راشد الغنوشي وجلد الثور: بين الذكاء العليسي والغباء الإخواني!!
صوت الضفتين- أقلام_ الضفتين
تقول الأسطورة القرطاجنية التي كتبها المؤرخ جوستين أن عليسة فاوضت حاكم البلاد البربري لمنحها أرضا تبني عليها مدينتها غير أن الملك أبى أن يمنحها أكثر من مساحة جلد ثور فقبلت عليسة ذلك أمام دهشة مرافقيها، إلا أن الأميرة كانت تضمر خطة ذكية ستمكنها من بلوغ غايتها و تأسيس واحدة من أشهر المدن عبر التاريخ: مدينة قرطاج. قامت عليسة بقص جلد الثور إلى أشرطة دقيقة طويلة أحاطت بها الهضبة التي تعرف حتى الآن بهضبة “بيرصا” وهي تعني بلغة السكان الأصليين “جلد ثور”. و كانت تلك نقطة الانطلاق لبناء حضارة متطورة قائمة على الملاحة والتجارة بين شرق البحر الأبيض المتوسط و غربه.
مع اختلاف الأشخاص و التاريخ و المقامات و القامات تذكرني هذه القصة بما يقوم به بغباء كبير رئيس حركة الاخوان المسلمين في تونس و رئيس مجلس نواب الشعب التونسي القرطاجني حيث ان راشد الغنوشي قال منذ وطأت قدماه ارض تونس بعد الثورة بان الاسلام السياسي سيحكم تونس لربع قرن على الاقل. حينها لم يعر الكثيرون في غمرة الحماسة الثورية هذا التصريح الخطير الخبيث ما يستحق من الفهم و التحليل لنجد اليوم انفسنا بعد عشر سنوات محاصرين بالسرطان الاخواني الذي تغلغل في كل مفاصل الدولة لينجب تنّينا اكتوت بنيران لهيبه النخب السياسية و الاحزاب فكلما اقترب احد من الاخوان في تونس و الا وكان مصيره الاحتراق لان ادبيات الاخوان التي يتقنها الشيخ جيدا لاتعترف بالوطن بل تعترف بالجماعة وليس لديها حرمة للدول مقابل تقديسها للصبغة العالمية للتنظيم.
راشد الغنوشي حينما عاد الى تونس لم يكن يمتلك من جلد الثور ولو شعرة لكنه اليوم يرتديه بالكامل تحت عنوان البدعة الاخوانية “الديبلوماسية البرلمانية” و نصّب نفسه حاكما على قرطاج دون سند دستوري او شعبي (حيث تحصل على حوالي 10الاف صوت فقط في الانتخابات التشريعية وهو نصف العدد الذي تحصلت عليه عبير موسي رئيسة الحزب الحر الدستوري مثلا) مقصيا –او هو يحلم و يخطط لذلك- حاكم قرطاج الحقيقي ذو السند الشعبي الذي ناهز الثلاثة ملايين.
أن ما يفعله اليوم رئيس البرلمان التونسي انما هو ادخال البرلمان غرفة الطاعة الاخوانية بأحلافها القطرية التركية الاخوانية الليبية فنراه احيانا ينصب نفسه وزيرا للخارجية و يستقبل جحافل السفراء في مكتبه في تحد صارخ للديبلوماسية التونسية التي هي شأن رئاسي بحت و احيانا يقابل الرؤساء بجبة تونسية و شاشية اخوانية. وهوبذلك يسير بالبلاد الى خطر محدق عير بعيد وجب على جميع الوطنيين التصدي له. فلا يمكن بأي حال من الأحوال ان يترك للغنوشي جلد الثور يفصّله على مقاسه ومقاس جماعته و لايمكن ترك الشيخ يصدق كذبة كذبوها عليها انصاره من انه الحاكم الفعلي لتونس وبدأ هو نفسه يصدقها.
إن راشد الغنوشي اليوم بقبعتيه الحزبية و الرسمية يمثل خطرا على الامن القومي التونسي من خلال استعداء الجيران و ادخال البلاد في احلاف مشبوهة لم تعهدها الديبلوماسية التونسية الرصينة التي عرفت بها منذ بورقيبة الى اليوم.
لعل هذا ما يعطي الشرعية للدعوات الشعبية لاسقاط البرلمان برمته فالتونسيون يمكن ان يضحوا ببرلمان كامل بغثه و سمينه من اجل ازاحة الغنوشي عن سدة الرئاسة و قطع الطريق دون رجعة على الخطط الاخوانية للتغلغل في تونس.
بقلم الناشطة التونسية _ ريم بالخذيري