المغرب:تغريدة للسفيرة الفرنسية تثير جدلا كبيرا في المغرب
صوت الضفتين-المغرب
أثارت تغريده لهيلين لوغال سفيرة فرنسا بالرباط، نشرتها أمس، على حسابها بـ”تويتر”، حول حديث جمعها عن بعد بشكيب بنموسى رئيس اللجنة الخاصة بصياغة النموذج التنموي، جدلا كبيرا وردود فعل غاضبة في المغرب، تراوحت بين استنكار مضمون ما نقلته المسؤولة الفرنسية واستهجان الصيغة التي جاءت بها تغريدتها.
بل ذهبت بعض ردود الفعل إلى حد القول بأن بنموسى “ارتكب خطأ سياديا جسيما”، مع التساؤل إن كان الأمر يتعلق بذهاب “نحو نموذج تنموي مغربي تحت الوصاية الفرنسية”
وجاء في تغريدة لوغال، التي نشرتها يوما بعد موافقة الملك محمد السادس على تمديد المهلة التي تم تحديدها للجنة الخاصة بالنموذج التنموي لمدة ستة أشهر إضافية: “أشكر شكيب بنموسى رئيس اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي وسفير المغرب بفرنسا على تقديمه لي هذا الصباح تقريرا مرحليا عن لجنة النموذج التنموي بالمغرب: آفاق جيدة جدًا للاتفاق الاقتصادي الجديد”.
وسارعت اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي إلى نشر توضيح على حسابها بــ”تويتر”، جاء فيه أن بنموسى قام بـ”إجراء حديث عن بعد” مع السفيرة لوغال “بطلب منها”، وذلك “على غرار لقاءات سابقة مع سفراء لبلدان صديقة وممثلين لمؤسسات دولية”، وزاد أن هذا الحديث كان “فرصة لتناول العلاقات بين المغرب وفرنسا وبين أفريقيا وأوروبا بعد مرض كوفيد، 19 ونتائج هذه الأزمة والتحديات التي تطرح”.
ولم يضع توضيح اللجنة حدا للآراء الغاضبة كما لم يخفف من حدة تفاعل شريحة كبيرة من رواد وسائل التواصل الاجتماعي مع حدث زادت من حدة التعاطي معه “النبرة” التي جاءت بها تغريدة السفيرة الفرنسية.
وتساءل النائب لحسن حداد ، وهو وزير السياحة الاسبق ، على حسابه بــ”تويتر”، متفاعلا مع “تغريدة” لوغال، “لماذا نحتاج إلى دعم فرنسا بخصوص قضية تهم المغاربة؟”، قبل أن يقول: “فرنسا بلد صديق، فعلا، لكن أن نذهب إلى حد التشاور معها بخصوص قضية داخلية، أنا لا أفهم شيئا”.
من جهته، رأى الباحث عمر الشرقاوي، في تدوينة على حسابه بـ”فيسبوك”، أن “بنموسى ارتكب خطأ سياديا جسيما”، من منطلق أنه “لا يحق له الحديث مع الهيئات الديبلوماسية إلا وفق الأعراف ووفق ما توفر له صفته أو التكليف الممنوح له”، كما “لا يحق له الحديث مع ممثل دولة أخرى عن مشروع مجتمعي يهم الشأن الداخلي للمغاربة ما زال قيد الإعداد ولم يحل على أعلى سلطة في البلد ولم يأخذ الرأي العام علما بفحواه”.
واستدرك الشرقاوي، بالقول إنه “حتى إذا ارتأى بنموسى الاستماع للهيئات الديبلوماسية الممثلة في المغرب في إطار جلساته لإثراء الأفكار حول التجارب التنموية الدولية، فتلك صيغة لها بروتوكولاتها ولا تتم عبر اتصالات بطلب منه أو منها”.
وشدد الشرقاوي على أنه “ينبغي أن يفهم سي بنموسى أن تغريدة السيدة السفيرة كانت غير موفقة”، حيث “تعطي الانطباع بكوننا ما زلنا نعيش تحت الوصاية الكولونيالية، وفي ظل منطق (إذا سقط المطر في باريس فتحت المظلات في الرباط)”.
ورأى الشرقاوي أن “المغاربة يريدون اليوم أن يكون نموذجهم التنموي مغربيا وسياديا محض بعيدا عن التأثيرات الآتية من تجارب أصابتنا التخمة في الأخذ بها في الدستور والقوانين والمؤسسات والقرارات”.
أما فؤاد بوعلي، رئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية، فقال في تدوينة على حسابه بـ”فيسبوك”، تحت عنوان: “شكرا السيد بنموسى…الآن فهمنا البوصلة”، إن كثيرين “انتقدوا إقدام شكيب بنموسى على طرق أبواب السفارة الفرنسية من أجل تقديم تصور لجنته، الممولة من عرق المغاربة، للنموذج التنموي للمغرب إلى السيدة السفيرة ومن خلالها إلى الإليزي قبل أن يعرف عنه المغاربة حكومة وشعبا أي شيء إلا صورا تلتقط في دوار( كفر) أو بادية أو في لقاء مع هيئات منتقاة، لتثبت اللجنة أنها تشتغل على قدم وساق”.
ورأى بوعلي أن “الواجب ألا نستغرب من الأمر مادام الأصل عليلا فكيف تريد أن يكون المُخرَج؟ وكما قيل: منذ البدء كان الخطأ”. وزاد موضحا أن “لجنة بنموسى التي اختارت لعضويتها بعض الوجوه التي لا تربطها بالمغربي إلا الانتماء “بالصدفة” فهي لم تختر موقعها في الحالة المدنية، وبعضها الآخر لا يعرف عن المغرب إلا الصورة العجائبية التي يقدمها لسادته الفرنسيين من أجل الظهور في الإعلام ودور النشر الفرنكفونية وجل أعضائها لديهم جنسية مزدوجة كما قالت المنابر الإعلامية سابقا” تسعةٌ من أعضاء اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي (حوالي ثلث الأعضاء) لديهم جنسية مزدوجة. فهل يمكن لمثل هذه التركيبة البشرية أن تفكر في المغرب أو بالمغرب؟”.
وزاد بوعلي: “سيخرج العديد من “فقهاء التبرير” ليشرعنوا اللقاء ويجعلوه محطة من محطات التواصل مع الهيئات الديبلوماسية التي لم نعرف عن زيارتها شيئا. فالأمر عادي لأنهم يقومون بوظيفتهم. لكن الأكيد أن ما قام به بنموسى وفريقه ليس إلا محطة من محطات انتهاك سيادة الدولة. فلو كنا في دولة تحترم نظامها واستقلالها وسيادتها لما تجرأ مسؤول على القيام بهذه الخطوة الكارثية”.
وختم بوعلي تدوينته بنبرة غاضبة: “مع ما قام به السيد بنموسى أخذ الأمر أبعادا أعمق وأخطر وأكثر جرأة في الارتماء في أحضان السيد الفرنسي. فبعد أن سُلم له الشأن التعليمي والثقافي ها هو بنموسى ولجنته يسلمان له الشأن الاجتماعي – الاقتصادي في خطوة مستفزة ومبينة عن حقيقة المغرب، الذي يرومون إيصالنا له. مغرب اللامغرب. حيث لا تنمية ولا تقدم وإنما سوق للبضائع والمشاريع الفرنسية. مغرب يمكن فيه للنخبة الفرنكفونية والشعب مجرد مستهلك للمواد والأفكار الفرنسية. المغرب الذي قاوم آباؤنا من أجل ألا نصل إليه فها نحن الآن نعيشه. لكن ينبغي شكر السيد بنموسى أن زادنا اقتناعا بأننا فقدنا البوصلة… بل الشكر الواجب للسفيرة الفرنسية التي نبهتنا إلى حقيقتنا لأنها من عرفنا الخبر. فما يجري في الكواليس أسوأ مما يظهر. ألم نقل لكم أن الفرنسة ليست إلا المقدمة. والبقية آتية”.