رمضان في الأردن.. أجواء تجسد الأصالة والتقاليد الدينية العريقة والموروثة
صوت الضفّتين- ثقافة
تحتفل الأمة الإسلامية بقدوم شهر رمضان المبارك، شهر الرحمة والمغفرة، والتكافل الاجتماعي، يتبادل الناس فيه التهاني، وتبدأ فيه طقوس الصلوات والعبادات المختلفة كالتراويح والاقبال على قراءة القرآن الكريم، كما تخيم الأجواء الرمضانية في هذا الشهر الفضيل، كأن تجتمع الأسرة على مائدة واحدة وسط ضحكات وفرحة الأهل ولمة العائلة.
عبدالله محمد القاق رئيس تحرير جريدة سلوان الاخبارية قال « شهر رمضان الذي نحتفل بحلوله مرة في كل عام، يحتفظ بالعادات والتقاليد والمظاهر الثقافية والاجتماعية الخاصة بعد أن توارثتها الأجيال في الاردن وتمسك بها الأبناء والأحفاد حتى اليوم لتبقى خالدة في الذاكرة والتاريخ».
يضيف « قبل يوم من بدء الصيام يتم تحديد دخول شهر رمضان، وهو ثبوت رؤية الهلال كما فعلت هيئة الرؤية الشرعة يوم الثلاثاء الماضي كما هو الحال في البلدان المجاورة لها، وبعد تحديد اليوم الأول تعلن المساجد الصيام عن طريق رفع الأدعية والابتهالات، وترى الفوانيس في كل مكان وقد خرج بها الأطفال في واحدة من التقاليد التي لا تزال تدخل بهجتها على القلوب إلى اليوم. والواقع نحن نحتفل بحلول شهر رمضان المبارك هذا العام والحسرة والألم والحزن يعتصر قلوبنا بعد القرار الذي اتخذه الرئيس الاميركي ترامب بإعلان القدس عاصمة ابدية لاسرائيل واستشهاد اكثر من 55شخصا من ابناء غزة على يدي القوات الاسرائيلية وانتهاكات اسرائيل لحرمة المسجد الاقصى، فيما تعيش فلسطين في حداد نتيجة القرارات الاميركية المخالفة لقرارات الشرعية الدولية والتي رفضها الاردن والعالم المتدين باعتبارها قرارات احادية الجانب!
ورغم هذه الأجواء العطرة فإن المواطنين لم يعرفوا لليأس طريقاً، إذ ينتشر باعة الحلويات المشهورة وعلى رأسها القطايف فيما تفنن باعة الخضار والفواكه في عرض بضاعتهم مما تشتهي الأنفس ولا تزال أكلة، الحمص، والفلافل تتربع على عرش المأكولات الشعبية.
وتشهد عمان والمحافظات الأردنية احتفالات رمضانية غامرة بالحب الايماني بالمناسبة الجليلة، فضلاً عن إقامة أمسيات رمضانية يومية بعد انتهاء صلاة التراويح تتألق فيها فرق الإنشاء الديني في إمتاع الحاضرين بالأناشيد الدينية والمدائح النبوية، إضافة إلى الخطب والحلقات الدراسية والدينية والفقهية لعلماء المسلمين.
وعلى معظم المحلات التجارية تظهر اليافطات معلنة عن توفر سلع رمضانية خاصة لديها، من الحلويات المتنوعة إلى قمر الدين والتمر والقطايف واللحوم الطازجة والأجبان؛ أما المسحراتي فيجوب الكثير من شوارع المدن والقرى الأردنية، يشدو بصوته الصباحي الصداح بالأناشيد الرمضانية والأذكار، ويرافقه الطبل الذي ينقر عليه بقوة، وهو ما يجعلك تشعر بجمال وقيمة رمضان بعباداته الدينية وعاداته الاجتماعية.
ويتميز الطعام الأردني كما الفلسطيني خلال شهر رمضان بأصناف معينة يفضلها الصائمون وتختلف أحياناً من منطقة إلى أخرى، ومن الأكلات المشهورة في رمضان أكلة المفتول والمقلوبة والملوخية والحلويات مثل القطائق والكنافة والعوامة وغيرها من المأكولات الأخرى، كما لا تغيب المتبلات والمخللات والسلطات عن المائدة. تتربع القطايف على مائدة الحلويات وتبقى التمور هي فاتحة وبركة الخير لكل إفطار. أما المشروبات التي اعتاد عليها المواطنون في هذا الشهر فأهمها شراب الخروب والفواكه المختلفة الذي لا تخلو موائد البيوت منه، كما لا يتوانى الباعة عن تقديمه في الأسواق والساحات العامة مع مشروبات أخرى مثل الكركدية وقمر الدين وعرق السوس ومختلف العصائر.
هناك أمر جميل ولافت للانتباه بين العائلات التي ما تزال تحافظ على الجيرة الحسنة، فتبادل الإفطار لا يغيب بين الأسر والجيران، وهي المناسبة التي تجعل ربات البيوت يتفنن في إعداد الأكلات للتباهي بها.
هذا وتعيش عمان خلال شهر رمضان المبارك أجواء خاصة، وتشهد حراكاً اجتماعياً ملحوظاً، وتطغى مشاعر المحبة والود والإخاء والتراحم. ولرمضان في الاردن طقوس مختلفة لا تجدها في الشهور الأخرى، إذ يعتبر اهل العاصمة الاردنية وغيرهم في المحافظات رمضان فرصة لإحياء العادات والتقاليد الأصيلة واستعادة القيم التي تعزز التجانس بين أفراد المجتمع. أما الشاعر إسلام علقم فيقول : « برأيي أن شهر رمضان المبارك هو شهر الرحمة والتراحم، هو شهر التضامن مع الفقراء والمساكين والمحرومين وذلك من خلال الشعور بمعاناتهم؛ لذلك فأهم ما يجب أن نمارسه في هذا الشهر الفضيل هو الزكاة والصدقات، والسخاء في دأيتها بإحساس وايمان صادق.
أيضا أجد أن من أهم أخلاق هذا الشهر أن نكون مهذبين ولطيفين وسلسين في تعاملنا مع بعضنا ومع من نخدمهم من الجمهور خصوصا في الأيام الأولى التي عادة ما تكون صعبة لاعتيادنا على شرب القهوة صباحا والتدخين، والصيام بالطبع يمنعنا من ممارسة تلك العادات، بالنسبة لي فترة الصباح هي أشد الفترات صعوبة عليّ في الأيام الأولى من الصيام، لكني أرغب أن أقول هنا إن ظاهرة المفطرين في رمضان بعذر أو دون عذر موجودة في كل زمن؛ ولكن ما أشدد عليه هنا ضرورة الالتزام بحرمة الشهر الفضيل ويجب على الجميع ان لا يجاهروا في ذلك سواء في الشوارع او مكاتب الشركات أو المنظمات وغيرها.