نزار الجليدي يكتب/ قيس سعيّد و الديبلوماسيين الأجانب: مالهم و ما عليهم …

لم يمض سوى يومين على استدعاء السفير المفوض من الاتحاد الأوروبي من طرف رئيس الجمهورية التونسية لابلاغه احتجاج تونس الرسمي على ما أعتبر دخلا في شؤون البلاد بعد تحول السفير الى مقر الاتحاد التونسي للشغل و لقاء أمينه العام نور الدين الطبوبي. حتى كلّف الرئيس سعيد خلال استقباله لوزير الشؤون الخارجية محمد علي النفطي، بتوجيه احتجاج ثانٍ «شديد اللهجة» إلى إحدى ممثلات دولة أجنبية (سفيرة هولندا التي استدعاها وزير الخارجية اليوم) معتمدة بتونس.
سعيّد قال بأنه مخاطبا وزيره و الشعب التونسي من خلاله: «تمّ منذ يومين توجيه احتجاج شديد اللهجة، واليوم نكلّفكم بتوجيه احتجاج شديد اللهجة أيضًا لإحدى ممثلات دولة أجنبية معتمدة بتونس».
وأضاف رئيس الدولة موجها رسالة الى الخارج و للديبلوماسيين العاملين في تونس أنّ «من لا يحترم الأعراف الدبلوماسية، ولا يحترم بلادنا وسيادة شعبنا، ولا يلتزم بأبسط قواعد التعامل بين الدول، يجب أن يعلم أننا لن نقبل بهذا ولن نرتضيه، وليتحمّل مسؤولياته كاملة».
وتابع قائلاً: «مواقفنا نعلنها على رؤوس الملأ. فليسمع من أراد أن يسمع، أو ليعقد اجتماعات في الخارج كل يوم، بل كل ساعة. سيادتنا ليست موضوعًا للنقاش ولن تكون أبدًا. التحدّي لا يُواجَه إلا بالتحدّي، ولن نقبل إلا بالانتصار المبين».
هذه التحذيرات وان يراها الكثيرون من صميم ممارسة السيادة الوطنية و الحث على الالتزام بالأعراف الديبلوماسية فهي تخفي توترا في العلاقة بين تونس و الاتحاد الأوربي خاصة بعد تتالي تدخلات الأخير في الشؤون الداخلية و آخرها تصويت البرلمان الأوروبي أمس الخميس بـ464 صوتا مقابل 58 صوتا ومعارضا، على قرار يدعو إلى إطلاق سراح “جميع الذين احتجزوا لممارستهم حقهم في حرية التعبير،في تونس بمن فيهم السجناء السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان.
والواقع أن منسوب هذا التوتر ينخفض و يعلو خلال الثلاث سنوات الفارطة و يبدو أن سردية الحريات تحوّلت الى ورقة ضغط يرفعها الاتحاد الأوروبي كلما أراد تحقيق مصالح اقتصادية في تونس أو مغانم .لكن هذه الورقة اهترأت ولم تعد تقنع الشركاء الجدد لتونس .
كما أن الاتحاد الأوروبي الغارق في مشاكله السياسية و الاقتصادية يحاول بمثل هذه الاستعراضات البهلوانية الداعية للديمقراطية و الحرية أن يثبت أنه لايزال قويا و متماسكا و أنه لايزال يحكم قبضته السياسية و الاقتصادية على المستعمرات القديمة .
السفراء ..مالهم و ماعليهم
طبيعة العمل الديبلوماسي في كل دول العالم هي ذاتها لكن كثير من السفراء المعتمدون من دولهم القوية يحاولون توسيع صلاحياتهم في بلد اعتمادهم و يحشرون أنوفهم في كل كبيرة و صغيرة تهم البلد الذي يحتضنهم .والبلدان الضعيفة تتغاضى عن هذه التدخل .وقد كان هذا حال توننس لوقت غير بعيد غير أن الأمور تغيرت منذ 25جويلية 2011 وما كان مباحا للسفراء قبلها أصبح اليوم ممنوعا .
وقد حدّد الخبراء في السياسة مهامّا مشتركة ليس بينها التدخل في شؤون الدولة المضيفة أو عقد لقاءات مريبة وفي الغرف المظلمة .
من هذه المهام :
- التمثيل الدبلوماسي:يمثّل السفير رئيس دولته وحكومتها في الدولة المُعتمَد لديها.وينقل صورة بلده وسياساتها ومواقفها الرسمية.
- حماية مصالح مواطني بلده بالخارج: من خلال متابعة شؤون الجالية وحمايتهم قانونيًا وسياسيًا ضمن حدود القانون الدولي.والتدخل لتسهيل شؤون المواطنين (وثائق، دعم قنصلي، متابعة القضايا…).
- التفاوض و الدبلوماسية: يفاوض باسم حكومته في الملفات الثنائية: السياسية و الاقتصادية و الثقافية وحتى الأمنية.وكذلك المشاركة في صياغة أو متابعة الاتفاقيات الدولية.
- جمع المعلومات وتحليلها:متابعة التطورات السياسية والاقتصادية في الدولة المضيفة.وإرسال تقارير دقيقة إلى وزارة الخارجية حول ما يمكن أن يؤثر على مصالح بلده.
- تعزيز العلاقات الثنائية: دفع التعاون الاقتصادي والتجاري والسياحي.وتشجيع الاستثمارات وتسهيل العلاقات بين الفاعلين الاقتصاديين.وكذلك دعم التبادل الثقافي والتربوي والعلمي.
- تمثيل دولته في المناسبات الرسمية:حضور الاحتفالات والندوات والمؤتمرات.والمشاركة في الأنشطة الدبلوماسية والبروتوكولية.
- إدارة البعثة الدبلوماسية:الإشراف على عمل السفارة وموظفيها.وضمان حسن سير الخدمات القنصلية والإدارية.
- الوساطة ومنع الأزمات : بالمساهمة في حل الخلافات أو التوترات بين الدولة المضيفة ودولته.ولعب دور وساطة إن وُجدت أزمة تخص المواطنين أو المصالح المشتركة.



