أستاذ العلوم السياسية هيثم بن عبد الله: مصب”القنّة” بعقارب: أزمة اجتماعية ببيادق سياسية …
قبل التطرّق لما يحدث في مدينة عقارب ذات 30ألف ساكن من أحداث دموية و اعمال تخريب لابد من التعرض سريعا لشرارة الاحداث وهو مصب الفضلات “القنة” فقد أنشأ في أفريل 2008 على مساحة 40هكتارا و يستقبل 400طن وهو يعدّ ثاني اكبر مصب للفضلات في الجمهورية التونسية.و بعد انتهاء مدة الاستغلال بدأت تحركات ثقافية وتوعوية بضرورة اغلاق المصب لتبدأ التحركات الاجتماعية و المظاهرات في 2016 بشعار “مانيش مصبّ” أعقبتها في سنتي 2018و2019 موجة رفع قضايا من قبل الاهالي للمطالبة باحترام القانون و اغلاق المصب.
و تأكيدا لهذا الخطر البيئي اصدرت الوكالة الوطنية لحماية المحيط تقريرا علميا اثبت ان الملوثات الجوية عالية في المدينة.
وقد أسفرت هذه التحركات السلمية على اصدار حكم قضائي يوم 11جويلية 2019 بالتوقف الفوري عن استعمال مصب القنة و ازالة جميع الفضلات التي تجميعها في غضون 6أشهر لكن لم يقع تطبيق هذا الحكم .
وقد رفعت حملة”مانيش مصب” عدة قضايا بعد ذلك في حق وزارة البيئة و في حق الشركة الفرنسية سيغور التي تدير تنفيذيا المصب. وقد تزامن ذلك مع وفاة شابة في 26سبتمبر 2019 بسبب لدغة بعوضة مصدرها المصب المذكور.وهو ما اطلق شرارة الاحتقان .
وبدأ المنعرج الحقيقي للازمة في 27سبتمبر 2021 بقرار الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات غلق المصبّ ومراكز التحويل امام شاحنات جمع النفايات التابعة لبلديا ولاية صفاقس و هو ما جعلها تغرق في مئات الاطنان من الفضلات وبدأ يهدد كامل الولاية بأزمة صحية
الحكومة و رئاسة الجمهورية لم تتحرك سوى يعد أكثر من شهر و نصف حينما اقترحت وزيرة البيئة خلال زيارتها لصفاقس بمواصلة استغلال المصب الى موفى سنة 2021 بموافقة اهالي عقارب في خرق واضح للحكم القضائي و هو ما رفضه الاهالي الذين وجدوا انفسهم امام الامر الواقع بقرار رئيس الجمهورية فتح المصب بالقوة العامة فانطلقت الاحتجاجات و المواجهات بين الاهالي و قوات الامن ما اسفر عنه وفاة شاب يوم 8نوفمبر ومن وقتها و المدينة تعيش احتقانا اسفر عنه حرق مركز الحرس و تدخل الجيش و اليو تعيش عقارب على وقع اضراب عام.
الازمة في عقارب لها بعدان بعد اجتماعي و صحي يتمثل في الخطر الحقيقي لهذا المصب على حياة الناس و هذا ما يفسر الاحتجاجات الشعبية المطالبة بإغلاق المصب و بعد سياسي اشار له رئيس الجمهورية بالقول أن اطرافا لم يسمها هي وراء تكدّس الفضلات ومآلهم مزبلة التاريخ
وهنا رئيس الجمهورية اتهم ضمنيا حركة النهضة المتحكمة في اغلب البلديات في ولاية صفاقس و في تونس عموما بأنها تسعى لإغراق البلاد في الفضلات حيث نشير الى ان ازمات رفع الفواضل تكررت في اكثر من مدينة بتونس ومن المؤكّد أنها ستتكرر بأكثر حدة في مدن كبرى ما لم تتدخّل الحكومة و تتخلى عن بهتتها امام هذا السلاح الخفي للإخوان في تونس الذي يستعملونه لا رباك عمل الحكومة و احراج رئاسة الجمهورية.
المعركة القادمة بين الرئيس و حركة الاخوان سيكون محورها الفضلات مع الاسف لكن التونسيون يأملون في قرار حاسم و امر رئاسي يطبّق بضم بإسناد الاشراف المباشر على البلديات لوزارة الداخلية وعدم تركها بين يدي الاخوان .