المغرب: تساؤلات حائرة بعد تأخر رد الحكومة على عريضة السرطان
صوت الضفتين -المغرب
يثير تأخر الحكومة المغربية في إبداء موقفها بشأن عريضة شعبية غير مسبوقة بخصوص علاج السرطان، تساؤلات ممزوجة بالاستياء في صفوف عشرات الآلاف ممن وقعوا عليها قبل أشهر.وكان عدد من المغاربة أطلقوا “عريضة من أجل الحياة” تطالب بإنشاء صندوق خاص لمكافحة السرطان، يضمن مجانية العلاج للفئات المهمشة.
وتعتمد العريضة على سند قانوني يتمثل في الفصل 31 من الدستور المغربي، الذي “يلزم الدولة والمؤسسات العمومية بتعبئة كل الوسائل لتيسير استفادة المواطنين من العلاج والعناية الصحية”.
وانبثقت فكرة العريضة من وسم “#مابغيناش نموتوا بالسرطان” (لا نريد الموت نتيجة الإصابة بالسرطان) الذي انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي في أواخر السنة الماضية، لمطالبة الحكومة بتسهيل حصول المرضى على علاجات السرطان مرتفعة التكلفة، وجذبت العريضة عشرات الآلاف إليها.
وتشير معطيات وزار الصحة إلى أن المغرب يسجل سنويا أكثر من 40 ألف إصابة بالسرطان معظمها في صفوف النساء، ويتسبب الداء في أكثر من 7 بالمئة من مجموع الوفيات بالمملكة.
وفي بلد تعاني فيه حوالى 200 ألف أسرة مع السرطان، وجدت العريضة صدى واسعا، حيث وقع عليها عدد قياسي من المواطنين تجاوز 40 ألفا، وهو ما يفوق بكثير النصاب القانوني المطلوب.
وتثار حاليا تساؤلات حول مصير هذه العريضة، بعد أكثر من 6 أشهر على تقديمها لرئاسة الحكومة من دون الحصول على رد.
تأخر حكومي يخرق القانون
ويرى وكيل اللائحة عمر الشرقاوي أن تأخر الحكومة في تقديم جوابها النهائي بشأن عريضة المطالب “غير مفهوم”، كما ينم عن “استهتار حكومي بملف مهم كملف مرض السرطان الذي يشكل أحد أسباب الموت المبكر في المغرب”.
ويؤكد الشرقاوي، وهو أستاذ في القانون الدستوري، في تصريح لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “الحكومة، ومن خلال التأخر في الرد، تستهتر أيضا بالنص القانوني الذي يمهل رئيس الحكومة 75 يوما لتوضيح موقفه من العرائض الشعبية بعد استلام نسخة منها”.
ويضيف الشرقاوي أن “الآجال القانونية انتهت منذ مدة طويلة، حيث مضى أكثر من 200 يوم على تقديم العريضة لرئاسة الحكومة، في 14 فبراير الماضي، من دون الحصول على إجابة”.
حديث العثماني
في 4 من أغسطس المنصرم، أكد رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني أنه اطلع على التقرير الخاص بالعريضة الشعبية، الذي أعدته لجنة العرائض برئاسة وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان.
وأشار العثماني إلى أن الحكومة “تابعت باهتمام بالغ هذه التجربة غير المسبوقة”، مبديا استعداد حكومته لتفعيل مجمل ما ورد من الاقتراحات والتدابير التي رفعت إليها عن طريق اللجنة.
وقانونيا، تجاوزت الحكومة الآجال التي تواكب آلية العرائض، وهي الآلية التي نص عليها دستور 2011 في إطار إشراك المواطنين في صنع السياسيات العامة.
ويرى متابعون لهذا النقاش المجتمعي الذي خلقته العريضة الشعبية، أن الانشغال بالأزمة الصحية المرتبطة بجائحة كورونا، ربما يدخل ضمن الأسباب الرئيسية التي جعلت الحكومة تتأخر في التجاوب مع العريضة.
في المقابل، يرى جزء آخر من المتابعين أن “عريضة الحياة” يمكن أن تفقد قيمتها مع نظام تعميم التغطية الصحية، وهو مشروع اجتماعي ضخم سيشرع المغرب في تطبيقه اعتبارا من السنة المقبلة.
وفي رده على هذا الموقف، يؤكد وكيل لائحة “عريضة من أجل الحياة” أن تعميم التغطية الصحية لا يتعارض مع أهمية إنشاء صناديق خاصة لمواجهة أمراض تتطلب إمكانيات مادية كبيرة في رحلة العلاج.
ويستشهد الشرقاوي بتجارب دول تطبق نظام التغطية للجميع، لكنها تضع في الوقت نفسه خططا لمواجهة مرض السرطان، وتعبئ موارد خاصة لذلك.