بقلم الخبير الاقتصادي قيس مقني/ تحويلاتهم تطورت ب 28 بالمائة : التونسيون بالخارج ..الثروة المهدورة
أظهرت اخر بيانات البنك المركزي التونسي ارتفاع تحويلات التونسيين بالخارج في سنة 2021 لتبلغ 70254 مليار دينار بواقع 28بالمائة عن سنة 2020 التي بلغت فيه التحويلات 5.875مليار دينار.
وهذه التحويلات في أغلبها غير بنكية تتم أساسا عبر الحولات البريدية و البنكية لكن استفادة المالية العمومية منها كبير اذ تحتل هذه التحويلات المرتبة الأولى من موارد الدولة من العملة الصعبة بعد تراجع عائدات السياحة خلال السنتين الفارطتين بسبب جائحة كورونا.
غير أن هذه الاموال ورغم مرورها بالبنك المركزي و مختلف البنوك الا أن الاستفادة منها على المستوى الاقتصادي الرسمي و الاستثمار ليست في مستوى التطلعات حيث توجه للاستهلاك العائلي في أغلبها وهذا ما يقتضي اجراءات خاصة في كيفية الاستفادة من هذه الأموال بمنح تشجيعات وحوافز للباعثين و المستقبلين .
لكن ما نلاحظه وكما قلنا في مقالات سابقة أن التونسيين بالخارج هم ثروة مهدورة لم يتم استغلالها الاستغلال الامثل على مرّ عقود وحان الوقت لاستغلالها في الوقت الذي يعاني منها الاقتصاد التونسي من ظروف صعبة و الدولة اليوم في حاجة لكل أبنائها للمساهمة في عملية الانقاذ.
ان الدولة اليوم و خاصة الحكومة و البنك المركزي محمول عليهما اتخاذ اجراءات ثورية و غير مسبوقة تقطع مع التعامل السلبي مع هذه التحويلات و سن قوانين مالية مواكبة للعصر حيث لا يختلف اثنان أن قانون التحويلات في الاتجاهين متخلف جدا .
وسنأخذ عن ذلك مثالين اثنين:
أولهما:
- البيروقراطية التي تكبّل التحويلات البنكية للمقيمين بالخارج حيث تخضع هذه التحويلات لقوانين أغلبها مجاني ولا علاقة له بالقوانين المجابهة لتبييض الأموال اذا يقابل هذه البيروقراطية تساهل غير مفهوم لتحويلات ضخمة تستفاد منها الجمعيات و لا يستفاد منها الاقتصاد التونسي و المطلوب تشجيع المقيمين بالخارج و خاصة الميسورين منهم على فتح حسابات بنكية بتونس و تسهيل اجراءات تحويل الأموال فيها سواء للاستثمار أو حتى للاستهلاك ثم لابد من تشجيع هؤلاء على التوريد و التخفيف من الاجراءات القمرقية .
ثانيهما:
- تطوير قانون التحويلات البنكية من الخارج و الترخيص لاقتناء عدد من البطاقات البنكية العالمية التي تضمن انسياب التحويلات لمقدمي الخدمات من الشباب التونسيين المتعاملين مع شركات أجنبية و الذي يضيّعون يوميا عشرات الالاف من الدنانير وما يقابلها من عملة أجنبية وقد تم حجز كثير من الاموال لهم من قبل البنك المركزي ووجهت لهم بغسيل الاموال وهم منها براء .فقط لأنه لايوجد قانون ينظّم هذه الخدمات.
اننا اليوم في تونس بحاجة الى الحد الأدنى من المرونة البنكية من أجل انعاش الخزينة العامة بالحد الاقصى من العملة الصعبة و التي بإمكانها انقاذ المالية العمومية في ظل التراجع الرهيب لمنسوب الاستثمار .
ان هذه التحويلات بإمكانها أن تتضاعف اذا ما نظرنا الى المقيمين بالخارج على أنهم ثروة لابد من استغلالها بما سلف من مقترحات.