«حفصة بنت عمر»: جامعة المصحف.. زوجة النبي وبنت أمير المؤمنين
مضى عمر بن الخطاب محزوناً مكروباً على وفاة زوج ابنته «حفصة» يبحث في ما يمكن أن يفعله لها، حزينة هي، صابرة مؤمنة محتسبة مهاجرة من مكة إلى المدينة وقبلها صابرة على هجرة زوجها «خنيس بن حذافه السهمي» الأولى مع جمع من الصحابة إلى «الحبشة».
توشك عدة ابنته أن تنتهي ويخشى الحديث مع النبي «ص» حول حفصة، يبحث لها عن زوج تعيش معه، يلتقي «عثمان بن عفان» فيتحدث معه عن حفصة قائلاً: «هل تتزوج ابنتي حفصة إن شئت أنكحك أياها، فقال بن عفان: سأنظر في أمري، فلبث ليالي ثم جاء بن الخطاب يقول له: «بدا لي أن لا أتزوج» فزاده الأمر هما على هم حتى التقى أبا بكر الصديق رضي الله عنه. فقال له عمر: إن شئت أنكحك حفصة ابنة عمر يا أبا بكر، فصمت الصديق ولم يرجع إلى شيء، ومرت أيام قليلة حتى جاءت البشرى لابن الخطاب من عند النبي: «يا عمر هل تزوجنى ابنتك حفصة؟» قالها رسول الله «ص» طالباً يدها من أبيها ليعوضها الله ويفرح قلب أبيها، ابنته صارت أما من أمهات المؤمنين».
تستعد حفصة للزواج من النبي وشريط عمرها يمر أمامها عندما تزوجت وهي صغيرة «خنيس بن حذافة السهمي» أحد السابقين بالإسلام، عاشا سوياً ودخلا الإسلام سوياً، لكن هاجر إلى الحبشة مع نفر من المسلمين بينما بقيت هي في مكة، وبعدها هاجرا سوياً إلى المدينة المنورة وشهدا بدر وهي الغزوة التي استشهد فيها متأثراً بجروحه فرحاً بما آتاه الله من نصر.
عاشت حفصة في كنف الرسول «ص» وروت عنه ستين حديثاً، كما روى عنها نقلاً عن النبي أخوها عبدالله بن عمر وابنه حمزة وزوجته صفية بنت أبي عبيد، وحارث بن وهب، والمطلب بن أبي وداعه، وغيرهم، حتى صارت سنداً في حفظ الحديث ونقله عن النبي «ص».
ولم تكتف «حفصة بذلك»، فكانت هي أحد أهم مصادر جمع القرآن في عهد أبيها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، فقد عكفت على تلاوة المصحف وتدبره والتأمل فيه، مما أثار انتباه أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه وجعله يوصي إلى ابنته (حفصة) بالمصحف الشريف الذي كتب في عهد أبي بكر الصديق.
ولما أجمع الصحابة على أمر أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه في جمع الناس على مصحف إمام ينسخون منه مصاحفهم، أرسل أمير المؤمنين عثمان إلى أم المؤمنين حفصة رضي الله عنهما ( أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف) فحفظت أم المؤمنين الوديعة الغالية بكل أمانة وصانتها ورعتها.