرغب مجمع بولوري في بيع أنشطته اللوجستية في إفريقيا؟” (فرنسا ثقافة، 22/12/2021). ” بولوري يتفاوض في بيع نشاطه اللوجستي في إفريقيا إلى MSC” الأصداء/رويترز 20/12/2021 ” MSC تشتري مجددا بولوري إفريقيا لوجستيك ” مجلة Jeune Afrique، 31/03/2022.
(10): ” فانسنت بولوري، الكاثوليكي ”. La Croix في 12/11/2021.
(11): سويز-فيوليا: كوهلير وماكرون في صميم قضية دولية؟” Le Média 9/11/2021. ” مارك أندفلد، مريان، 7/3/2022.
(12): قدامى العلاقة الاقتصادية الفرنسية – الليبية سيلتقون في باريس في 20 جوان ”AFRICA Iintelligence”، 13/6/2022 ص 13/22.
ألكسي كهلير، الكاتب العام للإيليزي والذراع الأيمن لإمانوال ماكرون، المتهم ” بتهمة تضارب المصالح ” وهو صاحب عدّة قرارات اقتصادية إتخدت ضد مصالح فرنسا.
” ما الذي يجب معرفته حول التحقيق الذي أجري حول ألكسي كوهلير، الكاتب العام للإيليزي ” قناة France 24، 4/6/2018.
في هذه الظروف، شنّ ماكرون حربا إيديولوجية حقيقية ضد الإسلام، للسهي عن هذا النّهب الإستراتيجي لفرنسا، الذي هو ممثل وشريك فيه.
أولا، عن طريق تنظيم قضايا تقريبا إرهابية، ترمي إلى إلهاء الرأي العام أثناء أزمة الصدريات الصفراء. والمقصود هنا تحويل أزمة اجتماعية إلى “صراع حضارات”…
ثانيا، من خلال تنسيق إسلاموفوبية )كراهية الإسلام ( الدولة : بمؤاخذة المسلمين على الانفصالية، تهمة تهدف هنا أيضا إلى تحويل الأنظار وتفريق الفرنسيين. ويبقى كما هو: أن يظلّ الفرنسيون متفرّقين باستمرار. في هذه الأثناء، التدمير الذاتي للشعب الفرنسي ولفرنسا، الذي تريده العولمة، يدخل في مرحلته النهائية. سأنشر قريبا كتاب آخر حول مسألة “الانفصالية” الإسلامية، حيث قدّمت لكم هنا، الخطوط الكبرى فقط.
سؤال : أنتم تعتقدون إذن أنّ المسلمين في خطر، في فرنسا؟
جواب : في الحقيقة، ليس المسلمين فقط، بل الفرنسيين الغير مسلمين هم مهدّدون بنفس القدر، في نفس الحرب الأهلية.
ليست في الحقيقة حربا أهلية وإنّما “حرب خاصة” ([13]) تحدث ضد الإسلام في فرنسا. بمعنى أنّ العناصر المخرّبة تخلق تطرّف مشجّع ومراقب بصورة مصطنعة، في الوقت الذي يتنازع فيه حزبين متعارضين، بشكل جذري. وهذا التطرّف داخل المعارضة، هو الذي يسمح بالتالي، بحدوث حرب أهلية لا نهاية لها، كما رأينا ذلك في العراق مثلا. لكن، هذا مصطنع ! إنّ فرنسا تخضع حاليا لنفس الأساليب التي حدثت في العراق، والفرنسيون لم يفهموا بعد… في الحقيقة، هي قبل كل شيء حرب ضد فرنسا، التي يخلق فيها العملاء المخرّبون، تيارات راديكالية متطرّفة، بشكل اصطناعي، ليدمروا بعضهم البعض.
هذا ما جعل علامة مسلم، الشيخ عمران حسين، قبل بضعة أعوام، يقول بأنّه يجب على المسلمين المتدينين، مغادرة فرنسا لأنّ الحكومة الفرنسية ستستعملهم في النهاية، كأكباش فداء في حرب أهلية لن تكون في صالح أي طرف. إلا في صالح العولميين الذين يريدون تدمير فرنسا… ([14]).
وقليل من الفرنسيين قد فهم السبب. وقد انتقد الكثير، هذه الفكرة ويتظاهرون في أغلب الأحيان بأنّهم ضحايا بدون طرح أسئلة أفضل ([15])، يفضلون التحدث عن إسلاموفوبية، (كراهية الإسلام) الدولة والإشارة إلى زيادة ملموسة لعدد الأفعال المعادية للمسلمين لكن في الواقع، الأفعال ضد المسيحيين هي المتعددة إلى حد معين. إنّ فرنسا هي البلد الذي يرتكب فيه أكبر عدد من الأفعال المعادية للمسيحيين.
(13): فاليقو روجي: حرب خاصة في أوربا، المخبر الإيرلندي، باريس، فلاماريون Flammarion 1980.
(14): ” رسالة من الشيخ عمران حسين إلى المسلمين الفرنسيين ” ريمو تربانغ (RIMAU TERBANG) 13/01/2015. VF: ” هجوم تحت أعلام مزيفة، رسالة إلى الفرنسيين المسلمين – شيخ عمران حسين ” شيخ عمران حسين 17/01/2015.
(15): رسالة مفتوحة إلى ” شيخ ” عمران حسين، عن فرنسي مسلم ” سيد حسن، صرخة شعوب، أقورا فكس، 18/02/2015.
https://www.agoravox.fr/tribune-libre/article/lettre-ouverte-a-cheikh-imran-163777
«فرنسا، أحبها لكن سوف أهجرها.» : هؤلاء المسلمين الذين اختاروا المنفى. ميدول إيست أي. 24/5/2022.
https://www.middleeasteye.net/fr/reportages/france-musulmans-exil-islamophobie-medias-politique-racisme.
« يحثنا الشيخ عمران حسين على مهاجرة فرنسا في أقرب وقت» يا بلادي 14/1/2015.
https://www.yabiladi.com/forum/cheik-imran-hossein-nous-exhorte-1-6645396.html.
لكن هل يمكن لمسلمين متدينين أن يقدموا على القيام بتلك الأعمال؟
خريطة مرصد خريطة كراهية المسيحية الكاشفة عن الأعمال المضادة للمسيحية في فرنسا، بين سنة 2016 وسنة 2019. فرنسا، ” البنت الكبرى للكنيسة ”، هي البلد الوحيد في أوروبا الذي يرتكب فيه أكبر عدد من الأعمال المضادة للمسيحية.
” من أين خرجت هذه الخريطة ” للكنائس المحروقة ” في فرنسا، خلال السنوات الأربعة الأخيرة؟ ” جريدة Liberation، 23 AVRIL 2019.
لا تكمن المشكلة في الإسلام، ولم يعتبر الخبراء القدامى أبدا الإسلام كمشكلة. لقد شيّدت فرنسا وكذلك الوطنيون الفرنسيون، بالإسلام وبالحضارة الإسلامية كلّما أتيحت لهم الفرصة لذلك. لم تحصل أبدا معارضة مباشرة بين “مسيحيين” و”مسلمين”، إلا في ظروف الانصراف عن الفكرة الدينية لأسباب حربية. فقط أنّ هذه الفكرة، فكرة جوهرية، ويحاولون إبعاد التفكير عن كل هذا من أجل خلق مجابهة مدمّرة ذاتيا، بين الفرنسيين الغير مسلمين والفرنسيين المسلمين.
ولا أغالي في التشديد على كون أنّ كل هذه الأمور، اصطناعية، لكن وبعد مرور عقود من التلاعب، لا يزال الخطر يواجهنا جميعا، ويجب علينا إيجاد حل…
سؤال : لذا، إذا لم يكن الإسلام هو المشكلة في فرنسا، لماذا يتكرّر على لسان الحكومات المتعاقبة؟
جواب : لأنّه من الأفضل لها الاعتماد على هذا الالتباس! بدلا من أن تقوم بتشخيص المشاكل الحقيقية، تفضّل الإبقاء عليها، عمدا للمحافظة على الحكم، لاسيما لأنّها هي نفسها، تحت سلطة شبكات تخريبية لها “خطّتها” الخاصة. فلا تريد الحكومات الانسجام، تحدث الفوضى، آملة أن تسود في ظلها، معتقدة دائما بأنّها قادرة على السيطرة عليها، عن طريق ترتيب خلافات، باستمرار.
مثلا : يجب علينا بدلا من ذلك، التساؤل عن تنظيم أزمة المهاجرين إلى أوروبا منذ 2014. إلا أنّنا نجد شبكات سوروس (SOROS) ومحطات OTAN نفسها، هي التي تخلق حروبا عولمية في الشرق الأوسط، وفي أكرانيا وفي إفريقيا وفي جهات أخرى… ([16]). وإن تركناهم، سوف يحصل ذلك في أوروبا في القريب العاجل. ينشرون الفوضى معتقدين أنّها ستعود عليهم بالفائدة. هذا صحيح، لكن فقط إلى حد ما.
ومع ذلك، النتائج حقيقية وتساهم في مناخ الحرب الأهلية المستكنّة هذه : لم يعد من الممكن تجاهل وجود إرادة خلق مناخ يتنامى في العنف في أوروبا، وراء أزمة المهاجرين. يتعرض الأوروبيون، كل يوم إلى الانتهاك ويخلق هذا الواقع، في المقابل وضع موات لوجود العنف. في فرنسا وحدها، تحت رئاسة ماكرون : “1,337 مليون من مواطنين التحقوا بصفوف جيش ضحايا الجروح والضّرب العمدي الخفي. حسب أرقام وزارة الداخلية نفسها، خلال الفترة الخمسية الممتدة من2017 إلى 2021” ([17]).
(16): ” سوروس يلعب في الجهتين، وسط فوضى المهاجرين السوريين… ”F.W . إنجيدال NEO/R.I. 18/12/2015. كيف تراقب دوائر نفوذ لها علاقة مع OTAN تراقب سياسة الإتحاد الأوروبي الخاصة بالمهاجرين F.W. Engdahl, NEO/RI ، 08/05/2016 .منظمات غير حكومية (F.W. Engdahl, NEO/RI) 8/5/2016، غير مرغوب فيها تمون البواخر الحاملة للمهاجرين إلى أوربا، مرتبط ب ( F.W. Engdahl, NEO/RI 6/4/2017)
(17): ” يجب على إيمانوال ماكرون أن لا ينسى أنه رئيس الضحايا، إزاء جريدة Le Figaro، 11/05/2022.
https://www.lefigaro.fr/vox/societe/face-a-l-ensauvagement-de-la-societe-emmanuel-macron-ne-doit-pas-oublier-d-etre-le-president-des-victimes-20220511
هناك علاقة مباشرة بين الاستقدام الضخم للمهاجرين الغير منظّم من طرف شبكات سوروس (ومحطات اتصالاتها في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي بريطانيا وإسرائيل) والرغبة في إثبات، بشكل مصطنع، “صراع الحضارات” :والهدف هو إقناع الغرب بأنّ الإسلام هو المشكلة. تفعل وسائل الإعلام الغربية، كل ما بوسعها، لعرض الإسلام كالمشكل الوحيد، وقد رأينا ذلك، لاسيما في فرنسا، مع المترشح زمور، يهودي من الجزائر، ممّا هو مثير للسخرية، لأنّه سمى حزبه بحزب “إعادة الفتح” (هذا ما يشير إلى “Reconquista” لإسبانيا ضد المسلمين) قصد تملّق غرور المواطنين الذين قد يعتبرون بأنّه من الواجب، استعادة فرنسا لمواجهة “المسلمين”.
أريك زمور، المترشح في الإنتخابات الرئاسية الفرنسية لسنة 2022، في مهمة لحويل الروح الوطنية الفرنسية في اتجاه محاربة الإسلام
غير أنّ ايريك زمور نسي بأن يفصح عن أمر البربر الذين تمّ تهويدهم سابقا، والذين أسلموا حديثا، هم الذين قد حاولوا بالفعل غزو أوروبا، (مثلما حصل ذلك في العصور القديمة) وأنّ هناك يهود، ساعدوهم في فرنسا، التي كانت تساعد على هذا الغزو لإخوانهم البربر القدامى الذين تمّ تهويدهم. فكيف يحدّد زمور، وضعه بالنسبة لهذا التاريخ، وهو يريد الآن، إخراج المسلمين من أوروبا؟
إنّ المسلمين المزيفين الذين يحاربون في معارك خاطئة ويجهلون التاريخ، كثيرون لتبجيل غزو أوروبا بواسطة الإسلام، لأنّ هناك تآمر إيديولوجي قوي يسيّرهم منذ عقود. غير أنّ في الحقيقة، “طهّر” الإسلام، شمال إفريقيا من دين قديم، دين الفينقيين، تولاّه البربر مع ممارسة طقوس التضحية بالأطفال التي تمّ الحديث عنها في العصور القديمة. كان هؤلاء الناس قريبين من اليهودية لأسباب تاريخية، رواها المؤرّخون اليهود أنفسهم([18]). لكن، هل هناك اليوم أحد يعرف هذا التاريخ؟ إنّ المسيحية والإسلام، كلاهما حاربا نفس الانحطاطات الدينية القديمة تحدّثت عنها اليهودية في العهد القديم، والتي لم تقم بعد اليهودية، بفرزها. لقد فهمت فرنسا المسيحية ذلك، فحان الوقت لكي يفهمه مسلمي اليوم، أيضا.
لأنّ المشكلة الحقيقية ليست الإسلام، ونحن نعلم ذلك منذ حرب سوريا : منذ أن رأينا مسيحيين أرثودكس يدافعون عن الإسلام، والآن بعد أن رأينا المسلمين التشيشان يدافعون عن الأكرانيين ضد جماعات صغيرة شبه نازية، وإرهابيين جهاديين أدخلوا من طرف OTAN أو من طرف الإسرائيليين أو الأتراك، مثلما أدخلوا في السابق إلى يوغسلافيا السابقة، تحت مراقبة CIA والمصالح الغربية الأخرى. إذن من جراء هذا الواقع الجديد، لم يعد سرد صراع الحضارات ممكنا. غير أنّه، لا يزال قادة الغرب يعملون ببرنامجهم القديم الذي ثبّت في أذهانهم منذ سنوات.
هذه هي أيضا فرنسا إمانويل ماكرون. لماذا يستهدف هو وأصدقاءه، الأطفال، كثيرا، وهم يعتبرون مستقبل بلادنا. يمكننا أن نرى أنّ المخلوقات العولمية مثله ليس لديها أطفال ولكنها معروفة بأعمالها الشخصية الحقيرة. لكن هل هو تقصير أم كراهية شيطانية؟ نية لإتلاف السلالات المروعة؟ شوهدت هذه الأشياء في روسيا البلشفية، لكنها استمرت بشكل أكثر سرية في الغرب اليوم، وخاصة في فرنسا : إنّها حرب ضد الفطنة والتقوى.
(18): درائيتس – هنريك (Graetz Heinrich) تاريخ اليهود منذ قديم الزمان إلى الوقت الحاضر (75-1853). إعادة النشر كريات – سبايس. 2017 (CreateSpace).
” العمامة الخضراء ” كتاب صدر عن ظابط المخبرات الفرنسية كسافيي دي هوتلوك (Xavier de Hautecloque)، أشا بقوة بالتقوى الإسلامية، وندد في في نفس الوقت بالنشاط المضاد للفرنسيين مخلق إرهاب بصورة اصطناعية من طرف البزنطانيين، في الخليج العربي منذ الحرب العالمية الأولى ثم في فترة ما بين الحربين.
سؤال : ينطوي الأمر إذن، على الرغبة في تأليب الغرب ضد الإسلام بفضل أزمة المهاجرين؟
جواب : يتعلق الأمر قبل كل شيء بمنع تحالف الحضارات ضد مشكلة مشتركة : هي العولمة أو التدويل المالي. إنّه من المضحك للغاية أن نرى كيف أنّ وسائل الإعلام بعيدة عن فهم هذه الفكرة، عندما تحاول الضغط على دول إسلامية حتى تنحاز ضد روسيا في موضوع أكرانيا ([19]). تعتبر اندونيسيا، مع العربية السعودية وباكستان، إحدى هذه الدول المحورية، الأكثر تنازعا عليها، حسب رأيي الخاص.
وسائل الإعلام الفرنسية ليس لديها المفاتيح لفهم أعمال الشيخ عمران ن. حسين حول الرؤية الأخروية لنهاية العالم في القرآن. منظورها للقراءة الموروثة من الإيديولوجية الإسرائيلية-الأمريكية ل “صراع الحضارات”، يمنعها من تفهّم معنى تحالف ما بين المسيحية الأرثودوكسية والإسلام، تجاه غرب، نزعت منه الروحنية : “غرب يعاني من نقص الروحنية”، مثلما كان يقول كارل جونغ (Karl Jung).
وهي حالة مثيرة للاهتمام بكون وضع اندونيسيا “كدولة محورية” : سواء في مواجهة العالم الشيوعي القديم أو في مواجهة التحالف الجديد الأوروبي الأسيوي الروسي-الصيني. بالفعل، كانت اندونيسيا خاضعة منذ فترة طويلة لمراقبة الولايات المتحدة الأمريكية، تجاه العالم الشيوعي، قبل أن تصبح، بتغيير في نظامها على “الطريقة الأمريكية، إحدى الورشات الاستغلالية ” للعولمة المالية ([20]).
ثم، نلوم “فتور” الرئيس الاندونيسي جوكو فيدودو (Joko Widodo) ، فيما يخص أكرانيا؟ وهذه طريقة خجولة للقول بأنّ اندونيسيا مستهدفة من طرف الدعاية المضادة حاليا لروسيا، بالتلاعب على مخلّفات العقود السابقة : لا يزال هناك الناس، يعتقدون في كثير من الأحيان، بأنّ روسيا دولة شيوعية. مرة أخرى، لم يعدّ هذا السرد قائما، لأنّ روسيا أصبحت مجددا روسيا المقدّسة… ([21).
(19): ” في أندونسيا، تشير حرب أكريننا، شعور بالميول إلى بوتين ”. France-Info 21/03/2022.
(20): بركينس جون (John PERKINS): التاريخ السري للإمبراطورية الأمريكية: مجرمين ماليين، ثعالبة والحقيقة عن الرشوة على الصعيد العالمي. منشورات ألتير (Alterre) 2008.
(21): ” في أندونيسيا، تثير الحرب في أكرينيا شعور قريب من بوتين ”. France Info 21/03/2022.
سؤال : يوجد إذن ضغط على الدول الإسلامية، لاسيما الدول “المحورية”، والدول الإسلامية تقاوم بشكل أفضل من الغرب؟
جواب : بحكم الواقع، نعم توجد هناك رغبة في احتكار عولمي لكافة مصادر الثروة، والبعض من البلدان أفضل دفاع عن نفسها من البعض الآخر. لاسيما عندما تكون لديها شبكات تحالف قوية. وفي مقابل ذلك، يعزل التخريب العولمي، الدول عن شبكاتها التحالفية لنهبها بشكل أفضل، عن طريق منعها من قنوات التمويل الإستراتيجية. بما في ذلك، استهداف جميع القنوات السياسية التي تسمح بتمويل الأحزاب السياسية بمساعدة دول أجنبية صديقة.
وهذه ديناميكية قوة، أخرى، واضحة جدّا، تبدو فرنسا بارزة فيها حاليا، كممثلة في حين أنّها الضحية. تدفع فرنسا لاتّخاذ قرارات تعزلها عن أصدقائها القدامى في العالم : لاسيما في إفريقيا (فرنسا إفريقيا القديمة) وهذا صحيح أكثر في الشرق الأوسط. يقود نفاق قضاء مسيس بشكل كبير، يسيّره حكم ماكرون، إلى استهداف، على سبيل المثال، أملاك الوجهاء الأجانب في فرنسا، لاسيما تلك الآتية من العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة ومن قطر، زيادة عن قادة دول إفريقية.
إلا أنّ هذه الإجراءات القضائية حرّكت بتحريض من مؤسسات سوروس (Soros) والوكالات الانجليزية-الأمريكية-الإسرائيلية. وهذه في الواقع، طريقة لدفع فرنسا لإظهار نفسها بصورة سيئة من شأنها التأثير على مصداقيتها تجاه العالم كله. ويعمل ويشارك ماكرون وشبكاته في ذلك، عن طريق تحويل انتباه فرنسا، حتى تتمكن من التصرف مباشرة، ضد حلفائها. وهذه عملية تحويل الدولة عن اتجاهها، تترتّب عليها آثار دبلوماسية خطيرة بالنسبة لفرنسا.
في الواقع، يحتقر ماكرون العرب، كليا، إلا عندما يحاول أن يتسوّل لكسب المال الضروري لتمويل حملاته الانتخابية، مثلما شهدنا ذلك مؤخرا. والقضاء، الذي لم يهتم كثيرا بحسابات حملاته، ولا بصحة الانتخابات، غالبا ما يوجّه ضد الشعب وضد المسلمين الفرنسيين : أصبح القضاء الفرنسي لم يحظ بأية شعبية وقد رأينا ذلك مع الصدريات الصفراء، حيث كان القضاء قاسيا في قمع المظاهرات : 11000 حبسا احتياطيا، 3200 عقوبات، حكم على 1000 صدرية صفراء بالسجن النافذ، 400 صدرية منهم، تمّ حجزهم، ناهيك عن الإكراه البدني، والذين عوروا من جراء إطلاق النار من مسافة قريبة بدون مبرر… ([22]). إيريك استملان (Eric Stemmlen)، مؤلف كتاب عنوانه “عملية ماكرون” ([23]) وهو من أهل الخبرة في أوساط مستطلعي الرأي العام والتلفزة، وهو رجل يعرف كيف تتم صياغة “الرأي العام”، قد لخّص مؤخرا، حكم ماكرون قائلا : “إنّه حكم الاحتقار، الاستبدادية، حكم المراقبة الاجتماعية والقمع بالعنف !” ([24]).
ويتظاهر هذا القضاء أيضا، بأنّه مضاد لفرنسا، ومضاد للفرنسيين في حالة دفاع شرعي عن أنفسهم، بينما هو غير عادل تجاه المهاجرين الذين لم ينسب لهم أي خطأ، ويحكم على مغتصبي الأطفال الحثالة، بعقوبات خفيفة جدّا، لكن يحكم على المهاجرين المندمجين في المجتمع، بعقوبات قاسية والذين يتعرضون للمضايقة والمعاكسة. كما تقول المحامية ماري قريمو (Marie Grimaud) المتخصصة في حماية الطفولة : “إنّ فرنسا، إلدورادو مغتصبي الأطفال. […] إنّني أكرر قولي، إنّ اغتصاب الأطفال أفضل اليوم، من متاجرة الحشيش في الشارع. جزاء المتّجر بالمخدرات أشدّ بكثير من جزاء مغتصب الأطفال” ([25]). يوجد في فرنسا الكثير من الظلم ومن القضايا الغامضة والمشوّهة. لقد مررت به شخصيا : تتجاهل العدالة ممارسات فظيعة، فمثلا، تمّ في قضيتي، استبدال وثائق الهوية الخاصة بأبنائي دون أن أعلم بذلك، استبدال وثائق الهوية بطريقة غير قانونية في إدارة شرطة باريس، من أجل إخفاء ارتكاب انتهاكات جسيمة ضد أطفال قصر، مع السكوت المتواطئ لكل من رئيس مكتب قصر الإيليزي ووزير الداخلية ومحافظ شرطة باريس، والأخطر من ذلك، سكوت المنسّق الوطني للمخابرات ومحاربة الإرهاب، والمدير العام لمديرية الأمن الداخلي (DGSI)، الذين يعلمون بارتكاب مخالفات واسعة النطاق، مع تشعّبات إرهابية وانتهاكية للأطفال. عادة، لم يحصل ذلك أبدا، إلا أنّنا نشاهد ذلك في شبكات اغتصاب الأطفال، مثلما رأيناه في قضية إبشتين (Epstein). ومن الغريب، أنّه لم يقم أي قاضي بإجراء التحقيق، مما يدل على أنّ الجهاز القضائي متواطئ مع هؤلاء المجرمين.
(22): ” الصدريات الصفراء ”: 10.000 حبس احتياطي، 3100 عقوبة…، رد جزائي لم يسبق له مثيل، جريدة Le Monde 8/11/2019. ” سنة من الصدريات الصفراء: 11.000 حبس احتياطي تقريبا، 3200 عقوبة و 313 تحقيق لــ IGPN ” France Bleu 15/11/2019.
(23): مدير دراسات سابق في سوفريس (SOFRES) مدير سابق للبحث والدراسات بــ France télévision، مدير البرامج والبرمجة لــ France 2 إريك استملان (Eric Stemmelen): عملية ماكرون. منشورات سوريزي Cerisier 2019.
(24): ” هل نجحت عملية ماكرون؟ ” لــ (الحرية) Press، لقاء من تنشيط كرستيان سافستر (Chrishian Savestre). 4/05/2022.
(25): « قتل أخجليك: ” فرنسا هي إلدورادو مغتصب الأطفال. RMC- 30/04/2018.
الوزير الفرنسي للتربية الوطنية، باب نديياي (Pap Ndiaye) (على يسار الصورة)، حين نقل السلطات مع الوزير السابق للتربية الوطنية، جان-ميشال بلانكار في 20/05/2022، في باريس إنه يرمز إلى تفاقم واضح للإيديولوجيات التخريبية المهيئة للأطفال الصغار، خاصة تعزيز الإيديولوجية المثلية (LGBT).
ومع ذلك، يتسامح الحكم والعدالة منذ2012 ، بشكل غير طبيعي تجاه1200 من الجهاديين الراديكاليين الذين يشكّلون تهديدا حقيقيا. نشاهد عند كل هجوم إرهابي، غرائب يمكن ردّها إلى تصرّف غير طبيعي من طرف مصالح الدولة. تفشل الأعمال التي تقوم بها المصالح المضادة للإرهاب، تدريجيا، حيث تمنع هذه المصالح من التصرّف، مما يولّد حالات “غريبة”، مثلما رأيناه فيما يخص الاعتداءات منذ سنة2012 …
سؤال : يعتبر إذن القضاء كوسيط للحكم السياسي لإضعاف فرنسا؟
جواب : إنّها بالفعل، قصة قديمة، كما أنّها القصة الحقيقية ل “الديمقراطية” في الغرب : لقد تمّ استخدام البرلمانية للتخطيط للثورة البلشفية في روسيا في سنة 1917. بمعنى أنّ “الديمقراطية”، ذلك النظام الرائع والمثالي على الورق، هو في الواقع نظام يتم خرقه بسهولة تامة، عن طريق المال، ويعرقل بسهولة، من أجل خدمة تخريب، يدمّر بلدان بأكملها…
اليوم : يتلاعب هذا القضاء من جديد ومباشرة، بالمصالح الإستراتيجية الفرنسية مشجّعين من طرف الحكم الماكروني الذي قد دمّر على أي حال، علانية، المصالح الجيوستراتيجية والعسكرية الفرنسية. الأمور كلها متماسكة ببعضها.
“هذا القضاء” معروف أيضا بممارسات قضاته، الغامضة وخلقهم المشكوك فيها. شاهدنا مؤخرا، ظهور أوجه ترابط غريبة مع أسباب الانحطاط الفرنسي : عندما ندرس مثلا وجه الترابط بين قضية
أليفيي دوهامل (Olivier Duhamel) وهو محلل سياسي “كبير”، أثار الرأي العام في فرنسا، قبل أن يقع في قضية اغتصاب محارم. إلا أنّ هذا السيد كان إحدى مشرّعي القانون ضد “الانفصالية الإسلامية” ([27]). غير أنّه تمت تبرئته، سرية، اطمئنوا…
وخارج العدالة، هناك مسألة “قربان الآثمين” : عبارة عن شبكات أشخاص ذوي أخلاق مشكوك فيها والذين يحمون بعضهم البعض، ويلاحظ نفس المنطق في الدبلوماسية. أنظروا إلى دفاع الرئيس ماكرون عن الرئيس زيلينسكي : رئيسين ذوي أخلاق مشكوك فيها، واللذان لا يحاربان في أي حال من الأحوال، عن المصالح الإستراتيجية الحقيقية لبلديهما. وكما هو متوقع، يدافع ماكرون عن من يشبهه، وعن عديم الأخلاقية مثله… من جهة، ماكرون الذي أصبح فساده واضحا بشكل متزايد في ضوء التطورات الأخيرة لفضيحة أجوره الضخمة المشتبه فيها حين كان يعمل لدى روتشيلد ([28]) لكن، لا تبدو العدالة قلقة كثيرا عن ذلك. ومن جهة أخرى، هناك اتصالات الرئيس زيلينسكي الغريبة، ووالديه المتجنسين سرّا، والموضوعين في مأمن في إسرائيل، ([29]) وجميع ديناميكيات المافيا المنتشرة في “عهده”، بما فيها الاتّجار بالأطفال ([30]). وهنا أيضا، لم يوجد إلا عدد قليل جدا من ردود الفعل القانونية، في حين أنّه من المفروض أن يثير ذلك كله، سخط العالم بأسره…
(27): قضية أوليفيي دوهاميل: الإيليزي، ” في حالة قلق كبير ” يتابع للملف من قريب ». GALA. 25/1/2021.
(28): Ep.08 l ثروة ماكرون، أين ذهب الملايين؟ off Investigation 29/03/22 التحقيق الذي يلقي طلالا من الشك على تراث إيمانوال ماكرون ” L’Humanité 23/3/2022.
” يتهم صحافيين فرنسيين، إيمانوال ماكرون باختفاء أموال في ملاذ ضريبي ” وكالة أنادولو 29/03/2022.
(29): أصبح والدي زيلينسكي مالكين منذ 19 ماي 2022 Pro Fide Catholica 23/5/2022.
« ISRAEL Zelenski’s parents in a 950 m2 villa guarded by SAS for 12.000 a month » SRBIN,22.5.2022.
(30): الاتجار بالأطفال في قلب أوربا ” وثائقي لقناة ARTE 2019. ” يظهر فيلم قناة Arte أن أكرانيا هي مركز انطلاق الاتجار الدولي بالأطفال ” ARTE-TV 15/03/2022.
« Ukraine Orphanages Feeder for Child Trafficking » Huff Post, 2/6/2015).
فلوديميرزلنسكي، المهرج السابق للتلفزة الأوكرانية وإمانوال ماكرون المهرج الحالي للديبلوماسية الفرنسية في كياف في جوان 2022.
” الحرب في أوكرانيا: يعلن ماكرون وزلنسكي عن تنظيم عدة محاضرات لفائدة أوكرانيا في شهر ديسمبر ” جريدةL’Indépendant01/11/2022
سؤال : لذلك يمكننا ملاحظة، في فرنسا وخارجها، اتفاقات ترمي إلى الحفاظ على الحكم؟
جواب : في الواقع، يحتاج الحفاظ على الحكم واحتكار الثروات إلى هذا الحكم المنحط إلى المسلمين من أجل “حربه الخاصة”، حتى يتمكّن من الحفاظ على الحكم. إنّ الهدف هو بالتحديد، تطرّف المسلمين بشكل اصطناعي، بحيث يتسنّى تقديمهم بالتالي، ك “معارضين للدولة”.
غير أنّنا نرى أيضا أنّ هناك صحافيين وطنيين يتعرضون للمضايقة من طرف قوات الأمن ويحتجزون لدى الشرطة، عندما يقدّمون كتب أو مقالات تكون مصدر انشغال للحكم والمصالح الداخلية (DGSI).
من المفروض أن يتمتعوا بحماية مصادرهم، لكن لا : ينتهك حق الصحافة وتخضع الأغلبية الساحقة لوسائل الإعلام المموّلة من طرف الحكم، مكتوفة اليدين… ([31]). كنا قد شهدنا ذلك، في عهد ساركوزي، حيث كلّف صحافيون شجعان، بطريقة سرية، من طرف مصالح الأمن، لكتابة الحقيقة عن الإرهاب الدولي وعن بن لادن ([32]). وقد أخضعوا بشكل حادّ من طرف الحكم، وهذا لا يزال دليلا عن تغيير هيكلي وجدّ سلبي قد حدث في فرنسا منذ2007 .
في الواقع، أي حكم منحط، يقوم باستهداف القوات المضادة والمبلغين عن المخالفات الذين قد يعارضون انحطاطه. وفي مقدّمتهم، الدين. هناك الكثير من الأشياء حول ما يحدث في فرنسا يجب أن يعلم بها العالم بأسره، لأنّ وسائل التخريب والحرب الخاصة، هذه، سارية على الغرب كما هي سارية على الشرق. يوجد الكثير من الأحداث التاريخية السابقة، يمكننا التكلّم عنها، في هذا الصدد.
عمليا : يعتبر المسلمون المتديّنون الغير متّفقين على الطريق الخاطئ الذي تسلكه فرنسا، مشكلة بالنسبة لحكم الرئيس ماكرون، بقدر ما يعتبر المسيحيون المتدينون مشكلة، وهم يحاولون معارضة عملية التخريب التي تستهدف فرنسا منذ سنوات.
الحريق الإجرامي (Notre-Dame de Paris)، الحريق الإجرامي لكنيسة أرثودكسية روسية رمزية في باريس، الإجراءات القضائية الموجّهة ضد الدول الإسلامية أو الإفريقية (كونغو برازافيل، قابون وغينيا الاستوائية) قيام رمزي بالتهيج الدعامي (agit-prop) أمام سفارات بعض البلدان الإسلامية للشرق الأوسط : هناك ارتباط بين كل هذه الموضوعات المختلفة. فهناك قبل كل شيء دولة فاشلة : إنّها دولة ترفض ضمان الأمن وتسمح بإذلال غريب على أرضها تجاه دول أجنبية، مما يؤدي إلى تشويه سمعة فرنسا في أعين الجميع.
(31): ” الصحافي أليكس جوردانوف محتجز في مبنى ”DGSI” جريدة L’Obs 23/06/2022.
(32): بريزار جان شارل؛ داسكيي قيوم: بن لادن، الحقيقة الممنوعة، منشورات دينوال إمبكت، 2001.
الحريق الإجرامي لنتردام(Notre Dame) مساس متعمد بالقلب الروحي لفرنسا: احدى الفضائح الكبرى للرئيس ماكرون.
جولنت باتريك (Jaulent Patrick): نتردام، لا يوجد دخان بدون نار.
(نشر شخصي/ شركة أهل الآداب، 2019).
Lien :https://www.babelio.com/livres/Jaulent-Notre-Dame–Pas-de-fumee-sans-feu/1158441
سؤال : وبالتالي للاحتفاظ بالحكم، يتم استهداف جميع القوات المضادة والمبلّغين؟ لا يوجد من يعارض ذلك؟
جواب : نعم، لكن لا أحد يستطيع التصرف بدون تمويل جاد، لأنّ التأثير في “الديمقراطية” هو نتيجة المال ولا الجدارة. لكن هدف العولمة ووسائطها السياسية المعادية لفرنسا، هو استبدال كل شبكات الحكم الفرنسي، في كل مكان، لأنّهم قادرون على تمويل حل سياسي وطني في فرنسا، ضد حكم الرئيس ماكرون. إنّه من خلال إعطاء الانطباع بأنّ فرنسا تعمل ضد جميع حلفائها، سيتخلّى الجميع عن فرنسا في النهاية، وستستبدل الشبكات الإستراتيجية الفرنسية في العالم، بشبكات أمريكية، بريطانية أو إسرائيلية.
هذا ما لم يقال عن فرنسا إفريقيا القديمة، وكان دي غول (De Gaule) قد أنشأها للسماح بتمويل الأحزاب الوطنية، دون الاضطرار إلى المرور عبر الشبكات المالية الدولية التي تفرض شروطها الخاصة. اليوم، بعد عملية تخريب مدروسة، لم تعد هناك فرصة للتمويل، في فرنسا، لحزب وطني شعبي في آن واحد، والذي من شأنه أن يقول الحقيقة في فرنسا، دون الوقوع في تجاوزات مختلف الأحزاب القائمة. لكن كان هناك فرق كبير : كانت فرنسا تحترم حلفائها وتعرف كيف تدعمهم “حيثما كان هذا ضروريا”.
اليوم، عكس ذلك : تستمر فرنسا في التسوّل، للحصول على المال في كل مكان ولكن في نفس الوقت… إنّ فرنسا هي الدولة الوحيدة في العالم التي يسمح فيها القضاة لأنفسهم بمقاضاة حلفاء فرنسا أمام محاكمهم، بموافقة واضحة من الرئيس ماكرون وحكومته.
هناك قضاة يقاضون حلفاء فرنسا : أمير الإمارات العربية المتحدة، أمير قطر، ولي العهد محمد بن سلمان. إنّه توغّل مباشر للقضاة في الدبلوماسية وفي اتجاه الدولة، على عكس روح القانون الدولي برمّتها، واتجاه الدولة والشؤون السرية.
كان هناك دائما قانونان متميزان : العدالة العادية التي تهتم بالنظام الاجتماعي والعلاقات بين الأفراد. والقانون الدولي والدبلوماسية اللذان يأخذان في الاعتبار مصلحة الدولة وتلاعبات النفوذ العالمية التي تتجاوز فهم وصلاحيات القضاة القضائيين العاديين. حيث يدّعي القضاة القضائيون العاديون أنّهم يتدخلون في الدبلوماسية وفي اتجاه الدولة، والاستئثار فجأة، بحق الصيانة السياسية الذي لا وجود له، فلا يمكن القيام بذلك إلا تحت إشراف، وبرضا إمانوال ماكرون ووزيره للخارجية.
نذكر بأنّ ما يسمّى بالعدالة “المستقلة” هذه، قد دمّرت المرشح فرانسوا فييون (François Fillon) في الانتخابات الرئاسية لسنة2017، في قضية هيّنة، تتعلق بهدايا الأزياء، بينما لم يكن إمانوال ماكرون قلقا أبدا بشأن أعماله الدنيئة المتعددة، بدءا من صحة انتخابه الأول في 2017. لكن فجأة، فإنّ قضاة صغار، متسيسين، طيّعين، يرغبون إذن في الحصول على جزء صغير من المجد، من خلال الشعور بأنّهم قادرين على إصدار الحكم، بحضور ملوك أجانب أمامهم؟ هذا لم يسبق له مثيل وهو قبل كل شيء مساس بالمصالح الإستراتيجية الفرنسية، وهي عملية مدبرة من الخارج : من خلال مجموعة تركيبية من الضغوط الإيديولوجية، مروجة من طرف منظمات غير حكومية إنجليزية-أمريكية، منذ سنوات، فيزعم إذن القضاء الفرنسي بأنّه “مستقل” بما يكفي، لمحاكمة حلفاء فرنسا، وتشويه سمعة فرنسا بشكل دائم، في نظر جميع حلفائها الموثوق بهم منذ عقود…
فرنسا هي إذن، الدولة الوحيدة التي تحثّ قضاتها بأمر أجنبي، على محاكمة حلفائها. في عهد الرئيس دي غول، الأخرق في الأصل، تجاه الإمبراطورية الاستعمارية الفرنسية القديمة، كان هناك موظّف عظيم في الدولة كان جاك فوكارت. طالما كان جاك فوكارت (Jacques Foccart) متورّطا في هذه الشؤون الخارجية، لم يكن هناك رئيس دولة ذات سيادة أجنبية، متحالفة مع فرنسا، يمكن أن يضايق بهذه الطريقة في سياق، أثارت فيه مناورات النفط أنجلو-أمريكية، العديد من حالات زعزعة الاستقرار، ضد حلفائنا. حتى بالنسبة لمشاجرة عادية مع سائق سيارة أجرة، عندما كان القضاة الفرنسييون متساهلين جدا في البت في وقائع تبدو غير خطرة، كان جاك فوكارت يتدخل، مدعّما برضا الرئيس دي غول حتى لا يكون من الممكن في أي حال من الأحوال، إهانة حلفاء فرنسا ([33]).
من خلال القيام بالعكس اليوم، عن طريق استغلال عدالتها الخاصة، ضد حلفائها الخاصين، وبأمر من حلفائها، إنّ فرنسا تفقد اعتبارها بشكل خطير اليوم كما لم يسبق لها مثيل من قبل. مما يعني أنّه عندما تكون فرنسا بحاجة إلى حلفاء أكثر من غيرها، فإنّها ستكون عاجزة تماما في سياق يمكن أن يقودها لحرب أهلية بلا نهاية.
(33): فوكارت، جاك (FOCCART Jacquis) مع دي غول، في كل مساء، جريدة الإيليزي – 1965-1967. منشورات فايارد Ed. Fayard Jeune Afrique 1998.
جاك فوكارت(Jacques Foccart) ” سيد إفريقيا للرئيس دي غول، الذي كان يضمن عدم وجود مصلحة تخريبية من شأنها تهديد الحلفاء الأفارقة لفرنسا. وهو يظهر على هذه الصورة برفقة الرئيس السنغالي ليوبلدصيدار سنغور.
سؤال : وبالتالي هل يجب أن نستسلم لرؤية فرنسا تغرق في حرب أهلية؟
جواب : لا يأس إلا بالاستسلام. على أي حال، لدينا رغبة في اضطهاد الدولة للمسلمين، من خلال قضايا تم تعميمها لسنوات، من أجل تطرف المسلمين.
هناك كل الأسباب التي تجعل ماكرون قلقا : إنّه يعلم أنّ قوته التعسفية لم تعد محترمة على الإطلاق اليوم. بالفعل، لا تبلى السلطة إلا إذا قمنا بإساءة استخدامها… ([34]). هذا الرئيس، وحيد، يستفيد قبل كل شيء، من الفراغ السياسي الذي أنشأ حوله بشكل مصطنع([35])، فهو مكروه، ويصفع، وتطلق عليه صيحات ساخرة في كل ظهور أمام الجماهير، ويذهب إلى حد تجديد “العلاج النفسي العقابي” ضد أي شخص يجرؤ على مهاجمة شخصه المهيب، ([36]) لأنّنا إذا كنا ضده فنحن مجانين، بالطبع…
(34): ” سبق صحفي عاجل: هلع ماكرون في مواجهة تدهور الوضع ”. Eric Verhaeghe- بريد الإستراتجيين. 19/11/2021.
(35): ” الرجل: عدد الشهود الذين يقولون بأنّ ماكرون وحيد… ” RMC 12/01/2021 – إيمانوال ماكرون: كل هذا، من أجل هذا؟ ”Ivslfg – إعادة بناء كل شيء، إعادة اختراع كل شيء. (blog) 25/09/21.
(36): الطالب الذي ألقى بيضة على إيمانوال ماكرون، محجوز في مستشفى الأمراض العقلية ” 28/9/21. ” صفعة على وجه إيمانوال ماكرون: داميان طريل (Damien Tarel) محكوم عليه بالسجن لمدة 18 شهر.
يأخذ هذا الموقف، إغراءات سخيفة عندما يلاحق ماكرون أي شخص يجرؤ على تصويره بشكل كاريكاتوري على ما هو عليه : ديكتاتور مبتدئ غير مستقرّ نفسيا بشكل خاص، ([37]) إنّ توتره في وجه كل من يجرؤ على تصويره الكاريكاتوري، يستحق أن يقارن بنفاقه الاستثنائي، خلال قضية الرسوم الكاريكاتورية للرسول محمد عليه الصلاة والسلام.
عندما يدافع ماكرون عن الرسوم الكاريكاتورية الفاضحة لنبي الإسلام عليه الصلاة والسلام، بذريعة “حرية التعبير”، لكنه من جهة أخرى يطلق عدالته المستجابة لأوامره، ضد أي شخص يصوّره هو بنفسه، فلدينا فعلا، إنسان “بلا إيمان ولا قانون”، مخمور بقوته.
لقد أعلن ماكرون بالفعل للعالم أجمع أنّ، حرية الرسم والكاريكاتير، هما جزء من القانون(38]) وأنّ “حرية التعبير” الفرنسية المجيدة، في خطر ([39) بكلمات مخادعة تماما : “إنّني أؤيد قدرة الناس على الكتابة والتفكير والرسم بحرية في بلدي، إنّه حقنا، إنّها حرياتنا. إنّني مدرك أنّ هذا قد يصدمنا وإنّني أحترم ذلك ولكن علينا التحدث عنه” ([40]) ثم حاول الرئيس ماكرون مع العالم الإسلامي أن يبرهن على أنّ “أقواله حول محاربة الانفصالية، مشوّهة، وأنّ تلك المتعلقة بالرسوم الكاريكاتورية، غالبا ما تكون كاريكاتورية” مع اعتبار حملة مقاطعة المنتجات الفرنسية لدى بعض البلدان الإسلامية، “غير جديرة” “وغير مقبولة”، بعد التصريح بأقواله حول الكاريكاتورات الخاصة برسول الإسلام عليه الصلاة والسلام ([41]).
(37: Le Parisien/AFP: ” قدم إيمانوال ماكرون شكوى ضد صاحب الملصقات التي تصوره على أنه هتلر ”.
” إيمانويل ماكرون مصور على أنّه هتلر في ملصقات: قدم رئيس الدولة، شكوى ” 29/7/21-LCI.
(38): كاريكاتور: استوضح إيمانويل ماكرون، الأمر على قناة الجزيرة ويستنكر التلاعبات ” 31/10/2020. RFI. ” يشتبه في تطبيق Elyse الذي يفترض أن يساعد الشباب في اختيار مرشح، أنه يتلاعب لصالح إيمانوال ماكرون ( Maj – سمح وجود ثغرة، بالحصول على بيانات المستخدمين ”. (FDesouche 15/01/2022).
(39): صرح إيمانويل في حوار مع قناة الجزيرة، بأنه يتفهم أنّ الرسوم الكاريكاتورية يمكن أن تصدم لكنه يستنكر العنف ” Le Monde.f ; 31/10/2020.
(40): صرح إيمانوال ماكرون لقناة الجزيرة بأنه ” يتفهم ” أن الرسوم الكاريكاتورية يمكن أت ” تصدم ” لكن استنكر العنف. (Huff Post / AFP 31/10/20).
(41): في حوار مع قناة الجزيرة، صرح إيمانوال ماكرون بأن الرسوم الكاريكاروتية قد ” تصدم ” لكن يستنكر العنف. ((Le Monde 31/10/20.
الرسوم الكاريكاتورية لشارلي إيبدو التي نادرا ما عرضت أسوأ نسخها على عامة الناس. فضل الإعلاميين الفرنسيين إظهار الأقل شراسة، للتظاهر بأنه مجرد ” تعبير حرّ ”
” لماذا ننشر الرسوم الكاريكاتورية التي أظهرها سموال باتي لتلاميذه ” مجلة ماريان، 20/10/2020.
لكن حرية الكاريكاتير هذه، تتوقف عند ماكرون نفسه، كما اكتشفه على حساب نيته، ناشر فرنسي شجاع بعد أن تجرّأ على رسم كاريكتير لماكرون بقوله ما يعتقده عدد كبير من الفرنسيين… لقد حكم عليه بأقصى العقوبات ([42]). في الواقع، يتم وضع الشخص الأسمى لماكرون فوق رسول من رسل الله. والاستنتاج الواضح يترك انطباعا غريبا عن شيء حصل سابقا، كما لو أنّه اتخذ نفسه للإمبراطور كاليجولا (Caligula)، منشئ شخصه المعظم، بنفسه…([43]).
(42): حكم على ملصق الإعلانات عن إيمانوال ماكرون وهو مصور على أنه هتلر وبيطين (PETAIN)، في تولون (Toulon) وهو من منطقة Le VAR. (France Bleu 17/9/21).
(43): إيمانوال ماكرون: لن نتخلى عن الرسوم الكاريكاتورية ”. Euronews 21/10/20.
ماكرون ممثل بشكل هتلر من طرف إعلامي فرنسي (سبتمبر 2021) والذي ندد بالتجاوزات المتعددة للسلطة التي ارتكبها الرئيس ماكرون وحكومته.
لكن ما يقلقني في نقس الوقت، هي حالات الاستفزازات التي تفضح فساد المؤسسات الفرنسية والتي تستهدف المسلمين في فرنسا، على وجه التحديد.
ولكن هناك قبل كل شيء حالة اغتصاب أطفال مسلمين بالتواطؤ مع العدالة لتبييض العاملين بقسم محاربة الإرهاب (DGSI) الفرنسيين المذنبين بمثل هذه الممارسات. وأولئك الذين يرتكبون هذه الجرائم، يحميهم القضاة الذين يرفضون إجراء التحقيق ضدهم. هل يفضّلون حماية ضباط الشرطة على الأطفال؟ وهذا يدل على كراهيتهم للمسلمين وعلى الحماية التي يتمتع بها القضاة من ماكرون الذي هو شريك لهم! كتم ماكرون أمرDGSI ورفض القضاة إدانة الجناة ([44]) وبمناسبة هذا النوع من القضايا، نرى أنّ المساواة في الحقوق، غير مضمونة للمسلمين في فرنسا.
لكنني أقول لكم أنّ هذا النوع من القضايا التي لا يمكن الدفاع عنها، مصمّم مرة أخرى، لدفع المسلمين إلى تحدي الدولة وإلى التطرّف. هل تتذكرون فضيحة أبو غريب في العراق؟ إنّه نفس الشيء : هناك حاجة إلى عمليات استفزازية من هذا القبيل، لإنشاء ديكور جذري، هذا هو مبدأ الحرب الخاصة.
أقل ما يقال عن الإشارات المرسلة ليس هو الصحيح، فهذا نتيجة التسييس المفرط للعدالة. وحتى بعض مجموعات النخبة، فقدت مصداقيتها، على سبيل المثال،GIGN الشهيرة التي عرفتها المملكة العربية السعودية جيدا منذ:1979 حيث أصبح عضوا سابقا ل GIGN ووظّفه مجمّع روتشيلد قلقا، لأنّه كان على ما يبدو، عميلا لرئيس كبير في ميدان أعمال انتهاك الأطفال ([45]).
لكن في الواقع، لا يؤثّر هذا الموضوع على المسلمين فقط، فأنا في وضع جيد لمعرفة ما تعانيه العائلات المسيحية التي تتعرض للهجوم في المظاهرات والمواكب الدينية، التي تتعرض للإذلال كل يوم، أو التي يؤخذ منها أطفالها، لينقلوا إلى مراكز التعاون الاجتماعي للطفولة (ASE) وأين يتعرّض هؤلاء الأطفال، لخطر كبير. إذا كنتم تعلمون بما يعانيه المسيحيون الكاثوليك المتدينون في فرنسا، فلن تصدقوا ذلك حتى! فهناك مصالح بأكملها، تحلّ محل المصالح الرسمية، وشبكات خفية داخل مؤسسات، تتآمر لتدمير عائلات مسيحية : لأخذ أطفالها منها، لفصلهم عن والديهم والقيام بأسوء الأشياء، لتدميرهم نفسيا وجسديا. لدي سبب يدعو للقلق، لأنّ ذريعة مكافحة الإرهاب، تضاف إلى هذه الحقيقة المقلقة بالفعل إلى وضع الأطفال المسلمين على وجه التحديد. يتم وضع المزيد والمزيد من أطفال من آباء مسلمين في هذه المراكز لASE، بذريعة زائفة لإزالة التطرّف، من قبل القضاة الذين هم متواطئون مع المجرمين المتواجدين في هذه المراكز، حيث يتعرضون لسوء المعاملة وتعذيبات نفسية حقيقية وحتى لتعذيبات جسدية، وللاغتصاب المكرر… ([46]).
(44): ” المسؤول السابق لــ DGSI في منطقة لي أردان (Ardennes)، يقاضى هذا الثلاثاء بتهمة الاعتداء الجنسي ” (الأرديني، 21/6/2021).
(45): ” قضية جاك بوتيي (Jacquis Bouthier): من هم الأشخاص الخمسة الآخرون المتهمون؟ ” قناة BFM، 24/5/2022. ” قضية أسو 2000: من هو رجل الدرك السابق المحبوس احتياطيا؟” مجلة Le Point، 24/05/2022.
(46): رسالة موجهة إلى نواب جمعيات العائلات وضحايا اختطاف الأطفال بمناورات من طرف المساعدة الاجتماعية للأطفال Redopolis، 2/07/22.
” باريس: موكب كاثوليكي مهاجم بعنف أسرة مسيحية، 30/05/2021.
هذه هي أيضا فرنسا إمانوال ماكرون. لماذا يستهدف هو وأصدقائه الأطفال كثيرا، وهم مستقبل بلادنا؟ يمكننا أن نرى أنّ المخلوقات العولمية مثله ليس لديها أطفال ولكنها معروفة بأعمالها الشخصية الحقيرة. لكن هل هذا تقصير أم كراهية شيطانية؟ أم نية لإتلاف السلالات الورعة؟ شوهدت هذه الأشياء في روسيا البلشفية، لكنها استمرت بشكل أكثر سرية في الغرب اليوم، وخاصة في فرنسا : إنّها حرب ضد الفطنة والتقوى. يوجد أيضا “إجرام في رداء أسود”، ثابت منذ القرن الثامن عشر في فرنسا ([47]) والذي كان مسؤولا بشكل مباشر عن عام 1789 كما هو مسؤول عن الانحطاط الفرنسي الحالي ([48]). تتغذى الدولانية المالية وتفرز هذه الأعمال الدنيئة المتعددة، مثل العدوى التي تفرز القيح.
(47): سيعو ماريون (Signant Marion): منعطف للوصاية، منشورات كنتر-كولتور. 2017.
(48): ” مقابلة مع إرنست باردو (Ernest Pardo): الولايات العامة للعدالة: التلاعب الكبير! ”( تلفزة الحريات، 21/12/2021). باردو أرنست (Ernest Pardo): الخداع القضائي: من الإجرام بياقة بيضاء إلى إجرام في رداء أسود. منشور شخصي أرنست باردو، جنافي 2020.
سؤال : وبالتالي، فإنّ الرسوم الكاريكاتورية للرسول عليه الصلاة والسلام، ستكون مؤشّرا لانحطاط أعمق ومؤشرا لوجود تماسك في الانحطاط الذي يقود فرنسا إلى تدمير أبنائها واستهداف الشعور الديني في فرنسا؟ وبالتالي، فيكون جميع المؤمنين هم المستهدفون؟
جواب : إنّها حقّا، حرب تشنّ في فرنسا ضد المؤمنين، حيث أصبح المسلمون الآن، أكثر استعدادا للعمل المشترك، مع المسيحيين. لكنها في الحقيقة، مسألة حرب روحية يجب أن يتّحد فيها المسيحيون والمسلمون ضد نفس المعصية التي تجعل فرنسا اليوم، في انحراف.
كل هذه الوصلات القريبة من شبكات الحكم، هي مؤشر الانحطاط الحقيقي في فرنسا وفي الغرب. لكنه انحطاط هو في الواقع، تخريب أسيء فهمه، كما رأيناه في قضية إبشتاين. الدول لا تصبح منحطة فجأة: يتطلب الأمر وجود قوى تخريبية، لخلق هذا الانحطاط وتشجيعه. يمرّ هذا الانحطاط بشكل خاص من خلال رفض الله، ورفض الحياة المرتبطة بالإله، ورفض الحياة الروحية التي غرسها النظام التربوي في الأطفال منذ سن مبكرة، وهو ما يسمى “بالتربية الوطنية”.
إنّه نضال إلحادي منتشر في فرنسا لا يمكن تصوّره بالنسبة للأجانب. فمثلا، عندما تجرؤون على وضع كلمة “روحي” في ورقة امتحان، ينظّم في مسابقة الوظيف العام العالي، فستظهرون في وضع سيء للغاية، وسيطلب منكم، عند تصحيح الامتحان، إذا كنتم لا تريدون أن تقولوا “أخلاقيا” عوض “روحيا”. استبدل هؤلاء الناس، الروابط الروحية، بخلق “جمهوري” محدود للغاية وغير متكافئ تماما: شهدنا نتيجة ذلك، خلال أزمة الصدريات الصفراء أو أزمة الكوفيد، حيث كانت المبادئ المعادية للروحانية هي التي وجّهت أثناءها، أعمال الدولة… من السهل، إرشاء الأشخاص الذين ليس لديهم وعي بحكم الله أو بالعاقبة أو بأية فكرة أخرى عن المراقبة أو المكافأة على أعمالنا، سواء كانت جيدة أو سيئة…
على عكس هذه المعصية التي يدرّب عليها الفرنسيون مثل كلاب بافلوف، أريد أن ترتبط فرنسا من جديد، مع تاريخها الديني. وبحيث كان المسيحيون الفرنسيون جدّ خاضعين لسنوات، ربما يجب الآن على أي مسلم فرنسي، أن يذكّر فرنسا، بتاريخها.
سؤال : أنتم من عائلة شهيرة بما أنّكم سليلا مباشرا لعلي ابن أبي طالب، الخليفة الرابع للإسلام، وصاحب شرفي للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، لديكم احترام كبير للنبي عيسى ومريم العذراء. حيث ولدتم في فرنسا، فما هي أمنيتكم الروحية لفرنسا؟
جواب : قبل قرن واحد بالضبط، من ثورة 1789، أعربت صوفية مسيحية سميت اليوم بإسم سانت مرغريت- ماري (Sainte Marguerite-Marie)، عن أمنية، اقترحها عليها الله ورسله : أرادت أن تكرّس فرنسا نفسها لقلب يسوع سيدنا عيسى وأن يكون القلب اليسوع المقدس، هذا الرمز الفرنسي، مدمجا في العلم الفرنسي، حتى تتمكن فرنسا من الانتصار على أعدائها. كان هذا في زمان، كانت فيه فرنسا قوية في عهد الملك لويس الرابع عشر، لكن حيث كان التخريب الدولاني يستهدفها بالفعل منذ لافروند (la Fronde) (1648-1653) التي كانت المحاولة الأولى لقيام ثورة على الطريقة “الانجليزية”، في فرنسا، والذي تم بشكل تدريجي إلى غاية عام 1789.
هناك لغز في مصير الأمم، وأنا آمل اليوم أن تتحقق هذه الأمنية حتى تتمكن فرنسا من استئناف مسار تاريخها الحقيقي، وليس تاريخها الثوري التخريبي الساري منذ عام 1789، مما جعلها تنشر أخطاءها على العالم. دعا العديد من الشخصيات الصوفية المسيحية الأخرى إلى هذا الأمر، وأتمنى الآن أن تتحقق أمنيتهم. بصفتي مسلم وطني يحب فرنسا على ما كانت عليه، منذ زمن قصير، أتمنى أن تتحقق هذه الأمنية أخيرا : أن تكرّس فرنسا نفسها لقلب المسيح المقدّس وأن تعود فرنسا إلى مصيرها المسيحي الذي سيجعلها أيضا أن تدرك بأنّ تحالفا مقدّسا للمؤمنين الحقيقيين، هو أمر ممكن مع المسلمين الذين يؤمنون أيضا بعيسى ومريم العذراء. وآمل أن يتم أخيرا دمج القلب المقدّس وهو رمز متجذّر في التاريخ الفرنسي، في العلم الفرنسي من خلال إقامة احتفال سنوي، يكون هدفه التذكير بأن يكون زعيم فرنسا مثله مثل ملوك فرنسا السابقين وأن يكون وفقا للتعبير المكرّس، “ملازم المسيح على الأرض” ولا شيء غير ذلك. لا يمكن بأي حال من الأحوال، مثل الرئيس الحالي ماكرون، أن يتصرف مثل طاغية منفصل عن كل شيء، وغير مسؤول أمام أي شخص…
إنّ هذا الإهمال للمشاعر الدينية في فرنسا، هو الذي جعل كل هذا السيرك الهذيان حول الرسوم الكاريكاتورية للنبي عليه الصلاة والسلام، ممكنا. لكن في الواقع، كما رأينا مع “Piss Christ” وغيره من الأعمال غير التقية، من الضروري حقا، أن تكون المعصية قد ذهبت بعيدا جدّا في فرنسا، ليصبح الحديث اليوم، إلا عن الرسوم الكاريكاتوية للنبي عليه الصلاة والسلام، كان العديد من الاعتداءات على الديانة المسيحية منذ سنوات، على نفس المستوى، ولكن لم تعد تثير ردود فعل كافية، إن لم تكن، ردود فعل عاجزة للغاية. وبهذا المعنى، من الغريب أنّ الإسلام والمسلمين هم أمل لفرنسا وللمسيحيين… كما كان المسيحيون الروس أملا للمسلمين في الشرق الأوسط. هل ترون؟ هذا التحالف يتشكّل كل يوم أمام أعيننا، من الضروري الآن أن يفهمه الفرنسيون، ومن دون شك أيضا أنّ كبار الشخصيات الإسلامية الفرنسية يكونوا ضروريا على مستوى مهمتها…
سؤال : لكن ماذا تفعل الشخصيات الوجيهة الفرنسية المسلمة؟ وهل حاولت معارضة هذه المناورات أو معارضة الكاريكاتورات في فرنسا؟
جواب : هناك مشكلة حقيقية : الوجهاء المسلمون لا يدركون الوضع على الإطلاق، على عدة مستويات. إنّهم لا يفهمون الدور الذي يريدهم الحكم، أن يلعبوه في فرنسا، من خلال عمل مفسد ومن خلال منحهم وهم الحكم، للتغلب عليهم بشكل أفضل بعد ذلك. كما أنّهم لا يفهمون المشاكل الحقيقية في فرنسا التي تهيّأ هذه الأخيرة للحرب الأهلية ضد المسلمين ولا يجنّدون أنفسهم من أجل القضايا التي يجب أن تحشدهم.
لدينا حالة كاشفة عن ذلك، فيما يخص كاريكاتورات شارلي إيبدو (Charlie Hebdo) في فرنسا. يوجد بالفعل، محامي من أصل سعودي، محترف جدّا، تولى هذه القضية وهو الأستاذ عثمان خالد الدعجاني العتيبي ومكتبه الدولي للمحاماة. وهو يتدخل في إطار دعوى قانونية مدبرة وشرعية تماما، تلحق الجمهورية الفرنسية ونضالها الإلحادي ضد كل ما هو مقدّس. وسيعود الفضل للمملكة العربية السعودية وللدول العربية في تدعيم الدعوى القضائية المرفوعة من طرف هذا المحامي.
إلا أنّ عثمان خالد الدعجاني العتيبي، شخّص مشكلة معروفة لدى المسلمين المتدينين في فرنسا : إنّه استنكر ممثلي المؤسسات الإسلامية التي رفضت الانضمام إلى دعواه القضائية الهادفة إلى موازنة الإلحاد والعصيان المناضل والمستفز الذي تتظاهر به الحكومة الفرنسية. ويعتبر ذلك عصيان مناضل لفرنسا الحالية، الذي يفقدها اعتبارها في نظر العالم الإسلامي وأيضا في نظر بقية العالم، بما في ذلك المسيحيين. كان من المفروض على قادة المسلمين، دعم هذه الدعوى، لكنهم لم يفعلوه إطلاقا، لماذا؟ لأنّهم جبناء وغير مسؤولين، زيادة عن ذلك، هم مرتشون إلى حد كبير، وملتزمون أمام وزارة الداخلية الفرنسية.
ومع ذلك، فإنّ عثمان خالد الدعجاني العتيبي هو رجل أمين وكان محقّا في الشكوى من ذلك. لكن ما هي وسائل الإعلام أو ممثلي المسلمين الذين تحدّثوا عن ذلك في فرنسا؟ لا أحد! وكشف المحامي عن الوضع : منظمات إسلامية غير مجدية وقيادات غير قادرة على اتخاذ موقف، والتي تطلب المال حالما تضطر إلى طلب شيء ما، بدون بذل أي جهد…
“عقدت محكمة الاستئناف بباريس اليوم جلسة لدعوانا ضد مجلة شارلي إيبدو المسيئة لرسولنا الكريم وتحدّد موعدا آخر في 5/01/2023 على الساعة 1 :30 ظهرا… والشيء المؤسف والمحزن هو أنّنا لم نجد من يقف معنا من المنظمات الإسلامية التي مقرها فرنسا! إنّ دخول منظمة إسلامية تساندنا، جوهري لإقناع المحكمة، للأسف، كلما تواصلنا مع أحد، إما أن يعتذر أو يعد بالرجوع لنا ومن ثم يتجاهل اتصالاتنا”([48]).
لذلك، يجب على هؤلاء الناس في فرنسا وفي أي مكان آخر، أن يتجنّدوا من أجل القضايا الروحية الأساسية الحقيقية التي تهين نبينا الكريم صلى الله علية وسلم. لكن فيما يتعلق فقط بكبار الشخصيات الإسلامية في فرنسا الذين يطالبون بالمال، فقط لرفع الأصبع. هل تعتقدون أنّه ليس من السهل على القادة الفرنسيين، إفسادهم؟ يمكن فقط رشوة الأشخاص الذين يريدون الحصول على رشوة… وانضم إلى عثمان خالد الدعجاني العتيبي، بهذا المعنى، سويد الأبقل المتخصص الكويتي في القضايا الدبلوماسية الحسّاسة، المتمركز في لندن، الذي ردّ بأنّه لا ينبغي أن يكون لديه ما يمكن توقّعه من المنظمات الإسلامية في فرنسا ([49]).
(49): عقدت محكمة الإستئناف بباريس اليوم جلسة لدعوانا ضد مجلة شارلي أبدو المسيئة لرسولنا الكريم @othman 11121، محام: عثمان خالد الدعجاني العتيبي وتحدد موعد آخر في 5/01/2023 الساعة 1:30 ظهرا… والشيء المؤسف والمحزن هو أننا من يقف معنا من المنظمات الإسلامية التي مقرها فرنسا ! دخول منظمة إسلامية تساندنا، أمر جوهري لإقناع المحكمة.
للأسف كل ما تواصلنا مع أحد، إما أن يعتذر أو يعد بالرجوع لنا ومن ثم يتجاهل اتصالاتنا… والأعجب أن بعض مشاهير السعودية عندما طلبنا منهم نشر الموضوع لنصرة رسولنا الكريم، طلبوت منا مبالغ خيالية وأحدهم مشهور بنشر الحالات الإنسانية طلب… 10 ريال لمجرد الإشارة للموضوع !!!
لذلك، يجب على هؤلاء الناس في فرنسا وفي أي مكان آخر، أن يتجنّدوا من أجل القضايا الروحية الأساسية الحقيقية التي تهين نبينا الكريم صلى الله علية وسلم. لكن فيما يتعلق فقط بكبار الشخصيات الإسلامية في فرنسا الذين يطالبون بالمال، فقط لرفع الأصبع. هل تعتقدون أنّه ليس من السهل على القادة الفرنسيين، إفسادهم؟ يمكن فقط رشوة الأشخاص الذين يريدون الحصول على رشوة… وانضم إلى عثمان خالد الدعجاني العتيبي، بهذا المعنى، سويد الأبقل المتخصص الكويتي في القضايا الدبلوماسية الحسّاسة، المتمركز في لندن، الذي ردّ بأنّه لا ينبغي أن يكون لديه ما يمكن توقّعه من المنظمات الإسلامية في فرنسا ([50]).
(50): الرد تحت الموضوع السابق.
@ سويد الأبقل، ردا عن @ عثمان 11112 و @ مسهل الأنعامي أستاذ عثمان من أكثر المتابعين لحملتك التي تقوم بها بارك الله في جهودك الله درك فيما يخص الجمعيات التي تتواجد في فرنسا فهي إما إخوان أو جمعيات التبليغ والتكفير أو لحزب الله فما ذا أنت متوقع منهم الله معك وهو خير منهم.
Tweet 11:22 PM 18 Mai 2022. Twitter https://Twitter.com/Suwaid Alabkal/ status/1527036814879506432.
سؤال : لذلك تقولون أنّ معظم قادة الجمعيات الإسلامية الفرنسية هم إذن دون واجباتهم؟ ومع ذلك، فإنّ مسلمي فرنسا يتّبعونك ويقدّرونك، فلماذا تبدو وجهة نظرك حول هذا الموضوع، مختلفة عن المواقف التي اتخذها كبار الشخصيات الإسلامية الفرنسية؟
جواب : بدافع روح الحقيقة، بعض القادة هم من نسميهم “الخبزيين”، بمعنى انتهازيين مستعدين لجميع التنازلات، للحصول على جزء من السلطة في فرنسا، وعلى تمويلات فرنسية. هؤلاء الناس ليس لديهم كبرياء، وليس لديهم وعي بواجبهم الذي يتمثل في معارضة هذا الحكم الذي يقود فرنسا نحو المعصية والعدمية والحرب الأهلية. إنّهم يتعاهدون مع حكم مادي، وملحد، لأن يصبحوا ملحدين وماديين هم بأنفسهم في حين يمكن أن يكون لهم دور أكثر إيجابية بالنسبة لفرنسا.
لكن هؤلاء هم قادة الإسلام في فرنسا الذين سيتوسّلون المال من دول الخليج ويستفيدون منه لتدبير أمورهم الداخلية : لقد جعلوا الإسلام “عمل بزنيس” ويلعبون من جميع الجوانب، للحصول على المزيد من التكريمات والمال والتسهيلات، سواء من “الجمهورية الفرنسية” أو من الدول العربية من خلال تقلّدهم دور وكلاء النفوذ الزائفين ليجعلوا أنفسهم يبدون بمظهر جيّد لرؤساء الدول الإسلامية.
إنّهم يبتزّون دول الخليج، للحصول على أموال لا يرى المسلمون الفرنسيون لونها أبدا! إنّهم يركّزون السلطة في فرنسا، ويديرون الإسلام في فرنسا، كمؤسسة، ويجمعون الأموال الآتية من تبرعات المؤمنين في صلاة الجمعة، ولكن أين تذهب هذه الأموال؟ نفس الشيء بالنسبة للتأشيرات التي تمنحها العربية السعودية لحج مكة : يتم إعادة بيعها من قبل هؤلاء الأشخاص، للمؤمنين الأتقياء المجبرين على التأكد من جشعهم. يتّخمون على حساب الناس البسطاء : إنّ ذلك، معصية كبيرة وخطاء روحي.
وبالمثل، كانت لدينا قضية حديثة حيث قام منظمو تجارة “بيزنيس” اللحوم الحلال، بالاحتيال على سلطات الضرائب ولكنهم ذهبوا بعد ذلك، للتسول من أجل الحصول على المال في البلدان الإسلامية
(50): الرد تحت الموضوع السابق.
@ سويد الأبقل، ردا عن @ عثمان 11112 و @ مسهل الأنعامي أستاذ عثمان من أكثر المتابعين لحملتك التي تقوم بها بارك الله في جهودك الله درك فيما يخص الجمعيات التي تتواجد في فرنسا فهي إما إخوان أو جمعيات التبليغ والتكفير أو لحزب الله فما ذا أنت متوقع منهم الله معك وهو خير منهم.
Tweet 11:22 PM 18 Mai 2022. Twitter https://Twitter.com/Suwaid Alabkal/ status/1527036814879506432.
موضحين أنّ هذا خطأ فرنسا !. لأنّ هؤلاء الناس حاولوا الاحتيال على مصلحة الضرائب لكسب المزيد من المال، وعليهم أن لا يتوقعوا منا أن نصدّق بأنّهم أتقياء! هناك الكثير من عملاء النفوذ غير نظاميين من المسلمين الزائفين الباحثين عن الرفاهية، ويجب علينا ترتيب كل ذلك…
بالمثل، هناك نوع آخر من ابتزاز المال من دول الخليج : هو ما يدعى ب “فتح مساجد” في فرنسا. يتلاعب مشغلون “غير أمناء” بسذاجة مواطني دول الخليج، لأنّه جاء في القرآن بأنّ فتح مسجد ما، يعتبر من الأعمال الصالحة التي تساهم في الخلاص. لكن يعتبر هذا، اتجار بالمبادئ القرآنية ! لأنّهم عادوا إلى فرنسا واستعملوا هذه الأعمال لأنفسهم، دون أن يتصرّفوا في الواقع : لا من أجل الإيمان ولا من أجل الانسجام في فرنسا بشكل خاص. فهم خونة لا يمثلون لأي حال، غالبية المسلمين ولكنهم يخلقون وضعا، لا يمكن للفرنسيين فيه أن يكونوا مؤيدين للإسلام، إلا بصعوبة.
ويساهم ذلك، مرة أخرى في الحرب الأهلية لأن الفرنسيين يرون كيف يتم تنظيم عمليات الاتجار هذه، لأنّ وسائل الإعلام تستنكره، ولأنّ الحكم الفرنسي كمين للتنديد بكل ذلك. وبالتالي، يمسك كبار الشخصيات الفرنسية الإسلامية الذين لا يدركون وجود التهديد. لقد حان الوقت لنزع الاعتبار والحظوة، بوضوح للشخصيات الإشكالية (ليس جميعها وإنما عدد كبير منها) والتوقف عن تبذير الأموال حيث توجد أشياء أفضل للقيام بها…
مرة أخرى يجب أن يكون التحالف المقدّس الجديد بين الإسلام والنصرانية، هدفنا من أجل تجنب الحرب الأهلية ومن أجل إعادة الدبلوماسية الفرنسية، في اتجاه المصالح المشتركة بين فرنسا، منطقة نفوذها، والعالم الإسلامي. هذا التأثير، الذي غالبا ما تكون أساليب عمله، قريبة من ممارسات مافيا معينة، يجب استبداله بتأثير مفيد لفرنسا وللعالم الإسلامي في آن واحد.
خريطة النفوذ الفرنسي في العالم
سؤال : هل تعتقدون بأنّه تنظّم حرب أهلية في فرنسا، على أمل تسليم المسلمين، الفرنسيين الغير مسلمين حتى يقضوا عليهم، ومن أجل تطرّف الفرنسيين الغير مسلمين؟
جواب : الفرنسيون ليسوا بأشخاص عنصريين، ولا يريدون الشعور بهذه الكراهية العمياء تجاه المسلمين. وفوق كل شيء، فهم يدركون الحرب الاجتماعية التي تشنّها نخبة منحلّة استولت على دولتهم. وللصمود وللاحتفاظ بسلطتها في فرنسا، يجب على هذه النخبة المنحلّة، أن تجد وصفات جديدة : كانت لديها الانفصالية الإسلامية ثم الأزمة الصحية لفيروس كوفيد 19. لكن مع المناورات العولمية الأخيرة التي أجريت حول الحرب في أكرانيا، سنواجه قريبا، حالة عوز، مما سيسهّل ظهور الحرب الأهلية…
كل هذه الأمور، أمور مصطنعة : تثير العولمة، عدم تبصّر الدول، من أجل تدمير الدول وإخضاع الشعوب. وحتى عندما يرفض الناس القتال، يمكن إجبارهم على القيام بذلك عندما يكونون في حالة فقر شديد حيث لم يكن لهم المزيد من الخيارات في حالة الفقر هذه…
والمشكلة أيضا أنّ مسلمي فرنسا كانوا منذ عقود، ضحايا لتضليل إعلامي رهيب أثارهم ضد الفرنسيين، وهذا ما سنضطر إلى التحرّك، ضده في السنوات القادمة.
لقد لاحظنا ذلك بمناسبة هذه الانتخابات الرئاسية الأخيرة : انخرط الكثير من المسلمين في أحزاب اليسار المتطرّف. في الواقع، إنّها نتيجة عقود، انتشرت فيها اليسارية-الإسلامية التي روّجت لها الأحزاب اليسارية. لكن النتيجة هي أنّ المسلمين يصوّتون بأعداد كبيرة، لمرشح يعارض تماما المبادئ الإسلامية جان لوك ملنشون Jean Luc Mélenchon))، وهو مرشح يدعو في النهاية، للتصويت لإمانوال ماكرون وبالتالي، للتمويل الدولاني الذي هو الرجل النصير له. ويدعو للتخريب المناهض للدين، الذي يتعارض تماما مع مبادئ الإسلام التي يروّج لها.
” أسخر بفرنسا-واجب وقاحة- ” كتاب صدر عن سعيد بوعمامة ومجموعة راب (Rap)Z.E.P 2010 نسخة من كتاب الأيسر المتطرف الهادف إلى حث الفرنسيين المسلمين على كراهية فرنسا.
سؤال : أنتم تعتقدون أنّ المسلمين الفرنسيين يخضعون للسيطرة ويدفع بهم إلى التصويت لليسار المتطرّف؟
جواب : إنّ المسلمين يدفعون إلى التصويت على ملحد غضوب، ماسوني، من المشرق الكبير (بمعنى الماسونية الملحدة واللاروحنية على عكس الماسونية الأصلية التي كانت إصلاحية مسيحية غنوصية).
يؤيّد ملونشون، زواج المثليين، ويؤيّد PMA بدون أب، ويؤيّد GPA، والانتحار بالمساعدة، والنسالة، ونظرية الجنس، والإجهاض في الأسبوع الرابع عشر (وإذا ظلت الأمور هكذا، قريبا حتى إلى حين الولادة!) ويؤيد الحركة الدولية من أجل تحسين الوضع البشري، ودعاية المتحوّلين جنسيا الموجهة للأطفال، وتمجيد المتحولين جنسيا المسلمين ([51])… سيصوّت إذن المسلمون على عكس مبادئ القرآن، لرئيس يطلب منّا احترام المثليين في مسيراتهم وهم يقولون بأنّ المسيح شاذ، وبأنّ “الله مثلي”. نشاهد هذا النوع من النقش الاستفزازي، في كل مسيرة تنظّم من طرف المثليين. لابد حقا، أن يكون المسلمون “محل عناية حسنة” منذ سنوات، حتى يقعوا في مثل هذا الفخ الخشن ([52]).
والشيء الذي يثير الاهتمام أيضا، هو منطق “الحرب الخاصة” الواضح، إذا قارننا بين ملنشون وزمور : فلدينا حزبين راديكاليين في آرائهما، مع انحرافات مزعزعة تؤدي في الختام، إلى خلق ديكور حرب أهلية مصطنعة، بين حزبين راديكاليين، اللذان أخرجت ونظّمت راديكاليتهما.
فمن جهة، هيّج زمور، المسلمين عن طريق مهاجمتهم، خلال حملته، ممّا اضطر بهم إلى التصويت ضده وفي المقابل، رفضت أغلبية الناس، ماكرون، فلم يبق لهم إلا ملنشون كخيار. إلا أنّ ملنشون نادى بالتصويت على ماكرون. فهذه لعبة مسرحية ماكرة، تسمح في النهاية بإعادة انتخاب ماكرون، مع تدعيم تصويت المهاجرين لصالحه.
(51): علي، والد محول جنسيا: ” أريد أن أروي هذه القصة، لأن هويتنا ومسارنا سياسيان ”. جريدة Liberation 16/05/2022.
(52): ” إسلامية-يسارية، الدين الحقيقي للديمقراطيين المنضمين إلى الإسلام. نشر من طرف المعهد الحضري المتعدد الثقافات العربي الإسلامي. في 7/4/2022.
Islamo-gauchisme, Religion réelle des démocrates affiliés à l’islam
” ليس هناك مستقبل لفرنسا بدون عرب وبربر المغرب العربي ” مثال عن المحسوبية الإنتخابية لصالح الهجرة، لمترشح اليسار المتطرفة الملحد، جان لوك ملنشونJean-Luc Mélenchon2012.
يصبح المسلمون من وجهة نظر الفرنسيين الغير مسلمين، معضلة، بمجرد تصويتهم لرئيس يدمّر فرنسا. وحتى مجرد فكرة الدفاع الشرعي للشعب الفرنسي تؤول إذن إلى فوز العولمة : لأنّ تخوّف المسلمين يقودهم في الأخير، إلى التصويت على العولمة، وبالتالي يصبحون متواطئين مع العولمة. ويمهّد ذلك التوتر الضروري لقيام حرب أهلية في فرنسا. وليس في ذلك، شيء يمكننا سليم.
تستغل اليسار المتطرّفة نفوذها على النوايا الحسنة الشعبية منذ سنوات وتريد الآن استغلال النوايا الحسنة للمهاجرين والمسلمين، والحق يقال، قد نجحت هذه الطريقة بشكل جيّد منذ سنوات. هذه اليسار المتطرّفة تعمل فقط، على جعل الشعوب يقبلون غزوها، من قبل المصالح المالية الدولانية، واليوم، المهاجرون بعيدون عن فهم ذلك : لهذا السبب، هم مرشّحون للخدمة في “جيش احتياطي” للرأسمالية، على حسب قول ماركس، وهم مرشّحون كذلك للخدمة في “جيش احتياطي” لما يدعى “بالديمقراطية”. تم تنظير ذلك بالأسود في الأبيض في فرنسا : استبدال الشعب الفرنسي بمهاجرين أكثر طاعة منه، عن طريق إثارتهم ضد الفرنسيين. من أجل تأبيد حكم الخونة الذين يغيّرون اتجاه فرنسا منذ سنوات ([53]).
(53): ”NUPES”: عودة المحتلين الاجتماعيين؟” مقابلة مع برنارد فريو (Bernard FRIOT)، عالم اجتماع، اقتصادي، أستاذ فخري في جامعة باريس ننتير (باريس X) تمت في 13 جوان 2022.
ونحن نشاهد عن ذلك، التطبيقات المثيرة للفتنة في الولايات الأمريكية المتحدة لحركة Black Lives Matter وإيديولوجية wokeالتي نجد من ورائها، جورج سوروس (Georges Soros) وعملاء آخرين مخرّبين معروفين.
سؤال : بالحديث عن التوترات، ما رأيكم في أحداث ملعب فرنسا الأخيرة، بمناسبة دوري أبطال أوروبا، على ملعب فرنسا، بين ليفربول وريال مدريد؟ وقعت حوادث خطيرة وكانت ردود فعل وزير الداخلية الفرنسي، غريبة جدا. ماذا يمكنكم القول عن ذلك؟
جواب : ما حدث في ملعب فرنسا، ما هو إلا فشل أمني، إنّها حرب خاصة خفية. على ما يلوح، لدينا ما يسمّى بقوات أمن فرنسية، تجاوزتها فجأة الأحداث، ونموذج فرنسي لحفظ الأمن الذي يفترض أنّه “في حالة أزمة”. ([54])
لكن في الواقع، لدينا اختلاف مصطنع، لحدث له أغراض سياسية : والهدف من ذلك هو تصعيد مناخ الحرب الأهلية، من خلال تحديد الفترة التي توقفت فيها أجندة ماكرون في نهاية فترة ولايته الأولى.
خلال فترة ولايته السابقة، شرع في إلقاء المسلمين في أيدي الفرنسيين بحجة “الانفصالية”. وبمجرد بدء ولايته، تم إنشاء عملية فجّة أمام أعيننا، يمكن تأويلها إما: بعدم الكفاءة أو بسبق الإصرار لتحقيق غايات سياسية.
إنّ “عدم الكفاءة” هو في الواقع، فرضية ضعيفة للغاية. بالمقابل، إذا اعتبرتم كل ما قاله أنصار الإنجليز والإسبان، فسترون أنّه كانت هناك، تصرفات غير طبيعية من جانب قوات الأمن الفرنسية، وأوامر غير طبيعية للغاية أدت إلى حالة، تعرّض فيها المشجّعون البريطانيون، للإيذاء والسرقة، من قبل عصابات المهاجرين المسلّحة، ثم لديكم تصرفات قامت بها قوات الأمن ضد المشجعين البريطانيين في حين أنّه كان من المفروض قوات الأمن موجودة هناك، لحمايتهم من قبل. فعلى ما يلوح إذن : نحن بصدد عدم كفاءة.
لكن إذا أضفتم بعد ذلك “المعالجة الإعلامية” لهذا الوضع، في بث برامج موجّهة للجمهور العام ([55])، فستدركون حقيقة أخرى : تتظاهر وسائل الإعلام تتظاهر باكتشافها فجأة، واقع، كانت تنكره منذ سنوات في فرنسا. هذا الواقع هو “التدريب الحقيقي المضاد للفرنسيين” الذي تم فرضه على عدد كبير من المهاجرين في فرنسا. بالأمس، تمت إهانة الوطنيين الفرنسيين الذين استنكروا ذلك. وهنا، فجأة تظهر وسائل الإعلام، هذه الحقيقة التي لا يمكن الدفاع عنها والتي تضرّ بفرنسا المستعدّة لحرب أهلية : عصابات مهاجرين مسلحة قادرة على السلب والتحرّش بالمؤيدين الإنجليز والإسبان، دون أي ردّ فعل من الدولة.
يمكننا أن نرى أيضا أنّ المدن الكبرى تمتلئ بكاميرات المراقبة بحجة “مكافحة انعدام الأمن”. لكن، فجأة تسمح مقاطع الفيديو الخاصة بكاميرات المراقبة هذه، حتى لا تظهر القرارات الشاذة الخاصة بالحفاظ على النظام والتي أدّت إلى هذا الوضع المعين ([56]).
لكنه قبل كل شيء فإنّ “الاستغلال الإعلامي-السياسي” لهذا الوضع، هو الذي يهيأ في مرحلة ثانية للحرب الأهلية : سمح سياسيون سيئون بإحداث مشكلة، ويستخدم ورثتهم الآن هذه المشكلة للتمهيد للحرب الأهلية في فرنسا ويتخيلون أنّهم سيحافظون بذلك، على سلطتهم من خلال الظهور كمنقذين. يندّد الوطنيون الفرنسيون بهذا منذ سنوات ولا يمكن الآن لأحد أن يتجاهله.
من المؤكد أنّ الدولة أظهرت أنّها “غير كفؤة”، إنّما أقول لكم أنّ عدم الكفاءة هذا قد يتم إنشاءه عمدا من أجل الإظهار للفرنسيين، أنّ المهاجرين هم المشكلة، في حين أنّ هذه المشكلة تم إنشاءها على مدى عقود، لتسهيل تدمير فرنسا.
لذا من الواضح أنّ رد وزير الداخلية جيرالد “موسى” درمانن، على مجلس الشيوخ، كان مضحكا : كان من شأن ذلك أن يوصم بعض سكان سان سانت دونيس (Seine Saint-Denis) وأنّه كان سيلعب “لعبة النقيضين” ! ([57]). تلميحا إلى المهاجرين. لكن في الواقع، إنّه أمر خطير للغاية، لأنّه يمكن معايرة هذا الرد على أنّه تحكّم في رد الفعل البافلوفي : يعرف الفرنسيون جيدا أنّ حق المعرفة أنّ عصابات المهاجرين هي التي أظهرت نفسها عنيفة ومسلّحة.
أفكار جديدة نقدية. 16 جوان 2022.” عندما تقول اليسار أودعا ” للعمال والموظفين ” (ماريان. 10/5/2011)؛ ” عندما كانت طير نوفا تنصح الحزب الاجتماعي بالتركيز على تصويت المهاجرين الفرنسيين ” (جريدة Le Figaro. 18/09/2014).
(54): حوادث في ملعب فرنسا: ” المقاربة الفرنسية للأحداث الكبرى خطيرة ومؤرخة… ” 20 دقيقة 21/06/2022.
(55): ” لا تلمس منصبي ” (TPMP) 2/06/2022. انستغرام/فيسبوك، TPMP سريل حنونة، ” سأستهزأ بفرنسا (…) تحي الجزائر، يحي المغرب – دخل بلال بطريقة غير شرعية إلى ملعب فرنسا وأهان فرنسا في فيديو. كسر صمته وتشابك مع الإخباريين، بعنف! #TPMP
(56): ” إنه لأمر مدهش ” مقاطع الفيديو المحذوفة لأحداث ملعب فرنسا ”. جريدة Le Parisien، 14/06/2022.
(57): درمانان أمام مجلس الشيوخ: ” توضيحاته حول حوادث ملعب فرنسا ” جريدة Le Figaro live 1/06/2022. ” وراء حوادث ملعب فرنسا، صورة ضواحي المدينة المعرضة للخطر ”. Gazette des commun 31/05/2022.
جيرالد موسى درمانن(Gérald Moussa Darmanin) في جلسة الاستماع إلى أقواله في مجلس الشيوخ. ” الفوضى في ملعب فرنسا: كيف دفع جرالددرمانن عن نفسه أمام مجلس الشيوخ ” قناة BFMTV 1/6/2022.
لكن هذا الإنكار المبالغ فيه بشكل فاحش من جانب عضو رسمي في الحكومة، وهذه الأخطاء المتعددة المعترف بها من طرف الوزير درمانن، يعمل على “إثارة” توتر مجتمعي بينما تظهر وسائل الإعلام الصور الواضحة للمصدر المستورد للمشاكل ([58]). لكنهم يفعلون ذلك من أجل إلقاء اللوم على الإسلام وحده. لكن الله لا يحب المشاغبين، إنّ هذه فكرة متكررة في القرآن الكريم. في بلد مسلم جدير بهذا الإسم، ماذا كانت ستفعل قوات الأمن ضد هؤلاء السكان؟ كان من الممكن أن يكون هناك موتى… هل نحن متأكدون من أنّ كل هذا هو خطأ الإسلام كما تدّعيه ما يسمى بالدعاية “الفرنسية” منذ عدة سنوات؟
(58): ” تحدي ام تحدي مضاعف لجرالد درمنان الذي أضعفته حوادث ملعب فرنسا؟ ” L’obs، 1/6/2022. ” ملعب فرنسا: ” من الواضح أن الامور كان يمكن تنظيمها بشكل أفضل، كما يعترف جيرالد درمنان ” AFP/RTL 1/6/2022. ”الفوضى في ملعب فرنسا: درمنان يعتذر عن الاستعمال الغير المتناسب للغاز المسيل للدموع ” مجلة Le Point AFP 1/6/2022. ” يختبر مجلس الشيوخ جيرالد درمنان وأميلي أوديا – كستيرا حول حوادث ملعب فرنسا بمناسبة نهائي دوري الأبطال ” موقع رسمي لمجلس الشيوخ، 30/05/2022.
لأنّه، في الوقت الذي تتم فيه إثارة المهاجرين ضد فرنسا، وتحريض الفرنسيين ضد المهاجرين، يعكف الرئيس ماكرون وشبكاته، على تدمير فرنسا اقتصاديا وعلى تضليلها في ظل منطق إثارة الحرب والعدوان في الشرق الأوسط وفي أكرانيا… فمرة أخرى، يعتبر هذا منطق حرب خاصة خطير للغاية بالنسبة لفرنسا، ولمهاجري فرنسا، وكذلك بالنسبة للفرنسيين. ولا يمكن لدول العالم الأخرى، تجاهله لأنّ هناك عواقب متوقّعة خارج فرنسا…
سؤال : وبالتالي، في مواجهة هذين الحزبين المتطرفين، أعيد انتخاب ماكرون “كمنقذ” ؟ فهل من حلّ آخر؟ وهل يمكن تجنّب هذه الحرب الأهلية؟
جواب : إنّه “المنقذ” الذي “ينير” فرنسا بالفعل! لقد أعاد الرئيس ماكرون تسمية حزبه الجمهورية في السير (LREM) : النهضة. لكنها مجرد لعبة تسويقية تجعله يبدو كأنه الحل للوضع في فرنسا، في مواجهة الحالات القصوى. من السهل عليه أن يجعل نفسه منتخب ثانية : إنّ النظام السياسي مقفل تماما ولا يوجد هناك سوى معارضات تحت الرقابة أو أحزاب خرقاء للغاية أو غير مكتملة بدرجة تجعلها ذات مصداقية.
في غضون ذلك، إنّه منطق حرب خاصة تتقدّم وستنتهي بحرب أهلية إذا لم نفعل شيئا لتجنبها.
هذا هو السبب الذي قمت من أجله، بإنشاء حزب سياسي جديد : حزب التحالف من أجل فرنسا (APF)، سيكون الهدف منه، هو إعادة تقييم القضايا الحقيقية وتوحيد الغالبية العظمى من الفرنسيين الممتنعين عن التصويت (الذين يمثلون اليوم أكثر من 26 مليون ناخب مسجّل) الذين اختلط عليهم الأمر في الحلبة السياسية الحالية. في الواقع، لدينا بالفعل كل ما نحتاجه لتغيير الأشياء في فرنسا، والعديد من الشبكات تدعّمنا لأنّها تدرك أنّه إذا لم يتم القيام بشيء جادّ بشكل عاجل، فسيكون المستقبل مظلما جدّا بالنسبة لفرنسا…
والمثير للاهتمام، هو نتيجة الانتخابات التشريعية في فرنسا : ماكرون ليس لديه أغلبية في الوقت الحاضر مما يمكننا أن نتوقع اظطرابات سياسية ستزداد فقط في فرنسا كلّما ازدادت الصعوبات الاقتصادية التي خلقتها حكومة ماكرون. صعوبات يجب البحث عن سببها من جانب التمويل الدولاني الذي حوّل الاقتصاد العالمي تدريجيا، إلى كازينو (Casino)، وهذا ما تعارضه روسيا والصين وهما محقتان في فعل ذلك.
لكن بالنسبة لفرنسا، بين حزبين متطرفين هما في الواقع حزبين من المعارضة، خاضعين للمراقبة (اليسار المتطرّفة مع NUPES لجان لوك ميلونشون واليمين المتطرّفة مع RNلمارين لوبان وحزب إعادة الغزو (la Reconquête) لإريك زمور. إنّ المشهد مهيأ لحرب خاصة لا نهاية لها. إلى جانب ذلك، فإنّ كل من ميلونشون ومارين لوبان وزمور، قد انحاز الثلاثة ضد روسيا وقد أساءوا علنا إلى الرئيس بوتين، لأسباب انتخابية دنيئة. إذا تجرّؤوا على فعل ذلك ضد روسيا القوية والمسيحية، فما الذي سيجرؤون على فعله ضد الحلفاء الآخرين الذين لديهم بالفعل مثل هذا الميل إلى الازدراء من قبل وسائل الإعلام والإيديولوجيين؟ لقد فصّلت هذه الإشكالية “للمعارضات الخاضعة للرقابة” في فرنسا في كتاب بعنوان “فلاديمير بوتين-دي غول الجديد” (منشورات أفاق حرّة) والذي سيعاد إصداره هذه الأيام.
من المهم اليوم أن نفهم إلى أي مدى هاتان المعارضتان الرخيصتان، اللتان تدّعان بأنّهما “شعبيتان” أو “وطنيتان”، فقدتا اليوم مصداقيتهما. إنّ الأمر الأكثر إثارة للسخرية بالنسبة لجان لوك ميلونشون الذي يدّعي بأنّه قريب من العولمة البديلة والذي يتخذ مع ذلك، أسوء المواقف المؤيدة للتمويل الدولاني، وراء ماكرون، لكن لم يفهموا ناخبيه، هذا الأمر بعد…
لكن لن تترتّب النتائج على فرنسا وحدها، لأنّ هذه الأخيرة لديها أدوات إستراتيجية تستخدم لخلق مشاكل في أماكن أخرى من العالم، لاسيما في أكرانيا أو في الشرق الأوسط. هذا هو سبب عدم اهتمام أي شخص بما يحدث في فرنسا. نشاهد ذلك للنشاط الفعّال لفرنسا الذي تقوم به تطرفية ضد العديد من الدول الإسلامية أو الإفريقية وخاصة ضد المملكة العربية السعودية : لم تكن المملكة العربية السعودية، تحت تأثير الرئيس ترامب وخاصة تحت تأثير الصين وروسيا، قادرة على التخلص من الكثير من التأثيرات الدولانية الشريرة التي ظلّت تهدّدها منذ سنوات. ومع ذلك، لم تنتقدها فرنسا بشكل أعمى بقدر ما هي منتقدة في عهد ماكرون. فهل هناك أيّ تماسك للدبلوماسية الفرنسية؟ اليوم تعمل فرنسا ضد السلام في العالم وعليها أن تتوقف على أي حال وإلا فإنّ الدول ستتجمّع عليها لإنهائه عاجلا أم آجلا…
لهذا السبب نحتاج إلى التوصل إلى حل أفضل. إنّ الحلول التي قدّمتها الأطراف الأخرى، عفا عليها الزمن وتنطوي على مفارقة تاريخية، فيمكننا أن نفعل ما هو أفضل بكثير. “ليس الأمر بأن نجلب إلى الإيليزي رجلا خارقا أو إله أوليمبوس أو منقذ مناسب (جديد)، بل يمكننا أن نعطي لفرنسا، رجلا أمينا، بمعنى القرن السابع عشر، مدفوعا بالإحساس بالدولة والقدرة على إحاطة نفسه بفريق قوي وكفء ليحكم البلاد باحترام الديمقراطية. ومن أجل ذلك، لا يزال هناك متّسع من الوقت […] إنّ مفتاح النجاح هو إيجاد السبيل إلى 52,5% من الممتنعين عن التصويت، إما بلا مبالاة أو بسبب عدم التسييس والاشمئزاز” ([59]).
لكن لن يأتي الحل بين عشية وضحاها : هذه سنوات من الأكاذيب الإيديولوجية التي يتعيّن علينا عكسها. وأنا متفائل جدا، لأنّ ما نقدّمه حقا، طريقة جديدة لرؤية الأشياء، ببساطة عن طريق الرجوع إلى الواقع وليس إلى الإيديولوجيات.
من الملحّ تسجيد تحالفنا المتكوّن من البشر الطيبين في فرنسا، بينما لا تزال فرنسا في “البرمجية” القديمة لصراع الحضارات. فمن الضروري الآن، التصرف في الأمر والحصول على الوسائل اللازمة من أجل ذلك…
سؤال : لذلك تعتقدون أنّ فرنسا يجب أن تنظمّ إلى هذا التحالف المتكوّن من البشر الطيبين وإلا فإنّها ستكون في خطر؟ فما هي الصلة بالوضع الحالي، في الشرق الأوسط وفي أكرانيا وفي معارضة الرئيس ماكرون للرئيس بوتين؟
جواب : هناك صلة بين الداخل والخارج : فقط تحالف من الناس الطيبين وحده، قادر على تهدئة فرنسا، ويجب أن تنظمّ هذه الأخيرة إلى تحالف الأشخاص الطيبين هذا، في الخارج، عن طريق دبلوماسيتها. لكن منذ عهد ساركوزي، تتصرف فرنسا بعزم من جانب الحزب المثير للحرب وهذا واضح جدّا في دبلوماسية الرئيس ماكرون ضد روسيا : تسلّح أكرانيا الغير طبيعي من قبل فرنسا ضد روسيا، يمكن أن تكون له عواقب وخيمة. نحن نعلم بالفعل أنّ هذه الأسلحة المخصّصة لأكرانيا، ستنتهي لعقود، في أيدي الأصوليين من كل جنس، لتنفيذ هجمات إرهابية، في ظل علم مزيف في الغرب، أو لزعزعة استقرار الدول العربية والإفريقية.
لا يمكن للدبلوماسية الفرنسية الحالية إلا أن تؤدي إلى عواقب ليست فرنسا مستعدة لها. الطريقة التي “تسرّبت” بها محادثة ماكرون مع فلاديمير بوتين عندما أظهر ماكرون صراحة أنّه لم يقرأ حتى اتفاقيات مينسك (Minsk) ولا يفهمها، لكنه سمح لنفسه بالنظر إلى الرئيس الروسي بكبرياء، تشهد على القصور البالغ للرئيس الفرنسي ([60]). إنّ هذا منطقي، بالنسبة لماكرون الذي ألغى للتوّ، السلك الدبلوماسي الفرنسي، فهل هو يأمل أن لا يتمكن أي دبلوماسي جدي متخرج من المدرسة الفرنسية القديمة، من مسكه في حالة تقصير([61]) ؟ على أي حال، هناك ترابط واضح، منذ نيكولا ساركوزي، بين طرد أفضل الموظّفين الكفء بشكل تدريجي والدبلوماسيين الشرفاء” للمدرسة القديمة”، الذين أطردوا من Quai d’Orsay أو الذين “وضعوا في الخزانة”، وبين الكفاءات الجديدة للدبلوماسية الفرنسية، التي أصبحت أكثر وضوحا في عهد ماكرون. إنّ تسييس الدبلوماسية وعدم الكفاءة التخريبية، قد غزا الدولة الفرنسية مما جعل دبلوماسيتها تعاني من ذلك.
(59): ماكسيم طندوني: ” سيكون انضمام اليمين إلى رئاسة ثانية لماكرون، انتحاريا و كارثيا. ” ماكسيم طدنوني. جريدة Le Figaro 23/3/2021.
(60): ” بيان رقم 89 شواقو في خركوف، الحرب في أكرانيا: ماكرون متهم، مراجل متعددة. ” استراتبول. 27/06/2022.
(61): إلغاء السلك الدبلوماسي: ” عندما تهب ريح لافروند (La Fronde) على كايد ورسيه (quai d’Orsay) مجلة لكسبريس (L’Express) 19/05/2022. ” إلغاء السلك الدبلوماسي مسجل، وتحتج المعارضة ” جريدة AFP Le Monde 18/04/2022.
رولند دوماس (Roland Dumas) دبلوماسي ووزير سابق فرنسي للشؤون الخارجية، الذي كشف عن النوايا الإنجليزية-الأمريكية- الإسرائيلية وراء الحرب السورية ابتداء من فترة رئاسة ساركوزي (Sarkozy) (2017).
” رولند دوماس: ” سأصف مرة أخرى، بأنني معاد للسامية، لكن…” مجلة Le Point 27/03/2015
غير أنّه من الممكن أيضا تصوّر تواطؤ حقيقي ضد فرنسا مما سيؤدي إلى تغيير محتمل للنظام في فرنسا، لكن سيعود ذلك قبل كل شيء، إلى خطأ القرارات غير الكفؤة والخطيرة التي اتخذها الرئيس ماكرون ودبلوماسيته والتي تعمل ضد مصالح فرنسا، واسمحوا لي بتكرار هذا الكلام.
هناك الكثير من صرير الأسنان غضبا، في صفوف الجيش الفرنسي، بسبب منح ماكرون ثلث، أحدث حديقة مدفعية للجيش الفرنسي لأكرانيا، حتى يتم استخدامها ضد روسيا. علاوة على ذلك، تم الاستيلاء على واحدة على الأقل، من هذه البنادق الممتازة المسماة “سييزار” (Caesar) في حالة سليمة تجرى في هذه اللحظة بالذات، وتمّ فحصها ودراستها بالفعل من قبل الروس من أجل الهندسة العكسية في هذه اللحظة بالذات.
تحكم فرنسا من طرف إيديولوجيين، ناهيك عن الخونة الذين اختاروا ماكرون ويحثّونه إلى هذه “الدبلوماسية” السيئة، التي جعلت من فرنسا دولة شريكة في المحاربة. هناك الكثير من الإنكار حول هذا الموضوع الذي يحدّ من السخرية لأنّه إذا رأيت مشاجرة أمامك في الشارع وأعطيت سكينا لأحد المتشاجرين، فستعتبر متواطئا قانونيا في النتائج المترتبة، فليس من الصعب، فهم ذلك.
هذا التجاهل للدبلوماسية القديمة والتفكير السليم من قبل الإيديولوجيين العالميين الذين دأبوا على تدمير القانون الدولي ودوسه على مدى سنوات، يقترب من نهايته. إنّ الصين وروسيا اللتان انضم إليهما حلفاؤهما، تتصرّفان وفقا لشرائع هذه الدبلوماسية القديمة وهذا يشرّفهما. وبهذه الطريقة ستتم موازنة العالم بعد عقود من الحرب غير الشرعية، لأسباب قليلا ما يقرّ بها.
سؤال : إذن هناك معارضة أمامية بين الرئيس ماكرون والرئيس بوتين؟ ما يمكن أن يكون المستقبل المحتمل لفرنسا في هذا السياق من التوتر الدبلوماسي؟
جواب : في الواقع، نعم، ويجب فهم ذلك، على أنّه التعارض بين مخلوق عولمي، ماكرون، ورئيس دولة ذات سيادة يعمل على الحفاظ على مصالحه لصالح شعبه والذي هو فلاديمير بوتين. الأمر بهذه البساطة. أنّ ماكرون يتصرّف مثل الدولاني الذي يريد تدمير دولته وشعبه لخدمة مصالح الممولين الدوليين. وهذا يمرّ بحروب أممية يتواطأ فيها بشكل مباشر، أكثر فأكثر، وبصورة موضوعية.
لقد تحدّثت بدقة عن هذا المنطق من خلال إعادة تنشيط التفهم الفرنسي القديم للأشياء، في كتاب أعيد نشره حول فلاديمير بوتين : كتاب توقّع منذ 2011، احتمالية وجود معارضة أمامية وعسكرية من طرف الغرب ضد روسيا. بصراحة، لم أكن أعتقد أنّني كنت في هذه المرحلة، على حق، لأنّني عندما قرأته مرة أخرى، كان لدي انطباع بأنّني كنت أعلن فيه بالضبط، ما يحدث هناك. ولكن يجب علينا الآن، إدراك الآليات والعواقب.
غير أنّ من خلال تطور متكرّر للتاريخ، نرى أيضا أنّ الدوليين، هم، بحكم تعريفهم، إستراتيجيون متعطّشون : يعتقدون أنّ كل شيء تحت السيطرة ويحتقرون الجميع، في حين أنّهم يتصرفون فقط من خلال التجريبية وغالبا ما تعود عليهم أفعالهم.
وسيكون هناك بشكل ملموس، بالنسبة لبيدان ولماكرون وللغرب بصفة عامة ولفرنسا بصفة خاصة “عتبة من الألم”. ستكون هناك “عتبة من الألم”. إنّ النقص في المواد الخام والطاقة والتضخم المتسارع بالفعل، والانهيار المنهك وعدم التبصّر المتشدد لقادتها الحاليين، سيؤدي إلى اظطرابات ستسبب لا محال، تلاشي أزمة الصدريات الصفراء. هذا ما يقوله المطّلعون الحقيقيون في فرنسا… ويستحسن أن نذكر أنّ اليورانيوم الموجود في محطات الطاقة النووية الفرنسية، لم يعد يأتي من أرليت (Arlit) في النيجر وإنّما يأتي من كزاخستان الذي هو اليوم، حليف طبيعي لروسيا… فما الذي سيفعله الجبناء المسؤولون الذين يحكمون فرنسا اليوم، بينما كان من المعروف بالفعل، أنّ ماكرون كان مرهوبا في مخبئه، على وشك أن يتم إخلاءه بطائرة هيليكبتر، هربا من الحشد الغاضب أثناء أزمة الصدريات الصفراء؟
ومع ذلك، أقامت فرنسا تعاونا صالحا طويل الأمد مع روسيا، دام إلى حين اغتيال عضو إستراتيجية كبير لها وهو كريستوف دومارجوري (Christophe de Margerie)، الرئيس المدير العام السابق لطوطال، الذي تعرّفت عليه، خلسة. فهو رجل عظيم في الواقع. إنّ موته الغامض، قضى على هذه التعاونات الفرنسية-الروسية وليس عليك أن تكون مثقفا بارعا لتعرف من الذي استفاد من هذه الموت. وبالتأكيد، ليست فرنسا بأي حال من الأحوال…
كريستوف دي مارجوري(Christophe de Margerie) الرئيس الكبير لمصالح الطاقة الفرنسية الذي كان مع فلادمير بوتين، باعثا لتعاون مكثف فرنسي-روسي في مجال الطاقة. تحدث في كثير من الأحيان عن الأزمة الأكرانية ودعا إلى الانفراج بين روسيا وأوكرانيا. من المطلعون: منحه فلاديمير بوتين، وساما، بعد وفاته.
” مارجوري، الرئيس الذي أوصى بالانفراج بين روسا وأوكرانيا ” State 21/10/2014.
” فلاديمير بوتين يمنح وساما لكريستوف دي ماجوري بعد وفاته ” Capital 1/11/2014.
سؤال : وبالتالي يمكن أن يتعرّض حكم ماكرون، للتهديد على المدى الطويل بسبب قراراته الخاصة؟
جواب : يذكرني ذلك بأوريبيد (Euripide) :”أولئك الذين تريد الآلهة أن تهلكهم، تبدأ بدفعهم إلى الجنون”…
من وجهة نظر دولانية، إنّها طريقة تركّع فرنسا. ومن ناحية أخرى، أتصور أنّه من وجهة نظر أورا-سيوية، فإنّ القصد ليس في الحقيقة، إركاع فرنسا على ركبتيها إنّما هي في النهاية، طريقة منطقية للغاية لرد الجميل للقادة الفرنسيين الذين هم من دعاة الحرب، من أجل إسقاطهم بدون حرب. إسقاطهم بدون حرب، ربما لتجنب الحرب لأنّه نظرا لسير الأمور على هذا النحو، سيكون ماكرون قادرا على إعلان الحرب على روسيا…
إنّ دوائر النفوذ الفرنسي وخاصة الدوائر العسكرية، قلقة من التصرفات التي تقوم بها روسيا والصين، لاسيما في إفريقيا. فكان عليها أن تنزعج بأسرع وقت، بسبب الأعمال الخسيسة للمدنيين الذين هم في كثير من الأحيان، لم ينخرطوا أبدا في الجيش، ويزعمون مع ذلك، أنّهم يصرفونه ضد المصالح الإستراتيجية الفرنسية. من صلات الرئيس نيكولا ساركوزي مع قطر، عندما روّج بجنون للجهاد في الساحل؟ السيدة العظيمة التي هي صاحبة السمو الشيخة موزة، ساهمت بشكل كبير في رد قطر إلى صواب أكثر، ولحسن الحظ للقطر الذي كان سيتعرّض للتهديد على المدى الطويل بسبب هذه التصرفات.
غير أنّ في الغرب، وفي فرنسا، حدث نفس الشيء الذي يحدث في الولايات المتحدة الأمريكية، لكن بشكل أسوء، لأسباب تاريخية : الجيش الفرنسي في الواقع ليست له أية سيطرة اليوم على التطور السياسي للأمور، ويدرّب العسكريون الفرنسيون، قبل كل شيء، على عدم التفكير في السياسة. لكن هناك حقيقة تاريخية قديمة مثل روما القديمة، وهي أنّ كل سلطة مدنية تصدر عادة من الجيش : ليس للسلطة المدنية، الفرصة في الإبقاء بدون وجود جيش وكان سيتمّ القضاء على حكم ماكرون في غضون الساعة لولا مرونة قوات الأمن التي يمكن بسهولة، جعلها تعتقد أنّ روسيا هي المشكلة الوحيدة وأنّ ماكرون هو رئيس شرعي يعمل من أجل فرنسا…
وهذا يعني في هذا السياق، أنّ الجيش سيبقى شرعويّا إلى حدّ النهاية. لكن بعد تجاوز مرحلة معينة من الاضطرابات التي من المحتمل أن يتحتّم إرسال الجيش لمجابهتها، ربما سنرى تقويض سلطة ماكرون. في الواقع، سيتمّ التشكيك في حكمه أو التدمير الذاتي لفرنسا، ببطيء. وأنا أخشى أن يكون كلا الخيارين ممكنين.
من الصعب الاحتمال أن نتصور أنّ أشخاص مثل ماكرون وأتباعه، يمكنهم اتخاذ قرارات تهدّد حياتهم إلى هذا الحد. لكن هذا هو مبدأ العولمة : إنّ دمى العولمة مقتنعون دائما بإفلاتهم من العقاب، وهم مقتنعون حتى بفعل الخير عن طريق شبكات تبدو قوية جدّا. لكن في الواقع لم يكن هناك أي تطوّر تدريجي متتابع حتمي، ويوجد دائما شيء من المباغتة في شبكة الأسباب والنتائج، المعقّدة.
سؤال : أنتم إذن من المثقّفين الفرنسيين النادرين الذين تجرّؤوا على الوقوف بجانب روسيا في الوقت الحالي؟
جواب : أنا لست منحازا فعلا إلى “جانب روسيا”، هذه نقطة مهمة : أنا ببساطة، أحيط علما بالحقائق، التي هي أكبر من روسيا وحدها : إنّني منحاز إلى جانب أولئك الذين يقاتلون قدر الإمكان، من أجل الحقيقة ودرء الأسوء. هذا ما فعلته روسيا في الشرق الأوسط ولم يفهم الفرنسيون بعد، أنّ روسيا أخذت مكان فرنسا التي أصبحت دولة فاشلة تتجاهل تاريخها الشخصي وشبكات التعاطف معها في الخارج.
هذا التجاهل من جانب الفرنسيين، يكاد أن يكون شائنا ونحن نعلم أنّ روسيا كانت مليئة بالشفقة بعد حصول الهجمات الإرهابية في فرنسا لاسيما أنّ روسيا، هي التي عالجت في سوريا، عواقب التواطؤ الفرنسي لصالح الحرب في سوريا والتي أسفرت بشكل خاص عن اعتداءات إرهابية في فرنسا. تعمل وسائل الإعلام يوميا على تناسي الفرنسيين المواضيع الحقيقية، لكني أعتقد أنّ هذه الفجوة القائمة بين الوقائع والتصوّر الموجود لدى الفرنسيين عن هذه المواضيع، لا يمكن أن تستمر إلى الأبد.
فيديوات تضامن الشعب الروسي، بعد الاعتداءات التي وقعت في باريس في 2015: يطالب الشعب الروسي بتيقظ ووحدة الشعب الأوروبية ضد البربرية الجهادية.
https://www.youtube.com/watch?v=7IycgUNkgKY
أعلنت منذ عامين، عن ظهور “نظام عالمي جديد” غير متوقع ([62]).
والسؤال المطروح يخصّ مكانة فرنسا فيه، لأنّ العالم كله اليوم يحتقر الدبلوماسية الفرنسية لأنّ تحويلها عن اتجاهها، أصبح أمرا جليا للغاية. تستخدم فرنسا في دور إشعال الحرب وفي دور المشوّش الإيديولوجي ضد العالم بأسره. في الواقع يعود تاريخ ذلك إلى 1789. إلا أنّ فرنسا تناست أنّ بقائها مندمج في إطار شبكة من التحالفات والتعاطف. ولقد تناست فرنسا، في عهد ماكرون، أنّه في حالة التصرّف بعكس الصواب، تكون العواقب دائما محسوسة، عاجلا أم آجلا.
سؤال : فهل فرنسا متأخّرة إذن في حرب إيديولوجية؟
(62): ” ترامب، بوتين، كسي جينبيغ، بوريس جنسون ومحمد بن سلمان: يظهر نظام عالمي آخر غير متوقع ” (ساكر/ CVR 22/5/2022).
جواب : بالضبط! هناك وراء النشاط الفعّال لماكرون ضد روسيا، أو “الانحياز إلى جانب روسيا أو ضدها” موضوع أوسع : وهو مسألة معرفة ما إذا كنّا نريد حروبا لا نهاية لها أو على العكس من ذلك، نريد أن تعود الإنسانية إلى المزيد من الصواب وبالتالي إلى أقل حروب لا لزوم لها.
هذه المعارضة المحفوفة بالمخاطر بين الرئيس ماكرون والرئيس بوتين، رأيناها أيضا من خلال قضية كاريكاتورات الرسول محمد عليه الصلاة والسلام. رأيناها من ناحية لدى ماكرون، في تصريحاته التي تعمل بشكل علني ومتعمّد، في اتجاه صراع الحضارات. إنّه خطأ سياسي-نفسي، بقدر ما تتمتع فرنسا بتاريخ طويل من العلاقات مع العالم الإسلامي ولم تثبت أبدا مثل هذا الهراء الفاضح. على العكس من ذلك، وعلى الجانب الآخر، كان لدينا من جانب فلاديمير بوتين، حديث رئيس دولة رشيد، واع بالعواقب السلبية لهذه الأساليب الفعالية: ورئيس دولة واع بنية تحريض العالم الإسلامي من أجل خلق حرب لا نهاية لها، مصطنعة وعديمة الجدوى.
ربما يكون الأمر خفيا، إذا لم نربط بالنقاط. ولكن في الواقع، أدرك بعض المطّلعين، منطق إثارة الدعاية لهذه الرسوم الكاريكاتورية منذ 2005. وهو منطق عملية تطرّف المسلمين من ناحية، والضغط على الدول الغربية من ناحية أخرى، بالعديد من القضايا في الدانمارك وفي السويد وفي أماكن أخرى وبمشاجرات علنية حول هذا الموضوع، الذي طلب من السياسيين العربيين بعد ذلك، أن ينحازوا إليه.
كل هذا فقط لا يخدم إلا “الحرب الخاصة” : القيام بعملية التطرّف في أوساط كلا الجانبين وشقاق طرفان متعارضان جذريا، حتى الموت، بحيث تكون النتيجة الوحيدة هي حرب أهلية وحرب عالمية يقوم بها الغرب ضد العالم الإسلامي. فتستبدل إذن، ديانتان بينهما حديث كثير والعديد من النقاط المشتركة والتي يؤمن كلاهما بالمسيح وبمريم العذراء (بارك الله فيهما) وفي الخلاص بالأعمال، وبنضال يدعى بنضال “لأسباب دينية”. إنّ ذلك الأمر، أمر مصطنع كليا ويجب الآن إدراكه بجدية.
وبالمقارنة، فإنّ موقف العديد من المسيحيين في الشرق الأوسط تجاه سعي روسيا للحفاظ على سوريا وخاصة تجاه تصريحات الرئيس فلاديمير بوتين ضد هذه الكاريكاتورات، موقف ذو مغرى. وفي مواجهة الغربيين الذين عشقوا فجأة رسّامين محرّضين ومستواهم دون المتوسط الذين أرادوا فقط تدمير ما هو مقدّس، أدان الرئيس الروسي بكل وضوح، هذه الكاريكاتورات وانحاز إلى حرية المؤمنين، ضد الاستفزازات المجانية التي لا يمكن أن ينتج عنها شيء صالح ([1]).
لقاء جمع بين فلاديمير بوتين وكبار الشخصيات المسلمة في روسيا. نهج استراتيجي ضد ايديولوجية صراع الحضارات، التي أرادت حصول حرب عالمية بين المسيحية والإسلام. ولم يفهم الفرنسيون على الإطلاق: من جانب الطبقة السياسية ووسائط الإعلام، على السواء: ” ما يلعب به فلاديمير بوتين مع الغسلام؟ ”Les Echos 18/02/2016.
بالفعل، عندما تعرض هذه الكاريكاتورات (آخر كاريكاتورات كانت لشارلي إبدو)، فيظهر منها دائما، تلك الأقل إساءة، ولكن لا يظهر منها تلك التي يكون فيها الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، مجرّد من الثياب، بأردافه عارية وبنجمة على فتحة الشرج. ولا نذكّر أنّ طريقة رسمه على بعض الرسومات، تذكّرنا بالقضيب. إنّ هذا ليس فنّا بل نقصا في الموهبة التي لا يمكن التعبير عنها، إلا من خلال الاستفزاز الفاحش من مستوى منخفض جدّا. ومع ذلك، قال العديد من السياسيين الفرنسيين أنّه يجب عرض هذه الرسوم الكاريكاتورية في جميع المؤسسات التعليمية الفرنسية. فما هذا، إن لم يكن تدريبا على المعصية؟ فقد عزلت فرنسا، العالم الإسلامي بأسره انطلاقا من سرد إيديولوجي، فرض عليها من الخارج.
(63): الرسوم الكاريكاتورية للرسول محمد (عليه الصلاة والسلام) ” هي انتهاك للدين ” سبوتنيك فيديو 24/12/2001. ” بوتين: ” سب الرسول محمد يعتبر انتهاك للدين ” (أنادولو أجنسي. 25/12/2021).
سؤال : لذلك، تعمل فرنسا ضد شبكة تحالفاتها متناسية أنّ اقتصادها يحتاج إلى هذه التحالفات؟
جواب : هذا صحيح والذي يجب أن يقلقنا هو التخريب الاقتصادي والترويج المكتوم للحرب من طرف ماكرون.
بالإضافة إلى ذلك، فأنا مهتم بشكل خاص بتصريحات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بشأن ماكرون، الواردة في جريدة دير شبيجل (Der Spiegel) بعد أنّ ماكرون “تعدّى على كرامة الجزائريين” ([64]). إعلانه بأنّه يمكن أن يوقّع عقود غاز مع إيطاليا بدلا من فرنسا، يتيح لنا تصوّر وضع يمكن أن يصبح كارثيا بالنسبة لماكرون.
(64): ” الجزائر – فرنسا: تهمة الرئيس تبون ضد الرئيس ماكرون ” TV5 Monde 6/11/2021.
« Wenn Macron anruft, nimmt er nicht mehr ab. Warum?» Spiegel, 5.11.2021. « ”you Can’t Question a People’s History and You Can’t Insult the Algerians”» Spiegel, 9.11.2021.
” تبون إلى جريدة دير شبيجل حول الأزمة الدبلوماسية مع فرنسا: ” لن أكون الشخص الذي يتخذ الخطوة الأولى ” جريدة الوطن 7/11/2021.
لقد رأينا في ليبيا كيف تمّ تحويل مسار الدبلوماسية الفرنسية من قبل عاملين مخربين دولانيين مثل برنارد-هانري ليفي(Bernard-Henri Lévy) ، الذي يمثل كاريكاتور ليهودي “يحرّض للحرب” والذي لم يحمل سلاحا في حياته ولكنه يدّعي بأنّه يشنّ الحرب بإسم إسرائيل ([65]).
(65): ” ليبيا – برنارد – هانري ليفي (BHL) جند نفسه كيهودي ”. جريدة Le Figaro/AFP 20/11/2011. ” برنارد – هاري ليفي: ” إنني أمثل قبيلة اسررائيل ” (أمة.كوم.2/6/2012) برنارد – هاري ليفي: ” إنني فخور بفرنسا عندما ترسل جنودها لتثقب جلودهم بالرصاص ” (Agoravox,27/6/2018).
الحطاب مراد: سيف الإسلام قذافي. حلم المستقبل لليبيا. منشورات إريك بونيي. 2019. ص 293.
لقد كسب الصحفي الاستقصائي دينيس روبرت (Denis Robert) والإعلامي الاستقصائي بلاست (Blast)، دعواهما القضائية المتعلقة بتحويل 9 ملايين يورو من أمير قطر، مقابل دعمه لاندلاع الحرب الليبية ([66]).
(66): برنارد – ” هانري ليفي خسر طعنه بالقذف ضد الصحفي دينيس روبرت ” جريدة Le Monde 22/9/2021 ” اشكر صحافة هذا البلد على الإبلاغ هن هزيمة برنارد – هانري ليفي في إجراءات الاستئناف ضد بلاست.
قد اتهم بأنه حُول له مبلغ 9 ملايين يورو من طرف أمير قطر مقابل تدعيمه في اندلاع الحرب في ليبيا.
Denis Robert @ denisrobert 11 11:36 PM. 30/6/22.
كما يمارس (BHL) نشاطا فعّالا وقحا ضد سيادة الجزائر ويريد إعادة كتابة القرآن على يد يهودي ([67]).
(67): ” مارك روسيل بشأن برنارد – هانري ليفي ” موقع برنارد – هانري ليفي. الذي ألغي اليوم، والمحافظ به في مواقع تحفظ فيها نسخة منه: ” سيكون العمل العظيم في حياتي هو إعادة كتابة القرآن بواسطة يهودي ” برنارد – هانري ليفي DOC/Meta TV3£ 3/04/15.
https://meta.tv/la-grande-oeuvre-de-ma-vie-sera-de-faire-reecrire-le-coran-par-un-juif-bhl/
حتى أنّ برنارد-هانري ليفي نفسه، قد إعترف على التلفزيون الفرنسي بعبادته لإبليس (من خلال الخلط بينه وبين لوسيفر(Lucifer)، متلاعبا هنا على خلط لغوي أسيء فهمه من قبل المسيحيين اليوم) ([68]).
(68): ” إبليس هو جالب النور، إنّه الذكاء ” (برنارد – هانري ليفي، حصة ” جانب الظل مع أندري فروسارد وجورج سوفيرت؛ 1979 أو 20/4/1981.
إنّها عقلية غير مألوفة، لكن لها تأثير مباشر على الدبلوماسية الفرنسية، وهنا تحدث الدراما، والجزائريون محقّون في توبيخ ماكرون، لأنّهم يعرفون بأنّهم مهدّدون كما ذكره الجنرال ديلاوارد (Delawarde) ([69]).
(69): جنرال فرنسي يتحدث إلى الجزائريين: ” احذروا من برنارد – هانري ليفي! ” الجزائر الوطنية. 25/3/2019.
والذي جرّم مؤخرا، من طرف عملاء نفوذ المتوترون للغاية بشأن مسألة الجهة المتحكّمة في وسائل الإعلام في فرنسا، بينما كان ديلاوارد قد طرح السؤال المنطقي عن تأثير الدولة العميق في الولايات المتحدة ([70]).
(70): فتح تحقيق ضد جنرال متفاعد متهم بإطلاق تصريحات معادية للسامية على قناة سي نيوز” جريدة Le Monde 18/06/2021.
يسير تبون على خطى بومدين من اندماجه في ديناميكية ذات أهمية عالمية. من يتذكّر على هامش قمة منظمة أوبك (OPEC) في الجزائر العاصمة عام 1975، ذلك الاجتماع المنعقد من أجل السلام الذي نظّمه الرئيس هواري بومدين من أجل المصالحة بين شاه إيران محمد رزا بهالوي ونائب الرئيس العراقي صدام حسين، بحضور الملك العلاّمة، فيصل بن عبد العزيز السعود، ملك العربية السعودية؟ رفضت واشنطون هذا الاتفاق الذي استعبد أي تدخل أجنبي والذي كان يدعو إلى تصنيع هذه المنطقة من العالم. وبعد ثلاثة أسابيع، اغتيل فيصل على يد ابن أخيه (كانت صديقته، عميلة لوكالة المخابرات المركزية CIA)، وسرعان ما تمت الإطاحة بالشاه، ثم دبّرت حرب إيران-العراق، المدبّرة عبثا، ومات بومدين في ظروف مريبة. فكيف سيكون وضع الدول الإسلامية بدون كل هذه المؤامرات؟
الملك فيصل بن عبد العزيز السعود، الذي أغتيل في 25 مارس 1975.
ومن هنا تأتي الأهمية الكبرى بالنسبة للمملكة العربية السعودية من خلال قرارات محمد بن سلمان، الذي يتّخذ الخيارات الصحيحة للحفاظ على المملكة العربية السعودية والشرق الأوسط وعلى السلام في المنطقة بأسرها، وفي العالم كله. كما أنّ الاجتماع الروسي-الإيراني الذي ينعقد الآن في تركمانستان، له أهمية كبيرة في إعادة السلام إلى كل أوراسيا ([71]).
ونلاحظ أيضا كيف انحازت سلطنة عمن، بالرغم من حيادها، ضد اتفاقيات إبراهيم ([72]). جانب إتفاقات إبراهيم، ومن المؤكّد أنّ ذلك قد تمّ بموافقة رصينة من البريطانيين. إنّ هذا التنافس الخفي على النفوذ بين المملكة المتحدة والولايات الأمريكية تجاه العالم الإسلامي، هو قصة طويلة مجهولة.
نلاحظ أيضا كيف تعرّض سلطان بروناي داروالسلام، حجي سور حسنال بلكيا، محبّ السلام، للهجوم من قبل وسائل الإعلام في الغرب بسبب وضعه قانونا إسلاميا (الشريعة، التي يعني حرفيا “الطريق”، التي تقنّن جميع الحقوق والواجبات) في إمارته. والمشكلة هي أنّ الغربيين يخلطون بين “شريعة الجهاديين” الذين تمّ الترويج لهم بشكل مصطنع، لعقود من الزمن، والشريعة الحقيقية التي تخلق دولا مستقرة والتي تستهدف فقط المخرّبين.
وكذلك أهمية الاجتماعات السرية بين الإسرائيليين والسعوديين في سياق، حصلت فيه توعية مكثّفة في إسرائيل ضد الطريقة التي جعل بها، جزء راديكالي من المجتمع اليهودي الأمريكي، إسرائيل مكروهة، مع القبول المضل للمسيحيين الانجيليين… ([73]).
كما أنّني عرفت شخصيا رئيس وزراء البحرين، خليفة بن سلمان الخليفة. إنّه شخص مهيب، الذي كنت قريبا منه برصانة. كان هذا الرجل العظيم ينظر إلى شرق أوسط ينعم بالسلام، واليوم، محمد بن سلمان يحمل رؤية السلام هذه، ونرى أنّ الغرب لم يعد يدعمه بسبب سعيه للسلام على وجه الخصوص. كما أنّ الوضع في تركيا، وضع حسّاس : لأنّه إذا كان من الممكن نسب أشياء كثيرة إلى أردوقان، فقد أفلت عن النظر، أنّ تركيا كانت لفترة طويلة، مندفعة إلى أنشطة فعّالة مختلفة، سرّا، وأنّ إرهاب حزب العمال الكردستاني غالبا ما تمّ الترويج له، سرّا من قبل حلفائه الرسميين…
سؤال : فهناك ديناميكية جديدة في الشرق الأوسط وفي العالم، لكن فرنسا لم تكن قد أدركتها بعد؟
جواب : هذه بالضبط وجهة نظري. وكون فرنسا من بين أكبر ضحايا النظام الدولي الذي هو في حالة زوال، يجب أن تستيقظ لفهم تاريخها (التاريخ الحقيقي) بشكل أفضل وفهم هذه الفرص بشكل أفضل في الأزمنة القادمة.
لكن الأمل، هو أنّ هذه المناورات العظيمة المعادية للدين، وهذه الحرب الحقيقية ضد المؤمنين التي ذكرتها أعلاه، قد شهدت المزيد والمزيد من ظواهر التحالف بين المسيحيين والمسلمين الفرنسيين : للتنديد ب” Christ Piss” الذي هو تمثيل مؤسف للمسيح، منغمس في البول، ويتظاهر فيه المسلمون مع المسيحيين (كنت هناك بنفسي). عارض المسلمون نظرية النوع الاجتماعي لعدد من السنوات، وهو انحراف آخر يدرّس في المدارس الفرنسية. وقد ساروا في مسيرة مع المسيحيين ضد زواج المثليين حيث تعرّضوا أثناءها جميعا للغاز مع بما في ذلك عربات الأطفال والأطفال. إنّ هذا النضال المشترك ضد المعصية المجاهدة والنظامية، هو الذي سيعيد إنشاء هذا التحالف المقدّس المنسي للمؤمنين الحقيقيين، وقد أظهر المسيحيون أنفسهم، متضايقين، وكثيرا منهم من اتخذ موقفا ضد الرسوم الكاريكاتورية لنبي الإسلام صلى الله عليه وسلم، على الرغم من حقيقة أنّهم مكمّمين بشكل رهيب في فرنسا.
بهذا المعنى، يوجد هناك تحالف، يلوح في الأفق، كذلك يضع الآباء المسلمون التقليديون في كثير من الأحيان، أطفالهم في مدارس كاثوليكية، على وجه التحديد لأنّهم يعرفون أنّه لا يوجد فيها تشويه لما هو مقدّس وأنّ الحوار ممكن فيها: لأنّ، ودعونا نكرر هذا الكلام، كل ما هو مقدّس في نظر المسيحيين هو مقدس في نظر الإسلام والعكس صحيح.
لقد شاهدنا أيضا ظهور هذا التحالف من خلال التفاعلات الايجابية الأخيرة بين الكنيسة الكاثوليكية- الرومانية وجامعة الأزهر السنية وآية الله الكبير الشيعي السيستاني. على الرغم من بعض القضايا الحسّاسة التي تجعل الفاتيكان اليوم، في خطر كبير، فإنّه لا يمكن التغاضي عن دور البابا فرانسوا، ودور الإمام الكبير الشيخ الدكتور أحمد الطيب (شيخ مسجد الأزهر، رئيس مجلس كبار العلماء ورئيس أكاديمية البحث الإسلامي) ودور آية الله الكبير سيد علي الحسيني السيستاني. لأنّه هنا مرة أخرى يتمّ إحباط صراع الحضارات ويحتمل أن يفشل القادة الذين يحوّلون سير الغرب نحو المعصية المتشددة والمثيرة للحروب ([74]).
في الواقع، يعلّمنا التاريخ أنّه لا توجد دولة قادرة على الحكم بشكل مستدام، على أساس دعس المطالب الروحية التي بدونها لا يوجد نظام اجتماعي ممكن. ونشاهد هذه العواقب المباشرة عن ذلك، في فرنسا : إذا ذهبتم إلى فرساي (Versailles) حيث يوجد العديد من المسيحيين، وقارنتم بين المناطق التي تنشر فيها المعصية المتشددة كما تدرّسها “التربية الوطنية” (التي تقضي وقتها في محاولة انتزاع الشعور الديني للعديد من للمهاجرين الذين تريد أحزابهم السياسية الفرنسية من أقصى اليسار، تشكيل كتائبهم الكبيرة) فسترون الفرق على الفور. لكني أعرف العديد من المعلمين المسيحيين في المدارس المسيحية الذين لديهم كلمات مدح للطلاب المسلمين الذين نشأ آباؤهم على الدين. نرى أيضا مهاجرين بارزين أعربوا عن تقديرهم لأساليب التدريس المسيحية، بدلا من التعليم الوطني الكافر. سيكون هناك العديد من الاحتمالات للحوار وحتى للتعليم المشترك بين المسيحيين والمسلمين في فرنسا، وفي أماكن أخرى لأنّ هاتين الديانتين تعلّمان السعي وراء الخير وحمايته.
وهذا يعني أنّ الدعاية تفصل بين البشر والواقع يقربّهم من بعضهم البعض. تقرّبهم الحقائق والأعداء المشتركون… إنّ هذه معركة قديمة في تاريخ البشرية، وكفاح من أجل رفع كل إنسان من خلال تعاليم روحية سليمة. هناك ريح من التغيير العالمي ويجب أن نعمل محتفظين على تعاليمه الروحية السليمة، كمنارة : تلك التعاليم الروحية الخاصة بالإنجيل وبالقرآن، من خلال استخلاص الدروس من حكمة الأنبياء، ضد هستيرية الكفّار المثيرة للحرب. على الرغم من كل الجهود التي يبذلها الغرب للتستّر على انحطاطه، فإنّ هذه العودة الحتمية للواقع، تدفعنا إلى الانحياز، وإلى دعم المبادرات الجيدة : مبادرة روسيا لفلاديمير بوتين ومبادرة العربية السعودية لمحمد بن سلمان، المدعّمتان من طرف الحضارة العريقة والقوية التي هي حضارة الصين لكسي جينبينغ (Xi Jinping)، هما المبادرتان الأكثر وجاهة. ويمكن أن تتمثل النتيجة المترتبة في إخراج عالم أكثر سلاما مما كنا عليه لعقود، في ظل النظام المالي الدولي الذي وضعه وول ستريت (Wall Street) وسيتي (la City) ([75]).
قال وزير الخارجية الروسي سرقاي لافروف (Serguei Lavrov) في اجتماع مع طلبة ومدرسي جامعة الدولة لبيولورسيا ([76]) في أول يوليو 2022 بأنّ : “حقبة الهيمنة الغربية التي استمرت لأكثر من 500 عام، لم تقارب من نهايتها فحسب، بل أنّها قد تلاشت بالفعل في الماضي”. في الواقع، هذه ليست الصيغة الصحيحة : لا يتعلق الأمر بالهيمنة الغربية ولكن بهيمنة المالية الدولية التي حوّلت الغرب عن مساره منذ النهضة والتي حاولت انتهاك العالم كله إلى حد اليوم ([77]). وهذا ما عبّر عنه لافروف بعد ذلك، مشيرا إلى أنّ الغرب المحوّل عن مساره، يريد منع ظهور مراكز جديدة للقوة الاقتصادية والمالية والسياسية” “آمل أنّه في يوم من الأيام عندما يعود الغرب إلى رشده، سنتمكن من العودة إلى طاولة المفاوضات” نحن مستعدّون دائما للحديث، ولكن إذا أغلق الغرب كل الأبواب، وإذا أعلن عقوبات وطرد دبلوماسيينا، فلن تكون هناك مبادرة من جانبنا، هذا مستحيل” وهذا ما أشار إليه في تصريحات تحمل سمة الصواب.
في فرنسا، يتعلق الأمر بالنسبة لنا، باستخلاص نتائج هذا الواقع الجديد وتطبيق كل هذه الأفكار الجديدة في خدمة حركاتنا السياسية الجديدة، “التحالف من أجل فرنسا”. نحن نجمع حاليا تدعيمات لا بأس بها، من أجل تحقيق الطموح لأن نصبح، الحزب السياسي الرّائد في فرنسا في غضون بضعة أشهر :ليس انطلاقا من منطق حزب يستند إلى الفصل بين أفراد الشعب وإنّما انطلاقا من منطق التحالف الذي يوحّد البشر الطيبين، من خلال تجاوز كل الحلول الناقصة التي تضع اليوم، فرنسا، في خطر. الانهيار الاقتصادي الذي نتج حاليا عن رفع سعر الفائدة من قبل البنك الاحتياطي الفدرالي (FED) قد يأخذ معه العديد من الأكاذيب التي يقوم عليها الغرب الحالي أو بالأحرى الانحطاط الحالي للغرب. هل ماكرون مستعدّ لمواجهة عواقب القرارات غير الكفؤة التي اتخذها ضد روسيا والتي تضعف الاقتصاد الفرنسي؟ لم يعد الآن أمرا مؤكّدا…
شعار الحزب السياسي الجديد الذي يرأسه موراد الحطاب: التحالف من أجل فرنسا. حزب يرفض المنطق الانحيازي للأحزاب السياسية الغربية، التي تفرق أفراد الشعب.
حزب يهدف إلى جمع 30 مليون فرنسيين (من بين 44 مليون) الذين لم يعودوا يصوتون، لتجنب وقوع حرب أهلية في فرنسا.
حيث أبلغ مؤخرا، عن فخ إيديولوجيات woke الطائفية والمتصلة بالهوية كوسيلة لنسخ ما نسميه هنا “بالحرب الخاصة”، كوسيلة لتشقيق المجتمع إلى أقصى حد، من أجل جعل الناس يتناسون المسألة الاجتماعية، طرح الصحفي والمحلّل دانيال برنابي (Daniel Bernabé)، المقرّب من اليسار الإسباني المضاد لليبرالية، السؤال الصحيح الآتي: “ربما حان الوقت للكفّ عن عزة النفس المبالغ فيها، لمواجهة الوحش الذي يسحقنا جميعا : الرأسمالية في مرحلتها النيوليبرالية والتكنولوجية المفرطة” ([78).
الرهان بسيط الآن، في الواقع يتصرّف ماكرون كطاغية بالمعنى القديم. لقد حارب أجدادي في سبيل فرنسا لأنّها تمثّل شيء في العالم، وتمثل فكرة حقيقية عن الحضارة، وعن التنمية أينما استقرت وتمثل الوفاق بين الأمم. يتوجب علينا إنعاش فرنسا هذه، فرنسا التقية المقاومة بدلا من الرسم الكاريكاتوري المنحط والمخرّب للعالم بأسره الذي صنعه منه ماكرون و”مقاولوه” في دفع الدولانية المالية…
(71): ” يريد فلاديمير بوتين تقوية الروابط بين روسيا ودول آسيا الوسطى ” 30/6/2022 RFI.
(72): سيد بدر البوسعيدي: ” لن ننضم لاتفاقيات ابراهيم ” للتسوية مع اسرائيل ” جريدة Le Figaro 27/05/2022.
(73): ” اجتماع عسكري سري ” بين الإسرائيليين والسعوديين انعقد في شهر مارس الماضي ” بريد دولي. 27/06/2022.
(74): ” أبوظبي: التوقيع على إعلان تاريخي – فاتكان نيوز ” 4/02/2019 وثيقة حول الأخوة البشرية من أجل السلام العالمي والتعايش المشترك. (أبوظبي. 4 فيفري 2019)/ فرنسوا ”. البابا فرنسوا التقى بآية الله علي سيستاني، صاحب أعلى رتبة لدى الشيعيين في العراق ”. جريدة Le Figaro 6/03/21. ” آية الله سيستاني وهو يتحدث إلى البابا فرنسو: ” يجب ان يعيش مسيحي العراق في ”سلام” قناة France 24 6/03/2021. ” يعلن آية الله السيستاني أمام البابا بأن يجب أن يعيش مسيحي العراق في سلام ”. جريدة Le Monde 6/03/2021.
(75): ” بوتين: يجري خلق عملية احتياطية على أساس BRICS. ” كاتهون. 29/06/2022.
« BRICS working on new global reserve currency and alternative mechanism for int’l payments: Valdimir Putin SECTIONS » India Times, 23/6/22.
(76): Traduction @kompromatmedia, Telegram, 1/7/22, 17:15 t.me/kompromatmedia/2059
(77): كوروروا – جان لومبرد: الجانب الخفي للتاريخ المعاصر، منشورات سانت ريمي. 2012.
(78): برنابي دانيال: ” الفخ المتعلق بالهوية ” منشورات L’échappée، 2022.
دانيال برنابي: ” الليبرالية الجديدة أخلطت بين الاختلاف وعدم المساواة. ” الحق في الحياة، 4 ماي 2022.