القضاء الفرنسي يأمر بالتحقق من هوية الجهاديات الفرنسيات المحتجزات في مخيمات الاحتجاز الكردية بسوريا
صوت الضفتين-فرنسا
تروج أخبار عن هروب حوالي 20 امرأة فرنسية، من المعتقلات الكردية في سوريا ، ولا تزال 13 منهن لحد الآن رهن الاعتقال ويتم بأمر من القضاء الفرنسي التحقق من هوياتهن وظروف التحاقهن بمجاهدي سوريا .
منذ أكتوبر 2019 فر حوالي عشرين جهاديًا فرنسيًا من السجون والمعسكرات الكردية في شمال شرق سوريا، حيث استغل الفارون الظروف التي تسبب بها هجوم الجيش التركي على مناطق خاضعة لقوات بشار الأسد بالقرب من مخيم عين عيسى ، ثم توالت عمليات الفرار من مراكز الاعتقال في “الهول” أو “الروج” ، حيث يتكدس آلاف الجهاديين من جميع الجنسيات في ظروف صحية مؤسفة.
وقد تم اعتراض ما لا يقل عن 10 من الفارين ، وتم ترحيل نصفهم إلى فرنسا، ولكن وحتى 8 ماي الماضي ، كان 13 منهم لا يزالون في المعسكرات الكردية ، وفقا لمعلومات من مركز تحليل الإرهاب (CAT) أكدتها مصادر أمنية، وهن نساء من منطقة باريس (باريس ، أرجينتويل ، بوندي ، نانتير …) .
تم إلقاء القبض على مجموعة من النساء الفرنسيات اللواتي اخترن الجهاد بسوريا و تتراوح أعمارهن بين 19 و 41 ، ـ تم القبض عليهن ـ من طرف القوات الكردية في المعارك الأخيرة التي أدت إلى انهيار خلافة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وهناك جهاديات أخريات لم يعرف مصيرهن لحد الآن وهن (يامنا ، شارلوت ، سارة ، ناتالي ، حياة و سلمى).
حياة بومدين نموذج للفرنسيات اللواتي اِخترن الجهاد في سوريا، و هي الآن موضوع تحقيق جديد بتُهمة التنسيق بين الجهاديين، و هي كانت شريكة “أميدي كوليبالي” أحد منفذي هجمات يناير 2015، رَاجَت شُكوك حول وفاتها ، لكن إِحْدى النساء شهدت أمام القضاء الفرنسي بأن حياة بومدين كانت على قيد الحياة في سنة 2019، وأنها كانت محتجزة بمخيم “الهول” الذي يخضع لسيطرة أكراد سوريا، وكانت حياة بومدين قد التحقت بسوريا بعد مدة وجيزة من تنفيذ هجمات باريس سنة 2015 برفقة الأخوين “بلحسين” و هذين الأخوين تربطهم علاقة مع منفذ هجمات باريس المسمى “أميدي كوبالي”.
سلمى طاهر عويضات ، 27 سنة ، من عائلة من “روبيكس” انضمت إلى صفوف داعش في سنة 2014، و كان شقيقها فضيل طاهر عويضات المعروف باسم “أبو مريم” أحد الجهاديين السبعة المحكوم عليهم بالإعدام في العراق ، ولسلمى شقيقتان يعيشان بفرنسا يقضين عقوبات حبسية بتهمة إرسال الأموال إلى سلمى و فضيل، حيث تم تكييف التهمة على أنها تدْخُل في قضايا تموين الارهاب.
سارة ديريل ، وهي من الجهاديات المتزوجات، و تظاهرت سارة البالغة من العمر 28 عامًا بالذهاب للتزلج في يناير 2015 لتلتحق بداعش وتتزوج بعدها من “أبو لقمان” الملقب (إيليز شابيبا) ، وهو شخصية “كاريزمية” معروفة بين الجهاديين.
للإشارة فبعض المحتجزات الفرنسيات أصبحن يفضلن العودة إلى الأراضي الفرنسية بأي ثمن، حتى لو كُنَّ عرضة للمحاكمة و لعقوبات حبسية بمجرد وصولهن إلى التراب الفرنسي، ويفضلن ذلك على وضعية الاحتجاز في المعسكرات الكردية ، وكثيرات منهن أصبحن يفكرن في الاستسلام للسلطات التركية حتى يتم ترحيلهن إلى فرنسا، يقول “نبيل بودي” وهو ، محامي العديد من الجهاديين الفارين :”لقد أدرك البعض أنهم لا يريدون أن ينشأ أطفالهم في هذه المخيمات في ظروف صحية متدهورة، خاصة وأن هناك نساء مصحوبات بأطفال صغار وكما هو معروف فالطفل ينسى بسرعة ، ولكن كلما تركناه في هذه المعسكرات ، زادت صعوبة إخراجه من دوامة التطرف الديني”
هذا ويطالب الأكراد بالمزيد من المساعدة من الدول الغربية وتقديم المجاهدين للمحاكمة القضائية على الفور بحجة أن مخيمات الاحتجاز الكردية لا تتوفر على بنية تحتية لإيواء الأعداد الكبيرة من المعتقلين، يقول “جون تشارد بريسارد” و هو أحد مؤسسي مركز تحليل الإرهاب،- يقول- بأن العناصر المسلحة التي تشرف على مركز احتجاز الفرنسيات لا يستطيعون ضمان حمايتهن و مراقبتهن، سواء في السجون أو في المخيمات، لأن الوضع الأمني غير مستقر، و دائما ما تقع محاولات تمرد أو فِرار مِن طرف الجهاديين المحتجزين، في محاولة منهم للالتحاق بصفوف الجهاديين في سوريا و العراق، أو حتى محاولة العودة سراً إلى أوروبا، و يؤكد خالد عيسى ، ممثل كردستان سوريا في فرنسا : (لقد هزمنا داعش في ساحة المعركة ، ونحن قادرون على إبقاء الإرهابيين تحت الاحتجاز، لكننا نأمل الآن أن يوفر لنا حلفاؤنا المزيد من الدعم اللوجستي و يقدموا هؤلاء الإرهابيين إلى العدالة. “
على الرغم من هاته الأوضاع والهروب المتكرر للجهاديين من مراكز الاحتجاز الكردية ، لا تزال فرنسا متمسكة بقرارها المعتاد، وهو عدم إعادة الجهاديين الفرنسيين من هاته المناطق و السماح للسلطات المحلية هناك بالحكم عليهم، رغم أن بعض المنظمات المناهضة للتعذيب، و منظمات حقوقية أخرى وحتى بعض الخبراء المتخصصين في قضايا الإرهاب، أصبحوا يطالبون السلطات الفرنسية بإعادة الجهاديين المحتجزين في المعسكرات الكردية، بدعوى تعميق الأبحاث، و مِن تَمَّ الوصول إلى معلومات مفيدة لتحقيق الأمن ضد الإرهاب.