الصحابية أم حرام بنت ملحان أول شهيدة ركبت البحر - صوت الضفتين

الصحابية أم حرام بنت ملحان أول شهيدة ركبت البحر

تُعرف الصحابية الجليلة، أم حرام بنت ملحان الأنصارية, في كتب السير: بأنها أول شهيدة ركبت البحر، وهي أخت أم سليم، وخالة أنس بن مالك، وزوجة عبادة بن الصامت ـ رضي الله عنهم جميعا ـ.

كانت رضي الله عنها من أوائل المسلمات بالمدينة, وقد أسلمت بعدما التقى الرسول ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ ببعض القبائل القادمة من أنحاء الجزيرة العربية لتعريفهم بالإسلام.

ومن بين من لقيهم بني النجار، حرام بن ملحان أخو أم حرام، وزوجها عبادة بن الصامت، سمعت حينها بعض آيات القرآن فأسلمت هي وأختها أم سليم، وكانتا من أوائل المسلمات في المدينة.

وفي العام التالي: أقبل من الأنصار اثنا عشر رجلاً فلقوا رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ في العقبة وهي العقبة الأولى. وكان من بين النقباء الاثني عشر عبادة بن الصامت.

 عاد عبادة مع بقية صحبه، ينشرون الدين في كل أنحاء المدينة، حتى لم يبق بيت فيها إلا وفيه من يقرأ القرآن. واعتنقت الأختان أم حرام وأم سليم الدين الإسلامي، لأنه صادف ما فطرتا عليه من فضائل، فاستجابتا بسرعة، وشرعتا بتطبيق مبادئه وتعاليمه.

ومن أهم الملامح الشخصية التي اتسمت بها أم حرام بنت ملحان، رضي الله عنها أنها كانت شجاعة، وكانت محبة للمساهمة في نشر الإسلام، وقد طلبت من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يدعو لها أن تكون من الغازين في البحر، برغم عدم خبرة العرب في حروب البحار في هذا الزمن. وقد شاركت في غزوات أحد وحنين والخندق والفتح والطائف مع زوجها عبادة.

كما اتصفت رضي الله عنها بالعلم والفقه ورجاحة العقل، وتروي كتب السير عنها فتقول: كانت من علية النساء حدث عنها أنس بن مالك وغيره.

وكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَهَبَ إِلَى قُبَاءٍ، يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ فَتُطْعِمُهُ، وَكَانَتْ تَحْتَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، فَدَخَلَ يَوْمًا فَأَطْعَمَتْهُ، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ يَضْحَكُ، قَالَتْ: فَقُلْتُ: مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: “نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ، يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا البَحْرِ، مُلُوكًا عَلَى الأَسِرَّةِ، أَوْ قَالَ: مِثْلَ المُلُوكِ عَلَى الأَسِرَّةِ” – شَكَّ إِسْحَاقُ – قُلْتُ: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَدَعَا، ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ فَنَامَ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ يَضْحَكُ، فَقُلْتُ: مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: “نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ، يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا البَحْرِ، مُلُوكًا عَلَى الأَسِرَّةِ، أَوْ: مِثْلَ المُلُوكِ عَلَى الأَسِرَّةِ ” فَقُلْتُ: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، قَالَ: «أَنْتِ مِنَ الأَوَّلِينَ» فَرَكِبَتِ البَحْرَ زَمَانَ مُعَاوِيَةَ، فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا حِينَ خَرَجَتْ مِنَ البَحْرِ، فَهَلَكَتْ)متفق عليه، أي رواه البخاري ومسلم.

قال النووي رحمه الله: “اتفق العلماء على أن أم حرام كانت محرما له صلى الله عليه وسلم. واختلفوا في كيفية ذلك، فقال ابن عبد البر وغيره: كانت إحدى خالاته من الرضاعة. وقال آخرون: بل كانت خالة لأبيه أو لجده لأن عبد المطلب كانت أمه من بنى النجار”.

وقال أيضاً: أُمّ حَرَام أُخْت أُمّ سُلَيْمٍ، وقد كَانَتَا خَالَتَيْنِ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَحْرَمَيْنِ إِمَّا مِنْ الرَّضَاع, وَإِمَّا مِنْ النَّسَب, فَتَحِلُّ لَهُ الْخَلْوَة بِهِمَا, وَكَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهِمَا خَاصَّةً, لا يَدْخُلُ عَلَى غَيْرهمَا مِنْ النِّسَاء إِلا أَزْوَاجه”.

من الأحاديث التي روتها أم حرام بنت ملحان عن الرسول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “أَنَّهَا سَمِعَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: “أَوَّلُ جَيْشٍ مِنْ أُمَّتِي يَغْزُونَ الْبَحْرَ قَدْ أَوْجَبُوا. قَالَتْ أُمُّ حَرَامٍ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا فِيهِمْ؟ قَالَ: أَنْتِ فِيهِمْ”رواه البخاري.

توفيت رضي الله عنها عام 27هـ، حين خرجت مع زوجها عبادة غازية في البحر, فلما وصلوا إلى جزيرة قبرص خرجت من البحر, فقربت إليها دابة لتركبها، فصرعتها، فماتت ودفنت في موضعها, وذلك في إمارة معاوية، وخلافة عثمان بن عفان رضي الله عنهما.

شارك المقال

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *