“قاهر الصليبيين” صلاح الدين الأيوبي ،شخصية مُلففة بإنجازات بركان عنقية

سطر الملك الناصر صلاح الدين الأيوبي في التاريخ أروع الأمثلة؛ فكان واحدًا من بين أعظم شخصيات التاريخ الإسلامي التي ضحّت عرفتها البشرية، فيعود له الفضل في قيام الدولة الأيوبية، والأهم من ذلك بأنه قاهر الصليبييّن ومحرر القدس منهم، ومن المؤكد فقد إقترن ذكر معركة حطين باسمه باعتباره بطلها الهُمام.
من هو صلاح الدين الأيوبي.
صلاح الدين الأيّوبي هو زعيم مسلم شجاع عاش في القرن الثاني عشر، وتمتع بأسُس إسلاميّة راسخة جعلته يلتزم بقضايا الإسلام، مما جعله يحقّق إنجازات عظيمة، فقد وحّد مصر مع سوريا، واستعاد القدس من الصليبيين، وبذلك دخل اسمه في سجلّات كلٍّ من التاريخ الإسلاميّ والغربيّ.
نشأة صلاح الدين الأيوبي.
وُلد صلاح الدين في تكريت من عائلة كرديةٍ كريمة الأصل وعظيمة الشرف، وكان والده حاكماً لقلعة تكريت، وتصادفت ولادة صلاح الدين الأيوبيّ مع إجبار والده يوسف بن نجم الدين على الخروج من تكريت فأخذه أبوه مصدراً للشؤم؛ ،فهاجر والد صلاح الدين من تكريت، ونزل في الموصل عند عماد الدين زنكي الذي أكرمه، ونشأ إبنه صلاح الدين نشأةً مباركةً؛ فحفظ القرآن الكريم، والكثير من الأحاديث الشريفة، وتربّى فيها على العزّ، والكرامة، والفروسيّة، وتدرّب على حمل السلاح ونما فيه حُب الجهاد.
بداية حياة صلاح الدين العسكريّة.
بدأت حياة صلاح الدين المهنيّة عندما انضمّ إلى فريق عمّه “أسد الدين شيركوه” وهو قائد عسكريّ يعمل تحت إمرة “أمير الدين زنكي”، حيث نسأ في ذلك الوقت صراع ثلاثيّ معقّد بين “شاور” وزير الخلافة الفاطميّة في مصر، والملك الأول للقدس، و”شيركوه”،وفي عام 1169 وعندما كان صلاح الدين يبلغ من العمر 31 عاماً عُيّن قائداً للقوات السوريّة في مصر.
محاربة الصليبيين.
بعد وفاة “نور الدين زنكي”، إنطلق صلاح الدين إلى دمشق، حيث رحّبت به المدينة، وتزوّج من أرملة نور الدين وبذلك عزّز شرعيّته فيها، وقد تمكّن من فرض نفوذه على حلب والموصل في عامي 1176 و1186 على التوالي. في حين كان صلاح الدين يعزّز سلطته في سوريا، أعلن هدنةً مع الصليبيين عام 1178، وكان هدفه أن يتعافى جيشه من الهزيمة، ولكنّه جدّد هجماته عام 1179، وهزم الصليبيّين في معركة مخاضة يعقوب، وهذا أدّى إلى عددٍ من ردود الفعل من الصليبيّين ومنها مضايقات التجارة الإسلاميّة وطرق الحج على البحر الأحمر، والتهديد بمهاجمة المدينة المنوّرة ومكّة المكرمة، ونهب قافلة حجّاج المسلمين في عام 1185.
في الرابع من تموز عام 1187 استطاع صلاح الدين القضاء على الجيش الصليبيّ إلى حدٍ كبير في معركة مجتمعة بينه وبين ملك القدس آنذاك، وريموند الثالث من طرابلس، وكانت هذه المعركة نقطة تحوّل كبيرة في تاريخ الحروب الصليبيّة، وسُميَّت هذه الواقعة بمعركة حطّين، وقد مهّدت
الطريق لاستعادة المسلمين للقدس، وطرابلس، وأنطاكيا، وإبطال الإنجازات التي حققتها الحروب الصليبية في الأرض المقدّسة.
إنجازات صلاح الدين الأيوبي.
إشتُهر صلاح الدين الأيوبيّ بالعديد من الصفات المميّزة
ألغى صلاح الدين الأيوبي سنة 1171م الخلافة الشيعيّة الفاطميّة الضعيفة التي لم تكن تحظى بشعبيّة، وأعلن العودة للإسلام السنيّ في مصر.
سعى صلاح الدين الأيوبيّ منذ عام 1174-1186م لتوحيد جميع المناطق الإسلاميّة في سوريا، وشمال بلاد ما بين النهرين، وفلسطين، ومصر.
تمكّن صلاح الدين في الرابع من شهر تموز في عام 1187م من استخدام كامل قوّته وعدد هائل من الجيوش لصراع المماليك الصليبية اللاتينية، وبصلاحياته العسكريّة تمكّن من محاصرة الصليبيين وتدميرهم، وساهم حصاره لهم في إنهاك الجيش الصليبيّ من العطش
والجوع، واستطاع السيطرة
والتغلّب على مملكة القدس بأكملها خلال ثلاثة أشهر فقط؛ وهي بيروت، وصيدا، والناصرة، ونابلس، وتورون، قيصرية، ويافا، وعسقلان.
إستسلمت مدينة القدس بكلّ ما فيها لجيوش صلاح الدين الأيوبيّ بعد أن دام حكم الفرنجة لها 88 سنة، وذلك في الثاني من أكتوبر عام 1187م، وقد كانت الضربة الأكبر لصلاح الدين الأيوبي.
حصد صلاح الدين الأيوبيّ نجاحاً مفاجئاً؛ إذ قاد الصليبيين للفشل في الإستيلاء على صور، وهي قلعة ساحليّة مهمة، حيث توافد إليها جميع الصليبيون الناجون من المعارك الأخيرة، وقد كانت حملة صلاح الدين الثالثة على الصليبيين في ثلاث دول.
وفاة صلاح الدين الايوبي.
خرج صلاح الدين الأيوبي لملاقاة الحجاج العائدين من مكة المكرمة في 14/صفر عام 589هـ، وبعد عودته من هذا الاستقبال أصيب بالحمّى الصفراوية، واشتدّ عليه المرض وتزايد تدريجياً، حتى أصبحت حالته خطيرة وعجز الأطباء عن علاجه، وفي يوم الأربعاء في27 صفر عام589هـ إزدادت حالته خطورةً، ودخل في غيبوبة طويلة لم يفق منها إلا قليلاً، وبعد صلاة الصبح من ذات اليوم أسلم الروح لبارئها وفارق الحياة.