ابو العتاهية حياته وشعره - صوت الضفتين

ابو العتاهية حياته وشعره

ابو العتاهية
هو أبو العتاهية إسماعيل بن القاسم بن سويد بن كيسان ، وكنيته أبو إسحاق ، وأبو العتاهية لقبه ، روي إن المهدي قال له يوما : أنت إنسان متحذلق معتة ، فاستوت له من ذلك كنية غلبت عليه دون اسمه وكنيته ، وسارت له في الناس . وقيل : كني بابي العتاهية لأنه كان يحب الشهرة والمجون والتعته .(وهذا الراي فيه مغالطة كبيرة فالمطلع على حياة هذا الشاعر وشعره يجده يميل الى الزهد لا الى المجون والتعته ) إما نسبه ففيه خلاف ، قال بعض الباحثين انه نبطي من موالي بني عنزة وأمه من موالي بني زهرة ، وذكر آخرون انه عربي وتبعهم في ذلك بعض المستشرقين مثل نكلسون وهوار .
زهد ابي العتاهية
يرى بعض الباحثين ان ابا العتاهية تزهد في اخريات حياته والتجأ الى العبادة وتقوى الله ويجدون ان السبب في ذلك يرجع الى عاملين رئيسين :
أولهما : إحساسه الدفين بضعة أصله ، وهذا الإحساس النفسي حمله على إن ينادي بان التقوى هي العز والكرم كما في قوله :
دعني مــــــــن ذكر أب وجد ونسب يعليك سور المجد
ما لفخر إلا في التقى والزهد وطاعة تعطي جنان الخلد
والعامل الثاني : حبه لعتبه الذي صهر مشاعره ، وكان بلا أمل فصار بذلك حرمانا جديدا أضيف إلى أسباب تنسكه ، ويرى خلف الله إن صدمته في حبه لعتبة هي نقطة التحول الحقيقية في حياته ، ويضيف الدكتور مصطفى هدارة عاملا ثالثا هو اتصاله بالثقافات المختلفة في عصره ، ولا سيما حركة الزهد التي بدأت تأخذ طريقها في ذلك الوقت .
اما صحة زهده ففيها آراء منها :
– قال محمد بن برانق : (( ما كان شعره في الزهد لله ولكنه طريق سلكه في شعره لإظهار الحسرة والأسى على حبيبته عتبة))
– أنكر الدكتور محمد بن عبد العزيز الكفراوي زهد أبي العتاهية ورأى انه ضلل الباحثين والنقاد ما يقرب من اثني عشر قرنا ، ولا يزال شعره في مدارسنا الثانوية بل وجامعاتنا يدرس على انه منبعث عن الزهد أو ما يشبه الزهد مع انه ابعد الأشياء عن ذلك . وجعل احد دوافع الزهد عند أبي العتاهية اتفاقية سرية بين الشاعر من جهة والفضل بن الربيع مع زيبدة من جهة اخرى لابعاد الرشيد عن مجالس الانس والطرب وإبعاد جعفر البرمكي عدو الفضل بن الربيع ونديم الرشيد على الشراب .. لقد كانت زبيدة تريد إن تجعل من الرشيد رجلا عابدا زهدا في كل شي من الدينا سواها ، وأبو العتاهية وشعره وسيلتها إلى ذلك . وهذا الرأي ابعد ما يكون الى الحقيقة المعروفة عن حياة هؤلاء الاشخاص
– وهكذا حاول الكثيرون إخراج أبي العتاهية من الزهد ورميه خارجها ، مع انه – في رأي الدكتور ناظم رشيد- قد تزهد في أخريات عمره ، وكف عن شهواته وصبواته ، وها هو ذا يقول مخاطبا هارون العباسي بعد اعتزال مجلسه وطرح اللهو والشراب والمنادمة جانبا :(( يا أمير المؤمنين ، إن الحسنات يذهبن السيئات ، كنت أقول الغزل ولي شباب وجدة وبي حراك وقوة ، وانأ اليوم شيخ ضعيف لايحسن بمثلي تصاب)) .
– ان زهده جاء بعد ضعفه وكبره وشعوره بالندم على ما قدمت يداه من معاص وآثام وإعمال منكرة . ويرى الدكتور محمد محمود الدش انه تزهد حقا بعد سنة مئتين للهجرة أي بعد السبعين من عمره . لقد دعا أبو العتاهية في شعره ألزهدي إلى محاسن الأخلاق ، وحميدة الفعال وصالح الإعمال ، وكان أخر ما قاله في مرضه الذي مات فيه:
الهي : لاتعذبني ، فانــــي مقر بالذي قد كان منــــــــــــــــي
ومالي حيلة ، إلا رجائـــي وعفوك . إن عفوت ، وحسن ظني
فكم من زلة لي في البرايا ولانت علي ذو فضل ومـــــــــــن
لذا فكرت في ندمي عليها عضضت أناملي ، وقرعت سنــــي
يظن الناس بي خيرا ، واني لشر الناس ، إن لم تعف عنــــــي
– ومن صحة زهده ما رواه صاحب كتاب الاغاني من ان ابا العتاهية كان يحج كل سنة , والحج انذاك لم يكن سهلا ميسورا وانما له متاعب جمة لا يتحملها الا المؤمن الصبور الذي اتى الله بقلب سليم.
و لقد أشاع أهل المجون أن أبا العتاهية زنديق، و قد حدّث الخليل النوشاني قائلا: أتانا أبو العتاهية إلى منزلنا ، فقال زعم الناس أنني زنديق، والله ما ديني إلاّ التوحيد، فقلنا قل شيئا تتحدث به عنك، فقال:
ألا إننا كلنا بائــــــد وأيّ بني آدم خالــــد
و بدؤهم كان من ربهــــم و كلّ إلى ربه عائــــد
فيا عجبا كيف يعصى الإله؟ أم كيف يجحده الجاحد
و للّه في كلّ تحريكــــة علينا و تسكينة شاهـــد
و في كلّ شيء له آيــة تدل على أنه واحـــــــد
اغراضه الشعرية
طرق ابو العتاهية جميع الاغراض الشعرية من غزل ومديح وهجاء ورثاء ووصف وزهد الا ان الباب الواسع في شعره كان في غرض الزهد ,وسنتطرق الى غرضي الغزل والهجاء.
1- الغزل: استهل ابو العتاهية حياته الشعرية بالغزل ولعل قول الدكتور محمد بن عبد العزيز الكفراوي شيئا من المبالغة (انه اعظم شعراء الحب في عصره) وامتاز غزله بالعفة والرقة وقد اختص اغلب غزله في حبيبته عتبة ,قال فيها :
عيني على عتبة منهلة بدمعها المنسكب السائل
كأنها من حسنها درة اخرجها اليم الى الساحل
2- الهجاء : على الرغم من كثرة وتنوع صور الهجاء في العصر العباسي الاانه لم يحتل مكانة كبيرة في شعر ابي العتاهية ,ومن ابرز خصائص هجائه انه كان متسم بالافتراء والتهكم والسخرية والطعن في الرجولة ولا سيما في هجائه لمعن بن زائدة:
لقد بلغت ماقال فما باليت ماقالا
فلو كان من الاسد لما راع ولا هالا
وما تصنع بالسيف اذا لم تك قتالا
فصغ ماكنت خليت به سيفك خلخالا
 

شارك المقال

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *