الصيد يكشف عن أخطاء النهضة القاتلة
كشف رئيس الحكومة الأسبق الحبيب الصيد في كتابه في “حديث الذاكرة” والذي تحصلت التاسعة على نسخة منه،ان حركة النهضة التي قال إنها ” تسعى إلى صياغة دستور على قياسها ويلبي طموحاتها ويقطع مع تقاليد المجتمع التونسي وتوجهات الرأي العام الوطني. ارتكبت أول خطأ بتجاهل دستور 1959 والانطلاق من الصفر أي بمنهج الصفحة البيضاء كما يقال، وكان ذلك في الظاهر بهدف القطع مع الماضي من الجذور، ولكن في الباطن من أجل تمديد فترة المجلس والحكومة إلى أقصى مدى ممكن للسيطرة على مفاصل الحكم والدولة.
وحرصا منها على تمرير جملة من المبادئ والقواعد التي تراها أساسية في الدستور اعتبارا لخياراتها المرجعية، ارتكبت الخطأ الثاني، بتعيين أحد قياداتها مقررا للدستور في إشارة إلى الحبيب خذر بالرغم من قلة خبرته في هذا المجال، ومن هنا انطلقت المشاحنات الإيديولوجية من أجل إدراج “الشريعة” كمصدر من أركان الدستور والتي لم تتوقف إلا بعد التوافق على الاحتفاظ بالبند الأول الذي جاء به دستور 1959..ثم تواصلت المجادلات بخصوص مسألة المساواة أو التكامل بين الرجل والمرأة..وغيرها من المواضيع المثيرة
وغيرها من المواضيع المثيرة للجدل والتي كانت تؤجج الانقسام بين الأحزاب والفئات والجهات مثل النظام السياسي الأصلح للبلاد، وتكوين الهيئة المستقلة للانتخابات، وقانون الانتخابات بل وأحيان المداولات، ثم التصويت على فصول الدستور إلى عمليات سهو خطيرة مثل ما حصل بالنسبة للفصل 36 الذي جاء فيه “الحق النقابي -بما في ذلك حق الإضراب- مضمون، ولاينطبق هذا الحق على الجيش الوطني ” والصياغة بهذا الاستثناء كانت تبيح ضمنيا حق الإضراب لقوات الأمن الداخلي، وقد تدخلت بصور غير مباشرة لإثارة هذا الإشكال فعاد المجلس بعد ذلك لتصحيح الوضع، وأضيفت العبارة التالية للفصل المذكور: “ولا يشمل حق الإضراب قوات الأمن والديوانة” وهي صياغة تتيح ممارسة الحق النقابي لهذه القوات وتمنع عنها حق الإضراب..
وأضاف رئيس الحكومة الأسبق في كتابه، أن المجلس التأسيسي آنذاك ضاع في متاهات برلمانية خارجة عن مهمته حيث تراءى له أن يمارس سلطة تشريعية لم تكن في وارد صلاحياته..ومن هنا توجهت أغلبية المجلس وفي مقدمتها حركة النهضة لإصدار قوانين لفائدة أنصارها على غرار إعادة توظيف آلاف المسرحين وتقديم تعويضات كبيرة أثقلت بها ميزانية الدولة.