المهاتما غاندي: سبع لحظات فارقة في حياة الشاب "المتمرد" الذي تحدى الاستعمار البريطاني - صوت الضفتين

المهاتما غاندي: سبع لحظات فارقة في حياة الشاب “المتمرد” الذي تحدى الاستعمار البريطاني

زعيم هندي اشتهر بثقافة اللاعنف وسياسة المقاومة السلمية. دافع عن حقوق المنبوذين في الهند، وقاوم الاحتلال البريطاني بسلمية صارمة، وفي سنواته الأخيرة دعا الهندوس إلى احترام حقوق المسلمين، فاغتاله أحد الهندوس المتعصبين متهما إياه بالخيانة العظمى.
المولد والنشأة
ولد موهندس كرمشاند غاندي الملقب بالـ”مهاتما” (أي صاحب النفس العظيمة أو القديس) يوم 2 أكتوبر/تشرين الأول 1869 في بور بندر بمقاطعة غوجارات بالهند لأسرة محافظة لها باع طويل في العمل السياسي.
وكان جده -كما كان والده- رئيس وزراء إمارة بور بندر. وقد تزوج وهو في الـ13 من العمر استجابة للتقاليد الهندية المحلية.
الدراسة والتكوين
سافر إلى بريطانيا عام 1888 لدراسة القانون، وفي عام 1891 عاد منها إلى الهند بعد أن حصل على إجازة جامعية تخوله ممارسة المحاماة.
التوجه الفكري
أسس غاندي ما عرف في عالم السياسة بـ”المقاومة السلمية” أو فلسفة اللاعنف (الساتياراها)، وهي مجموعة من المبادئ تقوم على أسس دينية وسياسية واقتصادية في آن واحد، ملخصها “الشجاعة والحقيقة واللاعنف”، وتهدف إلى إلحاق الهزيمة بالمحتل عن طريق الوعي العميق بالخطر المحدق وتكوين قوة قادرة على مواجهة هذا الخطر باللاعنف أولا، ثم بالعنف إذا لم يوجد خيار آخر.
وتتخذ سياسة اللاعنف عدة أساليب لتحقيق أغراضها، مثل الصيام والمقاطعة والاعتصام والعصيان المدني والقبول بالسجن وعدم الخوف من أن تقود هذه الأساليب حتى النهاية إلى الموت.
ويشترط غاندي لنجاح هذه السياسة تمتع الخصم ببقية من ضمير وحرية تمكنه في النهاية من فتح حوار موضوعي مع الطرف الآخر.
الوظائف والمسؤوليات
سافر إلى جنوب أفريقيا عام 1893 للعمل في مكتب للمحاماة في “ناتال”، وكان في نيته البقاء عاما واحدا فقط، لكن أوضاع الجالية الهندية هناك جعلته يبقى لمدة 22 عاما.
اعلان
التجربة السياسية
عاد من جنوب أفريقيا إلى الهند عام 1915، وفي غضون سنوات قليلة من العمل الوطني أصبح الزعيم الأكثر شعبية. وركز على كفاح الظلم الاجتماعي من جهة وكفاح الاستعمار من جهة أخرى، واهتم بشكل خاص بمشاكل العمال والفلاحين وفئة المنبوذين، واعتبر الفئة الأخيرة -التي سماها “أبناء الإله”- سُبّة في جبين الهند ولا تليق بأمة تسعى لتحقيق الحرية والاستقلال والخلاص من الظلم.
قرر عام 1932 البدء بصيام حتى الموت احتجاجا على مشروع قانون يكرس التمييز الطبقي في الانتخابات ويهمش المنبوذين الهنود، مما دفع الزعماء السياسيين والدينيين إلى التفاوض والتوصل إلى “اتفاقية بونا” التي قضت بزيادة عدد النواب من “المنبوذين” وإلغاء نظام التمييز الانتخابي.
تميزت مواقفه من الاحتلال البريطاني لشبه القارة الهندية في عمومها بالصلابة المبدئية التي لا تلغي أحيانا المرونة التكتيكية، وسبب له تنقله بين المواقف القومية المتصلبة والتسويات المرحلية المهادنة حرجا مع خصومه ومؤيديه وصل أحيانا حد التخوين والطعن في مصداقية نضاله الوطني من قبل المعارضين لأسلوبه.
فقد تعاون مع بريطانيا في الحرب العالمية الأولى على دول المحور، وشارك عام 1918 -بناء على طلب من الحاكم البريطاني في الهند- في مؤتمر دلهي الحربي، ثم انتقل إلى المعارضة المباشرة للسياسة البريطانية بين عامي 1918 و1922 وطالب خلال تلك الفترة بالاستقلال التام للهند.
وفي عام 1922 قاد حركة عصيان مدني صعدت من الغضب الشعبي الذي وصل في بعض الأحيان إلى صدام بين الجماهير وقوات الأمن والشرطة البريطانية مما دفعه إلى إيقاف هذه الحركة، ورغم ذلك حكمت عليه السلطات البريطانية بالسجن ست سنوات ثم عادت وأفرجت عنه عام 1924.
وفي سنة 1934 قرر غاندي الاستقالة من حزب المؤتمر والتفرغ للمشكلات الاقتصادية التي كان يعاني منها الريف الهندي، وفي عام 1937 شجع الحزب على المشاركة في الانتخابات معتبرا أن دستور 1935 يشكل ضمانا كافيا وحدا أدنى من المصداقية والحياد.
وفي عام 1940 عاد إلى حملات العصيان مرة أخرى، فأطلق حملة جديدة احتجاجا على إعلان بريطانيا الهند دولة محاربة لجيوش المحور دون أن تنال استقلالها. واستمر هذا العصيان حتى عام 1941.
وإزاء الخطر الياباني المحدق حاولت السلطات البريطانية المصالحة مع الحركة الاستقلالية الهندية، فأرسلت في عام 1942 بعثة عرفت باسم “بعثة كريبس” ولكنها فشلت في مسعاها، وعلى إثر ذلك قبل غاندي عام 1943 -ولأول مرة- فكرة دخول الهند في حرب شاملة على دول المحور على أمل نيل استقلالها بعد ذلك.
وخاطب غاندي الإنجليز بجملته الشهيرة “اتركوا الهند وأنتم أسياد”، لكن هذا الخطاب لم يعجب السلطات البريطانية فشنت حملة اعتقالات ومارست ألوانا من القمع العنيف كان غاندي نفسه من ضحاياه، حيث ظل معتقلا في السجن ولم يفرج عنه إلا عام 1944.
بانتهاء عام 1944 وبداية عام 1945 اقتربت الهند من الاستقلال وتزايدت المخاوف من الدعوات الانفصالية الهادفة إلى تقسيمها إلى دولتين بين المسلمين والهندوس، وحاول غاندي إقناع محمد علي جناح الذي كان على رأس الداعين إلى هذا الانفصال بالعدول عن توجهاته لكنه فشل.
وانقسمت الهند بالفعل في 16 أغسطس/آب 1947، وما إن أعلن التقسيم حتى سادت الاضطرابات الدينية وبلغت من العنف حدا تجاوز كل التوقعات، فسقط في كلكتا وحدها ما يزيد على خمسة آلاف قتيل.
وقد عبّر غاندي عن ألمه لهذه الأحداث واعتبرها كارثة وطنية، كما زاد من ألمه تصاعد حدة التوتر بين الهند وباكستان بشأن كشمير وسقوط العديد من القتلى في الاشتباكات المسلحة التي نشبت بينهما 1947-1948، وأخذ يدعو إلى إعادة الوحدة الوطنية بين الهنود والمسلمين طالبا بشكل خاص من الهندوس احترام حقوق المسلمين.
الوفاة
لم ترُق دعوات غاندي لاحترام حقوق المسلمين بعضَ الفئات الهندوسية المتعصبة واعتبروها خيانة عظمى فقرروا التخلص منه، وفي 30 يناير/كانون الثاني 1948 أطلق عليه أحد الهندوس المتعصبين ثلاث رصاصات فخر صريعا.

شارك المقال

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *