أنور الشعافي في قراءة لمسلسل “قلب الذيب”: الدراما التونسية التي خدشت غشاوة الحركة الوطنية
صوت الضفتين-ثقافة
لن نعود إلى هِنات المسلسل و هي عديدة قد تحدث عنها الجميع و لا معنى لقول البعض بأن المخرج في تجربته الأولى و من الواجب تشجيعه ، فليتمرّن المُبتدئون على المهنة بأموالهم الخاصة لا بأموال دافعي الضرائب و لا يدافع عن الرديئين ألا من كان مثلهم، لكن من الموضوعي القول بأن من يتحمل المسؤولية مباشرة هم أعضاء اللجنة التي أجازت إنتاج هذا المسلسل و معهم مدير عام مؤسية التلفزة الوطنية، فكل المهن والحِرَف تستدعي تدرّبا و تربّصا فلا تُمنح فرصة الإحتراف إلّا لمن وصل درجة الإحتراف لكن مخرج “قلب الذيب” أصبح مخرجا دون أن يدرس الإخراج و لا تمرّن عليه ميدانيا بل إنّه تطاول على إختصاصات أخرى لا يتقنها مثل القصة و السيناريو والحوار وفوق هذا كله قام لعب الدور الأساسي، كل المؤشوات كانت دالة منذ البداية على فشل المسلسل لأن فاقد الإخراج لا يُعطيه ومن أكبر المؤشرات هي مشاركته بالتوازي في مسلسل يمكن تصنيفه في ما وراء الرداءة.
لنتجاوز كل ذلك و سنحاول قراءة بعض نقاط ضوء في أداء الممثلين :
فتحي الهداوي : و إن كان مساويا لنفسه في حلقات المسلسل الأولى إلا أنه قدّم بعدها واحدا من أسوإ أدواره نتيجة غياب إدارة إخراجية فلم تستطع حنكته أن تتجاوز ضعف بناء الشخصية و إختلال مسارها الدرامي و تذبذب ردود أفعالها في علاقة ببقية الشخصيات و بتطور الأحداث.
دليلة المفتاحي : عكس من هللوا لأدائها في هذا المسلسل فقد كانت بدورها ضحية ضعف السيناريو و غياب المخرج فقد قدّمت شخصية مُكرَّرة بإيماءات جاهزة ثم خانها التصوّر الفاشل للمخرج عند تغيّر المسار الدرامي للشخصية التي إنبنت على صورة نمطية لوضعية الجنون : رقص و غناء و تسكّع في أنهج القرية بينما نرى أن من الأجدر و الأعمق- و مساحات أداء المفتاحي تسمح بذلك – إختيار العكس : المجنونة الصامتة، المُنغلقة، المُنكفئة و هذا البناء يتناسب مع الشخصية التي إقترحتها في البداية : المرأة القوية، الحازمة، الجازمة، العميقة.
بسام الحمراوي: أبدى قدرات أدائية لكن بدون وعي معرفي زاده إصراره على التواجد أمام و خلف الكاميرا ضعفا و قوالب جاهزة.
رؤوف بن عمر : ضعف بناء الشخصية جعلها غير مقنعة و لم تستطع حرفيته و إستنجاده بتجاربه إنقاذ شخصية باهتة التكوين، متناقضة المسار.
فتحي المسلماني : لم يُمكّنه غياب تفاصيل بنية الشخصية تفجير مساحات أدائه الواسعة رغم إجتهاده الواضح.
عيسى حراث : أنقذه نسبيا إستناده إلى شخصيات مماثلة في بنائها قدّمها سابقا فكرّر نفسه و كذلك كانت لطيفة القفصي بشخصية مقنعة لكنها لم تخرج عن أدوار مشابهة قدمتها سابقا و أما سفيان الداهش فقد لعب شخصية نمطيه حصر نفسه فيها.
في المقابل قدم البعض الآخر شخصيات متفاوتة المُقترَح مثل الأداء الأنيق و المقتصد لأحمد الأندلسي و العميق الصادق لعزيز الجبالي و الحِرَفي المقنِع لجهاد الشارني و المتفوِّق المُبهِر لمراد بن نافلة و المقبول لناصر الخباشي و الجيّد لأمين الإمام و الحسن لسماح السنكري و المُقنِع لعبد الغني بن طارة و المَرضي لمنصف العجنقي و الباهت للبقية لكن المُتصنّع لخولة السليماني.
نُسمّي الأشياء – أحيانا – بأضدادها فنُسمّي الملح رِبْحا و الفحم بياضا و مسلسلا “قلب ذئب” .