كيف سيتعامل ماكرون مع الزلزال السياسي؟فرنسا تشهد فوضى سياسية تهدد باستمرار البلاد
باريس. خالد سعد زغلول
بعد أن أعيد انتخابه في 24 أبريل لولاية ثانية مدتها خمس سنوات ،خسر التحالف (معاً) الذي يقوده الرئيس إيمانويل ماكرون أمس غالبيته في البرلمان في زلزال سياسي ما قد ينعكس على الاستقرار في البلاد. حيث حصل على 245 مقعدا في الجمعية الوطنية ( مجلس النواب) المؤلف من 577 مقعدا في ختام الدورة الثانية للانتخابات التشريعية.ويعني ذلك أن تحالفه بعيد جدا عن النتيجة المطلوبة ( 289 نائبًا ) الضرورية لتمرير القوانين ، وبالتالي يعتبر ماكرون الخاسر الأكبر حيث ن يتمكن الماكرونيون من تنفيذ برنامج الرئيس المنتخب والذي سيضطر الى قبول سياسية تعايش سياسي مع خصومه لحكم البلاد ،الوضع يجبره الآن على إيجاد حلفاء جدد، وبالتالي تقديم تنازلات. سيناريو غريب بل خطير كما تراه رئيسة الحكومة ، إليزابيث بورن حيث علقت مساء أمس على النتيجة: ” إنه وضع غير مسبوق ويشكل خطرًا على بلدنا بالنظر إلى التحديات التي علينا مواجهتها”، مضيفة: “سنعمل اعتبارًا من الغد على بناء غالبيّة” قادرة على العمل.”.
لقد وجد رئيس الجمهورية الفرنسية نفسه بلا أغلبية في البرلمان لن يتمكن من تطبيق برنامجه السياسي الذي عفا عليه الزمن بالفعل بسبب توازن القوى الجديد داخل البرلمان. فقد إخترق اليسار الراديكالي البرلمان وفاز تحالفه بـ135 مقعدا. فيما بات يشكل التجمع الوطني ( اليمين المتطرف) مفاجأة بوجود كتلة مكونة من 89 نائباً لأول مرة في تاريخ التيار الشعبوي، وبات الحزبين المتضادين (أقصى اليسار وأقصى اليمين) ثاني وثالث قوى في البلاد سوف يضطر ماكرون إلى انقاذ سفينة فرنسا من الغرق.
كل الأنظار متجهة إلى اليمين المحافظ، الذي ، بوجود 64 نائباً قد يشكل أفضل تحالف له ، ويمكن للديجوليين الذين وجودوا أنفسهم في قلب اللعبة أن يقوموا بدور الداعم. لكن بأي ثمن؟ سقط بعض وزراء ماكرون ورجاله في الانتخابات مثل رئيس الجمعية الوطنية ريتشارد فيران ووزير الداخلية الأسبق كريستوف كاستانير .. العزاء الوحيد لرئيس الجمهورية أن رئيسة وزرائه أعيد انتخابها. ما يسمح له بمساحة أوسع للتفكير والاختيار، لقد أثيرت فكرة تغيير رئيس الوزراء من قبل شخصيات من الجمهوريون لكن سنرى ما سيحدث اليوم.
الفتنة الوطنية
إذا كانت الصفعة قاسية على ماكرون ، فإن الانتصار فاتر بالنسبة إلى زعيم المعارضة جان لوك ميلينشون الذي كان يحلم برئاسة الحكومة الفرنسية. تبدو نتيجته أقل بكثير من حملته الهائلة ، مع 131 نائبًا. لكن يمكنه المطالبة بحقائب وزارية مهمة ، وماذا عن مارين لوبن زعيمة التيار الشعبوي التي تحقق أداءً غير مسبوق على الساحة السياسية وأي الحقائب الوزارية ستطلب إن أرادت عدم عرقلة قوانين والاصلاحات التي يطالب بها ماكرون؟ هل تتحمل اليزابيث بورن هذا المناخ المشتعل؟
عهد جديد لمارين لوبان؟
أعلنت مارين لوبن زعيمة اليمين المتطرف فرحتها وسعادتها بفوز حزبها بعدد قياسي من المقاعد. وقالت إن “الشعب الفرنسي قال كلمته وتجاوز جميع العقبات. لقد قرر إرسال عدد كبير من النواب إلى الجمعية التي أصبحت وطنية. إنه فوز تاريخي بالنسبة لنا ولم يسبق أن حصلنا على مثل هذه النتيجة”. أضافت لوبن التي حافظت على مقعدها في الجمعية الوطنية: “اليوم أصبح ماكرون رئيسا يتمتع بالأقلية. علينا أن نستمر في تغيير الجغرافية السياسية الفرنسية وتشكيل كتلة برلمانية قوية تدافع عن حقوق الشعب والمستضعفين”.وتابعت: “سنكون معارضة بناءة ولن ندافع سوى على مصلحة فرنسا والفرنسيين”، معبرة عن فرحتها بوصول “نخبة جديدة من البرلمانيين الذين سيتناوبون على الحكم عندما ينتهي عهد ماكرون”. وأنهت: “أدعو الفرنسيين والفرنسيات إلى الالتحاق بنا لأننا نناضل من أجلهم ولصالح أولادنا ولصالح فرنسا”.
“فشل انتخابي” للرئيس الفرنسي حسب ميلنشون
أما جان لوك ميلنشون، زعيم “الاتحاد الشعبي البيئي والاجتماعي الجديد” فلم يخف فرحته إزاء النتائج التي حصل عليها التحالف الذي تأسس بعد الانتخابات الرئاسية. واعتبر ميلنشون أن خسارة ائتلاف ماكرون الغالبية المطلقة في الجمعية الوطنية هو “قبل كل شيء فشل انتخابي” للرئيس الفرنسي.
وقال ميلنشون “إنه وضع غير متوقع بالكامل وغير مسبوق تماما. إن هزيمة الحزب الرئاسي كاملة وليس هناك أي غالبية”.وأضاف: “لقد حققنا الهدف الذي سطرناه ألا وهو إسقاط الرجل الذي أراد أن يحكم فرنسا بمفرده”، منوها بأن “عالم ماكرون قد فشل فشلا ذريعا”، داعيا الفرنسيين إلى عدم “التشكيك في قوتهم” لأن “فرنسا مفهوم سياسي، فحتى إن قاطعت الانتخابات بقوة، يجب الاستماع إلى ما يقوله الشعب”.
باختصار ، هذا التعايش السياسي المستحيل بين رئيس الجمهورية وهذه الكتل المتنافرة ايديولوجيا معه يعد فرنسا بالفوضى في أسوأ الأحوال ، وفي أحسن الأحوال ستتحول الى دولة مشلولة! حتما لن يستمر هذا المجلس التشريعي خمس سنوات كاملة والقيام ب 1200 جلسة نقاش برلماني، من شدة الصراعات وحدة التنافرات: هل سيقوم ماكرون بأسقاط الحكومة وحل الجمعية الوطنية كما فعل الرئيس الديجولي جاك شيراك عام 1997 ولكنه وقتها خسر الرهان وجاء بالمعارضة اليسارية للحكم فهل سيتحول ايمانويل ماكرون الى رئيس الدولة ولكن في نفس الوقت الى رئيس المعارضة ولكن من قصر الاليزيه أم يقبل بالوضع الصعب ويقدم تنازلات وتحالفات لن تحقق له البرنامج السياسي والإصلاحي الذي من أجله انتخبه الفرنسيون؟ سؤال آخر هل سيستقيل الرئيس؟