بعد انتهاء الاجتماع التفاوضي: تونس خارج حسابات صندوق النقد الدولي الى حين…الأسباب والنتائج
بقلم :الاستاذ عادل الصندي
خلال الاجتماعات الماروطونية التي جرت في مقر البنك الدولي بواشنطن في الفترة ما بين 18و24جويلية بالدول الراغبة في الحصول على قروض كان الوفد التونسي من أوائل الواصلين في وفد مثير للجدل غابت عنه وزيرة المالية . و لوحظ غياب كلي لمحافظ البنك المركزي والمبعوث الرسمي الى صندوق النقد الدولي.
ولكن يبدو أن مهمة هؤلاء توقفت عند الوصول المبكّر حيث كان الوفد غير متجانس ولم يسمع لهم صوت في أروقة البنك وفق شهود عيان و كانوا منكمشين وبدا التخوف و الارتباك واضحا عليهم .أمّا تلك الصور الفولكلوية من قاعة الاجتماع فما كان ينبغي أن تحدث وقد أساءت كثيرا لصورة تونس و أثرت أكثر على سير المفاوضات حيث ظهر أعضاء الوفد التونسي يضعون أمامهم دفاتر و أقلام وكأنهم لايزالون في عصر الأمية الرقمية وفي مقابلهم مسؤولو البنك الدولي بلوجاتهم الرقمية المتطورة جدا و التي مخزّن فيها فيها شيء عن تونس وكل معلومة تقدّم لهم بإمكانهم التثبت منها في الحين .
وهذه النقطة بالذات ساهمت في تذبذب الوفد التونسي الذي يفتقد للخبرة في مثل هذه المفوضات و لا يتقن اللغة الانقليزية بالشكل الكافي لتقديم أفكار سلسلة و متناغمة و مقنعة .فضلا عن أن ثمة اتفاقم بين الخبراء حتى من قدماء التونسيين في البنك الدولي أن أعضاء هذا الوفد أشخاص ليسوا ملمين بالقضايا الراهنة، و لا يتقنون الأرقام وعاجزون عن اقتراح تدابير اقتصادية متماشية مع أزمتنا الحالية.
المؤسف أن العديد من المراقبين داخل الوفود الصديقة أعربوا سرا و علانية عن أسفهم و استغرابهم لهذا الاختيار وهم يعرفون أن تونس تعجّ بالكفاءات الاقتصادية حينما كانت في وقت مضى دولة مُقرضة مساهمة في تمويل صندوق النقد الدولي، وهو ماجعلها محط الأنظار و نموذجية ورائدة في التفاعل مع جميع الجلسات ومتواجدة في أروقة صندوق النقد الدولي ، و ناشطة في جميع اللجان .أما اليوم فالوفد التونسي ذهب لتسجيل الحضور لكنه عجز حتى عن ذلك وكان قرار المسؤولين في البنك الانتظار رو اعادة الاستماع مرات أخرى للوفد .
وهي فرصة مهمة قدمها البنك الدولي و صندوق النقد الدولي لشعب تونس وعلى تونس أن تغيّر الان وفورا استراتيجية التفاوض في الشكل أولا و في المضمون ثانيا و على وزيرة المالية الالتحاق بالوفد المفاوض مستقبلا و نضيف عليهم ممثل عن منظمة الأعراف و اخر على اتحاد شغل. وبالتالي نرسل برسالة قوية لمقرضينا بأننا متفقون على الاصلاحات التي يطلبونها و لن يقع التراجع عن الوعود بالإصلاح و السداد كما حدث في المرات الفارطة.
المؤسف حقا أننا وصلنا الى هذه الوضعية التي هي أقرب للتسوّل من طلب قرض .
ومن المفارقات أن تونس في ما مضى ساهمت بشكل مباشر في تمويل صندوق النقد الدولي، المخصص تحديدًا لمساعدة لأوكرانيا ، في بداية سنوات 2000.واليوم كل العام يتجه لتمويل أوكرانيا ولانريد أن يدير ظهره لتونس.لأن فشلنا في الحصول على قرض من البنك الدولي سيدخل الميزانية في عجز كبير مبكّر اضافة الى أنه سيغلق في وجوهنا كل أبواب الاقتراض الثنائي و كذلك الهبات و الودائع.
وهذا ما لخصه وزير الاقتصاد حينما سأله صحفي في شهر جانفي ماذا لو لا يوافق البنك الدولي منحنا قرضا في شهر أفريل وهو الذي بني عليه جزء كبير من ميزانية 2022 .حينها قال لاأريد تصوّر هذا السيناريو المرعب.