موسيقار أصم لم يسمع أعظم ألحانه.. لماذا يوصف بيتهوفن بعبقري الموسيقى؟ - صوت الضفتين

موسيقار أصم لم يسمع أعظم ألحانه.. لماذا يوصف بيتهوفن بعبقري الموسيقى؟

رغم حياته الشخصية البائسة، حيث عاش وحيدا وأصيب بالصمم في أواخر أيامه، تمكّن الموسيقار الألماني لودفيغ فان بيتهوفن، المولود في بون سنة 1770، خلال 25 عاما من حياته وبعبقرية أقرب إلى الأسطورة، من إنجاز أعماله الموسيقية المتنوعة: 32 نوتة بيانو، و16 لحنا لرباعيات وترية، و9 سيمفونيات، وأوبرا فيديليو، ليصبح أحد أهم المؤلفين الموسيقيين في كل العصور.

لذا ستخصص ألمانيا عام 2020 كاملا للاحتفال بمرور 250 سنة على مولده باعتباره ظاهرة فريدة في عالم الموسيقى، وفقا لموقع دويتشلاند (Deutschland.de) الذي كشف لنا مجموعة من المعلومات الطريفة عن بيتهوفن، منها أنه ألّف مقطوعة موسيقية عندما كان فتى صغيرا سماها “رثاء في وفاة الكلب”، وأنه تسبب في زيادة سعة تخزين تسجيلات القرص المضغوط (سي دي)، فبعد أن كان يتسع لتسجيل 60 دقيقة فقط عند ظهوره في عام 1980، قررت شركة سوني زيادتها إلى 74 دقيقة، ليتسع القرص للسيمفونية التاسعة لبيتهوفن كاملة.

بيتهوفن الحاضر دائما
كان بيتهوفن حاضرا في الأغاني الحديثة، فقد تبنى عازف البيانو إيغور ليفيت نوناته للبيانو، مما مكنه من دخول الألبوم الألماني في سبتمبر/أيلول 2019. كما أثر بيتهوفن في موسيقى الجاز بنزوعه الدائم للتجديد، لذا سيقام مهرجان موسيقى الجاز في مدينة بون، مسقط رأسه عام 2020، بمشاركة نجوم كبار من أمثال كلاوس دولدينغر وتيل برونر.

كذلك يجري العمل حاليا بواسطة الذكاء الصناعي على تكملة سيمفونية بيتهوفن العاشرة المعروفة باسم السيمفونية “غير المكتملة”، بعد قيام علماء الموسيقى وخبراء المعلوماتية بتطوير الخوارزميات الخاصة بها، وستقدم أوركسترا بيتهوفن العرض الأول لها في بون في أبريل/نيسان 2020.

أيضا في الشهر الماضي تم تنظيم حفل موسيقي في منتزه الفيلة في تايلند ضمن فعاليات “مشروع باستورال بيتهوفن” الذي أطلقته الأمم المتحدة من أجل حماية المناخ، وشارك فيه موسيقيون من أنحاء العالم، وقام عازف البيانو البريطاني باول بارتون بعزف السيمفونية السادسة التي دعا بيتهوفن من خلالها لحماية الطبيعة.

السيمفونية التاسعة “أنشودة الفرح”
“كانت سيمفونيته التاسعة كالانفجار الذي غيّر الموسيقى إلى الأبد، وعلامة فارقة حاول المؤلفون الموسيقيون تخطيها على مدى عقود دون أن يوفقوا”، وفق قول المرشدة الموسيقية سيمون يونج.

السيمفونية التاسعة إذن هي إنجاز بيتهوفن الذي يعد المفتاح الأساس للموسيقى السيمفونية، ففي عام 1817 طلبت جمعية لندن الموسيقية منه تأليفها، وانتهى منها عام 1824 جاعلا موضوعها “الأخوة بين البشر”. وفي الفقرة الأخيرة منها لحن أبيات الشاعر الألماني فريدريش شيلر “أنشودة الفرح”، معتمدا على غناء أربعة مغنيين وفرقة إنشاد. ولأن بيتهوفن كان مصابا بالصمم عندما ألف هذه السيمفونية، فقد دفع عمله هذا نحو مزيد من الاعتقاد بعبقريته الموسيقية الخالدة.

بيتهوفن في السينما
وبما أن بيتهوفن من أهم الموسيقيين على الإطلاق، فقد ظهرت العديد من الأفلام الوثائقية والروائية عن أعماله وسيرة حياته، حتى إن المخرج ستانلي كوبريك استخدم كلمة “فيديليو”، وهي اسم أوبرا بيتهوفن الوحيدة، لتكون كلمة السر للدخول إلى الحفل السري، في فيلم “عيون مغلقة” (Eyes Wide Shut). وهذه ثلاثة من أفضل الأفلام التي تناولت حياة بيتهوفن وموسيقاه:

محبوبتي الأبدية
الفيلم البريطاني “محبوبتي الأبدية” (1994) يعد الأفضل من بين الأفلام التي تعرضت لحياة بيتهوفن، لإبداع بطل الفيلم وعازف البيانو النجم جاري أولدمان، إلى جانب النجمة إيزابيلا روسيليني.

والفيلم عبارة عن سلسلة من ذكريات الماضي في حياة بيتهوفن، يقوم سكرتيره المقرب أنطون شندلر (جيرون كرابي) باجترارها أثناء تجواله، في محاولة لحل اللغز الذي أثاره اكتشاف وصية وجدت بين أوراق بيتهوفن عند وفاته، يورث بمقتضاها جميع ممتلكاته إلى “محبوبته الأبدية” التي لم يذكر اسمها، ويسعى شندلر للوصول إليها ليحقق رغبة بيتهوفن الأخيرة. والفيلم مليء بالمقطوعات الموسيقية الرائعة.

بحثا عن بيتهوفن
“بحثا عن بيتهوفن” أول فيلم أميركي وثائقي طويل وشامل يلقي نظرة على موسيقى لودفيغ فان بيتهوفن، دون أن يكتفي بالسرد الوثائقي المعتاد، بل يعرفنا عليها من خلال حشد من الموسيقيين البارزين الذين يسعون جاهدين بما لديهم من خبرة وشغف، ليوضحوا جوانب عظمة أعمال بيتهوفن الموسيقية الثورية، مع التركيز على صمم بيتهوفن المتزايد ومعاناته الصحية. الفيلم من تأليف وإخراج فيل غرابسكي.

رباعية أخيرة 2012
فيلم كندي درامي موسيقي يعرض قصة اجتماعية متشابكة تتخذ الرباعية الوترية لبيتهوفن (131 OP) محورا لها، حيث يتم تشريح هذه الرباعية التي لا بد أن تُعزف دون أي استراحات. وقد أبدع فيه إلى جانب النجمة كاثرين كينر، كل من كريستوفر واكان الحاصل على الأوسكار، والذي أدى دور عازف التشيللو المخضرم، وفيليب سيمور هوفمان نجم الأوسكار أيضا، الذي فقدته السينما الأميركية العام الماضي. أما السيناريو والإخراج فهو ليارون زيلبرمان.

يقول عازف البيانو الشهير لارس فوغنت “يمكن للبشر أن يكونوا أخوة، هذه هي الرؤية التي استطاع بيتهوفن تحقيقها بواسطة الموسيقى، وجعلنا جميعا نؤمن بها”. أما بيتهوفن فيقول إن “الفن الحقيق يبقى إلى الأبد”، وهي العبارة التي تنطبق على موسيقاه. لقد كان بيتهوفن مفكرا مختلفا ورائدا في الموسيقى، وما زال حتى اليوم واحدا من أكثر الموسيقيين الذين يستمع العالم إلى ألحانهم.

توفي بيتهوفن يوم 26 مارس/آذار 1827 عن عمر ناهز 56 عاما، وأقيمت له جنازة في فيينا شارك فيها أكثر من 20 ألف شخص لتوديعه.

شارك المقال

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *