معركتنا مع الإسلام السياسي هي معركة تحرير وطني من أجل الدولة الوطنية الديمقراطية - صوت الضفتين

معركتنا مع الإسلام السياسي هي معركة تحرير وطني من أجل الدولة الوطنية الديمقراطية

 

بقلم/صهيب المزريقي. ناشط سياسي

 

يقول منظر الإخوان و كاتب دستور الإرهابيين سيد قطب في كتابه معالم في الطريق في صفحته السادسة ” وجود الأمة المسلمة يعتبر قد إنقطع منذ قرون كثيرة و لابد من إعادة وجود هذه الأمة …” و هذا الكلام يعتبر خطيرا من ناحية أنه تكفير للمجتمع العربي اليوم و ضرب للوحدة التركيبية للنسيج الإجتماعي .

و بعد الثورة التونسية إستلهمت حركة النهضة من تراثها و أدبياتها الفكرية مثل هذه المقولات التكفيرية الخطيرة و ما تصريح حمادي الجبالي حينها بإعادة الخلافة السادسة و بناء معالمها على حساب الدولة الوطنية التونسية في إشارة منه لعقيدة الحركة التكفيرية و نظرتها الحقيقية للمجتمع التونسي الغير مسلم في نظرهم و محاولتهم ضرب الوحدة المجتمعية من خلال الخطاب الديني المتعصب و الرافض للآخر المختلف و الأخطر من هذا كله هو تمهيد الحركة لإقامة الخلافة الإخوانية المزعومة التي تكون فيها قراءة المقدس من زاوية واحدة و ذات تأويل واحد يكون قد فهمه رجل دين واحد و بالتالي يكون فيه الفن حرام و المسرح و الأدب و التمثيل و الغناء و كل مجالات الإبداع و هو ما يعني ضرب الدولة الوطنية المتعددة و التي تحتوي كل أطياف المجتمع بكل ألوانه الفكرية و الإعتقادية .

وهو عكس ما دفع الشعب التونسي دمه دونه منذ الإستقلال و بناء الدولة و تحديث المجتمع و المراهنة على العقل التونسي المبدع و المفكر فأنجب لنا محمود المسعدي و مصطفى خريف ويوسف الصديق و سليم و عميد المفكرين هشام جعيط سليل الشيخ جعيط صاحب مسودة مجلة الأحوال الشخصية الرائدة و التقدمية في منحها لحقوق المرأة .

أما بعد ثورة الياسمين و بعد الإتيان بجماعة الإخوان المسلمين التكفرية التي إستحضرت جوهر الصراع الحضاري القديم و المتجدد ، صراع الظلامية ضد التقدمية صراع الفكر ضد الدوغمائية إنه صراع العقلانية ضد الرجعية ،

صراع خطه الحلاج و بن رشد و بن سينا و الفارابي ضد غلاة التكفير منذ ظهورهم في أربعينات القرن الأول للهجرة و أفراخهم من الوهابية .

وهو ما جعلت حركة النهضة تسعى جاهدة لإعادة بناء المجتمع التونسي محاولة بذلك أخونته و أفغنته ففتحت المساجد للسلفية الجهادية وهي جناحها العسكري لبث فكرة الطاغوت و أن الدولة ككيان هي حرام شرعا و لا يجوز التعامل معها و كان ذلك عبر إعادة بناء العقل التونسي و برمجته على التكفير من خلال إستقدام شيوخ الوهابية لتونس و تغاضيهم عن الإرهاب الذي راح ضحيتهم الشهيدين شكري بلعيد و محمد البراهمي و أبناءنا من المؤسستين العسكرية و الأمنية و محاولاتهم التمكين لهم داخل مؤسسات الدولة فكان منصف المرزوقي يستقبل شيوخ للسلفية في قصر قرطاج يحاضرون عن معنى السلف و عن فهم السلف للخلافة التي لو صلحت لما إنقطت .

ثم هل ننسى وعود راشد الغنوشي لشيوخ الإرهاب الذين يفكرونه بشبابه أنه في حال تمكنه من الجيش و الشرطة الذين هما بيد العلمانين سيعلن دولة للخلافة ،

و لكن مع ذلك كان الشعب التونسي صامدا محافظا على هويته رغم الأخونه و الأفغنة وكان مدافعا و منافحا عن الدولة المدنية الوطنية التي يقول عنها فرج فودة أنه بفضل المدنية يتكلم الإسلاميين أحرارا و قد تجلى ذلك في الملحمة البطولية و الأسطورية لشعبنا في بن قردان الذي تصدى ببسالة لمحاولة إقامة دولة الخلافة و الإمارة . وهو ما يجعلنا نعي فعلا أن معكرتنا اليوم هي معركة على هوية الدولة الوطنية الديمقراطية التي تحتوي و تستوعب كل أطياف المجتمع و تضمن حرية الرأي و الفكر و الضمير و علوية القانون و سيادة الدستور و ليس رأي شيخ الحركة و مفتيها أو رجال دين متظرفين بالزمان و المكان .

إن صراعنا اليوم و معركتنا هي معركة إثبات وجود فعلي لقوى حية وطنية تقاوم دون المشاريع الرجعية و الظلامية و لئن كان قدرنا اليوم هو خوض صراع المحافظة على مدنية الدولة فنحن أهلها و لها .

شارك المقال

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *