جريمة الابتزاز الإلكتروني.. هل السكوت عنها جريمة أكبر؟
صوت الضفتين_مقال رأي
بقلم الكاتبة الأردنية سميرة رضوان
انتشرت ظاهرة “الابتزاز الإلكتروني” خلال السنوات الأخيرة كالنار في الهشيم، وهي ظاهرة من شأنها قيام الشخص المبتز بتهديد أو ترهيب ضحيته سواءً بصورها أو معلوماتها الشخصية مقابل الحصول على مبالغ مالية أو الطلب منها القيام بأعمال غير مشروعة أو منافية للأخلاق العامة… أي باختصار، تلبية طلباته مهما كانت.
- فكيف يبدأ الابتزاز؟
التدرُّج الذي يسير به الشخص الابتزازي، بدءاً من استغلال وسائل التواصل الاجتماعي بهدف إضافة الضحية أو قبول طلب الصداقة مروراً بعملية بناء الثقة معها، ومن ثم معرفة مواطن الضعف ونقاط جذبها، هي الخطوات الأولى، بحسب اختصاصي الطاقة الإيجابية والصحة النفسية والعلاقات الدكتور عادل القراعين.
وهذه الأمور قد تكون سهلة عند الابتزازي نظراً لنشر الكثير من الأشخاص حالاتهم النفسية وممارساتهم الحياتية بشكل شبه مستمر على مواقع التواصل الاجتماعي، غير مدركين وجود أشخاص تراقب تلك المسائل بانتظار لحظة الانقضاض المناسبة.ويرى القراعين من وجهة نظره، أن الضحية هي التي تمشي نحو الفخ المنصوب لها، وبطريقة لا شعورية وخارج مناطق الوعي العقلي، خصوصاً إذا اعتقدت أن ذلك الشخص قريب منها ومن مستوى تفكيرها ويستطيع فهمها وحلّ مشاكلها. والأدهى، هو أن الشخص الابتزازي يمتلك مهارات تجعله قادراً على جذب الضحية بسرعة، وبهذا يقع اللوم والمسؤولية الكبيرة على مَن لم تدرك أن هذا التعرف السريع من طرف الابتزازي هو مسألة مشكوك بها، وفق القراعين. وبحسبه، لو أن الضحية فكرت بمساحة ووعي أعلى وبصورة أعمق قليلاً، لأدركت أن هذا الوقت القصير للتعارف والتقارب وتقديم كل الدعم والمساعدات تُخفي وراءها الكثير من مصالحه الشخصية على حساب حياتها وراحتها.
- الإناث هنّ الضحايا الأكثر.
أكثر من يعانينَ من هذه العمليات الابتزازية هنّ الإناث، على اختلاف أعمارهنّ وثقافاتهنّ، إذ من المعروف أن الفتاة أو السيدة هي الأسهل للوقوع كضحية بحكم عاطفتها الكبيرة، واضطرارها للتعبير عن مشاعرها السلبية نحو ما تتعرض له من انتهاك أسري ومجتمعي، الأمر الذي يساعد الابتزازيين وبطريقة غير مباشرة على استثمار تلك الفرصة، والقيام بأفعالهم غير الأخلاقية.
- كيف تتعامل الأنثى مع هذا الابتزاز؟
من النصائح التي يمكن أن تخفف، ومن ثم قد تقضي على هذه الظاهرة تدريجياً كما يرى الاختصاصي القراعين، هي عدم قبول الفتاة لأية صداقات أو متابعة أشخاص لا تعرف عنهم أية معلومات سابقة، وعدم الدخول معهم بنقاشات كثيرة قد يستدرجونها بغية الحصول على تفاصيل معلوماتية أعمق. والأهم من ذلك أخذ الحيطة والحذر عند نشر معلوماتها الشخصية وممارساتها اليومية دون الدخول في تفاصيل دقيقة يمكن استغلالها.أما في حال طلب الابتزازي أية معلومات أخرى رغبة بمساعدة ضحيته ودعمها، فعليها عدم الرضوخ، لأن فتح أي مجالات له ومعه قد لا تنتهي، وبالتالي سيطلب المزيد. ولأن الابتزازي بطبيعته هو شخص مستتر لا يظهر للعلن، فإن نقطة عدم قدرته الشخصية على المواجهة يجب أن تستغلها الضحية لمعرفة كذبه ومآربه، وبدلاً من أن تضيع وقتها وطاقتها في التجاوب معه ينبغي عليها التوقف عن الالتفات إليه، ولغيره من التصرفات غير الأخلاقية.
- التصرف الأنجع مع الابتزازي.
والأهم من ذلك، كما يبيّن القراعين، أن لا تسكت الضحية عن أي ابتزاز أو إساءات مختلفة تتعرض لها، لأن السكوت أو الخوف قد يفاقم الموضوع بصورة أكبر، ويجعل من هذا الشخص حراً طليقاً يمارس هواياته السلبية. وهنا، يتعين على الأنثى أن تحذر صديقاتها ومعارفها المقربين من الموافقة على أية طلبات صداقة أو متابعة من أشخاص مجهولين، وإبلاغ إدارات وسائل التواصل الاجتماعي عن هذا الشخص وممارساته من أجل إيقافه عن حده، وكذلك يمكنها إبلاغ وحدة الجرائم الإلكترونية بالدولة التي تقيم بها، لكونها الجهة المتخصصة بالتعامل مع مثل تلك المواضيع بمهنية عالية وسرية تامة بما يكفل ضبط الابتزازي مقابل الحفاظ على السيدة في الوقت نفسه.
وينهي القراعين نصائحه للسيدات بالقول: “عيشوا حياتكنّ بكل قوة وإصرار، ولا تلتفوا لهؤلاء الابتزازيين وغيرهم من ممارسي التصرفات غير الأخلاقية. فإن شعروا بقوتكنّ وقدرتكنّ على مواجهتهم، فإنهم سيتجنبوكنّ ولن تجدوهنّ في محيطكنّ”.