وقف إطلاق النار: ما كان إلا لإنقاذ الكيان الصهيوني من الهزيمة النكراء

✍️كتب/ عبدالله صالح الحاج-اليمن
ليس كل وقف لإطلاق النار يعني نهاية حرب، وبعض الهدن لا تُعقد لتثبيت الهدوء، بل لدعم من سقط، ومساعدته على الوقوف من جديد على قدميه، بعدما تهشّمت ركائزه وتكشّف عجزه تحت وطأة الضربات.
وهذا تمامًا ما جرى حين دُفعت عجلة التهدئة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والكيان الصهيوني دفعًا، لا حبًا في السلام، ولا حرصًا على الأرواح، بل إنقاذًا مدروسًا لحليف مترنح، كان قاب قوسين أو أدنى من السقوط المدوي.
كفة الحرب تميل لإيران… ووقف النار يسحب إسرائيل من الحافة
منذ أن ردّت إيران على العدوان الصهيوأمريكي الأخير، بدأ ميزان الحرب يميل بوضوح لصالحها. الضربات الإيرانية – بحسب تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية بتاريخ 21 يونيو 2025 – “استهدفت بنية تحتية نووية إسرائيلية بدقة عالية، وأربكت القيادة العسكرية داخل تل أبيب”.
هنا بدأت إسرائيل تتراجع، لا على طاولة المفاوضات، بل في عمق الميدان.
الداخل الإسرائيلي… في قبضة الذعر
الصحف العبرية نفسها اعترفت أن “إسرائيل لم تشهد منذ نشأتها هذا المستوى من الفوضى الداخلية”.
في تقرير نشرته صحيفة هآرتس العبرية بتاريخ 22 يونيو 2025، جاء فيه:
– “المنشآت الحساسة أُغلقت، حالة الطوارئ لم تعد تحت السيطرة، وقيادة الجيش تبحث عن مخرج سريع”.
لم يكن الجيش مستعدًا لهذه المواجهة، ولا الجبهة الداخلية تمتلك القدرة على الاحتمال.
القرار الأمريكي: فرض وقف النار قبل الانهيار
بحسب مجلة الشؤون الخارجية الأمريكية في عددها الصادر 23 يونيو 2025، فإن مجلس الأمن القومي الأمريكي قدّم توصية عاجلة للرئيس ترامب بضرورة الضغط على طهران وتل أبيب لوقف إطلاق النار “قبل أن تتدهور الأمور نحو انهيار كامل لمنظومة الدفاع الإسرائيلية وامتداد الصراع إلى القواعد الأمريكية”.
كان التدخل الأمريكي إذًا، ليس لإنهاء الحرب، بل لإنقاذ إسرائيل من الانكسار.
اعترافات غربية تُعري الواقع
من اللافت أن معظم الصحف الغربية لم تحاول تزييف المشهد:
صحيفة واشنطن بوست الأمريكية (23 يونيو): “إسرائيل كانت في طريقها إلى فقدان السيطرة خلال 48 ساعة”.
صحيفة لوموند الفرنسية: “تل أبيب طلبت عبر وسطاء وقف إطلاق النار بعد دخول الصواريخ الإيرانية للمجال الحيوي بلا عوائق”.
صحيفة الجارديان البريطانية: “واشنطن أنقذت إسرائيل في آخر لحظة من السقوط”.
قناة سي إن إن الإخبارية الأمريكية: “الهدنة فُرضت إنقاذًا لا توازنًا”.
كما صرّح الخبير العسكري في هيئة الإذاعة البريطانية جوناثان بيرس، في برنامج خاص بثته قناة بي بي سي نيوز بتاريخ 23 يونيو، قائلاً:
“وقف إطلاق النار كان بمثابة سحب إسرائيل من غرفة الإنعاش… لحظة قبل إعلان الوفاة”.
إيران تُثبت الردع… والعدو يخرج بكسور لا تُرمم
لم تخرج إيران من المواجهة منهزمة، بل خرجت وقد رسّخت معادلة جديدة في الصراع: الرد بالمثل، وإمكانية الضرب في العمق، وتغيير قواعد الاشتباك.
أما الكيان الصهيوني، فخرج بجسد منهك، وبنية دفاعية مكسورة، وبثقة شعبية متآكلة.
الهزيمة التي تم تجنّب إعلانها فقط
لقد كان وقف إطلاق النار أشبه بما تُسميه الصحافة العسكرية “الانسحاب السياسي تحت غطاء الدبلوماسية”.
لم تنتصر إسرائيل، ولم تهزم إيران، بل إن إسرائيل هُزمت… وتم منع إعلان الهزيمة فقط.
فالمعركة لم تُغلق بعد، والجبهة لم تُطفأ نارها بالكامل، لكن التاريخ سيسجل أن الهدنة لم تأتِ من موقف قوة، بل من فوهة هزيمة نكراء أُخفيت على عجل بأوامر أمريكية مباشرة.