مقال رأي/ مشكلة تونس اقتصادية و لن يحلها سوى الاقتصاديون …ورجال الأعمال
بقلم الخبير الاقتصادي: قيس مقني
يتوهّم من يعتقد أن احتجاجات يوم 25جويلية 2021 التي أفرزت الاجراءات الرئاسية و كانت نتيجتها الاطاحة بكل الطبقة السياسية كان مردّها سياسي و كره للنهضة و النواب و السياسيين عموما فقط .انّما هذه الاحتجاجات ثارت على هؤلاء لانّهم فقّروهم و شرّدوهم و احالوهم على البطالة .ما يعني أن 25جويلية هي لحظات ثورة اقتصادية بامتياز كان لابد أن تنتج قرارات رئاسية ملبية لهاته الحاجات .
التونسيون ثاروا على فوضى الاقتصاد التي أصبحت سمة بارزة في المعاملات المالية و في الاستثمار و في الصفقات العمومية و في كل ما له علاقة بعالم المال و الاعمال حيث تحوّل السياسيون الى سماسرة اقتصاد و تحوّل رجال أعمال الى عبيد عند الاحزاب فاختلط بذلك الحابل بالنابل و خسر الاقتصاد أكبر دعائمه وهو الاستثمار الذي تراجع بشكل لافت خلال السنوات الاخيرة .ومردّ ذلك الخوف من هذا الواقع الفوضوي حيث أهملت النصوص المنظمة لها وحلّ محلها اللصوص.
منذ 2011 توقفت تقريبا محركات النمو الثلاثة المتعارف عليه دوليّا وهي ميزانية الاستثمار والقطاع الخاص والاستثمار الدولي.وهو ما نتج عنه انكماش اقتصادي غير مسبوق في سنة 2020 حيث تراجع النمو الاقتصادي الى 8،8 بالمائة ومرشح لبلوغ مستويات أكبر هذه السنة و السنوات المقبلة .مقابل هذا الانكماش يزدهر الاقتصاد و الموازي و التهريب الذي يتحوّز على 49 بالمائة حسب الارقام الرسمية و يبلغ اكثر من ذلك في الواقع.
اننا اليوم ازاء وضعية اقتصادية سريالية تنبأ بانفجار مجتمعي حذّر منه الامين العام لاتحاد الشغل بالقول اننا على أبواب ثورة جياع حيث لا يخفى على احد اليوم في تونس تآكل الطبقة الوسطى التي كانت لوقت غير بعيد بمثابة الدعامة للاقتصاد الوطني. و اليوم المشهد يتمثل في مجموعة صغيرة تتحوّز على ثروات طائلة مقابل ملايين من التونسيين يعيشون الفقر بدرجاته المتفاوتة.
ولتفادي الكارثة أو على الأقل التخفيف من ارتداداتها لابد من التركيز الكلي من قبل الحكومة و الرئيس على الجانب الاقتصادي بعيدا عن السياسوية و سياسة التخويف و التخوين لأصحاب المؤسسات فهم وحدهم القادرون اليوم على انقاذ البلد بعد ان أوصدت في وجوهنا ابواب الاقتراض الخارجي و الهبات فنحن نحس الخوف عند هؤلاء و لابد من خطاب رئاسي مطمئن و مشجع. و لابد من الاستماع لهؤلاء ليس من قبيل الترف السياسي و انما لان الضرورة تقتضي ذلك فمشكلة بلادنا اليوم اقتصادية و لن يحلها سوى الاقتصاديون و الخبراء و رجال الاعمال.