قصة فاليري... فرنسية أنهت حياة مغتصبها بعد سنوات من العذاب - صوت الضفتين

قصة فاليري… فرنسية أنهت حياة مغتصبها بعد سنوات من العذاب

تثير قضية فاليري باكو، التي تبدأ محاكمتها في هذا الشهر  جدلاً واسعاً في فرنسا، بعد أن أنهت حياة شريكها ومغتصبها دانيال بوليت في مارس 2016. وأصبحت قضية باكو رمزاً لخلل في المجتمع وعجز القضاء الفرنسي عن حماية النساء.

كانت فاليري تعيش مع والدتها وأخوين صغيرين في بلدة صغيرة تدعى لاكلايت، على بعد 100 كيلومتر إلى الشمال الغربي من مدينة ليون. والدتها الخياطة، تعرّفت في 1992 على سائق الشاحنات، دانيال بوليت، الذي كان أباً لثلاثة أطفال، من 3 نساء مختلفات، هجرنه بسبب العنف. في عمر الـ37، انتقل دانيال للعيش في منزل الخياطة وأطفالها، ورغم أنّ فاليري لم تكن قد تجاوزت الـ 12 سنة من عمرها، فقد بدأ باغتصابها، فور انتقاله للعيش معهم في البيت. في المدرسة، كانت فاليري تتعثر وتتراجع “وكأنها تختفي، لم يعد لها لا لون ولا رائحة، كانت كالهواء”، بحسب شهادة مدرّسين للقناة الفرنسية التلفزيونية الثالثة.
شهادتها حول ما كان يجري لها وسّعت حالة التعاطف معها، “كنت كلّما حضرت من المدرسة، أسمع مساء جملة: اصعدي إلى الأعلى (الطبقة الثانية من المنزل)، وكنت أدرك ما كان يعنيه ذلك”، وفقاً لما نقله عنها تلفزيون “تي أف 1”.
أخت دانيال، وبعد عامين من توالي اعتداء أخيها على فاليري، قصدت الشرطة، بعد أن سمعت أنّه يغتصب ابنته بالرعاية. الشكوى ضدّه أودت به إلى السجن 4 سنوات. والأفظع في رواية الطفلة المغتصبة، بمعرفة الأم، أنّ هذه الأخيرة أجبرتها  على مرافقتها لزيارته في السجن، بل أن تكتب له رسائل لطيفة. بعد عامين من السجن، أطلق سراحه ليعود إلى منزل العائلة مجدداً، وكأن شيئاً لم يكن. في عمر السابعة عشرة، حملت فاليري من مغتصبها، والحمل فقط هو ما أغضب والدتها، ليس من المغتصب بل من ابنتها، فطردتها خارج المنزل، وهنا استغلّ دانيال الموقف لينقل فاليري المراهقة والحامل إلى بلدة أخرى ويعيش معها في المسكن ذاته.

عاشت بعدها فاليري 18 عاماً مع مغتصبها، وأنجبت منه 4 أطفال، من دون أن يتدخل النظام الاجتماعي لحمايتها. وفرض عليها بوليت عزلة ومنع اختلاطها بأيّ من الجيران والأسرة، وكانت بعض الأمهات اللواتي يقابلنها أثناء إحضار الأطفال من مدارسهم يلاحظون عزلتها وشيئا من الرعب عليها، لكن أحداً لم يفعل شيئاً، من هنا الاتهام الذي كان يحمله ضمنياً عنوان كتابها “الكل كان يعلم”، وعدم تدخلهم في قضايا العنف ضد النساء.
وكشفت التحقيقات أنّ بوليت جعلها “مستعبدة منذ الحمل الأول، وبالضرب والتعذيب والتهديد أجبرها على العمل بالدعارة لتكسب له المال. وذات يوم حين أغضبت زبوناً عنيفاً راح يعنّفها ويضربها”.
وفي 13 مارس 2016، سحبت فاليري المسدس الذي هدّدها به بوليت سابقاً، لتطلق على رقبته طلقة أنهت حياته وعذابها، بحسب ما ذكرت في مقابلة تلفزيونية.
الادعاء الفرنسي طلب لها السجن مدى الحياة، معتبراً أنها أقدمت على القتل عن سابق إصرار. محاكمتها التي ستبدأ الشهر القادم في مدينة شالون سور سون، تثير غضب الرأي العام، بعد أن اعتبرها الادعاء الفرنسي “قتلت زوجها بدم بارد، وهو قتل متعمد مع سبق الإصرار، وهذه الجريمة يجب المعاقبة عليها بأقسى عقوبة”.
أكثر من 412 ألف شخص وقّعوا عريضة حتى تاريخه، ينادون بتبرئة فاليري، وأثار الادعاء في القضية غضباً نسوياً واسعاً في فرنسا، في حملة مستمرة قبل المحاكمة  تحت عنوان “الحرية لفاليري باكو”، ويجد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، نفسه تحت ضغوط كبيرة لإصدار عفو عنها.
المثير في هذه القضية التي تشغل الرأي العام، أنّ أخت القتيل دانيال بوليت، تدعم بوضوح الإعفاء عن المتهمة بقتل أخيها، فاليري. وأثارت شهادة الأخت الكثير من المشاعر والأسئلة حول ترك النظام القضائي والاجتماعي الفرنسي لمعتدين أمثال دانيال، طلقاء. فالأخت ذكرت أنّ المعتدي والمغتصب القتيل، “قام في شبابه بترهيب أسرته والاعتداء جسدياً على والديه، وقام باغتصاب أختنا الصغيرة”. وهو ما أكده أيضاً أحد أصدقاء أسرة القتيل للشبكة التلفزيونية الفرنسية “فرانس 3”.
ووفقاً لمحامية فاليري، جانين بوناغيونتا، فإنّ الدعم الهائل الذي تحظى به قضية فاليري والتعاطف معها، كما دوّنت في مقدمة الكتاب “الجميع كان يعلم”، يعود إلى أنّ “فاليري هي تجسيد حقيقي لكلّ الألم الذي تشعر به العديد من النساء الصامتات”.
شارك المقال

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *