تقدير موقف: تونس و النادي الأفريقي و الأيادي السود ... - صوت الضفتين

تقدير موقف: تونس و النادي الأفريقي و الأيادي السود …

صوت الضفتين- مقال رأي بقلم هشام الحاجي

بعيدا عن عوامل الإنتماء التي قد تجعل الاعتبارات العاطفية تتسرب للمقاربة فإن نقاط التشابه و الالتقاء غالبا ما كانت حاضرة بين ما يعيشه المجتمع التونسي من إنجازات أو صعوبات و بين الظرف الذي تعيشه جمعية النادي الأفريقي. و يكفي أن نتوقف عند الوضعية المالية لكليهما لنتأكد من ذلك. تونس تعيش تحت وقع مديونية غير مسبوقة تهدد سيادتها الوطنية و النادي الأفريقي تلاحقه الفيفا بخطايا مالية تضع مصيره على كف عفريت. و كما يحيط الغموض بالملفات المالية لجمعية الشعب يكتنف الغموض الكيفية التي انفقت بها القروض و الهبات التي تحصلت عليها تونس في العشرية الأخيرة بل أن التساؤلات حول أوجه الإنفاق طالت آخر ميزانية للدولة. يعاني النادي الأفريقي من تبعات ملفات مالية مزمنة و غير مفهومة قد تكلفه غاليا تماما كما تعاني تونس من خفايا غموض ملف البنك الفرنسي التونسي . تتعرض البنية التحتية للنادي الأفريقي ممثلة في حديقة الرياضة منير القبايلي لعملية تدمير منهج و هو نفس ما تعيشه تونس منذ أن انخرطت في سياسات خوصصة موجهة لخدمة قلة قليلة من المتنفذين منذ العهد السابق من استهداف للقطاع العمومي. و كتونس تماما فإن الإضافة الوحيدة التي شهدتها حديقة الرياضة منير القبايلي تمثلت في بناء مسجد و لم يكن الهدف من ذلك خدمة الدين بل التغطية على ممارسات الفساد و تعميم الدمار و هو نفس الأسلوب المعتمد منذ عقود في تونس.
استقبل النادي الأفريقي سنة 2011 بتطلع إلى وضع أفضل يجعله يتخلص من تداعيات تسرب إخضاع الرياضة للعبة ضغط تأثير أصحاب المصالح و النفوذ و ما أدى إليه من تلاعب ممنهج بالرياضة و خاصة كرة القدم فانخرط أبناء و بنات النادي الأفريقي في حلم تخليص جمعيتهم من مظاهر سوء أداء و فساد أخذت تتسرب إليها و هو ما جعل جمعيتهم تنظم أول جلسة عامة انتخابية بمواصفات ديمقراطية بعد 14 جانفي 2011. و لكن كما ظهرت منذ ذلك التاريخ على سطح المشهد السياسي شخصيات قادمة من خارج الحدود و دون ماض معروف في “النضال ” السياسي مبشرين بنقل تونس إلى مصاف الدول المتقدمة استحوذ على النادي الأفريقي أحد هؤلاء مبشرا مثلهم بوضع الجمعية في مدار يندر على الآخرين بلوغه و في الحالتين لم يحصد التونسيون و احباء النادي الأفريقي من هؤلاء إلا الهشيم. و في سياق نفس التشابه و التطابق “بشر” الذين هبوا في انتخابات 2014 و 2019 لإنقاذ تونس من كل الأخطاء السابقة حاملين معهم برامج يندر أن يكون لها مثيل جاءت هيئة عبد السلام اليونسي و معها برنامج ينقل الجمعية إلى مستوى أكبر الجمعيات الرياضية في العالم. و لكن مما تزداد وضعية تونس تدهورا يوما بعد يوم تزداد وضعية النادي الأفريقي تراجعا و خطورة في ظل ما يتأكد من أن الهيئة التي وصلت للتحكم فى مقاليده بطريقة “ديمقراطية ” لا يعنيها إلا الإثراء غير المشروع و التفصي من المسؤولية و “الإفلات من العقاب ” . تونس و النادي الأفريقي وقعا تحت سيطرة السماسرة الذين ينتعشون من المضاربة و كل ما هو ريعي و خلاصهما يمر عبر القطع مع هؤلاء و العودة إلى ثوابت الإنتماء و تثمين قيم الشفافية و الإعتماد على الإبداع التونسي بعيدا عن “استيراد ” الوصفات الجاهزة و “الخبرات القادمة “من الخارج. تونس تعاني كالنادي الإفريقي من قبضة الأيادي السود التي تجمع إلى جانب انعدام الكفاءة الانخراط في كل مظاهر الفساد و هذه المعاناة قد بلغت مداها بعد أن وصلنا إلى حافة الهاوية . و لا شك أن تمكن أبناء و بنات النادي الأفريقي من إنقاذه سيكون أفضل حافز للقوى الحية للشعب التونسي لإنقاذ بلادهم و تحرير مستقبلها.

شارك المقال

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *