2020 الأسوأ في تاريخ الاقتصاد العالمي
صوت الضفتين -الاقتصاد
كشف استطلاع الظروف الاقتصادية العالمية الصادر اليوم عن جمعية المحاسبين القانونيين المعتمدين (ACCA) ومعهد المحاسبين الإداريين (IMA) للربع الثاني 2020، أن العام الجاري هو الأسوأ في تاريخ الاقتصاد العالمي منذ الحرب العالمية الثانية، في حين جاءت مستويات التفاؤل بشأن التعافي الاقتصادي الوشيك من التداعيات التي سببها وباء “كوفيد-19” في أميركا الشمالية أعلى مقارنة بالمناطق الأخرى حول العالم.
وأشار الاستطلاع إلى تحسن طفيف في مستويات الثقة العالمية مقارنة بالمستويات المنخفضة التي تم تسجيلها في الربع الأول من 2020، الأمر الذي يضفي شيئاً من التفاؤل بظهور مؤشرات للتعافي خلال النصف الثاني من العام. وعلى الرغم من ذلك، ما زالت الظروف الاقتصادية العصيبة تعترض سبيل العديد من المناطق حول العالم.
وقال رائف لاوسون، المحاسب الإداري المعتمد، والمحاسب القانوني العام، ونائب رئيس شؤون البحوث والسياسات لدى معهد المحاسبين الإداريين (IMA): في تصريح خاص لـ”العربية.نت”: “رسمت معدلات الثقة في الربع الثاني صورة متباينة نتيجة للارتفاع النسبي مقارنة بالمعدلات المنخفضة في الربع الأول. ويمكن تفسير هذا التباين غير الاعتيادي بين الطلبيات الضعيفة والارتفاع الطفيف في الثقة على أنه توقعات بحدوث تحول جذري، يتجسد في انتكاس غير مسبوق في النشاط الاقتصادي خلال النصف الأول من العام، تليه بعض درجات التعافي الاقتصادي في النصف الثاني”.
ويعد استطلاع الظروف الاقتصادية العالمية للربع الثاني 2020 أكبر استطلاع اقتصادي للمحاسبين حول العالم من حيث عدد المشاركين ونطاق المتغيرات الاقتصادية التي يتابعها، وقد استهدف رصد الحجم الحقيقي للركود العالمي الناجم عن تدابير الاستجابة لوباء فيروس كورونا المستجد.
معدلات البطالة
ويشير التقرير إلى أن مؤشرات النشاط التي تشمل الطلبيات وإنفاق رأس المال ومعدلات التوظيف بلغت أو شارفت على بلوغ أدنى مستوياتها القياسية في معظم المناطق، في ضوء انخفاض معدل الطلبيات العالمية بمقدار 15 نقطة تعادل قرابة ضعف الانخفاض الفصلي السابق، في حين تشمل المقاييس العالمية الأخرى للضعف الشديد تراجع معدلات التوظيف، ومخاوف متزايدة بشأن خروج الموردين من الأسواق وفقدان المستهلكين لوظائفهم.
وألقت الصدمة الاقتصادية الناجمة عن أزمة “كوفيد-19” بظلالها على معدلات البطالة التي ارتفعت بشكل هائل من أدنى مستوياتها أواخر العام الماضي إلى أعلى المستويات في غضون أشهر قليلة فقط. وفي الولايات المتحدة الأميركية، يشير التقرير إلى ارتفاع معدلات البطالة إلى 13.3% في شهر ماي مقارنة مع أقل من 4% بداية العام الجاري (لكن المعدل تحسن بشكل طفيف إلى 11.1% في شهر جويلية وفقاً لإحصائيات وزارة العمل الأميركية الأسبوع الماضي).
ويُرجح التقرير بقاء العقبات التي تعترض التعافي على حالها خلال العام الجاري، وسط التزام الجميع بمعايير التباعد الاجتماعي وتوخي المستهلكين للحذر. وقد مهدت توقعات التعافي الحاد السابقة التي سيأخذ منحاها شكل حرف V، الطريق لاستباق فترة طويلة إلى حد ما لاستعادة مستوى الإنتاج المسجل ما قبل الوباء. وبالنسبة للأسواق الناشئة، سيكون الاعتماد كبيراً على أسعار السلع وانعكاسات التعافي في أي من الاقتصادات المتقدمة. وتشير الجهتان اللتان أعدتا الاستطلاع إلى أن العديد من الاقتصادات ومنها الولايات المتحدة الأميركية قد تستغرق حتى النصف الثاني من عام 2022 كحد أدنى للعودة إلى المستويات الإنتاج نفسها في ختام العام 2019.
توقعات التعافي
وعلى الرغم من هذه النتائج المثيرة للقلق، أعرب المشاركون في الاستطلاع في أميركا الشمالية عن تفاؤلهم بشأن توقعات التعافي. ووجد الاستطلاع أن أكثر من ثلث المشاركين في أميركا الشمالية يتوقعون حدوث التعافي خلال الربع الحالي بدءاً من جويلية ولغاية سبتمبر.
وكشف الاستطلاع الجديد عن تساؤلات خاصة ومرتبطة بوباء “كوفيد-19″، والتي جاءت مناصفة بين الذين يتوقعون تعافي الاقتصاد في النصف الثاني وأقرانهم الذين أرجأوا توقعاتهم بالتعافي حتى حلول 2021.
وبدوره أشار وارنر جونستون رئيس جمعية المحاسبين القانونيين المعتمدين في الولايات المتحدة الأميركية (ACCA): “تأتي هذه الصورة المتباينة حول الثقة لتتناقض مع القراءات العالمية المتشائمة حول مؤشرات النشاط الاقتصادي مثل معدلات الطلبيات والتوظيف. ويمكن تفسير صعود الثقة من أدنى مستوياتها خلال الربع الأول على أنه تفاؤل بتحسن الآفاق الاقتصادية خلال النصف الثاني من العام. وفي مناطق مثل أميركا الشمالية وأوروبا، كانت الثقة في التعافي بسيطة نسبياً لكنها تباينت بشدة مع الانخفاض الحاد في معدلات الطلبيات في المنطقتين”.
نظرة متفائلة
ويشير التقرير أيضاً إلى أن الانخفاض الحاد في مؤشر التوظيف ضمن استطلاع الظروف الاقتصادية العالمية يعكس الارتفاع الشديد في معدلات البطالة لاسيما في الولايات المتحدة الأميركية، والأسباب التي تجعل من ذلك خطراً على التعافي المستدام.
وفي حين سجلت الثقة الإجمالية ارتفاعاً طفيفاً من أدنى مستوياتها خلال الربع الأول، مما يلمح إلى نظرة أكثر تفاؤلاً بقليل، فإن صورة التعافي الاقتصادي تعتمد بصورة عامة على منحنى الإصابات بالفيروس في عام 2021.
وأضاف لاوسون: “على افتراض عدم حدوث موجة ثانية ترتفع فيها الإصابات وتستدعي فرض الإغلاق الشامل من جديد، سيبدأ الاقتصاد العالمي باستعادة عافيته في النصف الثاني من هذا العام حتى 2021. لكن وتيرة اتساع هذا التعافي في عام 2021 غير مؤكدة كلياً وستعتمد على التطورات في مشهد الأزمة الصحية، مثل ظهور العلاجات أو اللقاحات، وكذلك العوامل الاقتصادية مثل السياسات وثقة المستهلكين وثقة الأعمال”.
وتابع جونستون: “بصورة عامة، ستكون الآثار التي خلفها انتشار الفيروس على الاقتصاد العالمي أكثر وضوحاً، وسيتجلّى مقدار الضرر الدائم الذي لحق بالاقتصادات وقطاعات معينة مثل الضيافة والسفر والسياحة وخاصة مدى سرعة ونطاق انخفاض معدلات البطالة في الاقتصادات العالمية. ومن غير المرجح أن يكون النمو كافياً لعودة مستوى النشاط الاقتصادي إلى المستوى السابق قبل الأزمة بحلول نهاية العام المقبل”.
انطلقت الأعمال الميدانية لاستطلاع الظروف الاقتصادية العالمية في الربع الثاني 2020 يوم 29 مايو واستمرت لغاية 12 جويلية 2020، وشارك فيه 1070 عضواً في جمعية المحاسبين القانونيين المعتمدين (ACCA) ومعهد المحاسبين الإداريين (IMA) حول العالم، منهم أكثر من 100 مدير مالي. واستخلصت الأسئلة حول الوباء 805 إجابات.
Volume 0%