“ابن رشد” العقل النقدي والزلزال الفكري في الفلسفة الإسلامية وتم إتهامه بالإلحاد
“ابن رشد” من أهم الفلاسفة المسلمين وأكثرهم شهرة، ترك إرثًا عظيمًا في الفلسفة الإسلامية، وبالعالم الإسلامي كانت فلسفة تاريخه بشكل موضوعي يعطي التأثير الإسلامي العميق في الفكر الأوروبي وكان له صراع فكري مع الغزالي تفجر منذ قرون يتركَّز حول نظرته الكلاميّة للعالَم؛ حيث كانت نظرته تتلخَّص في مَنْع العقل، والطبيعة من فعل أيّ أمر، مع عدم تصديقه لوجود أيّة مبادئ سببيّة، أو ذاتيّة، ؛ حيث قال الغزالي إنّه ليس من الضروري استخدام العلوم الموضعيّة في العالم الإسلاميّ.
إبن رشد
طبيبٌ وفقيه وقاضٍ وفيلسوف وفيزيائي وفلكي أندلسي، نشأ في أسرةٍ من أشراف العرب في الأندلس، شرح إبن رشد أرسطو، مما ساهم في زيادة تأثيره على أوروبا القرون الوسطى.
نبذة عن إبن رشد
كان “إبن رشد” واحدًا من أشهر الفلاسفة الأندلسيين في العصور الوسطى، وقد قدم إسهامات كبيرة في العديد من المجالات كعلم الفلك والطب والقانون وعلم النفس والجغرافيا والفيزياء والميكانيك السماوي إلى جانب الفلسفة. ومنذ سنيّ طفولته كان يبدي نزعةً نحو اكتساب المعرفة في المواضيع المختلفة التي شكلت أساسًا لخبراته في مجالاتٍ واسعةٍ من المواضيع والعلوم.
تأسيسه
أسّس المدرسة الرشدية في الفلسفة، وقد إعتَبرَ على عكس الرأي العام أن الفلسفة والدين كلاهما أدواتٌ تمكن الإنسان من البحث ومعرفة السبيل للخلاص البشري. وفي الوقت الذي كان الدين يعني ويهمّ جميع الناس، بقيت الفلسفة حكرًا على تلك الفئة من الناس التي تمتلك فكرًا وذكاءً أكبر، حاول أن يظهر التطابق بين المعتقدات الإسلامية وبين معتقدات الفيلسوف الإغريقي أرسطو، وأشهر أعماله تفسيرات لآراء أرسطو حول السياسة والشعب.
انتُقد ابن رشد من قبل خلفاء عصره، ومُنعت الكثير من أعماله فيما منع من دخول مراكش (المغرب اليوم)، لكنه بين أقرانه من المفكرين كان يحظى بمكانةٍ وإحترامٍ كبيرين، تناول “إبن رشد” العديد من الكتاب المشاهير أمثال دانتي وجيمس جويس في مؤلفاتهم، إشارةً منهم إلى مكانته ورغبةً في معرفة المزيد عن حياته.
بدايات إبن رشد
ابن رشد هو حفيد أبو الوليد محمد وابن أبو القاسم وكلاهما كان يمارس القانون في زمن حكم البرابرة من المرابطين.
مولده
وُلد في قرطبة في الأندلس في 14 نيسان/ أبريل 1126، وتلقى تعليمه في بداية حياته على يد أفضل المدرسين في مختلف المواد من اللاهوت والحديث إلى علم اللغة والقانون، كما درس الطب تحت إشراف ابو جعفر ابن هارون الطرجلي (التركي).
حياة “إبن رشد” الشخصية
لم يُذكر في المراجع التاريخية أي شيء يمس الحياة الشخصية “لإبن رشد”، سوى أنّ له ابنًا أصبح طبيبًا، أما من حيث ديانة “إبن رشد” ومعتقداته وطائفته الأصلية ، فقد ولد لعائلة مسلم ،سُمي كويكب “ابن رشد 8318” تيمنًا باسمه، ورد إسمه في قسم الجحيم من الكوميديا الإلهية لدانتي.
إنجازات “إبن رشد”
بدأ حياته المهنية في محكمة أبو يعقوب يوسف من سلالة الموحدين، وقد كان الملك راعيًا وداعمًا للعلم والفلسفة، فيما كان الطبيب المشهور “إبن زهر” طبيبًا للعائلة الملكية. صادق ابن رشد ابن زهر حيث أخذه الأخير تحت جناحه، وقد تجلت براعته في الطب بعد أن نشر كتاب “الكليات في الطب”.
كان في قصر أبو يعقوب عندما كتب أول مؤلفاته في شرح أفكار الفيلسوف الإغريقي أرسطو، وقد تأثرت فلسفته وأفكاره الدينية بفلسفة الفيلسوف ابن باجة. استمرت دراسته للأعمال الفلسفية المختلفة لثلاثة عقودٍ لاحقة، حيث طور خلالها مدرسته الفكرية والفلسفية الخاصة المسماة “المدرسة الرشدية”.
تقلد مناصب
تم تعيينه قاضيًا على مقاطعة إشبيلية عام 1160، وبعد منصبه هذا شغل “إبن رشد” العديد من المناصب في المحاكم طيلة حياته، وتتضمن أعماله ما يقارب مئة ورقة في مجالاتٍ مختلفة انطلاقًا من الفلسفة واللاهوت والطب والقانون والنحو، ويبقى أشهر اعماله هو ترجمته لأعمال أفلاطون وبالتحديد “الجمهورية”.
ترجمته للفلاسفة
بعد فترةٍ قصيرة من ترجمته لفلسفة أرسطو وأفلاطون،
إستغرق منه شرح أعمال أرسطو ثلاثة عقود كتب آراءه الفلسفية الخاصة في مجموعةٍ شاملة، بالإضافة إلى مجموعةٍ من المؤلفات الفلسفية المختلفة مثل “فصل المقال في ما بين الحكمة والشريعة من اتصال”، وكتاب “الكشف عن المناهج العديلة”. كما ألّف كتاب “الكليات” الذي جمع علمه الواسع ومعرفته في الطب، ويُعتقد أنه أول من اقترح مفهوم “القصور الذاتي”، حتى أنه وصف القوة بأنها “معدل العمل المبذول في تغيير الحالة الحركية للجسم المادي”. وأوضح أيضًا أن الظاهرة وراء تشكيل قوس قزح هو الانكسار وليس الانعكاس كما كان الاعتقاد السائد بين الناس.
مؤلفاته
وبالإضافة إلى كونه باحثًا في القانون، فقد ألّف الكثير من الكتب في الموضوعات المختلفة مثل كتاب “بداية المجتهد ونهاية المقتصد” في الفقه، ويسمى أيضًا “التمهيد الفقهي المتميز”.
قام بتأليف شروحاتٍ مفصلة لأعمال أرسطو، حيث كانت تحليلاً لكل جملةٍ من جمله، وعندما لم يجد له عملٌ في السياسة، تحول إلى أفلاطون، حيث آمن ابن رشد بالكثير من الأفكار التي قدمها أفلاطون كالمساواة بين الرجل والمرأة وفحص النصوص الأدبية.
إعتقاده
كان يعتقد أن الفلسفة والدين هما وسيلتين مختلفتين لنفس الغاية، وقد تلقى بسبب ذلك الكثير من الانتقادات اللاذعة والمسيئة من قبل الخلفاء الأندلسيين، وقد أُحرقت بعض كتاباته، وبين عامي 1195-1197 مُنع من نشر أفكاره أو دخول أراضي مراكش (المغرب حاليًا).
وفاة إبن رشد
توفي في 10 كانون أول/ ديسمبر 1198 في مراكش(المغرب) وترك خلفه إرثًا عظيمًا في الفلسفة الإسلامية، وتم عرض قصته في فيلم للمخرج المصري يوسف شاهين بعنوان “المصير” عام 1997، وقد حصل إبن رشد على العديد من الجوائز مثل جائزة إبن رشد للحرية الفكرية.